حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم المعنى قال حفص : حدثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر خمساً، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ قال: وما ذاك؟ قال: صليت خمساً، فسجد سجدتين بعدما سلم) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب إذا صلى خمساً، أي: من زاد في الصلاة خامسة في الصلاة الرباعية سهواً ماذا عليه؟
وأورد حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: [ (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر خمساً) ].
وهذا الحديث فيه أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم تابعوه؛ لأن الزمن زمن تشريع، فهم يخشون أن يكون زيد في الصلاة.
وأما بعد زمنه صلى الله عليه وسلم فقد استقرت الأحكام، وانتهى التشريع، فإذا قام الإمام إلى خامسة فإن المأمومين يسبحون ويجلسون ولا يتابعونه؛ لأن هذه زيادة، ولا تجوز الزيادة في الصلاة، والإمام إذا سها فإنه يسبح له حتى يرجع، وإذا استمر فإن على من تحقق أن الركعة زائدة أن يجلس وينتظر حتى يسلم الإمام فيسلم معه، ولا يجوز له أن يتابعه وهو يعلم أنها زائدة.
ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أخبروه سجد سجدتين بعد أن سلم وتكلم معهم، وهذا يدلنا على أن سجود السهو يكون بعد السلام فيما إذا كان عن زيادة.
وهذا الذي في حديث عبد الله بن مسعود في كون الرسول صلى الله عليه وسلم صلى خمساً وسجد بعد السلام مطابق لما جاء في حديث ذي اليدين ، الذي فيه السجود بعد السلام؛ وذلك لأنه زيد في الصلاة تسليم في وسطها، فمن أجل ذلك صار سجود السهو بعد السلام.
وبعض أهل العلم يقول: إن سجود السهو كله يكون قبل السلام، وبعضهم يقول: كله يكون بعد السلام، والذي قال: يكون كله قبل السلام قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما سجد بعد السلام؛ لأنه ذكر بعد السلام، فبعد أن ذكروه سجد للسهو؛ لأنه فات محله الذي هو قبل السلام.
لكن لو كان الأمر كما يقول من قال هذا من أهل العلم لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الواجب هو اتباعه عليه الصلاة والسلام، وقد سجد بعد السلام، فيسجد بعد السلام فيما كان بسبب الزيادة.
وعلى هذا فإن القول الصحيح في سجود السهو: أن ما جاء فيه تفصيل من أن السجود يكون فيه بعد السلام كالزيادة في الصلاة، فيكون السجود فيه بعد السلام، وما كان بسبب نقص في الصلاة مثل ترك التشهد الأول، فإنه يكون قبل السلام، كما سيأتي في حديث عبد الله بن بحينة رضي الله تعالى عنه.
وسيأتي بعض المواضع التي فيها تفصيل في غير الزيادة والنقصان، وذلك فيما إذا حصل شك وبنى على الأقل، فإنه يسجد قبل السلام، وإذا حصل شك في زيادة أو نقص وبنى على غالب ظنه وتحرى الصواب، فإنه يسجد بعد السلام، كما سيأتي من حديث عبد الله بن مسعود في بعض الطرق في هذا الباب الذي معنا.
حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .
[ ومسلم بن إبراهيم ].
هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ المعنى ].
أي أن هذين الشيخين ليست روايتهما متفقة لفظاً ومعنى، وإنما هي متفقة بالمعنى مع الاختلاف في بعض الألفاظ.
أي: أنه ساقه على لفظ حفص، وهو شيخه الأول، وهذه إحدى الطرق التي يبين بها أبو داود من له اللفظ؛ لأنه قد يقول: وهذا لفظ فلان، أو: وهذا لفظه.
وأحياناً قد يبين ذلك بالطريقة التي ذكرها هنا.
[ حدثنا شعبة ].
شعبة هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحكم ].
هو ابن عتيبة الكندي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم ].
هو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن علقمة ].
هو علقمة بن قيس النخعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله ].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
و إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي أكثر من الرواية عن علقمة ، وكذلك عن الأسود ، وحيث جاء إبراهيم مهملاً غير منسوب وهو يروي عن علقمة أو عن الأسود ، فإن المقصود به إبراهيم النخعي .
وسيأتي في هذا الباب رواية إبراهيم بن سويد عن علقمة عن ابن مسعود ، وقد احتيج إلى أن ينص عليه؛ لأنه مُقل من الرواية عن علقمة ، بل لم يرو عن علقمة في الكتب الستة إلا حديثاً واحداً، وأما إبراهيم بن يزيد فهو الذي روى عنه الشيء الكثير؛ ولهذا يأتي مهملاً غير منسوب؛ لأن الذهن ينصرف إليه.
و إبراهيم النخعي هذا هو الذي نقل عنه الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه في كتاب التوحيد قال: قال إبراهيم : كانوا يضربوننا على اليمين والعهد ونحن صغار. يعني: أنهم كانوا يعظمون في نفوسهم اليمين والعهد حتى لا يتساهلوا ويتهاونوا فيهما.
وذكر ابن القيم في زاد المعاد عند حديث الذباب أن أول من عرف عنه في الإسلام أنه عبر بهذه العبارة: (ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه) هو إبراهيم النخعي ، وعنه تلقاها الفقهاء من بعده.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من طريق أخرى وفيه أنه صلى بهم فزاد أو نقص، وهذا شك من إبراهيم ، لكن الرواية السابقة ليس فيها شك، وإنما هي جزم بالزيادة.
وفي الرواية السابقة أنه سجد بعد السلام، وهنا أرشدهم عليه الصلاة والسلام إلى أنه إذا وجد من أحدهم شك فإنه يتحرى الصواب، فيتم الصلاة عليه، ثم بعد ذلك يسلم، ثم يأتي بعد ذلك بالسجدتين ويسلم.
فهذا الحديث فيه ذكر الشك، والحديث الذي قبله ليس فيه ذكر الشك، فيكون الذي فيه عدم ذكر الشك هو الأولى.
قوله: [ (لو حدث شيء لأنبأتكم به) ].
أي: لو حصل زيادة ونسخ وتغيير في الحكم الشرعي وفي أعداد الركعات في الصلوات لأنبأتكم به.
قوله: [ (ثم ثنى رجله واستقبل القبلة فسجد بهم سجدتين) ].
أي: بعد السلام، ثم سلم بعد هاتين السجدتين.
أي: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سجد سجدتي السهو بعد أن ذكروا له ما ذكروا، انصرف إليهم وأقبل عليهم بعد ذلك وقال: [ (لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به، وإنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني) ] وقد مر أن الرسل عليهم الصلاة والسلام يحصل لهم النسيان في العبادات وفي الأعمال، لكنهم لا يقرون على ذلك.
وقوله: [ (فإذا نسيت فذكروني) ].
التذكير يكون بالتسبيح كما تقدم في الأحاديث أنه يسبح الرجال وتصفق النساء.
قوله: [ (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم ليسجد سجدتين) ].
أي: عليه أن يتحرى الصواب سواء كان هو العدد الأكبر أو الأقل.
والحديث فيه بيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سجود السهو يكون بعد السلام إذا حصل شك وتحرى المصلي الصواب فبنى على غالب ظنه.
هو عثمان بن أبي شيبة الكوفي، ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن جرير ].
جرير هو ابن عبد الحميد الضبي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو منصور بن المعتمر الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ].
هؤلاء مر ذكرهم جميعاً.
قال أبو داود : رواه حصين نحو حديث الأعمش ].
أورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أن فيه إشارة إلى بعض الفروق، وأنه تحول وسجد، وقد مر ذلك، إلا أن الألفاظ تختلف؛ فإنه هنا قال: [ (ثم تحول فسجد سجدتين) ].
[ قال أبو داود : رواه حصين نحو حديث الأعمش ].
يعني: حصين بن عبد الرحمن السلمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
هو محمد بن عبد الله بن نمير، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
أبوه ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ].
هؤلاء قد مر ذكرهم.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه من طريق إبراهيم بن سويد عن علقمة ، وهو موافق لبعض روايات إبراهيم النخعي إلا في بعض الألفاظ.
قوله: [ (فلما انفتل توشوش القوم) ].
أي: صار بعضهم يتكلم مع بعض خفية.
قوله: [ (فانفتل فسجد) ].
أي: رجع إلى الحالة التي كان عليها قبل أن ينصرف إليهم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم.
هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا جرير ].
هو ابن عبد الحميد، وقد مر ذكره.
[ ح وحدثنا يوسف بن موسى ].
يوسف بن موسى صدوق أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي وابن ماجة .
[ حدثنا جرير ].
هو ابن عبد الحميد .
[ وهذا حديث يوسف ].
أي: شيخه يوسف بن موسى .
[ عن الحسن بن عبيد الله ].
الحسن بن عبيد الله ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن إبراهيم بن سويد ].
هو إبراهيم بن سويد النخعي ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
وقد ذكرت أنه حيث جاء إبراهيم عن علقمة النخعي مهملاً غير منسوب فالمراد به إبراهيم بن يزيد ، فإذا أريد غيره فإنه ينسب لقلة روايته، وإبراهيم بن سويد ليس له رواية في الكتب الستة عن علقمة إلا هذا الحديث الواحد، أما إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي فله أحاديث كثيرة جداً، يرويها عن علقمة كما هو موجود في تحفة الأشراف.
أورد أبو داود رحمه الله حديث معاوية بن حديج ، مصغراً، وهو بالحاء المهملة، وليس بالخاء، وليس فيه ذكر السجود، ولكن سجود السهو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويمكن أن يكون الحديث فيه اختصار.
وهذا الحديث مثل حديث عمران بن حصين الذي هو آخر حديث في الباب السابق، إلا أن هذا فيه أنه أمر بلالاً فأقام، وفي حديث عمران أنه دخل بدون إقامة، وهذا يدل على حصول الإقامة من بلال بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديث عمران يدل على عدمها.
فالإتيان بها سائغ كما أتى في هذا الحديث، وعدم الإتيان بها سائغ كما جاء في حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.
والإتيان بالإقامة هو ذكر لله عز وجل، فهو ليس كلاماً خارجاً عن الصلاة، أو عما هو مطلوب في الصلاة، ثم أيضاً لعل الإقامة حصلت لأجل تنبيه الناس الذين ما كان عندهم تنبه لذلك.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
الليث بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن أبي حبيب ].
هو يزيد بن أبي حبيب المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن سويد بن قيس ].
سويد بن قيس ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن معاوية بن حديج ].
معاوية بن حديج رضي الله عنه صحابي صغير، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا شك أحدكم في صلاته فليلق الشك وليبن على اليقين، فإذا استيقن التمام سجد سجدتين، فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة والسجدتان، وإن كانت ناقصة كانت الركعة تماماً لصلاته وكانت السجدتان مرغمتي الشيطان).
قال أبو داود : رواه هشام بن سعد ومحمد بن مطرف عن زيد عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث أبي خالد أشبع ].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب من شك في الثنتين والثلاث من قال: يلقي الشك.
ومعناه: أنه يلقي الشيء الذي شك في زيادته ويبني على اليقين الذي هو العدد الأقل، فإذا شك هل صلى ثنتين أو ثلاثاً كان الشك في الثالثة، وأما الاثنتان فهما متحققتان، فهنا يلغي الثالثة، ويبني على العدد الأقل؛ لأنه المتيقن، هذا هو المقصود من الترجمة.
والسجود فيما كان من هذا القبيل هو قبل السلام.
قوله: [ (فإذا استيقن التمام) ].
أي: أتى بالصلاة وأكملها بناءً على أنه ترك الشك الذي هو الثالثة مثلاً، وبنى على المتيقن الذي هو ركعتان، فأتى بركعتين كمل بهما الأربع.
قوله: [ (فإذا استيقن التمام سجد السجدتين) ].
أي: سجد سجدتين قبل أن يسلم.
قوله: [ (فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة والسجدتان) ].
أي: إذا تبين أو احتمل أن الشك الذي ألقاه كان قد أتى به فتكون الركعة خامسة؛ فهذه الخامسة تكون نافلة إن كان الأمر كذلك، وكذلك السجدتان تكونان نافلة؛ لأن السجدتان زائدتان والركعة زائدة.
قوله: [ (وإن كانت ناقصة) ].
يعني: على اعتبار أنها ثنتان، فتكون السجدتان مرغمتين للشيطان؛ لأن الإنسان أتى بصلاته وليس فيها زيادة، إلا هاتان السجدتان، فيكون فيهما إرغام للشيطان، أي: إذلال له؛ لأنه مأخوذ من الرغام وهو التراب، ويقال: أرغم الله أنفه، أي: ألصقه بالتراب.
ووجه إرغام الشيطان: أن الصلاة حصلت على ما هي عليه ليس فيها زيادة.
هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
والإمام أبو داود رحمه الله يذكره باسمه كثيراً، والإمام مسلم رحمه الله يذكره بكنيته.
[ حدثنا أبو خالد ].
هو أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عجلان ].
هو محمد بن عجلان المدني ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن زيد بن أسلم ].
زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء بن يسار ].
عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سعيد ].
هو سعد بن مالك بن سنان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ قال أبو داود : رواه هشام بن سعد ومحمد بن مطرف عن زيد عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم ].
هذه الطريق فيها متابعة لمن تقدم.
وقوله: [ رواه هشام بن سعد ].
هشام بن سعد صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ ومحمد بن مطرف ].
محمد بن مطرف ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زيد عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد ].
هؤلاء قد مر ذكرهم.
وقوله: [ وحديث أبي خالد أشبع ].
يعني: أتم.
أورد المصنف هذا الأثر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى سجدتي السهو المرغمتين) ].
وقد مر ذكر إطلاق الرسول صلى الله عليه وسلم عليهما بأنهما مرغمتان في الحديث السابق، وهذا من ابن عباس رضي الله عنه فيه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم سماهما المرغمتين، أي: المرغمتين للشيطان؛ لأن الصلاة تمت والشك لا يترتب عليه إلا حصول هاتين السجدتين، وفيهما إرغام للشيطان؛ لأنه سجود لله عز وجل بسبب هذا الشك الذي لم يكن له حقيقة في الواقع، والشيطان قد أمر بالسجود فامتنع.
محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ أخبرنا الفضل بن موسى ].
الفضل بن موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن كيسان ].
عبد الله بن كيسان صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود .
[ عن عكرمة ].
هو عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث مرسلاً عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر أبا سعيد ؛ لكنه وإن كان مرسلاً إلا أن الصحابي معروف في الرواية الأخرى التي جاءت تسميته فيها وهو أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه.
وهو مثلما تقدم في متنه.
وقوله: [ (إذا شك أحدكم في صلاته فلا يدري كم صلى ثلاثاً أو أربعاً، فليصل ركعة وليسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم) ]، أي: أنه يبني على اليقين، ويعتبرها اثنتين، ويسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم، فهذا فيه بيان أن السجود يكون قبل التسليم، فيما إذا كان سببه الشك، ثم البناء على اليقين الذي هو العدد الأقل.
قوله: [ (فإن كانت الركعة التي صلاها خامسة شفعها بهاتين) ].
أي: السجدتين، فهما تضافان إليها، وكأنها لما كانت خامسة فأضيف إليها سجدتان صارت صلاة مشفوعة وليست وتراً.
القعنبي هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار ].
قد مر ذكرهما.
قال أبو داود : وكذلك رواه ابن وهب عن مالك وحفص بن ميسرة وداود بن قيس وهشام بن سعد إلا أن هشاماً بلغ به أبا سعيد الخدري ].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي سعيد من هذه الطريق الأخرى، وقال: إنها مثل إسناد مالك ، ومعنى هذا أنها تكون مرسلة؛ لأنها عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس فيه ذكر أبي سعيد الخدري .
ثم إنه ذكر أن جماعة رووه أيضاً كما روي من هذه الطريق، ليس فيه عن أحد ذكر أبي سعيد الخدري إلا عن واحد من هؤلاء الذين رووه وهو هشام بن سعد؛ فإنه بلغ به إلى أبي سعيد الخدري ، ومعنى هذا أنه يكون متصلاً.
لكن المتصل وغير المتصل كل منهما لا بأس به؛ لأن الاتصال ثابت، والإرسال منتفٍ لوجود ومعرفة الصحابي الساقط بين عطاء بن يسار وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسقوط الصحابي لا يؤثر، وإنما المحذور في المرسل ألا يعرف الساقط هل هو صحابي أو تابعي، ثم إذا كان تابعياً: هل هو ثقة أو غير ثقة؟ أما لو عرف أنه ما سقط إلا الصحابي فإن سقوط الصحابي لا يؤثر، وهذه الطرق التي فيها سقوط الصحابي جاء في بعض الطرق إثباته، وهو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وأرضاه. فيكون الحديث متصلاً بذلك.
قوله: [ (إذا شك أحدكم في صلاته فإن استيقن أن قد صلى ثلاثاً فليقم فليتم ركعة بسجودها ثم يجلس فيتشهد)].
معناه: أنه يبني على اليقين، فإذا تحقق بأنه صلى ثلاثاً وإنما الشك في الرابعة، فإنه يقوم ويأتي برابعة ويقطع الشك باليقين، ثم يتشهد ويسجد سجدتين قبل أن يسلم.
قتيبة هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن القاري ].
يعقوب بن عبد الرحمن القاري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن زيد بن أسلم ].
زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ بإسناد مالك ].
يعني: عن زيد بن أسلم عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإسناد مالك هو الذي تقدم قبل هذا، وفيه: أن مالكاً عن زيد بن أسلم روى الحديث عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وهذا مثله مرسل، لكن الإرسال لا يؤثر؛ لأن الساقط صحابي وهو أبو سعيد ، وقد عرف بالطرق الأخرى.
[ قال أبو داود : وكذلك رواه ابن وهب عن مالك وحفص بن ميسرة وداود بن قيس وهشام بن سعد ، إلا أن هشاماً بلغ به أبا سعيد الخدري ].
هؤلاء كلهم ذكروه على الإرسال مثلما جاء عن مالك ، إلا أن هشام بن سعد ذكر المحذوف الذي هو أبو سعيد كما سبق.
و ابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وحفص بن ميسرة ثقة ربما وهم، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود في المراسيل والنسائي وابن ماجة .
والحافظ قال: أخرج له أبو داود في المراسيل، مع أنه موجود في السنن، لكنه لم يأت في الأسانيد المتصلة، وإنما جاء في التعاليق، ومن المعلوم أن الذين يذكرون في رجال أبي داود هم الذين يأتون بالأسانيد المتصلة، ولهذا قال في هذا الرجل الذي ذكره أبو داود هنا: روى له أبو داود في المراسيل، ولم يذكر روايته في السنن؛ لأنه لم يرو عنه، وإنما ذكره في التعاليق.
و داود بن قيس ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
و هشام بن سعد صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
الجواب: إذا كان يعلم أنها خامسة فلا يوافقه فيها؛ لأن هذا شيء زائد، وأما إذا كان لا يعلم شيئاً فهو معذور.
الجواب: إذا كان سجود السهو قبل السلام فإنه يسجد مع الإمام؛ لأنه لا يخرج عن الإمام إلا بعد السلام، وإن كان سجود السهو بعد السلام فقد اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من قال: إذا قام المسبوق ثم سجد الإمام فإنه يرجع ليسجد معه ثم يقوم، ومنهم من قال: لا يرجع ولكنه يستمر، وعند انتهائه من صلاته يسجد للسهو.
الجواب: ورد في الحديث ما يدل على ذلك، وأنها مستثناة من المنع، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي، فلما سأله وأخبره بذلك أقره صلوات الله وسلامه وبركاته عليه على ذلك، فيجوز للإنسان إذا فاتته ركعتا الفجر أن يصليهما بعد الصلاة، وله أن يصليهما في الضحى، لكن صلاته بعد الصلاة سائغة وجائزة، وقد جاءت في ذلك السنة عن رسول الله صلى عليه وسلم.
الجواب: الذي أعرفه أنه ليس بصحيح، وقد ذكره شارح الطحاوية عن بعض العلماء.
الجواب: لا أعلم أن هذا حديث.
الجواب: لا بأس، فكون الإنسان يغتسل ويتهيأ ويلبس إزاره ورداءه، فإذا جاء إلى الميقات فإنه ينزل ويصلي فيه إن أراد ويحرم، وإلا فإنه إذا حاذى المسجد والسيارة ماشية في الطريق فإنه ينوي ويلبي.
الجواب: إذا كان عنده وسواس فإنه يطرح الوسواس، وأما إذا تيقن أنه لم يقرأ الفاتحة فعليه أن يأتي بركعة، والمأمومون معلوم لا يعلمون الواقع؛ فهي زائدة، فلا يتابعوه.
ثم هذا في الإمام الذي تحقق بأنه قد نسي، أما إذا كان مجرد شك أو وسواس، فإنه يطرحه ولا يلتفت إليه.
الجواب: الذي ينبغي للإنسان ألا يغيب مثل هذه الغيبة الطويلة، وإذا احتاج الأمر إلى ذلك فإنه يكون عن تفاهم بينه وبينها على هذا الشيء.
الجواب: ما يقضيه المسبوق هو آخر صلاته وليس أولها، فإذا كان مسبوقاً بركعتين فقد بقي عليه ركعتان هما آخر صلاته، وآخر الصلاة ليس فيه جهر، وأما إذا كان مسبوقاً بثلاث ركعات، فالأولى منها محل جهر، فإذا كان يتأذى بجهره أحد فلا يجهر، وإذا كان لا يتأذى بجهره أحد فإنه يجهر في الركعة الأولى التي يقضيها وهي ثانية، بالإضافة إلى الركعة التي أدركها مع الإمام.
الجواب: تكرار العمرة من التنعيم لم يأت دليل يدل عليه إلا ما جاء في قصة عائشة ، وكان بسبب ظرف خاص حصل لها، ولكن يمكن تكرار العمرة إذا سافر المرء إلى المدينة ثم رجع إلى مكة مرة أخرى؛ لأن هذه عمرة مشروعة؛ لأنه أحرم من الميقات. والله أعلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر