حدثنا ابن المثنى حدثنا أبو داود حدثنا أبان بن يزيد عن قتادة عن أبي سعيد من أزد شنوءة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بثلاث لا أدعهن في سفر ولا حضر: ركعتي الضحى، وصوم ثلاثة أيام من الشهر، وألا أنام إلا على وتر) ].
كون الإنسان يأتي بوتره قبل أن ينام هذا فيه تفصيل: فإذا كان الإنسان لا يثق أن يقوم آخر الليل فلا ينام إلا وقد أوتر، وأما إذا كان يثق من قيام آخر الليل فيكون وتره في آخر الليل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وتراً).
وقوله عليه الصلاة والسلام: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر له ما قد صلى).
والوتر يكون في أول الليل ووسطه وآخره، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه أوتر من أول الليل ووسطه وآخره وانتهى وتره إلى السحر)، وأنه مات صلى الله عليه وسلم وكان يوتر في آخر الليل.
إذاً: من وثق بأنه يقوم آخر الليل فليجعل وتره في آخر الليل، ومن لم يكن كذلك فليوتر قبل أن ينام؛ لئلا يعرض وتره للفوات بأن يغلبه النوم فلا يستيقظ إلا بعد أن ينتهي وقت الوتر الذي هو طلوع الفجر.
قوله: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أدعهن في سفر ولا حضر: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أنام على وتر)] يعني: أنه يوتر قبل أن ينام، والحديث ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة ، لكن ليس فيه ذكر الحضر والسفر، وإنما ثبت عن أبي هريرة في صحيح البخاري ومسلم أنه قال: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام) وهذا يدل على الاهتمام والعناية بهذه الأمور الثلاثة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بها.
وقول أبي هريرة: [خليلي] لا ينافي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت
قوله: (ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام)، رواية الصحيحين ليس فيها ذكر الحضر والسفر، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يترك الوتر لا في الحضر ولا في السفر، والنبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه أنه كان يصوم ويفطر في السفر، ولكن حيث وجدت المشقة فالفطر أفضل، وحيث لم توجد فإنه لا بأس بالصيام.
وركعتا الضحى جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة في حديث أم هانئ : (أنه صلى ثمان ركعات وذلك ضحى) فيحتمل أن تكون هي صلاة الضحى ويحتمل أن تكون شكراً لله عز وجل على الفتح الذي حصل له، وهو فتح مكة.
هو محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب بـالزمن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو داود ].
هو سليمان بن داود الطيالسي ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[حدثنا أبان بن يزيد ].
هو أبان بن يزيد العطار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن قتادة عن أبي سعيد من أزد شنوءة ].
أبو سعيد من أزد شنوءة وهو مقبول، أخرج له أبو داود .
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.
وهذا الرجل الذي جاء في الإسناد وهو مقبول لا يؤثر؛ لأن الحديث جاء في الصحيحين من رواية أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة فالحديث صحيح.
حديث أبي الدرداء مثل حديث أبي هريرة في ذكر الثلاث، وفيه أيضاً ما في حديث أبي هريرة أن سبحة الضحى في الحضر والسفر، لكن الحديث الذي ورد في صحيح مسلم ليس فيه ذكر الحضر والسفر، بل فيه قوله: (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث) وذكر الثلاث.
وهذا مثل حديث أبي هريرة ويدل على ما دل عليه حديث أبي هريرة، وهي التوصية بهذه الثلاث.
عبد الوهاب بن نجدة ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[حدثنا أبو اليمان ].
هو الحكم بن نافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن صفوان بن عمرو ].
صفوان بن عمرو وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي إدريس السكوني ].
أبو إدريس السكوني مقبول، أخرج له أبو داود .
[ عن جبير بن نفير ].
جبير بن نفير وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي الدرداء ].
هو عويمر بن زيد رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف حدثنا أبو زكريا يحيى بن إسحاق السيلحيني حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لـأبي بكر رضي الله عنه: (متى توتر؟ قال: أوتر من أول الليل، وقال لـ
عرفنا في الحديثين السابقين أن للإنسان في الوتر حالتين: إن كان يثق من نفسه أن يقوم آخر الليل فإنه يوتر آخر الليل، وإن كان لا يثق من نفسه أن يقوم آخر الليل فعليه أن يوتر قبل أن ينام.
إذاً الذي تقتضيه الأدلة وتدل عليه أن الإنسان يكون على هاتين الحالتين، وقد مرت جملة من الأحاديث في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تتعلق بالوتر قبل النوم، ومنها حديث أبي هريرة السابق: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث وذكر منها: وأن أوتر قبل أنام).
قوله: عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـأبي بكر : متى توتر؟ فقال: في أول الليل، وقال لـعمر: متى توتر؟ فقال: في آخر الليل، فقال عليه الصلاة والسلام في حق أبي بكر: (أخذ هذا بالحزم) وقال في حق عمر: (أخذ هذا بالقوة) أي: أن كلاً منهما ممدوح ومحمود على فعله.
وقوله: (أخذ هذا بالحزم) يعني: ضبط الأمور والحذر من فوات الشيء ومن عدم الإتيان بالمطلوب وهو الوتر؛ لأن الإنسان إذا أوتر قبل أن ينام فقد اطمأن إلى أنه أدى ما هو مطلوب منه.
ومعلوم أن الوتر يكون في أول الليل ووسطه وآخره، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أوتر من أول الليل ووسطه وآخره، فكل ذلك سائغ، وكل ذلك جاءت به السنة.
قوله: (أخذ هذا بالقوة) والقوة هي النشاط.
إذاً: الذي أخذ بالحزم والذي أخذ بالقوة كل منهما محمود.
والحديث يدلنا أيضاً على أن الوتر يكون أول الليل ويكون آخره؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر هذا وأقر هذا، وكان صلى الله عليه وسلم يوتر من أول الليل ومن وسطه ومن آخره.
محمد بن أحمد بن أبي خلف ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود .
[ حدثنا أبو زكريا يحيى بن إسحاق ].
أبو زكريا يحيى بن إسحاق وهو صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا حماد بن سلمة ].
حماد بن سلمة وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن ثابت ].
هو ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن رباح ].
عبد الله بن رباح وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي قتادة ].
هو أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهور بكنيته، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الجواب: مسألة التجويد والتغني بالدعاء في الوتر كالقرآن، نقول: يؤتى به بدون تغن وبدون تجويد.
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال) فاللفظ عام يشمل شوال كله، سواء كانت متصلة أو متفرقة، ولكن المبادرة أولى؛ لأن فيها مسارعة إلى الخير، ولأن فيها الأخذ بالحزم، والإنسان إذا بادر بصيامها لا يعرض تلك الأيام للذهاب، بخلاف ما لو أخرها فقد تأتي عوارض ومشاغل فتمنع الإنسان من صيامها لاسيما إذا كان في آخر الشهر، لكنه إذا بادر يكون قد أدى هذا الأمر المستحب.
وهذا فيما إذا لم يكن عليه صوم من رمضان، أما إذا كان عليه صوم من رمضان فإنه يبادر إلى قضاء ما عليه ولا يأتي بالنوافل قبل أداء ما عليه من الفرض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال)، والذي عليه صيام من رمضان لا يقال: صام رمضان؛ لأن ذمته لا زالت مشغولة بشيء من رمضان.
ثم أيضاً صيام الفرض دين على الإنسان، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (دين الله أحق أن يقضى) فكونه يبادر إلى قضاء الدين قبل أن يشتغل بالنوافل هذا أمر مطلوب، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري قال: قال بعض الأكابر: من شغله الفرض عن النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور. يعني: المغرور من يترك ما أوجب الله عليه ويأتي بشيء لم يوجبه الله عليه.
الجواب: تعمد الصلاة خلف قبره صلى الله عليه وسلم سواء في الصف أو بدون صف لا يجوز، وكون الإنسان لا يدري هل هو وراء القبر أو لا لا يؤثر، ولكن المحذور هو أن يتعمد الصلاة خلف القبر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها).
فتعمد استقبال القبر مثل الذين يذهبون إلى المكان الذي يسمونه دكة الأخوات فيجلسون عليه ويتركون الصفوف الأول ويأتون مبكرين، فهؤلاء بلا شك متعمدون للوقوع فيما حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم إذا كانوا يعلمون ذلك؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها).
الجواب: القنوت قبل الركوع وبعده كل ذلك سائغ، وسواء حصل فيه ختم إذا كان قبل الركوع أو حصل ختم القنوت قبل الركوع وبعده فكله سائغ، لكن أن يأتي بدعاء قبل الركوع ودعاء بعده، فلا نعلم لدعاء الختم شيئاً يدل عليه، ولكن بعض العلماء يجيزه ومنهم شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه؛ لأنه يرى أن دعاء ختم القرآن لا بأس به، ويذكر أن مما يدل عليه ما جاء في قصة أبي بكر رضي الله عنه حيث رفع يديه وهو قائم عندما قال له صلى الله عليه وسلم: (مكانك) لما أراد أن يتأخر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء وهو يصلي بالناس، وكان لا يريد أن يكون إماماً للنبي صلى الله عليه وسلم فأراد أن يتأخر فقال له صلى الله عليه وسلم: (مكانك! فرفع يديه وقال: اللهم لك الحمد) قال: فهذا من جملة ما يدل على مثل هذا؛ لكن نحن لا نعلم فيه دليلاً خاصاً يدل على ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء عن بعض العلماء فعله وجوازه.
إذاً: إذا حضر الإنسان دعاء الختم فعليه أن يصلي وراء من يختم ولا يتخلف عن الصلاة عنه، ولو كان يرى أن ذلك غير سائغ أو غير ثابت؛ لأن الموافقة في مسائل الخلاف أمر مطلوب.
بل هناك شيء أعظم من هذا وهو أن بعضهم يرى أن هذا ينقض الوضوء وهذا لا ينقض الوضوء ويصلي هذا وراء هذا؛ لأنه لا يسوغ التفرق ولا تسوغ المخالفة.
الجواب: نعم له ذلك، لكن لا يكون بالمكبر، ولا بصوت الأذان، وإنما بينه وبين نفسه مثل الناس، فالأذان لا يزاد عليه شيء ولا يؤتى بشيء يرفع معه، وإنما يؤتى بألفاظ الأذان وحدها دون أن يضاف إليها شيء، لكنه يقول ذلك بينه وبين نفسه كغيره.
الجواب: للمأموم أن يجهر بالتأمين.
الجواب: الهجر لا ينبغي أن يكون إلا لأمر يقتضيه، ثم مع وجود الأمر الذي يقتضيه إنما يكون حيث يترتب عليه فائدة ويترتب عليه مصلحة، وهي انتفاع المهجور بهجر الهاجر، أما إذا كان لا يترتب عليه مصلحة فالأولى عدم هجره وكثرة توجيهه وإرشاده وتكرار نصحه ولعله يستفيد من ذلك.
الجواب: لا يبطل صومه؛ لأن الشيء الذي دخل من غير اختياره لا يضره.
الجواب: لا يكفي لباس الإحرام؛ لأن الإحرام ليس هو النية، إنما النية تكون عند الميقات ولو وجدت النية قبل الميقات صح، والإحرام إنما يكون بالنية لا بمجرد لبس اللباس، وكون الإنسان يلبس اللباس ويتهيأ للإحرام هذا استعداد للإحرام وليس إحراماً، فلا يكفي ذلك، بل لابد من النية سواء عند الميقات أو قبل الميقات؛ لأنه لو وجدت النية قبل الميقات صح ذلك.
الجواب: خروج المذي لا يفسد الصوم.
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن مسلم عن مسروق قال: قلت لـعائشة رضي الله عنها: (متى كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ قالت: كل ذلك قد فعل، أوتر أول الليل ووسطه وآخره، ولكن انتهى وتره حين مات إلى السحر) ].
يعني: وقت الوتر يكون من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر هذا وقت الوتر.
قوله: [ (متى كان يوتر الرسول صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كل ذلك قد فعل، أوتر أول الليل ووسطه وآخره، ولكن انتهى وتره حين مات إلى السحر)] أي: أنه كان يوتر من أول الليل ومن وسطه ومن آخره، ولكنه في آخر حياته صلى الله عليه وسلم وقرب وفاته كان يوتر في السحر، أي: آخر الليل صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وهذا يدلنا على أن الوتر يكون في الليل كله، بعد صلاة العشاء أول الليل، ومن وسطه، وآخره.
هو أحمد بن عبد الله بن يونس وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو بكر بن عياش ].
أبو بكر بن عياش وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مسلم ].
هو مسلم بن صبيح أبو الضحى وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مسروق ].
هو مسروق بن الأجدع وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال: قلت لـعائشة ].
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: (بادروا الصبح بالوتر)] يعني: بادروا بالوتر قبل أن يأتي الصبح وأنتم لم توتروا؛ لأنه إذا طلع الصبح انتهى وقت الوتر.
وهذا يدل على أن وقت الوتر يكون في آخر الليل، كما أنه يكون في أوله وفي وسطه.
قوله: [حدثنا هارون بن معروف ].
هارون بن معروف ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود .
[ حدثنا ابن أبي زائدة ].
هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني عبيد الله بن عمر ].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري المصغر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
هو نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم.
قال أبو داود : وقال غير قتيبة : تعني في الجنابة ].
قوله: [ (سألت عائشة عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: ربما أوتر من أول الليل، وربما أوتر من آخره)] أي: أنه يوتر من أول الليل أحياناً، ويوتر من آخره أحياناً، وسبق حديثها الذي فيه أنه أوتر من أوله ووسطه وآخره، وأنه انتهى وتره إلى السحر في آخر حياته عليه الصلاة والسلام، فهذا يدل على أن وقت الوتر يكون في أول الليل ويكون في آخره.
قوله: [ (قلت: كيف كانت قراءته، أكان يسر بالقراءة أم يجهر؟ فقالت: ربما أسر وربما جهر)] أي: أنه صلى الله عليه وسلم كان يجهر أحياناً ويسر أحياناً، وهذا على حسب الفائدة والمصلحة، فإن الذي يصلي بالليل يمكن أن يكون جهره في بعض الأحيان أنشط، وذلك حيث لا يتأذى بجهره أحد، ويمكن أن يطيل الإنسان القراءة ويتعب فيحتاج إلى الإسرار، وأيضاً قد يكون حوله من يتأذى بجهره فيسر، فالحاصل أنه يراعى في ذلك المصلحة، فيجهر في صلاة الليل ولكنه إذا اقتضى الأمر الإسرار فإنه يسر، وإلا فإن صلاة الليل يجهر بها، ولهذا أسر النبي صلى الله عليه وسلم وجهر.
قولها: [ (وربما اغتسل فنام وربما توضأ فنام) ].
أي: أنه يغتسل من الجنابة أحياناً وينام، وأحياناً يتوضأ وينام دون أن يغتسل.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث بن سعد ].
هو الليث بن سعد المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معاوية بن صالح ].
معاوية بن صالح وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن أبي قيس ].
عبد الله بن أبي قيس وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.
[ قال: سألت عائشة ].
عائشة قد مر ذكرها.
يعني: أنه ذكر الاغتسال والوضوء ولم يذكر الجنابة في رواية قتيبة، وفي رواية غير قتيبة ذكر أنه اغتسل ونام أو توضأ ونام حيث تكون عليه جنابة.
لكن جاء ما يدل على أنه يرخص للجنب أن ينام من غير وضوء ولا اغتسال.
قوله: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)] يعني: أن الوتر يكون في آخر الليل كما يكون في أوله، وتختم به صلاة الليل، وهو مثل ما جاء في الحديث: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر ما مضى).
هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المحدث الفقيه الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا مسدد حدثنا ملازم بن عمرو حدثنا عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق قال: زارنا طلق بن علي رضي الله عنه في يوم من رمضان وأمسى عندنا وأفطر، ثم قام بنا الليلة وأوتر بنا، ثم انحدر إلى مسجده فصلى بأصحابه، حتى إذا بقي الوتر قدم رجلاً فقال: أوتر بأصحابك. فإني سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا وتران في ليلة) ].
قوله: [باب في نقض الوتر] المقصود بنقض الوتر كون الإنسان إذا أوتر في أول الليل ثم قام في آخر الليل فإنه يأتي بركعة مفردة يضمها إلى الركعة السابقة التي ختم بها صلاته الأولى، فيكون بفعله هذا كأنه نقض الوتر الأول؛ لأنه جاء بركعة متأخرة أضيفت إليه وضمت إليه فصار بذلك كأن الوتر لم يوجد.
هذا هو المراد بنقض الوتر، وقد قال به بعض أهل العلم، ولكن جمهورهم على خلافه، وأبو داود رحمه الله لما أورد هذه الترجمة أورد الحديث الذي يدل على خلافه، في أنه لا يجوز نقض الوتر، لكن لو صلى الإنسان أول الليل وأوتر ثم بدا له أن يصلي بعد ذلك فإنه يصلي ولا يوتر.
ومما يدل على ذلك أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بعض الأحيان بعدما يوتر يصلي ركعتين وهو جالس، وهذا فيه دلالة على أن الصلاة بعد الوتر جائزة.
إذاً: أبو داود لم يأت بشيء يدل على هذه الترجمة بل أتى بشيء يدل على خلافها، وهو أنه لا ينقض الوتر؛ لأن هذا النقض إنما هو تكرار للوتر، فالقول بأن هذا نقض للوتر ليس بواضح.
قوله: [ أن طلق بن علي اليمامي رضي الله عنه جاء إلى جماعة وفيهم ابنه علي بن طلق وأفطر عندهم وصلى بهم وأوتر، ثم انحدر إلى قومه وصلى بهم، ولما بقي الوتر قدم واحداً من أصحابه وقال: أوتر بأصحابك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا وتران في ليلة] يعني: أنه لا يريد أن يوتر لأنه قد أوتر، وهذا يدلنا على أن الإنسان إذا أوتر في أول الليل أو في أثناء الليل ثم قام في آخر الليل فله أن يصلي ما شاء من النوافل شفعاً، ولكنه لا يوتر مرة أخرى؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا وتران في ليلة) يعني: أن الليلة الواحدة ليس فيها وتران بل فيها وتر واحد.
هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[حدثنا ملازم بن عمرو ].
هو ملازم بن عمرو اليمامي، وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[ حدثنا عبد الله بن بدر ].
هو عبد الله بن بدر اليمامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[ عن قيس بن طلق ].
هو قيس بن طلق بن علي، وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[ عن طلق بن علي ].
هو طلق بن علي اليمامي وهو صحابي، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
وهذا الإسناد فيه أربعة كلهم يماميون وكلهم أخرج لهم أصحاب الكتب الأربعة، وهم: ملازم وعبد الله بن بدر وقيس بن طلق وطلق بن علي .
والله تعالى أعلم.
حدثنا داود بن أمية حدثنا معاذ -يعني ابن هشام - حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال: والله لأقربن لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الصبح، فيدعو للمؤمنين ويلعن الكافرين ].
هذه الترجمة: [باب القنوت في الصلوات] أي: القنوت في النوازل وليس القنوت في الوتر؛ لأنه انتهى ما يتعلق بالوتر والقنوت فيه، فبدأ بما يتعلق بالقنوت في الصلوات المفروضة، والقنوت في الصلوات المفروضة إنما يكون في النوازل وذلك في الصلوات الخمس كلها، وليس القنوت خاصاً بصلاة دون صلاة، بل هو ثابت في جميع الصلوات.
قوله: [لأقربن لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة الصبح، فيدعو للمؤمنين ويلعن الكافرين] هذا يدل على أن القنوت في الصلوات سائغ، ولكنه إنما يكون في النوازل لا يكون دائماً وأبداً، ولا يكون في صلاة دون صلاة، وإنما يكون في جميع الصلوات، ومنها الجمعة لأنها بدل الظهر.
والنوازل هي المصائب أو البلاء الذي ينزل بالمسلمين والخطر الذي يحدق بالمسلمين.
وإذا قنت في صلاة سرية فإنه يجهر به.
داود بن أمية ثقة أخرج له أبو داود وحده.
هو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني أبي ].
أبوه هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن أبي كثير ].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.
الدعاء يكون على حسب النازلة وعلى حسب ما يتعلق بها، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو لأناس ويدعو على أناس -كما سيأتي- بأسمائهم، فلقد كان صلى الله عليه وسلم يدعو لأناس من المستضعفين ويدعو على أناس من الكفار الذين يؤذونهم.
أما اللعن العام كما هو معلوم فسائغ؛ وذلك لقوله تعالى: فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ [البقرة:89]، أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18] يعني: أن اللعن بالوصف جاء في القرآن والسنة.
قوله: [إن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقنت في صلاة الصبح وصلاة المغرب] هذا مثل الذي قبله إلا أنه هناك ذكر الظهر والعشاء والفجر، وهنا ذكر الفجر والمغرب، فتكون الأربع الصلوات ذكرت في هذين الحديثين.
هو هشام بن عبد الملك الطيالسي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ومسلم بن إبراهيم ].
هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وحفص بن عمر ].
هو حفص بن عمر بن سخبرة وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ح وحدثنا ابن معاذ ].
هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثني أبي ].
أبوه هو معاذ بن معاذ العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قالوا كلهم].
أي: الأربعة الذين هم: أبو الوليد الطيالسي ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي وحفص بن عمر ومعاذ بن معاذ العنبري هؤلاء الأربعة قالوا: حدثنا شعبة .
[حدثنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن مرة ].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن أبي ليلى ].
هو عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن البراء ].
هو البراء بن عازب رضي الله عنهما وهو صحابي ابن صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا الوليد حدثنا الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (قنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صلاة العتمة شهراً يقول في قنوته: اللهم نج
قوله: (قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة العتمة شهراً)].
صلاة العتمة هي العشاء، وهذا يوافق حديثه المتقدم أنه قنت في الظهر والعشاء والفجر، وهذا فيه أنه قنت شهراً يدعو لأناس وعلى أناس، يدعو للوليد بن الوليد وسلمة بن هشام ثم عطف عليهم لفظاً عاماً حيث دعا للمستضعفين من المسلمين؛ لأن هؤلاء مستضعفون، فسمى من سمى وعم بعد ذلك بحيث يشملهم ويشمل غيرهم.
وهذا فيه دليل على أن الدعاء لشخص أو لأشخاص بأسمائهم لا يؤثر في الصلاة وأنه لا بأس به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماهم فلان بن فلان، وكذلك الدعاء على أناس بأسمائهم لا بأس به.
قوله: [ (اللهم نج
يعني: أنه صلى الله عليه وسلم دعا لهؤلاء المستضعفين بأن ينجيهم الله ويخلصهم من أعدائهم الذين يؤذونهم في سبيل الله عز وجل.
قوله: (اللهم اشدد وطأتك على مضر)] أي: اللهم اشدد وطأتك على مضر الذين يؤذون هؤلاء المستضعفين.
قوله: [ (واجعلها عليهم سنين كسني يوسف) ]. أي: قحطاً وجدباً كالسنين الشداد السبع التي جاءت في قصة يوسف والرؤيا التي رآها الملك، والمقصود بذلك أن ينزل فيهم من البلاء ومن الشدة ما يضعفهم ويجعلهم لا يتمكنون من إيذاء المسلمين المستضعفين الذين كانوا يؤذنونهم في سبيل الله عز وجل.
قوله: [ (قال
يعني: أن أبا هريرة رضي الله عنه أصبح يوماً ولم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم يدعو كعادته فذكر ذلك له، فذكر له عليه الصلاة والسلام أنهم قد قدموا وخلصهم الله من أعدائهم.
عبد الرحمن بن إبراهيم لقبه دحيم وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا الوليد ].
هو الوليد بن مسلم الدمشقي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الأوزاعي ].
هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ].
وقد مر ذكر الثلاثة.
قوله: [ (قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخمس شهراً متتابعاً) ] يعني: ظل شهراً كاملاً يقنت في الصلوات الخمس على قبائل من بني سليم.
قوله: [ (على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه) ] يعني: أنه يجهر بالدعاء ومن وراءه يؤمن، وهذا فيه الدلالة على الجهر بالقنوت، وأن الذين وراء الإمام يؤمنون على دعائه الذي يدعو به، وفيه دليل على القنوت في جميع الصلوات.
وقنوت النوازل ثبت فيه رفع اليدين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما قنوت الوتر فلم يأت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء فيما أعلم، ولكنه جاء عن بعض الصحابة مثل أبي هريرة .
عبد الله بن معاوية الجمحي ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ حدثنا ثابت بن يزيد ].
ثابت بن يزيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هلال بن خباب ].
هلال بن خباب صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن عكرمة ].
هو عكرمة مولى ابن عباس وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس ]
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما التقييد بشهر في الحديث الأول والثاني فلا يعني أن تقيد به جميع النوازل، ولكن إذا ارتفعت النازلة ولو بوقت يسير ترك الدعاء، كما جاء في قصة أبي هريرة أنه قنت شهراً ثم أصبح لم يدع؛ وذلك لأن الذين كان يدعو لهم قدموا.
والقيد هنا لبيان الواقع الذي قد حصل.
يعني: في آخرها، وذلك في الركعة الأخيرة؛ لأن دبر الشيء هو آخره أو ما يلي آخره، وأدبار الصلوات هي أواخرها وما يلي أواخرها، ولهذا يأتي التعبير بالدبر فيما هو داخل الصلاة في آخرها وفيما هو بعدها، مثل ما جاء في الحديث: (تكبرون وتهللون وتسبحون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين) أي بعد الصلاة، فيقال له: دبر، وفي هذا الحديث الذي معنا قال: [دبر كل صلاة] يعني: في آخر ركعة منها بعد الركوع.
قوله: [ (سئل: هل قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح؟ فقال: نعم، فقيل له: قبل الركوع أو بعد الركوع؟ قال: بعده بيسير) ].
جاء في صحيح البخاري : (يسيراً) يعني: أنه قنت قليلاً بعد الركوع، ومفهومه: أنه قنت كثيراً قبل الركوع.
وكلمة: (يسير) المراد بها القنوت بعد الركوع.
حديث ابن عباس يدل على أن القنوت بعد الركوع، وحديث أنس يدل على أنه يكون قبل الركوع وبعد الركوع؛ لأن قوله: (يسيراً) يفهم منه ذلك، وقد جاء مصرحاً عنه أنه لما قيل له: (إنك تقول: إنه بعد الركوع، قال: كذب فلان) كما في صحيح البخاري .
وكون القنوت بعد الركوع كان يسيراً قليلاً والأكثر قبل الركوع، هذا الذي يفهم من حديث أنس ، لكن حديث ابن عباس أنه قنت شهراً متتابعاً، وهذا على حسب علم أنس ، لكن رواية البخاري : (قنت يسيراً) وضحت قول أنس (بيسير).
والقنوت قبل الركوع أو بعده جائز، وكذلك في الوتر، إلا أن أكثر الروايات جاءت في أن القنوت بعد الركوع، وهناك الروايات جاءت قبل الركوع كما في الوتر، ولكنه جاء عند البيهقي من طريق شخص يقال له: أبو بكر بن شيبة -وهو من رجال البخاري- أنه قبل الركوع، وأنه بعد الركوع في الوتر.
قال في عون المعبود: مما يقويه ويدل عليه فعل الخلفاء الراشدين الأربعة فإنهم كانوا يقنتون بعد الركوع.
وأنا كنت أفهم أن معنى قوله: (بيسير) أنه كان يسكت قليلاً بعد الركوع حتى يقول: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ثم يدعو، لكن لما رأيت في البخاري قوله: (قنت يسيراً بعد الركوع)، وشرحها الحافظ ابن حجر بقوله: يفهم منه أنه كان يقنت كثيراً قبل الركوع، تبين لي المقصود من ذلك.
سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ومسدد ].
مسدد مر ذكره.
[ قالا: حدثنا حماد ].
هو حماد بن زيد وهو ثقة، إذا جاء سليمان بن حرب ومسدد كل منهما يروي عن حماد غير منسوب فالمراد به حماد بن زيد .
[ عن أيوب ].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد ].
هو محمد بن سيرين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
قوله: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً ثم تركه)] سبق أن مر أنه تركه لحصول المقصود، ففي حديث أبي هريرة : (أنهم قدموا).
قوله: [حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا حماد بن سلمة ].
مر ذكرهما.
[ عن أنس بن سيرين ].
أنس بن سيرين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك مر ذكره.
وأعلى الأسانيد عند أبي داود الرباعيات وهذا منها.
قوله: [ (فلما رفع رأسه من الركعة الثانية قام هنية) ].
لعل المراد بهذا أنه قام هنية ليقنت.
قوله: [حدثنا مسدد حدثنا بشر بن مفضل ].
بشر بن مفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا يونس بن عبيد ].
مر ذكره.
[ عن محمد بن سيرين ].
مر ذكره.
قوله: [عمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم].
مذكور في المبهمات أنه أنس بن مالك .
حدثنا هارون بن عبد الله البزاز حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا عبد الله -يعني: ابن سعيد بن أبي هند - عن أبي النضر عن بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: (احتجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد حجرة، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخرج من الليل فيصلي فيها، قال: فصلوا معه بصلاته -يعني رجالاً- وكانوا يأتونه كل ليلة، حتى إذا كان ليلة من الليالي لم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فتنحنحوا ورفعوا أصواتهم، وحصبوا بابه، قال: فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مغضباً فقال: يا أيها الناس! ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أن ستكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة) ].
قوله: [ باب في فضل صلاة التطوع في البيت ] وردت أحاديث كثيرة تدل على أن صلاة النافلة في البيوت أفضل من صلاتها في المساجد؛ وذلك لأن البيوت لها نصيب من الصلاة، وأيضاً لأن الصلاة في البيوت أبعد عن الرياء؛ لأن فيها إخفاء العمل، ولا يحصل ذلك إلا في البيت بخلاف المسجد.
إذاً: جاءت السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في أحاديث عديدة بفضل الصلاة في البيت وأنها أفضل من الصلاة في المسجد إلا المكتوبة؛ لأن صلاة الجماعة واجبة ولا يجوز للإنسان أن يتخلف عنها، ولهذا قال: [ (إلا المكتوبة) ].
واستثنى العلماء من النوافل ما تشرع لها الجماعة غير المكتوبة مثل: الكسوف، والعيدين، والاستسقاء، وغيرها، ومثل: التراويح أيضاً فإنها تشرع لها الجماعة في رمضان، وكون الإنسان يأتي ويصلي مع الناس صلاة التراويح أولى من كونه يصلي في بيته.
قوله: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجر حجرة) ] يعني: أنه اتخذ مكاناً في المسجد وجعل فيه حصيراً كما جاء في بعض الروايات الصحيحة، وصلى فيها فجاء الناس وصلوا بصلاته، وبعد ذلك تتابعوا، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يخرج عليهم ذات ليلة وقد اجتمعوا وكثروا، فظنوا أنه نائم فجعلوا يتنحنحون ويرفعون أصواتهم حتى يسمعوه، وأيضاً حصبوا الباب، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم مجيئهم، ولكنه عليه الصلاة والسلام كما وصفه الله: بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128] خشي أن يفرض عليهم قيام رمضان.
فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشدهم إلى أن يصلوا في بيوتهم، وألا يأتوا إلى المسجد، وأن صلاتهم في البيوت أفضل من صلاتهم في المسجد، وأخبر بأن الذي منعه من ذلك أنه خشي أن تفرض عليهم، وأنه ما خفي عليه مكانهم، ولا خفي عليه مجيئهم، ولم يكن نائماً بل كان مستيقظاً، وهذا من شفقته ومن رأفته بأمته عليه الصلاة والسلام.
ولكنه لما توفي عليه الصلاة والسلام، وانتهى التشريع، واستقرت الأحكام، علم بأن ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام من الصلاة في رمضان جماعة مستحبة، وأنه ما ترك الاستمرار فيها إلا خشية أن تفرض على الأمة، وقد زال ذلك المحذور بوفاته صلى الله عليه وسلم، فعند ذلك أعاد عمر رضي الله عنه الناس إلى هذه السنة التي هي الإتيان بصلاة قيام الليل في رمضان جماعة في المسجد.
هو هارون بن عبد الله البزاز الحمال وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا مكي بن إبراهيم ].
مكي بن إبراهيم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الله -يعني ابن سعيد بن أبي هند - ].
هو عبد الله بن سعيد بن أبي هند وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي النضر ].
أبو النضر سالم المدني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بسر بن سعيد ].
بسر بن سعيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زيد بن ثابت ].
زيد بن ثابت رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم) ] يعني: اجعلوا لها نصيباً من الصلاة؛ ليحصل فيها الخير والبركة بسبب هذه العبادة، وأيضاً فيه البعد عن الرياء.
قوله: [ (ولا تتخذوها قبوراً) ] يعني: لا تجعلوها مثل المقابر؛ لأن المقابر لا يصلى فيها، وليست مكاناً للصلاة، فلا تجعلوا البيوت كذلك بحيث لا يصلى فيها، بل يكون لها نصيب من الصلاة.
إذاً: قوله: [ (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبوراً) ] معناه: لا تجعلوها شبيهة بالمقابر التي هي ليست أماكن للصلاة، والتي منع من الصلاة فيها، بل الصلاة في البيوت مطلوبة ومرغب فيها، وهي أفضل من الصلاة في المساجد بالنسبة للنوافل.
قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن عبيد الله أخبرنا نافع عن ابن عمر ].
كل هؤلاء مر ذكرهم.
الجواب: نعم يصلي الإنسان وراء من يقنت في الصلوات ولو لم يكن ذلك في النوازل، ولا يترك الصلاة وراءهم، فالمسائل الخلافية لا تمنع المسلم من أن يصلي وراء أخيه المسلم من أجل أنه خالفه في مسألة من المسائل، لاسيما في المسائل الاجتهادية التي اختلف فيها العلماء.
إذاً: يصلي الرجل خلف غيره ولو كان يخالفه ولا يترك الصلاة وراءه؛ لأنه فعل فعلاً يرى أن الحق بخلافه، وكما ذكرت مراراً وتكراراً أن هناك مسائل خلافية عظيمة، فمنهم من يقول: هذا ينقض الوضوء وهذا لا ينقض الوضوء، ومع ذلك يصلي هذا خلف هذا، فإذا صليت وراء إنسان يقنت في الفجر أو في غيره بناءً على مذهب من المذاهب فلا بأس بذلك ولا تترك الصلاة، لكن إذا كنت أنت الإمام فلا تفعل الشيء الذي لم تثبت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: الإنسان الذي يصلي في المسجد النبوي ثم يذهب ويصلي في بيته النافلة أفضل من صلاته في المسجد النبوي، وقد مر بنا حديث في هذا وفيه: (أفضل من صلاته في المسجد) وهو عند أبي داود ، ولكن هذا في حق من يتمكن من الصلاة في المسجد النبوي ولكنه يؤخر الراتبة ويصليها في البيت، أما من لا يصلي في المسجد النبوي، وإنما يصلي في مسجد من مساجد المدينة ثم هو يصلي في بيته، لا يقال: إنه صلاته أفضل من الصلاة في المسجد النبوي؛ لأنه لم يصل الفريضة في المسجد النبوي ولم يتمكن من النافلة فيه، ولكنه أخرها إلى مكان جاءت السنة بأنه أفضل، فهي أفضل من المسجد الذي صلى فيه الفريضة، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج ويصلي بالناس في مسجده وإذا فرغ من الصلاة انصرف إلى بيته وصلى الراتبة التي بعد الصلاة في بيته عليه الصلاة والسلام.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر