إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [201]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم أخذ الأب مال ولده ليصرفه في المحرمات

    السؤال: ما مدى صحة الحديث القائل: الولد وما ملك لأبيه، فإن زوجي يفرض على أحد أبنائه أن يعطيه المال رغم فسقه وفجوره، فكيف أن الابن يتعب ويشقى في جمع المال ثم يعطيه لمثل هذا الأب ليصرفه في المحرمات، ويوزع منه على إخوته الباقين، ويحرضهم ضد أخيهم حتى غرس الكره والعداوة بينهم؟ فهل يلزم هذا الابن إعطاء والده ماله أو شيئاً منه وهو بهذه الحال أم لا؟

    الجواب: إن ما أشارت إليه السائلة من الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ( أنت ومالك لأبيك) هو حديث حجة، ولهذا قال أهل العلم: إن الأب له أن يتملك من مال ولده ما لا يضر الولد، ولا يحتاجه، فأما ما تعلقت به حاجة الولد، أو كان يضر الولد، فإنه ليس له أن يتملكه، وكذلك إذا كان الأب يأخذه منه ليصرفه في أمور محرمة، فإن ذلك حرام عليه، ولا يملك هذا الشيء؛ لأنه -أعني: الأب- لا يملك أن يصرف ماله الخاص به في معاصي الله، فكيف بمال ابنه؟! وعلى هذا؛ فإننا ننصح هذا الأب بأن يتقي الله عز وجل في ولده وفي أهله، بل وفي نفسه ويرجع إلى الله ويتوب إليه ويقبل على صلواته وعلى عباداته حتى يلقى الله تعالى وهو ومؤمن، ونسأل الله العافية والسلامة من الشرور.

    1.   

    حكم التستر على المجرمين وإخفائهم

    السؤال: ما حكم من أخفى مجرماً عن العدالة أو ساعده على الهرب أو الاختفاء؟

    الجواب: يقول الله عز وجل: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] ، فلا يجوز لأحد أن يعين آثماً أو معتدياً على إثمه وعدوانه أياً كان، فهذا الظالم المعتدي المجرم لا تجوز مساعدته في تمكنه من الهرب أو الستر عليه، اللهم إلا إذا كان في ذلك مصلحة، مثل أن يكون هذا المجرم لم يسبق منه بادرة، وظاهر حاله الصلاح، فإننا هنا يمكن أن نقول: إن الستر عليه مستحب في هذه الحال، إذا علمنا أنه سيستقيم، بل إذا غلب على الظن أنه سيستقيم ويرجع إلى الله عز وجل، فأما من عرف بالفساد، ولا يظن فيه الخير، فإنه لا يجوز الستر عليه، وهذا لا يعارض قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، أو ستر الله عليه في الدنيا والآخرة)، فإن المراد بذلك من كان في ستره مصلحة، وأما من كان ستره يزيده في الشر والتوغل في العدوان، فإن ستره في هذه الحال لا يجوز.

    1.   

    حكم التستر على المقيمين في الدولة بصفة غير نظامية

    السؤال: هل يدخل في هذا التستر على الأجانب المقيمين مثلاً بصفة غير شرعية الذين قد يخشى من وقوع ضرر منهم أو كان مخالفاً لتعاليم وأنظمة الدولة؟

    الجواب: وهذا أيضاً مثله، مثل هذا أيضاً الستر على من أقام في البلاد بغير نظام؛ وذلك لأن الدولة تنظم النظم التي ترى أنه من مصلحتها ومن مصلحة رعيتها، فإذا ستر على من خالف هذه الأنظمة، فمعنى ذلك أنه أعان هذا المخالف على مخالفته، ثم إن هذا ليس من النصيحة لدولته وحكومته، بل هذا من الإساءة وسوء السمعة، حتى الناس الأجانب إذا رأوا من الرعية مثل هذه الأمور، وأنهم يخونون الدولة في أنظمتها، ويسترون ما يخالفها، لا شك أنهم يأخذون طابعاً سيئاً عن هذا الشعب بالنسبة إلى حكومتهم، فالواجب علينا كرعية تحت راع بايعناه على السمع والطاعة بالمعروف، الواجب علينا أن نعينه على أنظمته التي لا تخالف الشرع، والتي يقصد منها مصلحة الرعية ومصلحة البلاد، حتى يكون الراعي والرعية متلاقيين فيما هو من مصلحة البلاد ومنفعته.

    1.   

    حكم اختفاء القاتل وهربه من إقامة الحد عليه وكيفية توبته

    السؤال: إذا ارتكب الإنسان جريمة عليها حد شرعي أو قصاص، وهرب واختفى حتى ماتت القضية ولم يعد البحث عنه قائماً وقد تاب إلى الله وندم على ما فعل، فهل يكفيه هذا أم لابد من تسليم نفسه لإقامة الحد عليه، أو لأخذ القصاص منه؟ وإن لم يفعل ذلك فما الحكم؟ وهل هناك فرق فيما إذا كان معتدياً أو مدافعاً عن نفسه؟

    الجواب: الإنسان الفاعل لجريمة لا يخلو من حالين؛ إحداهما: أن تكون جريمته متعلقة بحق العباد، فهذه لابد من إيصال حق العباد إليهم مهما كان الأمر، كالقصاص الوارد في سؤاله، فالإنسان مثلاً إذا جنى على شخص فقطع عضواً منه أو قتله، فإنه يجب عليه أن يسلم نفسه إلى ولي هذا القصاص، سواء كان المجني عليه باقياً، وذلك في قطع العضو، أو أولياؤه إذا كان قد مات، أما إذا كان الأمر وهو الحال الثانية يتعلق بحق الله عز وجل، فإنه إذا تاب فيما بينه وبين ربه قبل أن يقبض عليه سقط عنه الحد، ولم يجب على ولي الأمر إقامته إذا علم أنه صلح ورجع إلى الله عز وجل وتاب عليه؛ لقوله تعالى: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:33-34].

    1.   

    الحث على المحافظة على شعيرة الصلاة وإخراج زكاة المال المدخر

    السؤال: أنا أعمل بالعراق منذ حوالي ثلاث سنوات تقريباً، وقد جمعت مبلغاً من المال، ولكني لم أخرج زكاته لصعوبة أحوالي المادية، فعلي الكثير من الدين وأهلي في بلدي ينتظرون مساعدتي لهم بإرسال المال إليهم، فهل علي شيء في ذلك؟ وكذلك بالنسبة للصلاة، فعملي يستمر ثلاث عشرة ساعة متواصلة فلا أتمكن من أدائها، ولو صليتها يوماً ما صليتها في اليوم الآخر، فما الحكم في فعلي هذا؟

    الجواب: تضمن فعلك هذا أمرين؛ أحدهما: ترك الصلاة، والثاني: ترك الزكاة، وهما أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، فأما الصلاة فإنك لا تعذر بتركها أبداً بأي حال من الأحوال، يجب عليك أن تصلي الصلاة لوقتها مهما كان الأمر، حتى لو قدر أنك تفصل من هذه الوظيفة إلى وظيفة أخرى، أو إلى أن تخرج إلى البر وتحتطب وتبيع الحطب وتأكله، فإنه يجب عليك أن تؤدي الصلاة، ولا يحق لك أن تؤجلها كما يفعله بعض الجهلة إلى أن يناموا، فإذا جاءوا للنوم صلوا الصلوات الخمس،هذا محرم ولا يجوز، وهو من كبائر الذنوب، بل من أكبر الكبائر والعياذ بالله؛ لأنه قد يؤدي إلى الكفر.

    وأما الزكاة، فإن هذا المال الذي تكتسبه إذا بقي عندك حتى تم عليه الحول، فإنه يجب عليك أن تؤدي زكاته، وأما كون أهلك ينتظرون ما ترسل إليهم من الدراهم، فلا يمنع وجوب الزكاة، والزكاة ليست شيئاً صعباً، وليست جزءاً كبيراً من المال، ما هي إلا واحد في الأربعين فقط، يعني اثنين ونصف في المائة، فهو أمر بسيط وأمر يسير، وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن الصدقة لا تنقص المال، فهي -أي: الصدقة- تزيده بركة ونمواً، ويفتح الله للإنسان من أبواب الخير ما لا يخطر على باله إذا أدى ما أوجب عليه الله في ماله، فعليك أن تزكي كل مال تم عليه الحول عندك، أما ما أنفقته أو قضيت به ديناً قبل أن يتم الحول عليه، فإنه لا زكاة عليك فيه.

    1.   

    حكم قضاء الدين إن سرق من المقترض

    السؤال: سافرت في إحدى المرات إلى إحدى البلاد، واقترضت مبلغاً من المال من أحد الأشخاص، ولكن فقدت ذلك المال وقد أخبرته بذلك فلم يصدق ولم يقتنع، وأصر على أن أعطيه نقوده في وقت ضيق حدده هو، فما العمل؟ وهل يلزمني دفع ماله حتى لو كان سرق مني؟

    الجواب: إذا استقرضت مالاً من شخص، فإن هذا المال يكون ديناً في ذمتك، ويكون المال الذي استقرضته ملكاً لك، وعلى هذا فإذا سرق أو احترق أو سقط وضاع، فإنه على نصيبك، وليس على نصيب المقرض، فالمقرض ثبت حقه في ذمتك ديناً عليك، فعليك أن توفيه إياه؛ وعلى هذا فالذي يطالبك بما أقرضته يجب عليك أن تؤديه إليه، لأنه كما قلت: إذا كان قد أقرضك، فأنت تملك المال المقرض، ويبقى عوضه ديناً في ذمتك توفيه لصاحبه، وكونه عينه لمدة معينة، هو على ما اتفقتما عليه، إذا كان قد أقرضك إلى شهر أو إلى سنة أو إلى أكثر أو أقل، فإنه يكون على ما اتفقتما عليه، ويتعجل بحسب التأجيل أو بحسب الأجل الذي اتفقتما عليه، هذا هو الصحيح في هذه المسألة، أن القرض يجوز تأجيله، ولا يجوز للمقرض إذا أجله أن يطالب به قبل تمام الأجل، وإن كان بعض أهل العلم رحمهم الله يقولون: إن القرض لا يتأجل بتأجيله، وأن المقرض لو أجله فله أن يطالب به قبل الأجل لأن الأجل عندهم لاغ، والصواب أن الأجل إذا اتفق عليه ثابت لا تجوز المطالبة بالقرض قبل أن يتم.

    مداخلة: هذا المال الذي سرق منه يضمنه لصاحبه حتى لو كان سرق من حرز؟

    الشيخ: المال هذا مال ما دام قرضاً فهو في ملك المقترض، والمقرض ثبت حقه في ذمة المقترض، وما له دخل في هذا المال، نعم لو كان المال وديعة، يعني قال له: خذ هذا المال عندك وديعة، أو خذ هذا المال أده إلى أهلي في البلد الفلاني، فحينئذ إذا ضاع هذا المال بدون تفريط من هذا الذي أخذه، وبدون تعدي، فإنه لا ضمان عليه، أما إن فرط ووضعه في مكان ليس محرزاً، أو تعدى فأنفقه لحاجته، فإنه بذلك يكون ضامناً، فأما إذا لم يكن تعد ولا تفريط، وكان المال لصاحبه وديعة عند هذا الرجل، أو أعطاه إياه ليدفعه إلى شخص أو إلى أهله في بلد آخر، وضاع بلا تعد ولا تفريط أو سرق، فإنه لا شيء عليه.

    1.   

    معنى قوله تعالى: (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر...)

    السؤال: ما معنى قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ [الأنعام:146]؟

    الجواب: معنى هذه الآية أن الله يخبر بأنه حرم على الذين هادوا وهم اليهود، حرم عليهم كل ذي ظفر من البهائم، وذي الظفر قال أهل العلم: هو الذي ليس فيه شق في يديه ولا في رجليه، تكون يداه ورجلاه طبقة واحدة، بمعنى أنه يكون كخف بعير مثلاً غير مشقوق، لأن الأرجل في البهائم منها ما هو مشقوق، كالماعز والبقر، ومنها ما هو غير مشقوق، كالإبل، فحرم عليهم كل ذي ظفر، وحرم عليهم من البقر والغنم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم، فإنه حلال لهم، وبين الله سبحانه وتعالى أن هذا التحريم إنما هو ببغيهم وعدوانهم، وأنهم لما بغوا واعتدوا حرم عليهم بعض الطيبات، كما قال تعالى في آية أخرى: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا [النساء:160] ، وهو نوع من العقاب، ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ [الأنعام:146] ، وهنا الضمير يعود إلى الله عز وجل، وإنما جاء بصيغة الجمع للتعظيم، وهو سبحانه وتعالى أصدق القائلين، وأعدل الحاكمين.

    ويؤخذ من هذه الآيات الكريمة أن الإنسان بمعصية ربه وببغيه قد يحرم بعض الطيبات، إما شرعاً كما حصل لليهود، وإما قدراً، فإن الإنسان قد يصاب بآفات تمنعه من تناول بعض الطيبات بسبب عدوانه وبغيه، وكذلك أيضاً قد يحدث الله تعالى الجدب والقحط وقلة الثمار بسبب المعاصي والذنوب، فرزق الله عز وجل، والطيبات التي أحلها للعباد، إذا بغوا واعتدوا فقد يحرمون إياها إما شرعاً وإما كوناً وقدراً، لكن يوفق الناس لو فعلوا ما أمر به الله ورسوله، وقاموا بطاعة ربهم، فإن الله يقول: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ [الأعراف:96] ، نسأل الله تعالى أن يحقق للمسلمين الإيمان والتقوى.

    مداخلة: هذا التحريم هل هو خاص باليهود فقط؟

    الشيخ: إي نعم، خاص باليهود؛ لقوله تعالى: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا [النساء:160] ، تقديم المعمول كما قال أهل العلم: يفيد الحصر.

    مداخلة: وهل هو عام إلى يوم القيامة ومستمر في الوقت؟

    الشيخ: هذا عام لهم، وفي شريعتهم لم ينسخ.

    مداخلة: لم ينسخ إلى يوم القيامة.

    الشيخ: إلى يوم القيامة، لكن الشريعة كلها، شريعة اليهود وشريعة النصارى، وكل الشرائع نسخت بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن ما داموا متمسكين بدينهم، وهم يعتقدون أنه على دينهم فإن هذا محرم عليهم.

    1.   

    حكم الاتفاق على تزويج كل ولي لموليته بالآخر على أن يدفع لها ما يحدده من حلي وملابس

    السؤال: حصل عندنا زواج بين رجل من أقاربي وشخص آخر، ولكن فيه شك في صحته، فقد حصل أن اتفق هذا الرجل مع شخص آخر على أن يتزوج ابنته وهو يزوج أخته لابن ذلك الرجل، واشترط كل واحد منهما أن يدفع الآخر ما يلزم للفتاة من ملابس وحلي حسب ما يحدده هو، فهل مثل هذا النكاح صحيح أم يدخل في الشغار المحرم؟ فإن كان كذلك فماذا عليهم أن يفعلوا الآن؟ وإن لم يكن من قبيل الشغار فما هو الشغار إذاً؟

    الجواب: هذه الصورة التي ذكرتها لا شك أنها من الشغار، لأنه لم يبدو فيها من المهر إلا ملابس المرأة وحليها، وهذا ليس مهراً معتاداً في وقتنا هذا، فالمهر في وقتنا هذا لا يقتصر على الحلي والملابس للمرأة، بل يكون معه نقود، وعلى هذا فقد زوج كل منهما الآخر بمهر أقل من مهر المثل، وهذا شغار بلا شك؛ وذلك لأنه أصبح المهر في شيئين من المال ومن الأبضاع، فكأن كل واحدة صار مهرها هذا المال الذي بذل لها، وبضع الأخرى، وهذا محرم ولا يجوز، ولهذا قال الله عز وجل في القرآن: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ [النساء:24] ، فجعل الله سبحانه وتعالى المهر مالاً فقط، أن تبتغوا بأموالكم، وهذان الرجلان كان المهر بينهما مالاً وبضعاً، وعلى هذا فهو حرام، ويكون داخل في الشغار، أما لو بذل كل منهما للمرأة مهر مثلها، وكان كل منهما كفؤاً لمن تزوج بها، ورضت كل منهما به، فهذا أحله بعض أهل العلم وقال: إنه لا يدخل في الشغار، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه من الشغار، ولا ريب أن المنع منه أولى؛ لأن الناس في زمننا هذا قلت أمانتهم، وصار الواحد منهم لا يهمه مصلحة موليته، وإنما يهمه مصلحة نفسه، فالذي ينبغي أن نمنع هذا مطلقاً سداً للذريعة ودفعاً للفساد.

    1.   

    حكم صرف دية المقتول في صدقة جارية ونحوها

    السؤال: هل يجوز أخذ دية المقتول والعمل بها في عمل يكون وقفاً له، كبناء مسجد أو أي شيء يكون صدقة جارية له، أو التصدق بها للفقراء والمساكين؟

    الجواب: دية المقتول تؤخذ، وهي ملك لورثته يتصرفون فيها كما يشاءون، ولا يجوز أن تصرف في مصالح خيرية إذا كان الورثة غير مرشدين، كأن كانوا صغاراً أو سفهاء أو مجانين، فإن الواجب أن يبقى نصيب كل من اتصف بواحدة من هذه الصفات، أن يبقى له موفراً، ولا يجوز لهم أن يصرفوها فيما ذكره السائل، من بناء مسجد أو غيره، أما إذا كان الورثة كلهم مرشدين، ورأوا أن يصرفوها إلى جهة خير تكون للمقتول، فإن هذا لا بأس به.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756590310