حدثنا عيسى بن حماد أخبرنا الليث عن سعيد المقبري عن بشير بن المحرر عن سعيد بن المسيب أنه قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ومعه أصحابه وقع رجل بـ
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: باب في الانتصار، أي: الانتصار للنفس، والانتقام لها، هذا هو المقصود من الانتصار في هذه الترجمة.
وأما الانتصار للحق فهذا أمر محمود؛ لأنه ليس للنفس وإنما هو لله، والترجمة إنما هي في الانتصار للنفس الذي هو الانتقام، ومن المعلوم أن الإنسان عندما يحصل له أذى أو أي شيء، فله أن يجازي بمثل ما جوزي به، ولا يزيد، ولكن صبره هو المطلوب، وهو الأولى والأفضل، وهو المرغب فيه، كما قال الله عز وجل: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [النحل:126]، فقوله: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ أي: عقوبة ليس فيها زيادة، ولكن هناك شيء أحسن من المعاقبة بالمثل والانتصار للنفس، وهو الصفح والتجاوز، ولهذا قال: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ .
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: أنه كان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فسبه شخص، وتكلم عليه، فسكت ولم يرد عليه، ثم تكلم ولم يرد عليه، ثم تكلم الثالثة فأجابه أبو بكر وانتصر لنفسه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من مجلسه، فقال أبو بكر: أوجدت علي؟! يعني: أغضبت علي؟ فقال: (نزل ملك من السماء يكذبه بما قال لك، فلما انتصرت وقع الشيطان)؛ لأن الشيطان يريد أن يحصل الخصام والمنازعة، وكل واحد يتكلم على الآخر، ومن المعلوم أن السكوت فيه السلامة، وإذا حصل الرد فقد يكون بأكثر، وقد يكون بالمثل، ولكنه يترتب على ذلك أن يزيد ذلك الذي تكلم أولاً؛ لأنه يريد أن يفتح له الباب في أن يتكلم عليه، ومعلوم أن ذلك سائغ، ولكن تركه في حق من هو من أهل الكمال مثل أبي بكر الصديق رضي الله عنه أولى، فهذا الذي جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم معناه: أنه كان أولى به أن يصفح، وأن يبقى على سكوته، وعلى عدم انتصاره لنفسه، وذلك أكمل له؛ لأنه إذا اقتص حصل له أن أخذ حقه، ولكنه إذا سكت فإنه يحصل الأجر والثواب، ولهذا قال تعالى: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ .
والحاصل: أن الإنسان يجوز أن يرد بالمثل، ولكن الترك والصفح والتجاوز أولى وأفضل، لأنه يحصل به الأجر، ويكون ذلك دافعاً وحافزاً للذي تكلم أن يندم، وأن يحصل منه تغير الحال إلى ما هو أحسن، كما قال الله عز وجل: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت:34-35].
عيسى بن حماد هو الملقب بـزغبة، وهو مصري ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[ أخبرنا الليث ].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد المقبري ].
سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بشير بن المحرر ].
بشير بن المحرر مقبول، أخرج له أبو داود.
[ عن سعيد بن المسيب ].
سعيد بن المسيب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا الحديث مرسل؛ لأنه يتحدث عن شيء حصل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبحضرته، وهو لم يدرك ذلك العصر، فهو مرسل.
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى متصلة، وذكر الصحابي الذي روي عنه هذا الحديث وهو أبو هريرة ، ويضيف ذلك إلى حكاية ما جرى بين يدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقال: (نحوه)، أي: نحو ذلك الكلام المتقدم، وبهذا تكون هذه الطريق المتصلة متفقة مع الطريق المرسلة، فيكون الحديث مقبولاً بذلك.
عبد الأعلى بن حماد لا بأس به، وهي بمعنى: صدوق، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[ حدثنا سفيان ].
سفيان هو ابن عيينة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عجلان ].
هو محمد بن عجلان المدني، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن سعيد بن أبي سعيد ].
سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ] .
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق، فرضي الله عنه وأرضاه.
[ قال أبو داود: وكذلك رواه صفوان بن عيسى عن ابن عجلان كما قال سفيان ].
أورد أبو داود للحديث طريقاً أخرى معلقة، وهي مثل الطريق الثانية التي فيها رواية ابن عجلان.
وقوله: [ رواه صفوان بن عيسى ].
صفوان بن عيسى ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
أورد أبو داود حديثاً ضعيفاً في هذا الموضوع، وهو موضوع الانتصار للنفس، وذلك أن عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت زينب بنت جحش أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم صنع بيده شيئاً، فصنعت عائشة بيده تنبهه أو تذكره، فكف، وكانت زينب رضي الله عنها تقحم، أي: تعرض لشتمها؛ لأنه كان في نفسها شيء على عائشة ، فسبتها أو تكلمت فيها، فقال: سبيها، فتكلمت عليها وسبتها، فذهبت زينب إلى فاطمة رضي الله تعالى عنها، وقالت: إن عائشة تكلمت فيكم، أي: أهل البيت.
قيل: إن المقصود من ذلك: أن زينب أمها أميمة بنت عبد المطلب، وهي هاشمية عمة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولما تكلمت فيها معناه: أنها تكلمت في امرأة تنتمي إلى بني هاشم من جهة أمها، هذا هو المقصود من قولها: (تكلمت فيكم)، فجاءت فاطمة فقال لها: (إنها حبة أبيك) ، الحب بمعنى: المحبوب، والحبة بمعنى: المحبوبة، فـزيد بن حارثة وابنه أسامة كل منهما حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعائشة حبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: أنها محبوبته، ثم إنها رجعت وجاء علي رضي الله عنه.
والمقصود من ذلك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشدها في هذا الحديث إلى أن تنتصر لنفسها، ولكن الحديث غير ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ وذلك لأن فيه رجلاً ضعيفاً وهو علي بن زيد بن جدعان، وأيضاً في الحديث امرأة أبيه، وهي لا تعرف مجهولة، فالحديث فيه علتان: هذا الضعيف، وهذه المجهولة، وعلى هذا فهو غير ثابت عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
حدثنا زهير بن حرب حدثنا وكيع حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه) ].
أورد أبو داود باب النهي عن سب الموتى، والإنسان إذا مات فإنه لا يسب؛ إلا إذا كان عنده أمور منكرة، وعنده بدع، وقد خلف وراءه شيئاً غير محمود، فكونه يذكر بما فيه ويحذر منه هذا من النصيحة، وهذا فيه الفائدة للناس، وهي ألا يقعوا في الأمور التي لا تنبغي، وأما إذا لم يكن كذلك فإنه لا يسب، وقد جاءت السنة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وفي غيره.
وقد أورد أبو داود حديث عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه) .
قوله: (إذا مات صاحبكم) أي: الذي بينكم وبينه مصاحبة وصلة، فدعوه ولا تقعوا فيه، ولكن إذا كان عنده أمور محذورة، ويراد التحذير منها، وألا يغتر بها، ولا يفتتن أحد بما عنده من ضلالات إذا كان عنده ضلالات، فإن التحذير منه أمر مطلوب.
هو زهير بن حرب أبو خيثمة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي، وهو ممن أكثر عنهم الإمام مسلم، إذ روى عنه في صحيحه أكثر من ألف ومائتي حديث.
[ حدثنا وكيع ].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا هشام بن عروة ].
هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
أبوه عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين خالته، رضي الله تعالى عنها، وقد مر ذكرها.
أورد أبو داود حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساويهم)، وهذا مثل ما تقدم؛ أي: أنهم يدعونهم ولا يسبونهم، وفي الحديث الآخر الصحيح: (لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)، وأما ذكر المحاسن إذا كان فيه فائدة، وهو كلام حق، وليس فيه كذب، وليس فيه كلام يخالف الواقع، وفي ذلك مصلحة وهي بيان ما فيه ليعلم، وليؤتسى به، وليقتدى به، وليذكر ويشكر على ذلك، فإنه لا بأس به؛ ولكن الحديث في إسناده رجل فيه ضعف، وأما عدم ذكر المساوي فهذا موجود في أحاديث كثيرة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معاوية بن هشام ].
معاوية بن هشام صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عمران بن أنس المكي ].
عمران بن أنس المكي ضعيف، أخرج له أبو داود والترمذي .
[ عن عطاء ].
هو عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث علته هذا الرجل الضعيف الذي هو عمران بن أنس .
حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان أخبرنا علي بن ثابت عن عكرمة بن عمار قال: حدثني ضمضم بن جوس قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين، فكان أحدهما يذنب، والآخر مجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أقصر، فوجده يوماً على ذنب، فقال له: أقصر، فقال: خلني وربي، أبعثت علي رقيباً؟! فقال: والله! لا يغفر الله لك، أو لا يدخلك الله الجنة، فقبض أرواحهما، فاجتمعا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالماً؟ أو كنت على ما في يدي قادراً؟ وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار) قال أبو هريرة: والذي نفسي بيده! لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته ].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في النهي عن البغي، والبغي: هو الاعتداء والظلم، وقد مر قريباً قوله عليه الصلاة والسلام: (إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد)؛ لأن البغي هو الاعتداء والظلم.
وأورد المصنف هنا حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلين من بني إسرائيل كانا متآخيين، أي: كان بينهما رفقة وصداقة، وكان أحدهما يجتهد في العبادة، والثاني يحصل منه ذنوب، وكان المجتهد ينصحه، وينهاه، ومرة من المرات نهاه، فتكلم بكلام أثاره، وقال: أبعثت علي رقيباً؟! خلني وشأني! فغضب ذلك المجتهد وقال: والله! لا يغفر الله لك، أو والله! لا يغفر الله لفلان، أي: أنه تألى على الله، وحلف أن الله لن يغفر له، وهذا هو الاعتداء، وهذا هو الظلم؛ لأنه أقسم على الله أنه لن يغفر لفلان، ومعلوم أن الله عز وجل يغفر الذنوب جميعاً إلا ما كان شركاً، كما قال الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، ثم إن الله قبض أرواحهما وقال لهذا الذي تكلم: أكنت بي عالماً؟ أو على ما في يدي قادراً؟ ثم قال للذي كان يذنب: اذهب وادخل الجنة برحمتي، فقد تجاوز عنه ورحمه، وقال للذي قال هذه الكلمة: اذهبوا به إلى النار، وذلك من أجل هذه الكلمة. وهذا الحديث لا يفهم منه أنه خالد في النار.
فقال أبو هريرة: (والذي نفسي بيده! لتكلم -يعني: هذا المجتهد في العبادة مع ذلك الذي يقترف العصيان- بكلمة أوبقت دنياه وآخرته) أي: أهلكت دنياه وآخرته، وهذا معناه: أنه أمر به إلى النار، وصار من أهل النار، ولكن كما هو معلوم من دخل النار وهو من أهل الإيمان، ومن أهل التوحيد، لا بد أن يخرج منها ويدخل الجنة، ولا يبقى في النار أبد الآباد إلا الكفار الذين هم أهلها والذين لا سبيل لهم إلى الخروج منها، وإنما هم باقون فيها إلى غير نهاية.
وقوله: (كلمة) المقصود بذلك هذه الجملة، وهذا الكلام؛ لأن الكلمة تطلق على الكلام، كما أنها تطلق على الكلمة المفردة، وقد جاء ذلك في أحاديث كثيرة كقوله عليه الصلاة والسلام: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)، وهي ليست كلمة واحدة، ولذلك يقول ابن مالك في الألفية:
واحده كلمة والقول عم
وكلمة بها كلام قد يؤم
أي: قد يقصد بالكلمة الكلام، وهذا من أمثلته؛ لأنه أريد بالكلمة هنا الكلام، ولم يرد الكلمة المفردة، ومثل هذا يأتي كثيراً في الكتاب والسنة.
محمد بن الصباح بن سفيان صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة.
[ أخبرنا علي بن ثابت ].
علي بن ثابت صدوق ربما أخطأ، أخرج له أبو داود والترمذي.
[ عن عكرمة بن عمار ].
عكرمة بن عمار صدوق يغلط، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ قال: حدثني ضمضم بن جوس ].
ضمضم بن جوس ثقة، أخرج له أصحاب السنن.
[ قال: قال أبو هريرة ].
أبو هريرة رضي الله عنه قد مر ذكره.
أورد أبو داود حديث أبي بكرة رضي الله عنه: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله له العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة مثل البغي وقطيعة الرحم)، يعني: أنه تحصل له عقوبة في الدنيا والآخرة، فيجمع له بين العقوبة الدنيوية والأخروية، حيث يجعل له الله العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة، فيجمع له بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، والضرر الذي يحصل في الدنيا، والضرر الذي يحصل في الآخرة، وهذا يدل على عظم وخطورة شأن البغي وقطيعة الرحم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر أن صاحبهما جدير بأن يحصل له هذا وهذا، وأن يجمع له بين هذا وهذا، وهذا يدل على خطورة أمر البغي وقطيعة الرحم.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي والنسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا ابن علية ].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم بن علية نسبة إلى أمه، وهو مشهور بالنسبة إليها، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عيينة بن عبد الرحمن ].
عيينة بن عبد الرحمن صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
أبوه ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[ عن أبي بكرة ].
هو أبو بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حدثنا عثمان بن صالح البغدادي حدثنا أبو عامر -يعني عبد الملك بن عمرو- حدثنا سليمان بن بلال عن إبراهيم بن أبي أسيد عن جده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والحسد! فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أو قال: العشب) . ]
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في الحسد، والحسد حسدان:
أحدهما: بمعنى الغبطة، وهو محمود؛ لأن صاحبه لم يتمن زوال النعمة عن الغير، وإنما تمنى أن يكون له مثلها، مع بقائها عند صاحبها، فهذا هو الذي يقال له: غبطة.
ثانيهما: الحسد المذموم، وهو تمني زوال النعمة عن الغير، أي: أن الحاسد لا يعجبه ولا يحب أن يبقى الخير عند هذا الغير الذي أعطاه الله إياه، فيحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، ويتمنى زوالها عنهم، سواء جاءت إليه أو لا وهذا هو المذموم، وأما ذاك فهو ممدوح، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين) يعني: لا غبطة، وأما الحسد بمعنى تمني زوال النعمة فهذا هو المذموم، وسواء أراد أن تزول وتكون له وتذهب عن صاحبها، أو أن تذهب عن صاحبها ولم يحصل له شيء، وكل ذلك مذموم، والمحمود أن يتمنى أن يكون له مثلها مع بقائها عند صاحبها.
وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والحسد! فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، أو كما تأكل النار العشب) .
والحسد لا شك أنه وصف ذميم، ومحرم، وقد جاءت أحاديث كثيرة تدل على تحريمه، وعلى سوء من اتصف به، وجاء القرآن بالتعوذ من حسد الحاسد، وأما هذا الحديث فهو غير ثابت؛ لأن في إسناده من هو متكلم فيه.
عثمان بن صالح البغدادي ثقة، أخرج له أبو داود.
[ حدثنا أبو عامر يعني عبد الملك عمرو ].
هو أبو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سليمان بن بلال ].
سليمان بن بلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم بن أبي أسيد ].
إبراهيم بن أبي أسيد صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود.
[ عن جده ].
جده لا يعرف، أي: أنه مجهول، وهو هنا مبهم غير مسمى، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة رضي الله عنه قد مر ذكره.
أورد أبو داود حديث: (أن سهل بن أبي أمامة دخل هو وأبوه على أنس بن مالك بالمدينة في زمن عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة، فإذا هو يصلي صلاة خفيفة دقيقة، كأنها صلاة مسافر أو قريباً منها، فلما سلم قال أبي: يرحمك الله! أرأيت هذه الصلاة المكتوبة أو شيء تنفلته؟ قال: إنها المكتوبة، وإنها لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أخطأت إلا شيئاً سهوت عنه، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم) ].
أي: أنه ظن أنها نافلة فسأله، فأخبره أنها المكتوبة، وأنه خففها، وعند ذلك ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تشددوا فيشدد الله عليكم، فإن قوماً كانوا كذلك فشدد الله عليهم) ، وذكر أن بقاياهم في البيع والصوامع والأديرة، وأن الله تعالى أهلكم بسبب التشديد الذي حصل منهم على أنفسهم.
والحديث في إسناده ابن أبي العمياء، وابن القيم أشار إلى أن الذي جاء عن أنس بن مالك خلاف ذلك فقال: وأما حديث سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء، ودخول سهل بن أبي أمامة على أنس بن مالك؛ فإذا هو يصلي صلاة خفيفة، كأنها صلاة مسافر؛ فقال: إنها لصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهذا مما تفرد به ابن أبي العمياء، وهو شبه المجهول، والأحاديث الصحيحة عن أنس كلها تخالفه، فكيف يقول أنس هذا وهو القائل: إن أشبه من رأى صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن عبد العزيز ؟ وكان يسبح عشراً عشراً، وهو الذي كان يرفع رأسه من الركوع حتى يقال: قد نسي، وكذلك من بين السجدتين، ويقول: ما آلو أن أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي يبكي على إضاعتهم الصلاة، ويكفي في رد حديث ابن أبي العمياء ما تقدم من الأحاديث الصحيحة الصريحة التي لا مطعن في سندها ولا شبهة في دلالتها، فلو صح حديث ابن أبي العمياء -وهو بعيد عن الصحة- لوجب حمله على أن تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم للسنة الراتبة، كسنة الفجر والمغرب والعشاء، وتحية المسجد ونحوها، لا أن تلك صلاته التي كان يصليها بأصحابه دائماً، وهذا مما يقطع ببطلانه، وترده سائر الأحاديث الصريحة الصحيحة، ولا ريب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخفف بعض الصلاة، كما كان يخفف سنة الفجر، حتى تقول عائشة أم المؤمنين: هل قرأ فيها بأم القرآن؟ وكان يخفف الصلاة في السفر حتى كان ربما قرأ في الفجر بالمعوذتين، وكان يخفف إذا سمع بكاء الصبي، فالسنة التخفيف حيث خفف، والتطويل حيث أطال، والتوسط غالباً.
فالذي أنكره أنس هو التشديد الذي لا يخفف صاحبه على نفسه مع حاجته إلى التخفيف، ولا ريب أن هذا خلاف سنته وهديه. انتهى كلام ابن القيم .
وهذا يبين أن المتن فيه نكارة، والسند فيه ضعف، بسبب ابن أبي العمياء، فإنه قال عنه ابن القيم : إنه شبه المجهول، ثم أيضاً هذه الأحاديث الكثيرة التي جاءت عن أنس نفسه من فعله وقوله، وإسناده ذلك إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وتشبيه صلاة عمر بن عبد العزيز بصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانوا يعدون له وهو ساجد: سبحان ربي الأعلى مقدار عشر مرات، كل هذا ينافي هذا الكلام الذي جاء في حديث ابن أبي العمياء.
وقوله: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم، فإن قوماً شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار: وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ [الحديد:27]، ثم غدا من الغد فقال: ألا تركب لتنظر ولتعتبر؟!.) أي: خرج أبو أمامة غدوة، فقال -أي: أنس-: ألا تخرج لتعتبر؟
وقوله: (قال: نعم، فركبوا جميعاً فإذا هم بديار باد أهلها وانقضوا وفنوا، خاوية على عروشها، فقال: أتعرف هذه الديار؟ فقلت: ما أعرفني بها وبأهلها! هذه ديار قوم أهلكهم البغي والحسد، إن الحسد يطفئ نور الحسنات، والبغي يصدق ذلك أو يكذبه) هذا محل الشاهد على باب الحسد، قوله: (الحسد يطفئ نور الحسنات، والبغي يصدق ذلك أو يكذبه) أي: أن البغي يأتي نتيجة للحسد، والحسد يكون سبباً للبغي؛ لأن الإنسان الذي يبغي لا يأتي إلا بشيء في نفسه، فكون قلبه يتأجج من الحقد والغيظ يجعله يمد يده ويحصل منه البغي.
وقوله: (والعين تزني، والكف والقدم والجسد واللسان، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه) هذا أمر ثابت في الأحاديث، كقوله عليه الصلاة والسلام: (العين تزني وزناها النظر) وآخر ذلك: (والفرج يصدق ذلك أو يكذبه)، أي: إذا وصل إلى هذه الغاية وجد الزنا الذي يعتبر الغاية وما قبله وسيلة إليه.
هو أحمد بن صالح المصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[ حدثنا عبد الله بن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء ].
سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء مقبول، أخرج له أبو داود.
[ أن سهل بن أبي أمامة حدثه ].
سهل بن أبي أمامة ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ أنه دخل هو وأبوه على أنس بن مالك ].
أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا أحمد بن صالح حدثنا يحيى بن حسان حدثنا الوليد بن رباح قال: سمعت نمران يذكر عن أم الدرداء أنها قالت: سمعت أبا الدرداء رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض، فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يميناً وشمالاً، فإذا لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لعن، فإن كان لذلك أهلاً وإلا رجعت إلى قائلها) ].
أورد أبو داود باباً في اللعن، واللعن: هو إطلاق اللعن على أحد، ومن المعلوم أن اللعن إنما يكون في حدود ما وردت به الشريعة، واللعن يكون لمن يستحقه، وقد جاء في نصوص الكتاب والسنة اللعن بالأوصاف؛ كقوله تعالى: لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ [آل عمران:61]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال)، وقوله: (لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده)، وقوله: (لعن الله النامصة والمتنمصة)، وغيرها من الأحاديث الكثيرة في اللعن بالوصف، وليس بالعين.
وأما اللعن بالعين فكثير من العلماء يقولون: لا يلعن المعين؛ لأنه لا يدرى ما هي نهايته، وأي شيء ينتهي إليه، ولهذا كان بعض العلماء يتحرزون من اللعن، حتى من لعن الكفار، إذا كانوا على قيد الحياة، أو كانوا لا يعرفون النهاية التي كانوا عليها، ولهذا ذكر ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية قصة نصراني أنشأ قصيدة يذم فيها الإسلام، ويذم فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، وذكر أن ابن حزم أنشأ قصيدة طويلة رداً عليها، وقد أثبت القصيدتين، ولما ذكر قصيدة النصراني عقبها بقوله: فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين إن كان مات كافراً.
وذكر ابن كثير في ترجمة أبي نصر الفارابي أنه كان يقال عنه: إنه لا يقول بمعاد الأجساد، وإنما يقول بمعاد الأرواح فقط، ثم قال ابن كثير: فعليه إن كان مات على ذلك لعنة رب العالمين، ثم قال: وإن الحافظ ابن عساكر كتب تاريخاً واسعاً في دمشق، ولم يذكر الفارابي في تاريخه، مع أنه من أهل دمشق، قال: ولعله إنما تركه لقبحه ونتانته. أي: لأنه يقول بعدم معاد الأجساد، وأنما تعاد الأرواح فقط.
ولهذا فالأصل عند أهل السنة أن المعين لا يلعن؛ لأن الإنسان قد يكون على شر، ثم يختم له بخير، وتكون نهايته على خير، ومن المعلوم أن الناس بالنسبة للنهايات والبدايات أربعة أقسام: منهم من تكون بدايته ونهايته طيبة، ومنهم من تكون بدايته ونهايته سيئة، ومنهم من تكون بدايته حسنة ونهايته سيئة، ومنهم من تكون بدايته سيئة ونهايته حسنة، فهذه أربعة أقسام للناس بالنسبة للبداية والنهاية، وهذا مثلما حصل لسحرة فرعون، فإن حياتهم كلها كانت مملوءة بالسحر والكفر والشر، ثم بعد ذلك آمنوا برب موسى وهارون، وقتلوا وانتهوا على خير، وختم لهم بخير.
وكذلك الذي يكون على حالٍ حسنة ثم يدركه الخذلان في آخر الأمر فيرتد عن الإسلام، ويموت على ذلك، فتكون نهايته سيئة، والعياذ بالله!
وقد أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث، وفيه أن اللعنة التي تصدر من الإنسان تذهب إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها، ثم ترجع إلى الأرض فتغلق أبواب الأرض دونها، ثم تذهب يميناً وشمالاً حتى تذهب إلى الذي قيلت فيه، فإن لم يكن كذلك وإلا رجعت إلى صاحبها.
أحمد بن صالح مر ذكره، ويحيى بن حسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[ حدثنا الوليد بن رباح ].
الوليد بن رباح صدوق، أخرج له أبو داود.
[ قال: سمعت نمران ].
نمران مقبول، أخرج له أبو داود.
[ يذكر عن أم الدرداء ].
أم الدرداء هي هجيمة التابعية، وهي الصغرى من زوجتي أبي الدرداء؛ لأن هناك أم الدرداء الكبرى، وهي ليس لها رواية، واسمها خيرة، وأما هذه فهي هجيمة، وهي تابعية ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ أنها قالت: سمعت أبا الدرداء ].
أبو الدرداء هو عويمر رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا الحديث في إسناده هذا المقبول، والألباني حسنه من أجل طريق أخرى مرسلة.
[ قال أبو داود: قال مروان بن محمد: هو رباح بن الوليد سمع منه، وذكر أن يحيى بن حسان وهم فيه ].
يعني: وهم في القلب.
ومروان بن محمد ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
أورد أبو داود حديث سمرة بن جندب: (لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضب الله ولا بالنار)، هذا نهي عن أن يلعن الرجل أخاه أو يدعو عليه بالنار، أو يدعو عليه بالغضب، أو غير ذلك، وهذا فيه النهي عن هذه الأعمال التي هي التكلم باللعن، أو بالدعوة بالغضب، أو بالنار، أو أن يكون من أهل النار، أو أن يجعل من أهل النار.
هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عن هشام ].
هو هشام الدستوائي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحسن ].
هو الحسن بن أبي الحسن، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سمرة بن جندب ].
سمرة بن جندب صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
والحديث جاء من طريق الحسن عن سمرة ، ولكن الألباني حسنه أو صححه من أجل شواهد أخرى.
أورد أبو داود حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء)، وهذا بيان لذنبهم، ووصفهم بأنهم لا يكونون ممن يشفعون، ولا ممن يشهد يوم القيامة، وهذا يدل على خطورة هذا العمل الذي هو الاتصاف باللعن.
هارون بن زيد بن أبي الزرقاء صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي.
[ حدثنا أبي ].
أبوه ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي.
[ قال: حدثنا هشام بن سعد ].
هشام بن سعد صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي حازم ].
أبو حازم هو سلمة بن دينار، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وزيد بن أسلم ].
زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن أم الدرداء قالت: سمعت أبا الدرداء ].
أم الدرداء وأبو الدرداء قد مر ذكرهما.
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن رجلاً لعن الريح، فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: لا تلعنها فإنها مأمورة، من لعن شيئاً وليس له بأهل رجعت اللعنة عليه)، أي: رجعت اللعنة على صاحبها، ومغبتها وضررها على الذي حصلت منه، وهو متكلم بها.
هو أبان بن يزيد العطار، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[ ح وحدثنا زيد بن أخزم الطائي ].
زيد بن أخزم الطائي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا بشر بن عمر ].
بشر بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
والإسناد الأول عالٍ، والثاني نازل؛ لأن بين المصنف وبين أبان واسطة واحدة في الإسناد الأول وواسطتين في الإسناد الثاني.
[ حدثنا أبان بن يزيد العطار حدثنا قتادة عن أبي العالية ].
قتادة مر ذكره، وأبو العالية هو رفيع بن مهران، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: يبدو أنها لا بأس بها؛ لأن هذه عبارة سهلة، والإنسان الذي يوغل في الضلال، ويحصل منه ضرر كبير، فإذا قيل فيه مثل هذا فلا بأس بذلك؛ لأن هذه تقال، ويأتي ذكرها.
الجواب: لا شك أن من مات على الكفر ليس له إلا النار، ويكون خالداً مخلداً فيها أبد الآباد؛ لأن العبرة هو الموت على الكفر، والعبرة بالخواتيم، فمن مات على الكفر ولم يؤمن بالله فهو من أهل النار، وهو مطرود من رحمة الله، ولا يغفر الله له، كما قال الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].
الجواب: الجهمي هو إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم، هذا هو الجهمي الهالك، وهو الذي ذكره الذهبي في الميزان، وأما الثقة الإمام الذي يأتي ذكره في أسانيد الحديث كثيراً فهو أبوه: إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، وابنه إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم هو الذي يأتي في كتب الفقه في المسائل الشاذة، فعندما يأتي ذكر مسألة شاذة وفيها ابن علية فالمراد به الابن.
وهكذا إذا جاء ذكر الأصم في مسائل الشذوذ، فهناك الأصم شيخ للحاكم، وهو ثقة، وهو أبو العباس الأصم، وأما الذي يأتي ذكره في مسائل الشذوذ فهو أبو بكر بن كيسان الأصم .
الجواب: إذا كان المقصود ذمه، بمعنى: أنه متصف بصفة ذميمة، وقيل فيه هذا مبالغة في ذمه، مثل ما يقال: جهمي هالك، فمثل هذا لا بأس به، ومثل هذا يقال في الرواة، ومن العبارات التي تقال في الرواة قولهم في إبراهيم بن إسماعيل بن علية الذي يأتي ذكره في كتب الفقه عند المسائل الشاذة: جهمي هالك، ومن أقواله: إن الإجارة لا تجوز؛ لأنها بمثابة بيع شيء غير موجود، فهي غير جائزة، وهذا قول شاذ، وقد قال عنه الذهبي في الميزان: جهمي هالك.
الجواب: ليس من المناسب أن يقول الإنسان: والله! ليعطيني الله كذا وكذا، وقد جاء في قصة الربيع في قصة السن الذي كسر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (كتاب الله القصاص)، فقال ولي أمرها: (والله! لا تكسر سن الربيع ) وكان أولياء البنت التي كسر سنها قد طالبوا بالقصاص، وامتنعوا عن العفو، ولكن بعد ذلك جاءوا وعفوا، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم عند ذلك: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره)، فإن هذا أقسم ولكن الله تعالى سخر هؤلاء.
أما أن يقول الإنسان: والله! ليعطيني الله كذا، فقد يكون في هذا شيء من الاعتداء في الدعاء.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر