عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه: (أن أناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله! أياتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) رواه مسلم.
قال: (وكل تكبيرة صدقة) أي: كونه يقول: الله أكبر.
قوله: (وكل تحميدة صدقة) أي: كونه يقول: الحمد لله.
قوله: (وكل تهليلة صدقة) أي: كونه يقول: لا إله إلا الله.
فهذه الكلمات الأربع كل واحدة منها إذا أتى بها الإنسان فإن بكل واحدة منها صدقة منه على نفسه.
فبين صلى الله عليه وسلم أن الصدقة تكون في غير المال، وأنها تكون بالذكر.
فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنواعاً من الصدقات يقدر عليها الفقراء، ولا يختص بها الأغنياء أو غيرهم، وإنما هي عامة لكل أحد، فكلٌّ يستطيع أن يأتي بها.
وبعض ذلك الذي ذكره صلى الله عليه وسلم نفعه قاصر، وهو التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل، وبعضه نفعه متعد، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الصحابة رضي الله عنهم: (يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟!) قالوا ذلك؛ لأن هذا أمر يتعلق بأمور للنفس فيها حظ، فأرادوا الاستثبات في ذلك والتحقق، وهم عالمون وقاطعون بأن كل ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم حق، ولكن هذا من باب الاستثبات والاطمئنان، فالنبي صلى الله عليه وسلم قاس هذه المسألة على مسألة تقابلها، وهي قضاء الشهوة في أمر محرم، فإنه إذا قضاها في أمر محرم أثم، فإذا قضاها في أمر مشروع وأمر مباح فإنه يكون له في ذلك أجر.
وهذا فيه إثبات القياس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاس كون الإنسان يأتي شهوته في أمر حلال على قضاء الشهوة في أمر حرام، وأنه إذا قضاها في أمر حرام فإنه يأثم ويستحق العقوبة، فكذلك إذا أتى بها في أمر مباح وأمر مشروع فإنه يكون قد أحسن، وهو مستحق للأجر والثواب على ذلك من الله عز وجل، وهذا يسمى قياس العكس؛ لأن المسألة المقيسة معاكسة للمسألة المقيس عليها، فالمقيس عليها هي فعل أمر حرام فيه قضاء شهوة يكون فيه إثم، ويقابل ذلك قضاء الشهوة في أمر مباح، فيكون في هذا أجر كما أن في ذلك وزراً.
قال عليه الصلاة والسلام: (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر).
فالحديث دل على أن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم هم السباقون إلى الخير وهم الحريصون على كل خير، وهم الذين كانوا يتنافسون في الخيرات ويتقربون إلى الله بالأعمال الصالحات، ومن كان عاجزاً عن شيء فإنه يجب أن يلحق بمن كان قادراً عليه، ولهذا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الاختلاف الذي بينهم وبين غيرهم فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يقدرون عليه، وأن الله تعالى يثيبهم على هذه الصدقات المتنوعة التي بعضها نفعه قاصر وبعضها نفعه متعدٍ، وأن كل ذلك صدقة منهم على أنفسهم فيما إذا كان النفع قاصراً، وصدقة منهم على أنفسهم وعلى غيرهم إذا كان النفع متعدياً.
قوله صلى الله عليه وسلم: (كل سلامى من الناس عليه صدقة) أي: أن كل يوم تطلع فيه الشمس فإن على مفاصل الإنسان كلها صدقة في كل يوم، والسلامى جاء في صحيح مسلم من حديث عائشة أنها المفاصل، وجاء فيه: أنها ثلاثمائة وستون مفصلاً، وهذه المفاصل يكون عليها في كل يوم صدقة، وهذه الصدقة التي تكون من هذه المفاصل هي تحركها في العبادة، واشتغالها بالعبادة، فبين صلى الله عليه وسلم أن مفاصل الإنسان التي هي ثلاثمائة وستون مفصلاً عليها في كل يوم تطلع فيه الشمس صدقة، فليس ذلك في العمر أو في الشهر أو في الأسبوع، بل في كل يوم، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أمثلة مما تكون به الصدقة، وهذا من قبيل التمثيل وليس من قبيل الحصر؛ لأن كل عمل صالح يتقرب به الإنسان إلى الله عز وجل فهو صدقة، فمن ذلك ما يكون قاصراً كالذكر والدعاء والصلاة والصيام، ومنه ما يكون متعدياًً كالصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإماطة الأذى عن الطريق وغير ذلك من كل ما هو متعد نفعه إلى الآخرين، فإن الإنسان يتصدق على نفسه وعلى غيره.
والكلمة الطيبة هي كلمة مفردة وهي جملة، ولكن يدخل تحتها الذكر، وقراءة القرآن، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتعليم وغير ذلك، كل ذلك يدخل تحت الكلمة الطيبة.
إذاً: فالإتيان بهذه الصدقات عن هذه المفاصل كلها سهل ومشروع؛ لأنه يحصل ذلك بركعتين من الضحى تتحقق بها هذه الصدقات الكثيرة على هذه الأعضاء التي هي المفاصل.
وعن وابصة بن معبد رضي الله تعالى عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (جئت تسأل عن البر والإثم؟ استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك) حديث حسن رويناه في مسندي الإمامين: أحمد بن حنبل و الدارمي بإسناد حسن ].
ويكون التنصيص عليه من بينها لعظم شأنه وأهميته، ويحتمل أن يكون المراد بحسن الخلق جميع أعمال الخير، ويدل على ذلك ما جاء عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن)، أي: أنه يتأدب بآدابه ويمتثل أوامره ويجتنب نواهيه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فيكون حسن الخلق على ذلك عاماً ليس مقصوراً على الخلق الكريم الذي هو معاملة الناس، ومن جملة ما يدخل فيه معاملة الناس معاملة طيبة، وأنه يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لها، ويأتي إليهم ما يحب أن يؤتى إليه، فيكون أعم من التفسير الأول.
إذاً: إما أن يكون مراداً بالبر الخلق الحسن، ويكون في ذلك إشارة إلى خصلة من خصال البر، ويدل على عظم شأنه، إذ قد جاء فيه أحاديث كثيرة تدل على عظم شأنه وأن أثقل ما يوضع في الميزان هو الخلق الحسن، ويحتمل أن يكون المراد به العموم، فكل ما هو خير سواء أكان من الأقوال أم الأفعال فإنه يدخل تحت حسن الخلق، ويدل عليه ما جاء عن عائشة (أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن)، وذلك لأنه كان يتأدب بآداب القرآن، ويأتي بأحكام القرآن، ويأتمر بأوامر القرآن، وينتهي عن نواهي القرآن.
قوله: (وكرهت أن يطلع عليه الناس) أي: لأنه مما يستحيا منه، ولأن الناس إذا اطلعوا عليه ذموا الإنسان وعابوه وقدحوا فيه وتكلموا في عرضه، فهذا هو الإثم.
فقوله: (استفت قلبك) هذا إنما يكون في حق من يكون من المؤمنين المتقين، مثل: أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وغيرهم ممن يكون من أهل الإيمان، وأما إذا كان من أهل الفجور والعصيان فهذا يفتيه قلبه بارتكاب الأمور القبيحة الواضحة التي لا خفاء فيها ولا لبس، فضلاً عن الأمور المشتبهة التي يحتاج فيها إلى استفتاء القلب.
فقوله: (استفت قلبك) يعني: أن الإنسان قد يطمئن إلى شيء ويقدم عليه وهو مطمئن، كالحلال البين والحرام البين، فإن ذلك يكون واضحاً لا يتردد فيه الإنسان، ومن الأشياء ما يكون محلاً للتردد، مثل إنسان يسأل عن قبول الهدية من شخص أكثر ماله حرام، فإنه لو أفتاه مفت بإباحته فإن على الإنسان أن يرجع إلى قلبه وإلى ما فيه من التردد وإلى ما فيه من عدم الراحة وإلى ما فيه من عدم الطمأنينة، فلو أفتاه الناس وأفتوه وقلبه غير مطمئن فإنه لا يقدم على ذلك، وهذا في الذين يفتون بغير علم أو يفتون في أمور ليس عليها دليل بين، أما إذا كان إفتاء مبنياً على أدلة بينة على آيات من كتاب الله وأحاديث من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا ليس للإنسان أن يتردد فيه، بل على كل مسلم أن ينصاع لما جاء عن الله وعن رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، لكن حيث يكون الشيء من الأمور المشتبهة فإن هذا هو الذي يكون فيه استفتاء القلب وإن أفتي، فإن أفتاه من يفتيه ونفسه غير مطمئنة فطريق السلامة من ذلك أنه لا يقدم على هذا الشيء الذي فيه عدم اطمئنانه.
قوله: (البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب) لا أعلم فرقاً بين هاتين الجملتين: اطمئنان النفس، واطمئنان القلب، ولم يتضح لي فرق بين اطمئنان النفس واطمئنان القلب إلا أن يكون من قبيل التأكيد مع التغاير في الألفاظ واتحاد المعنى.
قوله: (ما حاك في النفس) يعني: ما حصل للنفس فيه مشقة وعدم طمأنينة، فالإنسان إذا لم يكن الأمر واضحاً عنده، بل فيه خفاء في كونه حلالاً أو حراماً، وكونه سائغاً أو غير سائغ فطريق السلامة في ذلك تجنبه وتركه، كالمثال الذي ذكرته، وهو الهدية ممن يكون أكثر ماله حراماً، فإن هذا لو أفتى الإنسان في شأنه من يفتيه فإن كونه لا يقدم على ذلك ويتخلص منه لا شك أن فيه الاطمئنان في قلبه والسلامة لنفسه، ويكون بذلك مطمئناً منشرح الصدر، بخلاف ما إذا كان بخلاف ذلك وأخذ هذه الهدية ونفسه غير مطمئنة، فإن ذلك يحدث له تشوشاًً في فكره وفي نفسه، فلا يكون عنده اطمئنان، فيكون الحل الأمثل كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) وقوله صلى الله عليه وسلم: (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) ومعلوم أن الفتوى إما أن تكون بأدلة واضحة وبمن يكون من أهل العلم، فإنه يتعين على المستفتي أن يأخذ بالفتوى، وأما إذا كان الأمر ليس بواضح وإنما هو من الأمور المشتبهات فقد يكون المسئول ليس من أهل العلم، وقد يكون عنده جهل وعنده خفاء وعنده تسرع، فكون الإنسان يأخذ بما فيه الاطمئنان وما فيه السلامة وما فيه الراحة لا شك أن هذا هو الأليق وهذا هو الأولى بالإنسان، والله تعالى أعلم.
الجواب: الحديثان جعلا حديثاً واحداً باعتبار وحدة موضوعهما، فكلاهما يتعلق بالبر والإثم، إلا أن بينهما فرقاً في الألفاظ، ففي حديث النواس قال: (البر حسن الخلق) وفي حديث وابصة قال: (البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب) وهو يقابل قوله في حديث النواس: (الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس) فالحديث واحد باعتبار كون الموضوع واحداً.
الجواب: لابد من استحضار النية في كون الإنسان يقصد إعفاف نفسه وإعفاف غيره وإنجاب الأولاد؛ لحديث: (إنما الأعمال بالنيات) فالأمور المباحة بالنية الصالحة والنية الطيبة تتحول إلى قربات.
الجواب: لا، بل يريد الإحسان وطلب الأجر من الله، فكيف أن الإنسان لا يريد أجراً ولا يفكر في الأجر عندما يفعل هذا الفعل الذي هو إحسان؟! والله تعالى يقول: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:195] وهذا من الإحسان، فالإنسان يفعل هذا مستحضراً الفائدة والنفع للمسلمين.
الجواب: نعم، هو يشعر بهذا، لكن قد يكون هناك بعض الأمور يفتي فيها بعض أهل العلم وليس فيها دليل، وقد يكون المفتي اجتهد في أمر لا تطمئن إليه النفس، فلو أن إنساناً من أهل العلم أفتى في مسألة مشتبهة بالحل بناءً على ما وضح له فإن الإنسان لا يطمئن إلى هذا المفتى به؛ لأنه سيقدم عليه وهو غير مطمئن والنفس فيها شيء.
الجواب: الإسنادان فيهما كلام، ولكن جاء لهما شواهد ذكرها ابن رجب بأسانيد جيدة، والألباني صححهما بهذه الشواهد التي ذكرها ابن رجب ، فيكون الحديث حديثاً حسناً أو صحيحاً، وهنا قال: رويناه في مسندي الإمامين أحمد بن حنبل والدارمي بإسناد حسن) والدارمي كتابه يقال له: السنن ويقال له: المسند، وهو ليس مسنداً على الاصطلاح المعروف في المسانيد التي هي على أسماء الصحابة، مثل: مسند الإمام أحمد وغيره من المسانيد، وإنما هو مسند بمعنى أن إسناده بذكر الرواة والرجال مثل: صحيح البخاري ، فصحيح البخاري اسمه (الجامع الصحيح المسند من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه) يعني بذلك: أنه مسند بالتحديث، أي: فيه حدثنا فلان، قال: حدثنا فلان. فيكون المسند بمعنى آخر غير المعنى المشهور، وهو أن يكون المقصود به ترتيب الأحاديث أو ذكر الأحاديث على أسماء الصحابة، بحيث يذكر الصحابي ويذكر ما له من الأحاديث، وكتاب الدارمي ليس من هذا القبيل؛ وإطلاق السنن عليه أوضح من جهة أنه على طريقة السنن وليس على طريقة المسانيد، وإذا قيل له: مسند فهو بمعنى أنّ أحاديثه مسندة.
الجواب: هذه قضية الجهابذة النقاد في معرفة العلل، فالحديث الصحيح يقولون في تعريفه: هو ما روي بنقل عدل تام الضبط متصل السند غير معلٍّ ولا شاذ. والمعل هو الذي يكون له علة خفية قادحة يطلع عليها الجهابذة النقاد، وهم في معرفة الحديث مثل: الصيارفة النقاد لمعرفة الصحيح والمغشوش في النقود، أي: أنه متى نظر الإنسان فيه عرفه؛ لأنه أُعطي مراساً ومراناً ومعاناة، فتمكن بذلك من معرفته بالنظر إليه، فكذلك أولئك بكثرة اشتغالهم بالحديث وكثرة اطلاعهم عليه فإنهم يتبين لهم فيه من العلل الخفية غير الواضحة الجلية ما لا يطلع عليه كل أحد، فيكون من هذا القبيل، فعلماء الحديث الكبار يعرفون ذلك ويبينون العلل، ولهذا قالوا في آخر تعريف الصحيح: غير معلٍّ ولا شاذ. والمعلّ هو الذي فيه علة خفية قادحة لا يطلع عليها إلا الجهابذة النقاد، الذين يماثلون النقاد الذين ينقدون الذهب والفضة ويعرفون الصحيح منهما من المزيف.
الجواب: إذا كان هذا الذي أعطاك أبوك إياه قرضاً فلا بأس؛ لأنك تبقى مديناً لأبيك بهذا المبلغ، ولو مات فإنه يحسب من ميراثك، وإن كان أعطاك إياه نفقة فهذا لا بأس به، أما إن كان أعطاك إياه منحة وخصك به فهذا هو الذي لا يجوز، ولا تأخذه ولو أفتاك الناس وأفتوك.
الجواب: يمكن أن يقال فيها كذلك، لكنها اشتهرت بأسمائها، وهذا قد قيل له: مسند ويقال له: سنن، فيأتي مسمىًّ كذا ويأتي مسمىًّ كذا، وكل واحد من الاسمين له معنى، فالسنن على اعتبار أنه رتب على أساس الأبواب، ومسند ليس له معنى إلا كونه مسنداً بحدثنا.
الجواب: المراد كتاب السنن نفسه، ولهذا أشار إليه النووي، والحديث موجود فيه.
الجواب: محتمل، ولكن يبدو والله أعلم أنه عرف منه ذلك لاهتمامه به، وأنه معني به ومشغول به، وقد يكون تكرر منه ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم فبني على ما علمه منه قبل، وهذا هو الأقرب.
الجواب: لا؛ لأن قوله: (ويجزئ عن ذلك ركعتان تركعهما من الضحى) يدل عليه، فركعتا الضحى ليستا بواجبتين، ولكن مقصده من ذلك أنه من الأمور المستحبة، وأن الإنسان ينبغي له أن يأتي بها، أما كونها واجبة فلا.
ولكن لا شك أن الإنسان سيأتي في كل يوم بما هو واجب، وهو الصلاة، فالصلاة كما هو معلوم مفروضة في اليوم والليلة خمس مرات، وتتحرك بها هذه المفاصل.
الجواب: الاستخارة ليست في أمر مشتبه في الحل والحرمة، وإنما هي إقدام أو إحجام عن شيء مباح، مثل كونه سيسافر سفراً معيناً أو سيدخل في تجارة معينة، أو غير ذلك من الأمور التي يكون الإنسان متردداً فيها هل يقدم أو يحجم، وأما الذي معنا فليس من قبيل الاستخارة، فالاستخارة أن يطلب من الله الخيرة، فيصلي صلاة الاستخارة ويطلب من الله أن يختار له ما هو خير له.
الجواب: الفراسة يبدو أنها تكون بالنظر في الشيء والتأمل فيه، وكون الإنسان يدرك ذلك بأسباب أو بعلامات، وأما الإلهام فهو يقذف في قلبه الحق، مثل ما كان لـعمر رضي الله عنه، حيث كان يقول القول فيكون مطابقاً للحق، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (قد كان في الأمم قبلكم محدثون -والمحدث هو الملهم- فإن يكن في أحد من أمتي فهو
فالفراسة تكون بالتأمل والنظر، وأما الإلهام فإنه شيء يقذفه الله تعالى في قلب الإنسان، وقد يكون أيضاً بتأمل ونظر مثل ما حصل من عمر رضي الله عنه في قضية الطاعون الذي وقع في الشام، وقد استشار المهاجرين واستشار الأنصار، وبعد ذلك اجتهد ورأى أنه يرجع، ثم بعد ذلك تبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد جاء عنه حديث في أن الإنسان لا يدخل على الطاعون ولا يخرج منه، وهذا هو الذي رآه عمر دون أن يكون عنده علم بهذه السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه وافق ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: نعم الفراسة قد تكون مكتسبة، والإلهام قد يكون مكتسباً وقد يكون غير مكتسب، كالذي يكون قد بذل الوسع وحصل الاجتهاد ثم بعد ذلك صار موافقاً للحق بعد هذا الاجتهاد، كقصة عمر في مسألة الطاعون.
الجواب: الاستفتاء للقلب يكون في حق من كان عنده إيمان وعنده تقوى، وهذا هو الذي يكون، أما من كان عنده شيء يخالف أو يقع في أمور مخالفة فهذا ليس هو الذي يستفتي قلبه؛ لأنّه يقدم على فعل أمر واضح في حرمته وعدم كونه جائزاً بسبب هواه وميل نفسه.
الجواب: هذا غير صحيح، بل استفتاء القلب في أمور ليست واضحة، وأما أمور واضحة وأحكامها واضحة في الشرع فالواجب والمطلوب هو اتباع ما جاءت به الشريعة وما جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكون الإنسان يترك الإفطار في السفر أو يفطر في السفر هذا ينبغي أن يكون راجعاً إلى حالته من كونه فيه مشقة أو ليس فيه مشقة، فإن كان في ذلك مشقة فعليه أن يفطر وليس له أن يصوم، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (ليس من البر الصيام في السفر) في قصة رجل حصلت له مشقة، أما إذا كان السفر مثل السفر في هذا الزمان، فالمسافر كالجالس في غرفة مكيفة، فيكون في سيارة مكيفة وينام ولا ينتبه إلا إذا وصل فهذا لا فرق بينه وبين الجالس المقيم، نعم جائز له أن يفطر ولو لم يكن هناك مشقة، لكن كونه يحافظ على الوقت ويحافظ على الزمان ويؤدي الواجب في وقته ولا يحمل نفسه واجباً يصعب عليه أو قد يثقل عليه أداؤه، فالأولى له الأخذ بالعزيمة، فالمسألة لابد فيها من التفصيل، أما أن يترك الإنسان الرخص تورعاً فلا، فالورع هو في اتباع السنة واتباع الحق، لكن المسألة فيما يتعلق بالإفطار تدور بين المشقة وعدم المشقة، فعند المشقة على الإنسان أن يفطر، وإذا لم يكن هناك مشقة وكان الأمر سهلاً مثل الصيام في هذا الزمان ومثل الركوب في السيارات في هذا الزمان والطيارات في هذا الزمان حيث يصل الإنسان في ساعة، أو ساعتين وهو في ذلك الوقت نائم فالأولى أن يصوم.
الجواب: هو مأجور على كل حال في ذهابه إلى المسجد، ولكن الذي يمشي على رجليه لا شك أنه أفضل، وهو الذي يحصل بكل خطوة يخطوها إلى الصلاة رفع درجة وحط خطيئة.
الجواب: أي نعم، جاء في الحديث الصحيح في قصة الرجل الذي قيل له: (ألا تتخذ حماراً تركبه -أي: في ذهابك إلى المسجد- في الظلماء والرمضاء؟! فقال: إني أرجو أن يكون لي بكل خطوة في ذهابي وإيابي، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: كتب الله لك ذلك كله)، والحديث الذي في الأربعين: (وبكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة).
الجواب: يبدو أنها تجزئ، وقضية النوافل يحصل بها المقصود عندما ينوي الإنسان هذا الشيء.
الجواب: أي عمل صالح هو صدقة، سواءٌ أكان قاصراً أم متعدياً، فهو صدقة منه على نفسه إن كان قاصراً، وصدقة منه على نفسه وعلى غيره إن كان متعدياً.
الجواب: هذا حديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل قد جاء في القرآن الكريم أن من قتل من كان له عهد ومن كان له ميثاق من المسلمين فإنه تجب الكفارة والدية على القاتل، ذكر ذلك الله تعالى في سورة النساء فقال: وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء:92].
الجواب: لا أعلم، لكن لا ينبغي للناس أن يتخذوا المساجد طرقاً، أما ورود حديث معين فما أعلم، لكن جاء في القرآن: وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء:43].
الجواب: هذا حديث ضعيف.
الجواب: وصف الذمي يطلق على الناس الذين يستولي المسلمون على بلادهم ويرضخون لحكم المسلمين، ويبقون على ديانتهم مع دفعهم الجزية، فهؤلاء يقال لهم: أهل ذمة، والمستأمن هو الذي دخل البلاد وأعطي الأمان، والمعاهد هو الذي بينه وبين الناس عهد على أنه يبقى عندهم ليعمل عملاً أو يؤدي شيئاً مطلوباً منه.
الجواب: هذا المعنى بعيد، فإماطة الأذى عن الطريق المقصود بها الأذى الذي يؤذي الناس في طريقهم من شوك أو زجاج أو حجارة أو غير ذلك، ولا شك أن المذكور في السؤال طريق معنوي، ولكن عندما يأتي ذكر إماطة الأذى عن الطريق التي هي أدنى شعب الإيمان فلا يحمل على الطريق المعنوي؛ لأن الدعوة إلى الله عز وجل وبيان الحق لا يقال عنهما: إنهما أدنى شعب الإيمان.
الجواب: يبدو أنه ليس بلازم؛ لأن الإنسان قد يتوضأ في المسجد، لكن كونه يتوضأ في بيته لا شك أنه هو الأولى.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر