حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا أبان عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني).
قال أبو داود : وهكذا رواه أيوب وحجاج الصواف عن يحيى ، وهشام الدستوائي قال: كتب إلي يحيى . ورواه معاوية بن سلام وعلي بن المبارك عن يحيى وقالا فيه: (حتى تروني وعليكم السكينة) ].
أورد المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الصلاة تقام ولم يأت الإمام ينتظرونه قعوداً] ومقتضى هذه الترجمة أن الصلاة إذا أقيمت ولم يكن الإمام قد جاء فإنهم ينتظرونه قعوداً، ولا ينتظرونه قياماً؛ لأن ذلك يشق عليهم، وكان من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يكون في بيته ثم يخرج للصلاة، وكان بلال رضي الله عنه يؤذنه ويأتي ويطرق عليه البيت ويقيم الصلاة، وأحياناً ينظر بلال إلى باب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي من جهة المسجد، فإذا رآه خرج أقام الصلاة، فمن الناس من يكون قد رآه قد خرج ومنهم من لا يكون رآه، وقد أرشد عليه الصلاة والسلام إلى أنه إذا أقيمت الصلاة فلا يقومون حتى يروه قد خرج من بيته؛ لأنه قد يعرض له شيء يجعله يتأخر في الدخول في الصلاة فيكون في ذلك مشقة على الناس، وإذا كانوا جالسين لا يكون في ذلك مشقة عليهم.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [ (إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني) ]، ومعنى هذا أنهم ينتظرون الإمام إذا لم يروه قعوداً ولا يقومون وينتظرونه وقوفاً، وهذا من رفق رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمته، وحرصه على دفع الحرج عنها والمشقة عليها، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهو الذي وصفه الله في كتابه العزيز بقوله: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وموسى بن إسماعيل ].
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبان ].
هو أبان بن يزيد العطار ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .
[ عن يحيى ].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن أبي قتادة ].
عبد الله بن أبي قتادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو الحارث بن ربعي رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ قال أبو داود : وهكذا رواه أيوب وحجاج الصواف عن يحيى ].
أيوب هو: أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و حجاج الصواف هو: حجاج بن أبي عثمان الصواف ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وهشام الدستوائي قال: كتب إلي يحيى ].
هشام هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقوله: [ قال: كتب إلي يحيى ].
معناه أن هشاماً يقول: كتب إلي يحيى .
وأما أيوب وحجاج الصواف فقالا: عن يحيى .
[ ورواه معاوية بن سلام وعلي بن المبارك عن يحيى ]
معاوية بن سلام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و علي بن المبارك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وقالا فيه: (حتى تروني وعليكم السكينة) ].
حملة: [ وعليكم السكينة ] زيادة، أي أنهم ينتظرونه جلوساً ولا يقومون حتى يروه، ويقومون وعليهم السكينة.
قال أبو داود : لم يذكر (قد خرجت) إلا معمر ، ورواه ابن عيينة عن معمر لم يقل فيه: (قد خرجت) ].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي قتادة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله إلا أن فيه إضافة [ (قد خرجت) ] إلى قوله: [ (تروني) ] وهي تفيد أنه بمجرد خروجه يقومون، وأنه لا يتوقف قيامهم على أن يقوم مقامه الذي يصلي فيه، ويكونون جالسين حتى يقف في المكان الذي يصلي فيه، وإنما إذا رأوه خرج قاموا؛ لأن الصلاة أقيمت وهو قد جاء ليصلي بالناس، وكان من هديه عليه الصلاة والسلام أن يصلي النوافل في بيته ثم يخرج وتقام الصلاة ويصلي بالناس، ثم يرجع إلى بيته ويصلي فيه النوافل، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وقوله: [ (حتى تروني قد خرجت) ] فيه بيان أن قوله: [ (حتى تروني) ] هو عند إقباله من بيته وخروجه من بيته ليصلي بالناس، فعند ذلك يقومون ويأخذون أماكنهم ويتهيئون لتسوية الصف حتى يقف النبي صلى الله عليه وسلم في مقامه الذي يصلي فيه ويسوي الصفوف ثم يصلي بالناس، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
إبراهيم بن موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عيسى ].
هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى ].
يحيى هو: ابن أبي كثير اليمامي ، وقد مر ذكره.
[ قال أبو داود : لم يذكر (قد خرجت) إلا معمر ].
أي: لم يذكر (قد خرجت) بعد قوله: (تروني) إلا معمر .
[ ورواه ابن عيينة عن معمر لم يقل فيه: (قد خرجت) ].
أيك رواه عيسى عن معمر بذكر (قد خرجت) وابن عيينة روى عن معمر ولم يذكر (قد خرجت).
أي أن معمراً له روايتان: مرة يذكر: (قد خرجت) وهي التي رواها عنه عيسى ، والثانية لم يذكر فيها (قد خرجت) وهي التي رواها عنه ابن عيينة .
قوله: [ فيأخذ الناس مقامهم ] أي أن كل واحد يقوم مقامه وتتصل الصفوف بعضها ببعض قبل أن يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم مقامه، أي: بمجرد أن يروه قد خرج يقومون، ولا يتوقف قيامهم على أن يقوم في مقامه الذي يصلي فيه، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهذا يوضح أن قوله: (حتى تروني قد خرجت) ليس المقصود منه المقام الذي يصلي فيه، بل بمجرد خروجه صلى الله عليه وسلم.
هو محمود بن خالد الدمشقي ، ثقة، أخرج حديثه: أبو داود والنسائي وابن ماجه .
[ عن الوليد ].
هو الوليد بن مسلم الدمشقي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي عمرو ].
هو الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح: وحدثنا داود بن رشيد ].
قوله: (ح) للتحول من إسناد إلى إسناد.
وداود بن رشيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن الوليد ، وهذا لفظه ].
يعني: ابن مسلم ، وهنا قال: [ وهذا لفظه ] أي: اللفظ من طريق رواية الوليد من طريق داود بن رشيد الذي هو شيخه الثاني.
[ عن الأوزاعي ].
هو عبد الرحمن بن عمرو ؛ لأنه في الإسناد الأول عبر عنه بـأبي عمرو وبالإسناد الثاني عبر عنه بـالأوزاعي ؛ لأن الوليد في روايته في الإسناد الأول الذي يروي عنه محمود بن خالد عبر عنه بـأبي عمرو والوليد في رواية داود بن رشيد عنه عبر بـالأوزاعي فهذا ذكره بكنيته وهذا ذكره بنسبته، وهو مشهور بنسبته: الأوزاعي وكنيته أبي عمرو ، واسم أبيه عمرو ، وفائدة معرفة الكُنى لأصحاب الأسماء أن لا يظن الشخص الواحد شخصين؛ لأن الإسناد الأول جاء فيه: أبو عمرو والإسناد الثاني فيه: الأوزاعي ، والأوزاعي هو أبو عمرو فهو شخص واحد، إلا أنه عبر عنه بكنيته في الإسناد الأول وعبر عنه في الإسناد الآخر بنسبته، وهو ثقة، فقيه الشام ومحدثها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
الزهري هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
هو: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ، وهو ثقة فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم؛ لأن المدينة في عصر التابعين اشتهر فيها سبعة أشخاص، وُصفوا أو لُقبوا بالفقهاء السبعة، وهم في زمن واحد في زمن التابعين، وأسنانهم متقاربة، وستة منهم اتفق العلماء على أنهم من الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن هذا الذي في السند، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، هذه ثلاثة أقوال في السابع منهم، وأما الباقون فمتفق على عدهم في الفقهاء السبعة، وهم: سعيد المسيب والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وخارجة بن زيد بن ثابت وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار وعروة بن الزبير بن العوام ، هؤلاء الستة متفق على أنهم من الفقهاء السبعة، وأبو سلمة هو السابع على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم.
[ عن أبي هريرة ].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بل هو أكثرهم حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
قوله: [ (فعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فحبسه بعدما أقيمت الصلاة) ] أي: صار يتكلم معه، والمقصود من هذا أنه يجوز الكلام بين الإقامة والتكبير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تحدث مع هذا الرجل بين الإقامة والدخول في الصلاة، سواء حصل ذلك من جهة الإمام مع غيره، أو من جهة المأمومين مع بعضهم، كأن يقول البعض مثلاً: تقدم أو تأخر، أو يسوون الصفوف ويكلم بعضهم بعضاً، فلا بأس بذلك، والنبي صلى الله علي وسلم تكلم مع هذا الرجل بعدما أقيمت الصلاة، وهذا يدلنا على جواز الكلام بين الإقامة وبين الدخول في الصلاة فيما فيه مصلحة تعود على الصلاة، مثل الأمر بالتقدم أو التأخر أو غير ذلك من الكلام الذي يجري لمصلحة الصلاة ويدل الحديث أيضاً على أن التابعين والصحابة كانوا إذا سئلوا عن شيء أجابوا فيه بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حسين بن معاذ ثقة، أخرج له أبو داود وحده.
[ عن عبد الأعلى ].
هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد ].
هو حميد بن أبي حميد الطويل ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ثابت البناني ].
ثابت بن أسلم البناني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك رضي الله عنه ].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود رحمه الله حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما، وهو يدل على أن الإمام ينتظرونه قياماً ولا ينتظرونه قعوداً، وهو مخالف للحديث المتقدم حديث أبي قتادة : (إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني) إذ معناه أنهم ينتظرونه وهم قعود.
وهذا الحديث فيه أنهم ينتظرون وهم قيام ولا يقعدون، حيث إن الصلاة أقيمت في منى فتأخر الإمام، فجلس بعضهم، فقال وقوله: [هذا السمود] معناه القعود عند انتظار الإمام.
وقيل: إن المقصود بالسمود هنا أن فيه غفلة. وقيل: إن المقصود به كون الإنسان قائماً ويرفع رأسه، وهو يريد بهذا أن الناس يجلسون ولا يكونون قائمين.
ثم إن الشيخ حدث بهذا الحديث عن البراء بن عازب [ كنا نقوم في الصفوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلاً قبل أن يكبر ].
وهذا الذي جاء في هذا الحديث لا يعارض ما جاء في الأحاديث المتقدمة، وحديث أبي قتادة الذي مر: [ (لا تقوموا حتى تروني) ] يعني: إذا كانوا ينتظرونه وهم قعود، وعلى فرض صحة الحديث هنا فإنهم لا يقومون إذ لم يحضر، وإنما ذلك إذا كان حاضراً وهو يقيم الصفوف ويأمرهم بتسوية الصفوف، فإذا سووا الصفوف دخل في الصلاة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فلا يعني أنهم ينتظرونه، مع أن الحديث فيه إشارة إلى أن الإمام لم يحضر، ولكن الذي أورده لا يدل على أن الإمام لم يحضر، بل يمكن أن يكون قد حضر ولكنه مشغول بتسوية الصفوف فيمضي شيء من الوقت وهم قيام من أجل تسوية الصفوف لا من أجل إن الإمام غير موجود، أما إذا كان غير موجود فكيف ينتظرونه وهم قيام وفي ذلك مشقة عليهم؟! وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ (إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني قد خرجت) ].
والحديث في إسناده ذلك الرجل المبهم الذي هو رجل من أهل الكوفة، فهو غير صحيح، ولا يقاوم ولا يقابل ما صح وثبت مما ترجم له المصنف، وهو أنهم ينتظرونه قعوداً، ولا ينتظرونه قياماً.
وقوله: [ قلت: ابن بريدة قال: هذا السمود ].
يعني أن ابن بريدة هو الذي يقول بأنه لا ينتظر الناس الإمام وهم قيام، بل والناس قعود، وجلة [ هذا السمود ] من كلام ابن بريدة .
قوله: [ فقال لي الشيخ: حدثني عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب رضي الله عنهما أنه قال: (كنا نقوم في الصفوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلاً قبل أن يكبر) ].
هذا ليس فيه دليل على أن الإمام لم يكن قد حضر كما جاء في القصة التي ذكرت هنا، وإنما يمكن أن يكون الإمام موجود بينهم ولكنه يسويهم، ويكون الطول نسبياً في انتظار تسوية الصفوف، لا أن الإمام كان غائباً وهم ينتظرونه.
قوله: [ (إن الله وملائكته يصلون على الذين يلون الصفوف الأول) ].
يعني: الذين يبكرون ويتقدمون ويكملون الصف الأول فالأول.
وقوله: [ (وما من خطوة أحب إلى الله من خطوة يمشيها يصل بها صفاً) ].
معناه أن المشي والتقدم من أجل وصل الصفوف أمر مطلوب ومشروع، وكل صف يكمل، ولا ينشأ الصف الثاني إلا بعد اكتمال الصف الأول، ولا يؤتى بالصف الثالث إلا إذا كمل الصف الثاني، ولا يؤتى بالصف الرابع إلا إذا كمل الثالث وهكذا، فيكمل كل صف أولاً ثم ينشأ الصف الذي وراءه، ولا يصف لصف آخر والذي قبله لم يكتمل، وإنما على الإنسان أن يتقدم ليكمل الصفوف الأول، فقوله: [ (إن الله وملائكته يصلون على الذي يلوون الصفوف الأول) ] يكملون الصف الأول فالأول، ويمشي الواحد من أجل أن يكمل الصف، ولا تبقى فرجة في الصفوف الأول، بل تكمل، ومن المعلوم أن وصل الصفوف وسد الفرج أمر مطلوب، والمقصود أن هذا في غير الصلاة، وإذا كان في الصلاة والإنسان أمامه فرجة والصف قريب وتقدم من صف إلى صف ليسد الفرجة الموجودة فلا بأس بذلك؛ لأن خطوتين أو ثلاثاً في سبيل ذلك لا بأس بها، ولكن كونه يمشي من مسافة بعيدة ويتقدم من صف إلى صف وهو في الصلاة لا ينبغي، وإنما هو في حق من يأتي ولم يدخل في الصلاة، فإن عليه أن يتقدم إلى أن يصل إلى المكان الذي هو الفرجة التي في الصف الذي قبله.
صدوق أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا عون بن كهمس ].
عون بن كهمس مقبول، أخرج حديثه أبو داود .
[ عن أبيه كهمس ].
هو كهمس بن الحسن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ فقال لي شيخ من أهل الكوفة ].
هو شيخ من أهل الكوفة مجهول مبهم لا يُعرف.
[ حدثني عبد الرحمن بن عوسجة ].
عبد الرحمن بن عوسجة ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[ عن البراء بن عازب ].
هو البراء بن عازب رضي الله عنهما، الصحابي الجليل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث فيه هذا الرجل الكوفي المبهم، فهو ضعيف.
أورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: [ (أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم نجي في جانب المسجد) ] يعني: يناجي رجلاً في المسجد، فطالت المناجاة، قال: [ (فما قام إلى الصلاة) ] أي أنه بقي مع ذلك الذي يناجيه [حتى نام القوم] يعني: حصل منهم النعاس، وهذا بعد الإقامة، وهو يدلنا على أن الناس ينتظرون الإمام وهم جلوس، وكذلك الإمام أو غير الإمام له أن يكلم غيره بين الإقامة وبين الدخول في الصلاة.
هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج له: البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا عبد الوارث ].
هو عبد الوارث بن سعيد العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد العزيز بن صهيب ].
عبد العزيز بن صهيب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
هو أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكره.
وهذا من أعلى الأسانيد عند أبي داود ، وهي الرباعيات، حيث يكون بين أبي داود وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام أربعة أشخاص، فهنا: مسدد وعبد الوارث وعبد العزيز بن صهيب وأنس بن مالك ، فهؤلاء أربعة أشخاص بين أبي داود وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهو أعلى الأسانيد عنده؛ لأنه ليس عنده من (الثلاثيات) شيء، بل أعلى ما عنده (الرباعيات).
وبالمناسبة فإن مسلماً مثل أبي داود ، فـمسلم ليس عنده إلا الرباعيات، والنسائي كذلك ليس عنده إلا الرباعيات، فهؤلاء الثلاثة أعلى ما عندهم (الرباعيات) وهم: مسلم وأبو داود والنسائي ، وأما البخاري فعنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وابن ماجه عنده خمسة أحاديث ثلاثية، وكلها بإسناد واحد وذلك الإسناد فيها ضعيف.
أورد أبو داود هذا الحديث، ومعناه أنها تقام الصلاة فإذا كانوا قليلاً فإنه يجلس ينتظر، وإذا كانوا كثيراً فإنه يصلي بالناس ويدخل في الصلاة، وهذا الحديث منقطع؛ لأن سالماً أبا النضر تابعي لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مرسل غير ثابت، وهو غير واضح من جهة المعنى، حيث تقام الصلاة ثم يجلس ينتظر الناس حتى يكثروا، ولعل المقصود أنه ليس المراد بذلك تقام الصلاة، بل حين يأتي وقت إقامة الصلاة وليس معنى ذلك أنه ينتظر بعد أن تقام الإقامة المعروفة بتكبيراتها وألفاظها ثم بعد الإقامة يجلس ينتظر الناس، وإنما يمكن أن يقال: حين تقام الصلاة بمعنى: حين يأتي الوقت الذي تقام فيه الصلاة، وليس المقصود أنه ينادى لها ثم الرسول صلى الله عليه وسلم يترك الدخول في الصلاة لأنهم قلة والحديث غير ثابت؛ لأن فيه الإرسال من سالم أبي النضر ، وهو تابعي وليس بصحابي.
عبد الله بن إسحاق الجوهري ثقة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[ أخبرنا أبو عاصم ].
هو الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن موسى بن عقبة ].
موسى بن عقبة المدني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سالم أبي النضر ].
سالم أبو النضر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
والحديث مرسل؛ لأن سالماً أبا النضر تابعي وليس بصحابي.
أورد أبو داود رحمه الله الحديث السابق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهذا -أيضاً- في إسناده أبو مسعود الزرقي ، وهو مجهول، فيكون الحديث غير صحيح.
قوله: [ حدثنا عبد الله بن إسحاق أخبرنا أبو عاصم عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع بن جبير ].
نافع بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي مسعود الزرقي ].
أبو مسعود الزرقي مجهول، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ عن علي بن أبي طالب ].
هو علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه.
وكلمة: (عليه السلام) التي يؤتى بها بعد ذكر علي رضي الله عنه وذكر الحسن والحسين وفاطمة رضي الله تعالى عنهم ليست من عمل المؤلفين والمصنفين والرواة، وإنما هي من عمل نساخ الكتب، فنساخ الكتب هم الذين يأتون بهذه الكلمات والإضافات، وقد أشار إلى هذا الحافظ ابن كثير في تفسيره عند قول الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، فذكر أنه عندما يذكر علي يقال: عليه السلام، وهذا إنما هو من نساخ الكتب، فهم الذين يأتون بـ (عليه السلام) أو (كرم الله وجهه).
قالوا: والأصل أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يعاملون معاملة واحدة، فيقال عن الواحد منهم: رضي الله عنه، وهذا هو الذي درج عليه السلف، أي أنه يترضى عن جميع الصحابة، ويترحم على من بعدهم، وقد يترحم عليهم ويترضى عمن بعدهم، لكن الذي غلب في الاستعمال أن الترضي يكون للصحابة، والترحم يكون على من بعدهم، وهذا هو المعتمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر