حدثنا ابن أبي عقيل ومحمد بن سلمة المرادي قالا: حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: (أن
هذه الترجمة معقودة لبيان أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة، وهذا على سبيل الاستحباب، والذي على سبيل الوجوب هو الوضوء لكل صلاة، وأما الاغتسال لكل صلاة فإنما هو على سبيل الاستحباب.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة في قصة أم حبيبة بنت جحش أخت زينب بنت جحش أم المؤمنين رضي الله عنها، وهي زوجة عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه وعنها: (أنها استحيضت سبع سنين، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي، فكانت تغتسل لكل صلاة) هذه الرواية عن عائشة رضي الله عنها أوردها المصنف تحت باب الاغتسال لكل صلاة، وهذا الحديث فيه أنها كانت تغتسل لكل صلاة، وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة، لكن جاء في بعض الروايات الأمر بالاغتسال لكل صلاة؛ ولهذا اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من قال: إن أم حبيبة أمرت بالاغتسال الواحد الذي هو للخروج من الحيض، والذي يعتبر بمثابة الطهر للمستحاضة، فكانت تغتسل لكل صلاة من فعلها ومن اجتهادها ومن حرصها، وفي بعض الروايات: أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي أمرها أن تغتسل لكل صلاة، فكانت تغتسل لكل صلاة، والاغتسال عند إدبار الحيض لا بد منه؛ لأنه غسل الحيض، وأما المستحب للمستحاضة فهو الاغتسال عند كل صلاة، ولا شك أن هذا فيه مشقة، وإذا فعلته المرأة فهو مستحب، وأما كونه واجباً عليها فإنه لا يجب عليها أن تغتسل عند كل صلاة.
فـعائشة رضي الله عنها أخبرت عنها أنها كانت تغتسل لكل صلاة، وذهب كثير من أهل العلم إلى أن هذا الاغتسال لكل صلاة إنما هو من فعلها، وليس من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لها، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء عنه الأمر لها ولغيرها بالاغتسال لكل صلاة، ولكنه محمول على الاستحباب.
هو عبد الغني بن أبي عقيل المصري، وهو ثقة، أخرج له أبو داود.
[ ومحمد بن سلمة المرادي ].
هو محمد بن سلمة المرادي المصري ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن الحارث ].
هو عمرو بن الحارث المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عروة بن الزبير ].
هو عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ وعمرة ].
هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، من أوعية السنة وحفظتها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقول عائشة رضي الله عنها: (فكانت تغتسل في مركن في حجرة أختها
أورد أبو داود الحديث من طريق عمرة عن أم حبيبة وفي آخره قالت عائشة : (فكانت تغتسل عند كل صلاة).
ويمكن أن يكون قوله: (عن أم حبيبة رواية، ويمكن أن يكون عن قصة أم حبيبة أو في أمر أم حبيبة ، وسبق أن هذا إنما هو من فعلها.
هو أحمد بن صالح المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[ حدثنا عنبسة ].
هو عنبسة بن خالد، وهو صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود .
[حدثنا يونس ].
هو يونس بن يزيد الأيلي ثم المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب قال: أخبرتني عمرة بنت عبد الرحمن عن أم حبيبة ].
ابن شهاب وعمرة تقدم ذكرهما، وأم حبيبة هي أخت زينب بنت جحش ، وهي صحابية، أخرج حديثها البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
أورد أبو داود رحمه الله الحديث عن عائشة من طريق أخرى، وإسناده مثل الذي قبله.
قوله: [ حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني ].
يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثني الليث بن سعد ].
هو الليث بن سعد المصري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة ].
هؤلاء قد مر ذكرهم.
أورد أبو داود رحمه الله هذه الطرق وفي بعضها عن عائشة ، وفي بعضها عن عائشة عن أم حبيبة ، والمشهور في الرواية أنها عن عائشة، وأم حبيبة هي صاحبة القصة، وعائشة تحدث بذلك عما أفتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ رواه القاسم بن مبرور ].
القاسم بن مبرور صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عمرة عن عائشة عن أم حبيبة ].
هؤلاء مر ذكرهم.
[ وكذلك رواه معمر عن الزهري عن عمرة عن عائشة ، وربما قال معمر : عن عمرة عن أم حبيبة بمعناه ].
وهذا الإسناد مثل إسناد القاسم بن مبرور ، هذا قال: عن عمرة عن عائشة ، ومعمر ، يقول: عن عائشة وربما قال: عن أم حبيبة ، وكلهم يروي ذلك عن الزهري .
[ وكذلك رواه إبراهيم بن سعد وابن عيينة ].
هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وابن عيينة هو سفيان بن عيينة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري عن عمرة عن عائشة ، وقال ابن عيينة في حديثه: ولم يقل إن النبي صلى الله عليه وآلة وسلم أمرها أن تغتسل، وكذلك رواه الأوزاعي أيضاً قال فيه: قالت عائشة (فكانت تغتسل لكل صلاة) ].
الأوزاعي هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
هذا الحديث مثل الذي قبله.
قوله: [ حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي ].
هو محمد بن إسحاق بن محمد المسيبي ، وهو صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود .
[ حدثني أبي].
هو إسحاق بن محمد المسيبي ، وهو صدوق في حديثه لين، أخرج له أبو داود وحده.
[ عن ابن أبي ذئب ].
هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب عن عروة وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة ].
هؤلاء مر ذكرهم.
أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة من طريق أخرى، ولكن فيه ذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي أمرها بالغسل لكل صلاة، فكانت تغتسل لكل صلاة، يعني: أنها عملت بالشيء الذي أمرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث الذي مضى فيه قول عائشة : (إنها كانت تغتسل لكل صلاة)، وهنا ذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرها أن تغتسل لكل صلاة، وساق الحديث، فكانت تغتسل لكل صلاة، فتكون قد أمرت ونفذت الأمر.
قوله: [ حدثنا هناد بن السري ].
هو هناد بن السري أبو السري وهو ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عبدة ].
هو عبدة بن سليمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن إسحاق ].
هو محمد بن إسحاق المدني ، وهو صدوق يدلس، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن الزهري عن عروة عن عائشة ].
وهؤلاء قد مر ذكرهم جميعاً.
قال أبو داود : ورواه عبد الصمد عن سليمان بن كثير قال: (توضئي لكل صلاة)، قال أبو داود : وهذا وهم من عبد الصمد ، والقول فيه قول أبي الوليد ].
أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة من طريق أخرى، وفيه: أن زينب بنت جحش هي التي استحيضت، وأمرها أن تغتسل لكل صلاة، وساق الحديث، والقصة لـأم حبيبة، وليست لـزينب ، فيكون ذكر زينب وهم، والصواب: أنها أم حبيبة بنت جحش ؛ لأنها هي التي استحيضت، وأما زينب بنت جحش زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يثبت أنها كانت مستحاضة.
[ قال أبو داود : ورواه أبو الوليد الطيالسي ولم أسمعه منه ].
أبو الوليد الطيالسي هو هشام بن عبد الملك الطيالسي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقوله: (ولم أسمعه منه) يفيد أن بينه وبينه واسطة؛ لأنه قال: لم أسمعه منه.
[ عن سليمان بن كثير ].
سليمان بن كثير لا بأس به في غير الزهري ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري عن عروة عن عائشة ].
هؤلاء مر ذكرهم.
[ قال أبو داود : ورواه عبد الصمد عن سليمان بن كثير ].
عبد الصمد بن عبد الوارث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و سليمان بن كثير قد مر ذكره.
قوله: [ (توضئي لكل صلاة) قال أبو داود : وهذا وهم من عبد الصمد ، والقول فيه قول أبي الوليد ].
لفظه هنا: (توضئي لكل صلاة)، واللفظ الذي مر في رواية أبي الوليد ، وكذلك اللفظ الذي مر في الحديث السابق فيه: (أمرها أن تغتسل لكل صلاة)، فيقول أبو داود : إن ذكر التوضؤ هنا في هذا الحديث وهم، وإنما الصواب ما ذكره أبو الوليد أنه أمرها بالاغتسال وليس بالتوضؤ، لكن التوضؤ جاء في أحاديث أخرى ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستأتي، وسيأتي لها ترجمة خاصة.
هذا من الأحاديث الدالة على أن الأمر بالاغتسال لكل صلاة إنما هو من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما جاء في الروايات الأخرى أنها كانت تغتسل، فيها اختصار، فبعضهم ذكر ما جاء في الآخر، وبعضهم ذكر ما جاء في الأول، فهي مأمورة، والآمر لها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نفذت، فجاء في بعض الروايات حكاية التنفيذ، وجاء في بعضها حكاية الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج أبو معمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الوارث ].
هو عبد الوارث بن سعيد العنبري، وهو والد عبد الصمد الذي سبق أن مر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحسين ].
هو الحسين بن ذكوان المعلم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن أبي كثير ].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم.
[ أخبرتني زينب بنت أبي سلمة ].
زينب بنت أبي سلمة ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ وأخبرني أن أم بكر أخبرته أن عائشة رضي الله عنها قالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المرأة ترى ما يريبها بعد الطهر: (إنما هي، أو قال: إنما هو عرق، أو قال: عروق) ].
يحيى بن أبي كثير هو الذي روى عن أبي سلمة عن زينب في الطريق الأولى، وروى أبو سلمة عن أم بكر أن عائشة قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المرأة ترى ما يريبها بعد الطهر -يعني: ترى دماً بعد الطهر- قال: (إنما ذلك عرق) يعني: إذا تجاوز الدم ما كانت تعتاده المرأة، فإن هذا يكون عرقاً، ويكون استحاضة، ولا يعتبر عادة، فإن ذلك لا يؤثر عليها ما دام أن عادتها مستقرة، وتعرف الأيام، وتعرف اللون والدم، فما زاد على ذلك يعتبر استحاضة ولا يعتبر حيضاً.
[ وأخبرني أن أم بكر ].
يعني: أن أبا سلمة أخبر يحيى بن أبي كثير عن أم بكر ، وهي مجهولة لا تعرف، أخرج حديثها أبو داود وابن ماجة .
[ عن عائشة ].
عائشة قد مر ذكرها.
[ قال أبو داود : وفي حديث ابن عقيل الأمران جميعاً ].
حديث ابن عقيل هو الذي سبق أن مر، وهو حديث حمنة ، وفيه الأمران جميعاً، يعني: الاغتسال لكل صلاة، والجمع بين الصلاتين، ولكن حديث ابن أبي عقيل الذي سبق أن مر ليس فيه ذكر الاغتسال لكل صلاة، وإنما فيه ذكر الاغتسال ثلاث مرات: عندما تجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، والفجر، فتغتسل ثلاثة أغسال، وليس فيه الاغتسال لكل صلاة، اللهم إلا أن يكون جاء ذلك في طريق أخرى أو في رواية أخرى.
قال: [ وفي حديث ابن عقيل الأمران جميعاً، وقال: (إن قويت فاغتسلي لكل صلاة وإلا فاجمعي) ].
حديث حمنة السابق الذي فيه عبد الله بن محمد بن عقيل ليس فيه ذكر الاغتسال لكل صلاة، ولكن فيه ذكر الاغتسال في الأحوال الثلاث، وهي الحالة الثانية التي قالت: وهو أعجب إلي، أو التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: (وهو أعجب الأمرين إلي).
[ كما قال القاسم في حديثه ].
القاسم هذا يحتمل أن يكون القاسم بن محمد بن أبي بكر وحديثه سيأتي، وفيه ذكر الجمع بين الاغتسال لكل صلاة، وكذلك الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فتغتسل عند كل صلاتين غسلاً واحداً، وتغتسل عند صلاة الفجر غسلاً واحداً، فإن كان يريد بالقاسم القاسم بن محمد فحديثه سيأتي، وإن كان يريد القاسم الذي روى الحديث في قصة حمنة الذي فيه عبد الله بن محمد بن عقيل والذي فيه الجمع فيحتمل أنه شخص آخر، وصاحب عون المعبود قال: يحتمل أن يكون هو القاسم بن مبرور .
[ وقد روي هذا القول عن سعيد بن جبير عن علي وابن عباس رضي الله عنهما ].
يعني: قضية الاغتسال لكل صلاة، وكذلك الجمع بين الصلاتين.
حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (استحيضت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرت أن تعجل العصر، وتؤخر الظهر وتغتسل لهما غسلاً، وأن تؤخر المغرب وتعجل العشاء وتغتسل لهما غسلاً، وتغتسل لصلاة الصبح غسلاً). فقلت لـعبد الرحمن : أعن النبي صلى الله عليه وآله سلم؟ فقال: لا أحدثك إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم بشيء ].
أورد أبو داود رحمه الله باب من قال: تجمع بين الصلاتين وتغتسل لها غسلاً، يعني: للصلاتين، وسبق أن مر حديث في الجمع بين الصلاتين والاغتسال لهما غسلاً، ولكن المصنف رحمه الله كعادته يأتي بالتراجم المتنوعة، ويأتي بالأحاديث للاستدلال على الترجمة، وإن كان سبق أن مر الاستدلال بالحديث على أمور أخرى متقدمة، وقد مر في مواضع عديدة ذكر الاغتسال للظهر والعصر، وللمغرب والعشاء، وللفجر أي: الاغتسال ثلاث مرات في اليوم والليلة. قوله: [ (استحيضت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرت أن تؤخر الظهر وتعجل العصر وتغتسل لهما غسلاً، وأن تؤخر المغرب وتعجل العشاء وأن تغتسل لهما غسلاً، وتغتسل لصلاة الصبح غسلاً) هذا فيه ما ترجم له من ذكر الجمع بين الصلاتين، ثم قال في آخره: (قال شعبة : قلت لـعبد الرحمن : أعن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا أحدثك إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم بشيء)، وفي بعض النسخ: (لا أحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم بشيء)، ولكن في بعضها: (إلا بشيء).
فتكون (بشيء) متعلقة بأحدثك، يعني: لا أحدثك بشيء إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل ذكر الاستفهام جاء لأنه قال فيه: (أُمرت)، ولم ينص أن الآمر هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن الصحابي إذا قال: أُمرنا، أو نُهينا فالآمر والناهي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا من زيادة التوثق في الرواية والتحقق من رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا فإن الآمر والناهي عندما يسند الصحابة الأمر إنما هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا أبي ].
هو معاذ بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن القاسم ].
هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وهو ثقة فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة مر ذكرها.
قال أبو داود : ورواه ابن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: (أن امرأة استحيضت فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها) بمعناه ].
أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو (أن
هو عبد العزيز بن يحيى الحراني ، وهو صدوق ربما وهم، أخرج حديثه أبو داود والنسائي .
[ حدثني محمد بن سلمة ].
هو محمد بن سلمة الباهلي الحراني ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن، وهذا هو الذي ذكرت أنه يأتي اسمه مطابق لـمحمد بن سلمة المصري ، فهذا حراني، وذاك مصري، والمصري الذي مر آنفاً هو من شيوخ أبي داود وأما الباهلي الحراني فهو من طبقة شيوخ شيوخه، يعني: لا يروي عنه إلا بواسطة، فإذا جاء محمد بن سلمة وهو من شيوخ أبي داود فالمراد به المصري ، وإذا جاء محمد بن سلمة من شيوخ شيوخه فالمراد به الحراني ، هذا الذي معنا في الإسناد.
[ عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة ].
هؤلاء مر ذكرهم جميعاً.
[ قال أبو داود : ورواه ابن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: (أن امرأة استحيضت) ].
هذا مثل الذي قبله، فـالقاسم بن محمد هو الذي قال: (أن امرأة استحيضت فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم) فهو مرسل.
أورد أبو داود حديث أسماء بنت عميس رضي الله تعالى عنها في قصة فاطمة بنت أبي حبيش ، وفيه أن أسماء بنت عميس سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما حصل لـفاطمة بنت أبي حبيش ، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لتجلس في مركن، فإذا رأت الصفرة فوق الماء، فلتغتسل للظهر والعصر غسلاًواحداً) يعني: أنها إذا انتهى الحيض فإنها تكون بعد ذلك في حكم الطاهرات؛ لأنه قد انتهى زمن الحيض، وذلك يعرف إما بلونه إذا كانت تعرف اللون والرائحة، أو بانتهاء الأيام التي كانت تعرفها، وقيل: إن المقصود بقوله: (فإذا رأت الصفرة) أن هذا علامة على أن الحيض قد انتهى؛ لأن دم الحيض لا يكون فيه صفرة، وإنما يكون فيه السواد والغلظة، فيكون ذلك علامة على أن حيضها قد انتهى ؛ لأنها وجدت الصفرة عندما اغتسلت، فعندما يكون الأمر كذلك تكون قد طهرت، فتغتسل وتجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، وتصلي صلاة الفجر في وقتها، وتغتسل ثلاثة أغسال، ففيه ما ترجم له المصنف، وهو الجمع بين الصلاتين للمستحاضة بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء.
قوله: [ (إن
وقوله: (وتتوضأ فيما بين ذلك) قيل: معناه بين الصلاتين التي تجمعهما، وقيل: المقصود: بين الحيضتين؛ لأن المرأة في حال حيضها ليس عليها وضوء، وإنما الوضوء في حال الطهر.
وهب بن بقية ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ أخبرنا خالد ].
هو خالد بن عبد الله الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سهيل يعني ابن أبي صالح ].
سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والبخاري روى له مقروناً وتعليقاً.
[ عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أسماء بنت عميس ].
هي أسماء بنت عميس الخثعمية ، وهي صحابية، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة.
وهي كانت زوجة جعفر بن أبي طالب، ثم تزوجها بعد ذلك أبو بكر الصديق، ثم تزوجها علي ، وقد ولدت لهم جميعاً.
[ قال أبو داود : رواه مجاهد عن ابن عباس : (لما اشتد عليها الغسل أمرها أن تجمع بين الصلاتين) ].
مجاهد هو ابن جبر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وابن عباس هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ قال: (لما اشتد عليها الغسل أمرها أن تجمع بين الصلاتين) ] يعني: أمرها أن تجمع بين الصلاتين لما اشتد عليها الغسل خمس مرات.
[ قال أبو داود : رواه إبراهيم عن ابن عباس ].
إبراهيم هو النخعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وهو قول إبراهيم النخعي وعبد الله بن شداد ].
عبد الله بن شداد من ثقات التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و إبراهيم النخعي أدرك زمن ابن عباس ، فقد توفي ابن عباس سنة (68هـ) بالطائف، وتوفي النخعي سنة (96هـ) وهو ابن خمسين سنة أو نحوها، فيكون عمره يوم وفاة ابن عباس (28) سنة تقريباً.
وذكر في (تهذيب التهذيب) أنه لم يسمع من ابن عباس ، ومعنى هذا: أنه قد يكون روى عنه مرسلاً، وهو كثير الإرسال، فيمكن أنه يروي عنه مرسلاً، وقد رجعت إلى (تهذيب التهذيب) وفيه: ولم يسمع من ابن عباس ، ولم يسمع من فلان، ولم يسمع من فلان من الصحابة. وهذا معناه أنه يرسل عنهم، فيكون هناك واسطة بينه وبينهم، فهو منقطع.
وإبراهيم النخعي عندما يأتي في الأسانيد وفي الرجال أو في كتب الفقه أو في كتب الحديث قد يقولون: إبراهيم ، وهو إبراهيم النخعي ، وغالباً ما يأتي ذكره بدون نسبته؛ لأنه مشهور بهذا.
الجواب: لا أعلم شيئاً يدل على ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك في صلاة الاستسقاء.
الجواب: يقول العلماء: لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها، وكانوا يعزلون عن الإماء خشية أن يحملن فيصرن أمهات أولاد، وأم الولد هي: الأمة إذا حملت من سيدها، فإذا ولدت صارت أم ولد، لا تباع، فكانوا يريدون أن يستمتعوا بهن ولا يريدون أن يحملن حتى يتمكنوا من الاستفادة من بيعهن، والرسول صلى الله عليه وسلم جاء عنه ما يدل على جواز العزل، كما جاء عن أبي سعيد رضي الله عنه: (كنا نعزل والقرآن ينزل، ولو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن)، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ليس من كل المني يكون الولد) رواه مسلم ، ومعناه: أن الله عز وجل إذا قدر مجيء الولد جاء ولو وجد العزل؛ وذلك بأن تنطلق قطرة من غير اختيار الإنسان، وكما يقولون: الحرص يفوت على الحريص الشيء الذي كان يريده، فيحصل الشيء الذي قدره الله؛ لأن الولد لا يأتي من مجموع المني، وإنما يأتي من نطفة واحدة، فقد تنطلق نطفة واحدة ممن يريد أن يعزل فيحصل الولد الذي أراده الله، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
الجواب: هذا الإسناد معضل، فهناك واسطة بين هشام والصحابة، فهو يروي عن عروة ، وعروة يروي عن الصحابة، فسقط من إسناده اثنان.
الجواب: الذي يظهر أنه جاء في بعض الروايات (للمشقة)، فالمستحاضة الأحوط لها ألا تجمع إلا إذا كانت محتاجة إلى ذلك بسبب المشقة عليها أو بسبب ما تعانيه من ضرر؛ ولهذا رأى العلماء أن المريض يجمع استناداً إلى حديث المستحاضة؛ لأنها تعتبر مريضة، والمريض لا يجمع إلا إذا حصلت له مشقة.
الجواب: له أن يقبل رأسها، ولا يقبل جبينها، ولا يقبل يدها، ولكن يقبل رأسها فوق الخمار.
الجواب: لا تعيد الغسل، والذي ينبغي لها أن تصبر مدة للاغتسال، وإذا خرج شيء بعد ذلك فليس عليها غسل، لكن تحتاج إلى إعادة الوضوء؛ لأن كل ما يخرج من السبيلين ناقض للوضوء، وخروج المني الذي يوجب الاغتسال هو ما خرج بتدفق ولذة.
الجواب: نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتحابين فيه، وأن يوفقنا جميعاً لما يرضيه. المسافر إذا مكث أكثر من أربعة أيام فإن حكمه حكم المقيمين، أما أربعة أيام فأقل فإن حكمه حكم المسافر؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام حجة الوداع في اليوم الرابع، ومكث فيها أربعة أيام ينتظر الحج، ولما جاء الحج ذهب منها إلى منى، وكان في تلك المدة يقصر، وهذه إقامة محققة هنا؛ لأنه ينتظر الحج، ولم يأت أكثر من هذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام إقامة محققة يعلم أنه سيبقاها من حين وصوله إلى ذلك التاريخ إلا في هذه المسألة، أما غيرها من الأوقات الأخرى في تبوك وما إلى ذلك فليس في شيء منها ما يدل على أنه أقام إقامة محققة، ومن المعلوم أن المسافر إذا كان متردداً في بلد لا يدري متى تنتهي حاجته، ولا يدري متى يغادر ذلك البلد، فله أن يقصر ما دام أنه لم يعزم على إقامة أربعة أيام، فالذي ثبت أنه أقام إقامة محققة هو أربعة أيام في حجة الوداع، فمن زاد على أربعة أيام يكون حكمه حكم المقيمين، ومن أقام دونها فإن حكمه حكم المسافر.
وفي فتح مكة أقام النبي صلى الله عليه وسلم بها سبعة أيام، لكن لا يوجد ما يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم دخل مكة وهو يريد أن يبقى هذه المدة، وإنما كان متردداً، وهكذا كان يقصر الصلاة وهو مقيم في تبوك.
الجواب: الأولى للمسافر إذا كان عليه مشقة أن يفطر، سواء كان في صوم نافلة أو فريضة.
الجواب: إذا كان الطعام الذي أهدي له ليس فيه محظور، ولا فيه إشكال؛ فالأولى أن يقبله، وإذا كان ليس بحاجة إليه فليعطه غيره.
الجواب: نعم، فالصارف للأمر عن الوجوب أنه جاء ما يدل على أنها تتوضأ، فالغسل عليها ليس بلازم.
الجواب: لأنها مضى عليها فترة طويلة جداً، والقضاء يشق عليها، وهذا مثل حديث الذي أساء في صلاته؛ فإنه لم يأمره أن يعيد الصلوات التي مضت عليه، مع أمره بإعادة تلك الصلاة النافلة، ولكن الصلوات التي مضت عليه لم يأمره أن يعيدها، فهذا من جنسه، فإذا كانت المدة طويلة جداً فلا قضاء؛ للمشقة الشديدة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر