إسلام ويب

تفسير سورة النحل (10)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يأمر الله عز وجل بتدعيم أعظم القضايا الإلهية وهو التوحيد، وذلك بنفي الشريك عن الله سبحانه؛ لأن الدليل الصريح والعقل الصحيح قاضيان بأن الخالق الرازق هو المستحق للعبادة، والله عز وجل هو الذي خلق المخلوقات ومنها السموات والأرض، ورزق كل دابة، وربى العالمين بنعمه، إلا أن كثيراً من الناس يجحدون النعم لا سيما حال الرخاء، وينطرحون بين يدي المنعم حال البلاء، وبهذا سوّل لهم الشيطان ليحملهم على الكفر البواح، وذلك بالتقرب بهذه النعم الجزيلة إلى غير من أسداها، لكن سنة الله عز وجل جارية بالإمهال دون الإهمال، ولابد من الرجوع إلى الله والسؤال عن كل صغيرة وكبيرة.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصِ الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذا اليوم ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، حقق اللهم رجاءنا، إنك ولينا ولا ولي لنا سواك. آمين.

    وها نحن مع سورة النحل، ومع هذه الآيات المباركات الكريمات:

    وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَلَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ * وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ [النحل:51-56].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ [النحل:51] من هو الله الذي قال هذا القول؟ إنه خالقنا وخالق كل شيء، وربنا ورب كل شيء، ومالكنا ومالك كل شيء، الذي فطر السماوات والأرض، الذي أوجد هذه الموجودات وهو على عرشه بائن من خلقه فوق سماواته، يسمع دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء، ربنا الذي وهبنا أسماعنا وأبصارنا وعقولنا ووهبنا دنيانا هذه، هذا هو الله، هذا اسمه العظيم، هذا الاسم الأعظم: الله.

    معنى النهي عن اتخاذ إلهين اثنين

    الله يقول ماذا؟ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ [النحل:51] أي: لا تعبدوا غير الله، فمن عبد مع الله غيره فقد اتخذ إلهين اثنين.

    وهنا يوجد في العالم من يعرفون بالمجوس، يجعلون الآلهة اثنين: إله الخير وإله الشر، الخير له إله في اعتقادهم الباطل، والشر له إله في اعتقادهم الفاسد، والآية تبطل هذه النظرية.

    النصارى ألهوا عيسى، فكان الإله عندهم اثنين: الله وعيسى، وهكذا كل من عبد مع الله غيره فقد اتخذه إلهاً فجعل الآلهة اثنين، والحق أنه لا إله إلا الله، لأنه هو خالقنا ومالك أمرنا، هو إلهنا، ومن عداه مخلوق مربوب مصنوع أحياه الله وأوجده، فكيف يسوى بالله ويصبح إلهًا مع الله؟

    تقرير وحدانية الله عز وجل

    وَقَالَ اللَّهُ [النحل:51] جل جلاله وعظم سلطانه لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ [النحل:51] لا ثاني له، كيف كان الإله الواحد لا ثاني له؟ لأنه هو الذي أوجد العوالم كلها، أوجد الكون كله، هو الذي يحيي ويميت، هو الذي يعز ويذل، فلا إله -إذاً- غيره، عقلاً ومنطقاً وواقعاً، هل يوجد من قال: أنا خلقت الكوكب الفلاني؟ أنا أوجدت القمر، أنا خلقت الشمس، أنا أوجدت الماء، أنا أوجدت بني آدم، أنا صنعت وصنعت؟ هل بلغكم هذا؟ والله لا أحد منذ كان الكون، فلا إله إلا الله، لأنه الإله المؤله الذي ننحني بين يديه ونذل ونخضع له ونرفع أكفنا إليه نسأله فيعطينا، أما التماثيل من الأصنام والأحجار، من القباب والأشجار، من الأوهام والضلالات العقلية فكيف تؤله؟ لا إله إلا الله.

    وكثيراً ما أقول: لو اجتمع علماء الفلسفة، وعلماء الطبيعة، وعلماء الذرة، وعلماء الشرائع في مجلس كهذا وقام أحدنا وقال: اعلموا أنه لا إله إلا الله؛ فوالله لا يستطيعون نقض هذه القضية، فـ(لا إله إلا الله) قضية، كقولك: لا تسو فلانًا بفلان، والقضايا العقلية يقضى عليها بالعقل، فهيا يا رجال العلم أثبتوا أن هناك إلهاً مع الله أو أنه لا إله، والله لا يستطيعون، وأما كونهم يقولون: لا إله، فهذه خرافة وضلالة ينبذها كل ذي عقل في البشرية، كيف تكون المخلوقات موجودة والخالق لا وجود له؟! كيف يعقل هذا الكلام؟ طعام مطهي موضوع نقول: لا طاهي له أو ليس هناك من طهاه وطبخه؟ لا نستطيع أن نقول ذلك، من يصدق؟ كأس مملوء بالحليب أو بالشاي أو باللبن أو بالماء، لا تستطيع أن تقنع أحدًا أن هذا وجد من نفسه، مستحيل، لا بد من إنسان جاء به، إذاً: والكون كله من أوجده؟ هل وجد وحده؟ مستحيل.

    فهذه القضية -قضية: لا إله إلا الله- لا تنقض بحال من الأحوال، لا بكونه لا إله بالمرة، ولا بكونه يوجد إله مع الله، والله لا تنقض، والله تعالى يقول لرسوله: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19]، لا يوجد من يستحق أن نخضع ونذل له، أن نرغب فيما عنده ونرهب من سلطانه وندعوه إلا الله، المحيي المميت المعطي المانع الضار النافع، ربنا ورب كل شيء.

    إقرار الخليقة بربوبية الله عز وجل

    والعرب كغيرهم ما كانوا ينكرون وجود الله، ولكن كانوا يؤلهون آلهة مع الله، أما نظرية البلشفية: (لا إله) فهذه نظرية فاسدة باطلة حديثة الوجود، ما مضى عليها قرن ونصف، والبشرية كلها على جهلها وعلى كفرها وعلى شركها مؤمنة بوجود الله عز وجل وأنه خالق كل شيء ورب كل شيء: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف:87]، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لقمان:25]، هل يقولون: هبل أو اللات أو العزى أو موسى أو عيسى؟ ما يقول عاقل هذا أبداً، فلهذا كانوا مؤمنين بربوبية الله ولكن كانوا مشركين في ألوهيته سبحانه، سووا به مخلوقات يتوسلون بها إلى الله، هذا هو الغرض، يتوسلون بها لقضاء حوائجهم عند الله عز وجل، زين الشيطان لهم هذا وحسنه، فأصبحوا يعبدون مع الله غيره ويتقربون إلى الله بتلك الآلهة، وقد جاء هذا في كتاب الله كما في قوله: تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:1-3]، هكذا يقولون والله: ما نعبدهم لشيء إلا من أجل أن يقربونا إلى الله عز وجل حتى يقضي حوائجنا ويعطينا مطلوبنا، فهم مؤمنون بالله عز وجل، لكن يشركون في ألوهيته غيره، إذ لا يستحق أن يعبد إلا الله.

    المقصد من العبادة

    والعبادة لها غاية وهي: إكمال الإنسان وإسعاده، هذا هو الغرض، فهل عبادة غير الله تسعد وتكمل؟ مستحيل.

    أما عبادة الله فهي كذلك؛ لأنها أولاً: تطبيق لشرعه وبذلك يسود الأمن والطهر والصفاء، ويرفع الظلم والباطل والشر والفساد والخبث.

    ثانياً: تطهّر النفس فتزكو وتطيب وتصبح أهلاً لأن ترفع إلى الملكوت الأعلى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، فصلاتنا هذه وصيامنا هذا نتائجهما ما هي؟ أن يزكيا نفوسنا، ويطهراها، فتصبح كأرواح الملائكة، حينئذ إذا مات أحدنا ترفع روحه إلى الملكوت الأعلى ويسجل اسمه في عليين ثم يعود للامتحان في القبر ساعة ثم يعود إلى السماء إلى الملكوت الأعلى، لأن الروح طاهرة، وأما من جحد فما صام ولا صلى وإنما أشرك وكفر فروحه خبيثة منتنة، والله لا تفتح لها أبواب السماء، بل يعرج بها ملك الموت ومن معه فيستفتحون فما يفتح لهم، وقد جاء هذا مبيناً في كتاب الله من سورة الأعراف: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ [الأعراف:40] هل الجمل يدخل في عين الإبرة؟ مستحيل، فصاحب الروح التي خبثت من أوضار الذنوب والآثام والشرك والكفر مستحيل أن تفتح له أبواب السماء، إنما يعود إلى أسفل سافلين، إلى الدركات السفلى في الكون.

    وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ [النحل:51] هذا نهي، آمنا بالله واستجبنا له، والله لا نعبد إلا الله، ولا نتخذ إلهاً آخر، لا شهوة، ولا طمعاً، ولا دنيا، ولا مالاً، ولا أحداً.

    إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [النحل:51] يقول لنا: إياي ارهبون، لأني أملك حياتكم وموتكم ورزقكم وجوعكم وشبعكم وحياتكم كلها، أنا الذي ينبغي أن ترهبوني، تخافوني وترتعد فرائصكم مني، أما أصنام وتماثيل وأناس فكيف تعبدونهم؟

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وله ما في السموات والأرض وله الدين واصبًا ...)

    ثانياً: وَلَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [النحل:52] هل هناك شريك مع الله في كوكب؟ في إقليم من الأقاليم؟ في فرد من الأفراد فقط؟ المالك الحق هو الله، له ما في السماوات وما في الأرض، فكيف لا يعبد إذاً؟ ونحن في حاجة إلى هذا الهواء نتنفسه منه، في حاجة إلى كأس الماء منه، إلى تمر نأكله، كل شيء له وبعد ذلك نعصيه؟ وننكر هذا ونجحده؟ يا ويل الكافرين، يا ويح المشركين، جهال ضلال ما عرفوا.

    وَلَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا [النحل:52] واجباً، لازماً، دائماً أبداً، لا يشاركه في الدين مخلوق؛ لأن الله هو الذي يقنن القوانين ويسن السنن من أجل إكمال الإنسان وإسعاده وتطهيره وتزكية نفسه بما يشرع ويقنن، فلهذا الدين له وليس لغيره أبداً، الدين دائماً لله تعالى، لا ينتقل من الله إلى عبد القادر ولا إلى عيسى: وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا [النحل:52].

    ثم قال تعالى: أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ [النحل:52] يا للعجب! الذي يملك كل شيء، يملك أنفاسكم، أسماعكم، أبصاركم، قلوبكم، أبناءكم، نساءكم، كل شيء هو مالكه، أتتركون تقواه وتتقون غيره؟ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ [النحل:52] أيجوز هذا؟ أيعقل هذا؟

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون)

    ثم قال تعالى: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النحل:53] نعم والله. ما من نعمة بي ولا بك ولا بأي إنسان إلا والله هو واهبها ومعطيها، من خلق لك بصرك؟ سمعك؟ لسانك؟ من جمَّلك؟ من حسنك؟ من أوجد لك رجلين تمشي بهما؟ من أوجد لك الماء والطعام تشرب وتأكل؟ لا أحد، ما هناك إلا الله.

    إذاً: أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ [النحل:52] أتخافون غير الله؟ كيف يعقل هذا؟ الذي لا يملك شيئًا ولا يقدر على شيء يتقى؟ لم تخافه وتتقيه؟ اتق الذي بيده كل شيء، حياتك وموتك، أما ضريح أو قبة أو صنم أو شخص أو رجل فكيف تتقيه؟ ما بيده شيء، ما يملك شيئًا، لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع، وإنما الله جل جلاله وعظم سلطانه. أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ [النحل:52] يا للعجب.

    وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النحل:53]، أحلف بالله أنه ما من نعمة إلا وهي من الله، سم لي نعمة، قل: النعمة الفلانية، سيارة نركبها من أوجد؟ من صنعها؟ من وهبها لك؟ من أعطاك إياها؟ هو الله دائماً، ما هناك إلا الله، والله ما بنا من نعمة إلا من الله، صغرت النعمة أو كبرت، هذا خبر صدق: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النحل:53] هو المنعم والمتفضل بها، إذاً: هو الذي ينبغي أن يعبد، يحب ويرهب، يرغب ويطمع فيه ويخاف، يسأل وترفع إليه الأكف.

    وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ [النحل:53] أي: المرض، والقحط والجدب وسائر ما يضر فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ [النحل:53] بأعلى أصواتكم كما يجأر الثور: يا رب، يا رب، يا رب. عجب أمر هذا الإنسان!

    إذا مسنا الضر فإلى من نجأر؟ إلى الله عز وجل، ترفع الأصوات: يا رب يا رب، فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ [النحل:53-54] عدتم إلى الأصنام والأوهام تعبدونها.

    قصة إسلام عكرمة بن أبي جهل رضي الله تعالى عنه

    وهنا لطيفة: فتح مكة كان سنة ثمان من الهجرة، هاجر الحبيب صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وأقام بها يجاهد مع رجاله، وفي السنة الثامنة فتح الله عليه مكة العاصمة، ولما دخل بجيش الله -باثني عشر ألفًا- من أبواب مكة خضع رجالات مكة، وعظماؤها وفحولها حول البيت ينتظرون حكم الرسول فيهم، وبعضهم -من الطائشين المجرمين أشد الإجرام- هربوا من مكة حتى لا يشاهدوا الرسول ولا يصدر حكمه عليهم.

    فوقف الحبيب صلى الله عليه وسلم وقفة عظيمة، من يقفها غيره؟ وقال: ( يا معشر قريش! ما تظنون أني فاعل بكم؟ ) وقد طأطئوا رءوسهم، انهزموا، ومحمد صلى الله عليه وسلم بسلاحه ورجاله معه: ( يا معشر قريش! ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم ) عجب أمر هؤلاء! ( قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء ) فأعتقهم أجمعين وحررهم كلهم.

    وقد ذكرت لكم منذ سنين، أنه لما بدأ العرب والمسلمون يستقلون، وحين يحكمون كانوا ينتقمون ممن كانوا مع العدو فيما قالوا، فيذبحونهم ويقتلونهم، وقد قلنا لهم: لم لا تقتدون برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ الآن حكمتم أم لا؟ اعفوا عن أولئك المساكين، جهال وضلال ضلوا وأيدوا الكافر، ارحموهم، فقالوا: لا، اذبحوهم، فقتلوهم من إندونيسيا إلى موريتانيا، فنذكرهم بهذا الموقف النبوي الشريف: ( يا معشر قريش! ما تظنون أني فاعل بكم؟ فيقولون: أخ كريم وابن أخ كريم ) أي: ما يفعل إلا الخير. فيقول: ( اذهبوا فأنتم الطلقاء )، هذا هو العفو عند القدرة، ومن صفات أهل الإيمان وصلحاء البشر: العفو عند القدرة، أمّا حين تعفو وأنت عاجز فلا قيمة لعفوك.

    نعود إلى عكرمة رضي الله عنه وأرضاه، عكرمة بن أبي جهل ، أبوه هلك في بدر كما علمتم، وعكرمة كان كأبيه قوياً شديداً، لما دخلت خيل الله مكة هرب إلى الساحل ليشرد إلى الحبشة أو الهند أو إلى منطقة أخرى.

    فوصل إلى ساحل جدة أو إلى ميناء أقرب منها فوجد سفينة تريد أن تقلع، فركب، ولما مشت السفينة وكانت من ذاك النوع القديم جاءت أمواج قوية وعواصف بحرية، فبدأت السفينة تضطرب، فقام ربانها فقال: يا معشر الركاب! الغرق آن أوانه، فاسألوا الله وحده. فتركوا اللات والعزى ومناة وهبل وأقبلوا يقولون: يا ألله يا ألله يا ألله أنقذنا.

    فكر عكرمة وقال: سبحان الله! هذا الذي هربت منه يأتيني حتى في البحر، أنا هربت من كلمة (يا ألله) والآن في البحر نقولها؟ والله لترجعن بي إلى الساحل. ورجع به صاحب السفينة إلى الساحل ونزل وجاء واطرح بين يدي رسول الله وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    هذا هو خبر عكرمة ، والعرب كما بينا غير ما مرة أنهم كانوا أسمى الأمم في عقولهم وأفكارهم، ما في ذلك شك، فليسوا كالعجم أبداً، بل كانوا إذا أصابتهم نكبة أو شدة أو قحط أو مرض يفزعون إلى الله وحده ولا ينادون إلهاً من آلهتهم قط، لكنهم إذا أمنوا فلا خوف ولا غيره يفرفشون مع الآلهة ويعبثون.

    والآية شاهدة: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ [النحل:53]، بأعلى أصواتكم: يا رب يا رب.

    سبب هوان المسلمين في هذه العصور

    لما هبط المسلمون من عرب وعجم أين كانوا؟ كانوا في علياء السماء، المسلمون في ثلاثة قرون منازلهم في الملكوت الأعلى، البشرية كلها خاضعة لهم وترهبهم، لما هبطوا كيف هبطوا؟ هل سحروهم؟ لا، وإنما احتالوا عليهم، فكر الثالوث الأسود من رجالات المجوس واليهود والنصارى، أولئك هم الذين خرجت الأمم من أيديهم وفقدوها، عرش كسرى زال، وزال ملك الروم في الشام، فكروا فقالوا: سبب رفعة هذه الأمة وعزتها وسموها وكمالها هو شيء واحد هو القرآن العظيم، والله إنه القرآن؛ لأن القرآن سماه الله روحاً كما قال: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا [الشورى:52]؛ لأن به الحياة، أليست الحياة بالروح؟

    فقالوا: نفصل عنهم هذا القرآن فيهبطون إلى الأرض، وفعلوا وهبطنا إلى الأرض، ماذا فعلوا بالقرآن؟ اجتمعوا في مؤتمرات عديدة فقالو: كيف نستطيع أن ننزع منهم القرآن؟ وكلما اجتمعوا فشلوا وقالوا: ما يمكن؛ لأنهم يحفظونه في صدور النساء والرجال، فماذا نصنع؟

    حاولوا في مؤتمر في السودان أن يسقطوا فقط كلمة (قل)، قالوا: كلمة (قل) هذه تجعل الناس يؤمنون بالله وأن القرآن من وحي الله، فإذا نزعنا (قل) نقول: هذا كلام محمد فقط، فحاولوا كيف يسقطون كلمة (قل) من قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ [الإخلاص:1]، وقوله: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وقوله: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] ... إلخ، فالرسول ما يقول لنفسه: قل، بل هو مأمور من ربه، فلولا كلمة (قل) لقالوا: هذا كلام محمد -صلى الله عليه وسلم- فعجزوا.

    قالوا: إذاً نبعدهم عن تفسير القرآن والاجتماع عليه ونحوله ليقرءوه على الموتى فقط، فوضعوا قاعدة تداولها علماء أيام الهبوط: (تفسير القرآن صوابه خطأ، إن فسرته وأصبت وما أخطأت فأنت مخطئ آثم، (وخطؤه كفر) وإذا فسرت آية وأخطأت كفرت.

    فمنعوا المسلمين عرباً وعجماً من أن يجتمعوا على كتاب الله، فاحتار المسلمون ماذا يصنعون بالقرآن؟ قالوا: نقرؤه على الموتى. من أندونيسيا إلى موريتانيا عربًا وعجمًا لا يجتمعون على دراسة كتاب الله أبداً، ولكن يجتمعون على قراءته على ميت ثلاث ليال أو سبع ليال أو إحدى وعشرين ليلة بحسب الغنى والفقر.

    ومما بلغنا في الشام أن نقابة أنشئت خاصة بهذا، فإذا اتصلت بهم يقولون: كم تريد؟ خمسة .. ستة؟ من فئة المائة ليرة أم الخمسين؟ فإذا كان الميت غنيًا فمن فئة المائة، وإذا كان فقيرًا فمن فئة خمسين فقط، إلى هذا الحد في العالم الإسلامي، والمستمعون كلهم والله يعرفون هذا ويشهدونه.

    قصتان في بعد بعض المسلمين عن هداية القرآن الكريم وتوحيد الله تعالى

    وأذكر لكم قصة والدتي رحمة الله عليها، كانت تسأل الله في صلاتها أن يجعل ولدها -هذا الذي يحدثكم المذنب الفقير- جزاراً أو حافظ قرآن، تدعو إما أن يصير جزارًا يأتي لها بالكبدة واللحمة إذا جزر، وإما أن يقرأ القرآن، فلما يقرأ على الميت يأتي لها باللحمة ملفوفة في خرقة! فما كان الطلاب يقرءون القرآن في المساجد إلا من أجل أن يقرءوه على الموتى، ومن ثم هبطنا إلى حيث هبطنا.

    ويروي لنا الشيخ رشيد رضا في تفسير المنار عن شيخه قال: كانت سفينة تقل الحجاج من طرابلس الغرب إلى طرابلس الشرق، من الإسكندرية إلى جدة، حجاج أغنى الناس وأحسن المسلمين، فما كان يحج إلا المتأهل.

    قال: فجاءت عاصفة بحرية فاضطربت السفينة، فأخذوا يجأرون: يا سيدي عبد القادر . يا رسول الله. يا فاطمة. يا مولاي إدريس. يا نبي يا كذا يا بدوي. على خلاف ما كان العرب في الجاهلية، والله العظيم لا تشك في هذا، شاهدناهم يسوق أحدهم بي السيارة أنا وهو، ولكنه أمي، فلما انحازت السيارة عن الطريق إذ به يقول: يا رسول الله .. يا رسول الله!

    يقول الشيخ: كان بينهم موحد رقم واحد، وهابي كما يقولون، فقال: يا رب أغرقهم فإنهم ما عرفوك. فشفا صدر الشيخ، كيف في حالة خوف لا نعرف الله فننادي الأولياء: يا فلان يا فلان ويا فلان؟ أي جهل أعظم من هذا الجهل؟ من ورث فينا هذا الجهل؟ إنه العدو، الثالوث الأسود: المجوس واليهود والنصارى، وما زلنا إلى الآن ما عرفنا هذه الحقيقة.

    والآية شاهد واضح ودليل قطعي، اسمع ما يقول تعالى: ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ [النحل:54]، إذا جاء الرخاء يشركون بالله عز وجل غيره في عبادته.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون)

    ثم قال تعالى: لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [النحل:55]، العرب تهزهم هذه الكلمات الإلهية، أي: فعلوا ما فعلوا من الشرك لماذا؟ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا [النحل:55] إذاً بكفركم وما معكم فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [النحل:55]نتائج هذا الكفر وعواقبه. وهذا تهديد عظيم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ويجعلون لما لا يعلمون نصيبًا مما رزقناهم ...)

    ثم قال تعالى: وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ [النحل:56]، والله لقد كان في بستان جدي وأبي نخلة سيدي عبد القادر، وأخرى نخلة سيدي أحمد، المشايخ متعددون! وهكذا أيما فلاح في اليمن، في الهند من المسلمين في قرون الهبوط يغرس بستانًا فلا بد أن يوقف شجرة ويقول: هذه الشجرة لسيدي فلان، حتى أصحاب الزيتون هذا الزيتون الذي يزرع يجعلون منه للولي ولا بد حتى يحفظ ذلك البستان وما فيه.

    ورثنا هذا من أين؟ عن المشركين العرب، إلا أن المشركين العرب أحسن، لم؟ لأنك حين تقول: هذه نخلة عبد القادر والله ما تعطي واحدًا تمرة منها، ولو لم تنتج هذه النخلة تعطيه نخلة أخرى.

    وأمّا حال المشركين فاسمع قول الله: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا [الأنعام:136]، من المخبر يرحمكم الله؟ أليس الله؟ هذه في سورة الأنعام: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ [الأنعام:136] أي: خلق وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ [الأنعام:136] الله ما طلب ولا شرع هذا وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ [الأنعام:136] الشاة التي جعلوا لله إذا ماتت لا يعوضون الله أخرى.

    العنب أو التمر أو الزيتون الذي لله إذا لم ينتج ما يجعلون لله شيئًا آخر، والآلهة يعوضونها من حق الله تعالى، ويقولوا: الله ما هو في حاجة إلى هذا. وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ [الأنعام:136] أي: خلق مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [الأنعام:136]، وهذه عندنا موجودة أيضاً وعند العرب والمسلمين: هذه شاة سيدي فلان، هذه بقرة سيدي فلان، هذه عنزة فلان، والعياذ بالله.

    فقال تعالى: وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ [النحل:56] وتكذبون على الله عز وجل، هذه الآيات لما بلغت العرب آمنوا وأسلموا؛ لأنها تدخل القلوب: تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ [النحل:56] وتكذبون وتقولون هذه لله وهذا لفلان وفلان. سيبوا السوائب وما إلى ذلك للآلهة.

    أسمعكم الآيات مرة ثانية فتأملوها:

    وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَلَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ * وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ [النحل:51-56].

    الله يقسم: تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ [النحل:56] تكذبون وتختلقون الأباطيل: هذا لله وهذا لكذا وهذا لكذا ولكذا.

    معاشر المستمعين والمستمعات! أسألكم بالله: لو كان المسلمون في قراهم ومدنهم طول العام يجتمعون على القرآن هكذا فهل سيبقى بينهم ظالم؟ هل سيبقى بينهم فاسق فاجر كافر؟ والله لا يكون، لكن العدو صرفنا عن القرآن فحولوه إلى الموتى، إلى الآن ما يجتمع اثنان على آية يتدارسانها، فما المانع؟

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    قال المؤلف غفر الله لنا وله: [ هداية الآيات] لكل آية هداية، كل آية علامة على أن الله لا إله إلا هو، وأن محمدًا رسول الله، والله العظيم إن كل آية -والقرآن فيه ستة آلاف ومائتان وست وثلاثون آية- كل آية علامة على أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.

    بيان ذلك أن هذه الآية علم، وقالها الله تعالى؛ إذ لا بد أنه قالها قائل، من هو؟ الله، ما هناك إلا الله، إذاً: الله لا إله إلا هو، وعلى من نزلت هذه الآية؟ على محمد صلى الله عليه وسلم، إذاً هو رسول الله، كل آية في القرآن تدل دلالة علمية عقلية قطعية أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    قال: [من هداية الآيات:

    أولاً: تقرير التوحيد بعبادة الله وحده ]، وهذه مأخوذة من قوله: وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ [النحل:51].

    [ ثانياً: وجوب الرهبة من الله دون سواه ]، الخوف والرهبة لن تكون من قبر ولا من شخص، ولكن من الله عز وجل.

    [ ثالثاً: وجوب الدين لله؛ إذ هو الإله الحق دون غيره ] أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:3].

    [ رابعاً: كل نعمة بالعبد صغرت أو كبرت فهي من الله سبحانه وتعالى ]، قال: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النحل:53].

    [ خامساً: تهديد المشركين إن أصروا على شركهم وعدم توبتهم ]

    أما قال: فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [النحل:55]؟ هذا هو التهديد.

    [ سادساً: التنديد بالمشركين وتشريعهم الباطل بالتحليل والتحريم والإعطاء والمنع ] إذ يحللون ويحرمون ويعطون هذا ويمنعون هذا.

    والله تعالى نسأل أن ينفعنا وإياكم بكتابه وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    دعاء

    معاشر المستمعين! جاءنا أحد المؤمنين عند الدرس وقال: عنده مرضى في المستشفى في العناية المركزة فادع الله لهم بالشفاء، هيا ندعو الله تعالى لنا ولهم:

    اللهم يا أرحم الراحمين ويا رب العالمين، ويا ولي المؤمنين ويا متولي الصالحين اشف هؤلاء المرضى ومرضى المؤمنين يا رب العالمين!

    اللهم إنا نسألك يا أرحم الراحمين يا ولي المؤمنين يا متولي الصالحين أن تطفئ نار الفتنة التي بين عبادك في الجزائر يا رب العالمين!

    اللهم أطفئ نارها، اللهم أطفئ نارها، واجمع قلوبهم على تقواك يا رب العالمين.

    اللهم أعز بهم الإسلام ولا تذله يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك لهذه الديار ولملكها ولإخوانه أن تحفظهم وتكلأهم وتزيد في قوتهم ونصرتهم يا رب العالمين إنك ولي المؤمنين، واحفظ كل مؤمن ومؤمنة بيننا يا رب العالمين.

    وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718655

    عدد مرات الحفظ

    754728793