إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [567]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    مقدار الزمن بين أذاني الجمعة

    السؤال: هل ترك الأذان الأول في الجمعة أولى إذا كان لا يحصل منه فائدة حيث إن العادة عندنا في بلادنا بأن الفاصل بين الأذانين لا يجاور خمساً أو سبع دقائق ويقوم المصلون فيصلون بين الأذانين ركعتين يعتقدون بأنها سنة للجمعة أفتونا بهذا مأجورين؟

    الجواب: هذا العمل الذي ذكره السائل عن أهل بلده ليس هو العمل المشروع، إذ إن الأذان الأول في صلاة الجمعة يكون بينه وبين مجي الإمام فترة؛ لأن أمير المؤمنين عثمان بن عفان لما سنه للمسلمين سنه من أجل أن يأتي إلى المسجد من كان بعيداً منه، فإنه إنما سنه رضي الله عنه حين اتسعت المدينة وكثر أهلها رأى بثاقب فقهه أن يؤذن أذان أول سابق على الأذان الذي يكون عند حضور الإمام، فلو جعل بينه وبين الأذان الذي يكون عند حضور الإمام فترة طويلة يتمكن بها الناس البعيدون من الحضور لكان أولى، يعني: لو جعل بين الأول والثاني نحو ساعة أو ساعة وعشر دقائق أو ساعة إلا عشر دقائق كان هذا أولى وأرفق بالناس حتى ينتبهوا للجمعة ويتأهبوا لها ويحضروا إليها قبل مجيء الإمام، هذا هو الأفضل، أما ما ذكره عن بلاده فلا أعلم له أصلا.

    1.   

    مدى انتقاض الوضوء بوقوع النجاسة على البدن

    السؤال: إذا أصابت رجلي أو يدي نجاسة فغسلتها فهل أبقى على طهارتي بذلك أم أن النجاسة نقضت وضوئي؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: النجاسة لا تنقض الوضوء، فإذا أصاب الإنسان نجاسة فإن وضوءه باق ولكن يغسل هذه النجاسة، وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أن جميع الخارج من البدن لا ينقض الوضوء إلا البول والغائط، فأما الدم إذا خرج من الأنف أو إذا خرج من جرح أو نحو ذلك فإنه ليس بنجس ولا ينقض الوضوء سواء كان قليلا أم كثيراً.

    1.   

    حكم قول: عقيدة الطحاوي والعقيدة الواسطية ونحوهما

    السؤال: هل قول العقيدة الطحاوية أو العقيدة الواسطية فيه شيء فقد ذكر لي أحد الزملاء بأن ذلك لا يجوز؛ لأنه يخالف السنة والتوحيد؟ ولماذا لا يقال: عقيدة المسلمين أو عقيدة أهل السنة مثلا أرجو توضيح ذلك بالتفصيل مأجورين؟

    الجواب: نعم لا حرج أن يقال: العقيدة الواسطية أو العقيدة الطحاوية؛ لأنها من باب نسبة المصنف إلى مصنفه، وليس المراد بذلك عقيدة الطحاوي أو عقيدة ابن تيمية رحمه الله، المراد العقيدة التي كتبها الطحاوي والعقيدة التي كتبها شيخ الإسلام رحمه الله إجابة لأحد قضاة واسط، ولا حرج في ذلك، ونظيرها سورة البقرة مثلاً ما هي سورة البقرة هي سورة ذكرت فيها البقرة، ولهذا لما كان الحجاج يقول: السورة التي تذكر فيها البقرة، السورة التي تذكر فيها النساء بدلاً عن سورة البقرة والنساء ردوا عليه فقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم سماها سورة البقرة وكذلك سماها الصحابة وسموا سورة النساء وما أشبه ذلك، المهم أن أنه ليس المراد بذلك عقيدة الطحاوي المراد العقيدة التي كتبها الطحاوي وهي عقيدة المسلمين وكذلك العقيدة الواسطية.

    1.   

    الجمع بين الظهر والعصر لمن ينام ويستيقظ قريب الغروب

    السؤال: أنا طالب وكثيراً ما أذاكر ليلاً إلى الفجر ثم أنام بعد الشروق، وأحياناً أصحو وقد بقي على العصر حوالي عشر دقائق مما لا يكفي في بعض الأحيان للاغتسال وقضاء الحاجة فهل يشرع لي في مثل هذه الحالة أن أجمع الظهر مع العصر جمع تأخير فقد قرأت بأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة مرة دون عذر فلما سأل ابن عباس عن ذلك قال: أراد ألا يحرج أمته؟ أفتونا بذلك.

    الجواب: أما قول القائل: إنه سمع عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جمع في المدينة مرة من غير عذر فهذا ليس بصحيح، فالوارد في الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: جمع في المدينة من غير خوف ولا مطر، فنفى شيئا معيناً وهو الخوف والمطر، فدل ذلك على أن الرسول صلى الله عليه وسلم يجمع للخوف ويجمع للمطر لكن ابن عباس سئل عن ذلك فقال: أراد ألا يحرج أمته، وهذا دليل على أنه لا يجوز الجمع إلا إذا كان في تركه حرج، وأما إذا لم يكن في تركه حرج فالواجب أن يصلي الصلاة في وقتها بدون تأخير وبدون تقديم، وما ذكره السائل عن نفسه فإنا ننصحه أن يغير هذا، وأن يصلي الصلاة في وقتها وإني أظن أنه لو كان له موعد مع صاحب له في وقت الظهر ما نام عن هذا الموعد أو في وقت العصر ما نام عن هذا الموعد، فليستعن بالله عز وجل وليكن حازماً نشيطاً في أداء عبادة الله، وليجعل عنده منبهاً ينبهه إما ساعة رنانة وإما شخصاً يوكله فيقول: أيقظني في الساعة الفلانية.

    1.   

    من يتحمل الدية إذا مات القاتل

    السؤال: من مات وعليه دية هل يمكن مطالبة الأولياء بذلك وهل يجب عليهم الأداء؟

    الجواب: الدية إن كانت عوضاً عن مقتول عمداً فهي عليه هو فتكون في تركته بعد موته؛ لأنها دين عليه، وإن كانت الدية من قتل خطأ أو شبه عمد فإنها على عاقلته سواء كان حياً أو ميتاً.

    1.   

    الحكمة من تغسيل الميت

    السؤال: يقول السائل: ما هو السر من تغسيل الميت؟

    الجواب: السر في ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بذلك فقال في النساء الآتي يغسلن ابنته: ( اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك أن رأيتن ذلك )، وأمر به أيضا في قصة الرجل الذي وقصته ناقته وهو واقف في حجة الوداع فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( اغسلوه بماء وسدر )؛ ولأنه يغسل من أجل أن ينظف فيقدم على ربه عز وجل وهو في غاية النظافة، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام للنساء اللاتي يغسلن ابنته: ( ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك )، يعني: متى ما دعت الحاجة إلى الزيادة على السبع فإنه يزاد على السبع ولكن يقتصر بذلك على الوتر بمعنى أن تكون الغسلة الأخيرة وتراً.

    1.   

    براءة القاتل من دم المقتول إذا دفع الدية

    السؤال: القاتل عمدا أو خطأ إذا دفع الدية وقبل الأولياء هل تبرأ ذمته من الدم؟

    الجواب: تبرأ ذمته من الدم في الحياة الدنيا لا شك في ذلك؛ لأنه أدى ما عليه، أما بالنسبة للمقتول فإن تاب توبة نصوحاً خالصة فأرجو من الله تعالى أن الله تعالى يتحمل عنه بالنسبة للمقتول ويعطي المقتول جزاءً على ما فاته من الدنيا لعموم قول الله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-70] فذكر في هذه الذنوب العظائم قتل النفس، وظاهر الآيات العموم، وأن الله تعالى يكفر عنه بتوبته الصادقة فيتحمل عنه تبارك وتعالى ما وجب للمقتول من الحق، وقال بعض العلماء: بل إن حق المقتول يكون باقياً فيؤخذ من حسنات القاتل لكنه قول مرجوح؛ لأنه مخالف لظاهر الآية، وإذا كان المستدين إذا استدان شيئاً يريد الأداء أدى الله عنه أي: يسر له الأداء في الدنيا أو أداه عنه في الآخرة فهذا مثله إذا تاب الله عليه.

    1.   

    مقدار فدية الصوم للعاجز عنه

    السؤال: كم مقدار الفدية بالكيلو لمن لم يستطع الصوم؟

    الجواب: قال العلماء: إنه يطعم عن كل يوم مسكيناً وإطعام المسكين عن كل يوم إما أن يغديه أو يعشيه، وإما أن يعطيه مداً من الرز أو من البر، وأما الكيلو فيختلف؛ لأن بعض الحبوب أثقل من بعض فلا يمكن تحديده بالكيلو لهذا الاختلاف، لكن الفقهاء رحمهم الله قدروا الصاع النبوي بالمثاقيل إلا أنهم قالوا: إن هذا باعتبار البر الرزين أي الجيد.

    1.   

    إحالة قضايا الطلاق لقاضي المنطقة

    السؤال: طلق أبي أمي ثلاث مرات متقطعة في كل مرة يقول لها: لو حصل كذا أو كذا فأنت طالق ثم يردها بشهادة شهود ثم كانت المرة الثالثة أي الطلقة الثالثة ويريد أن يراجعها قبل أن تكتمل العدة فهل يجوز له مراجعتها خلال فترة العدة أم أنها حرمت عليه منذ وقوع الطلاق ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره؟

    الجواب: أحيل الجواب على هذا السؤال إلى القاضي عندهم في مكة أو إذا كان في بلدهم.

    1.   

    حكم خروج المطلقة من بيتها

    السؤال: هل يجوز للمطلقة الخروج من البيت لقضاء حاجاتها أو الزيارة لأحد من الأقارب خلال فترة العدة أم أنها بحكم الأرملة لا يجوز لها الخروج حتى تنقضي العدة؟

    الجواب: القول الراجح أن المرأة المطلقة إذا كان الطلاق رجعياً فهي كالزوجة التي لم تتطلق أي: أن لها أن تخرج إلى جيرانها أو أقاربها أو إلى المسجد لسماع المواعظ أو ما أشبه ذلك، وليست كالتي مات عنها زوجها وأما قوله تعالى: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ [الطلاق:1] فالمراد بالإخراج المفارقة يعني: لا تفارق البيت وتخرج وتسكن في بيت آخر وكذلك لا تخرجوهن منه حتى تسكن في بيت آخر، وأما الخروج لمجرد الزيارة فهذا لا بأس به، وعلى هذا فالخروج نوعان: خروج مفارقة بمعنى: أنها تخرج من البيت إلى بيت آخر فهذا لا يجوز سواء خرجت بنفسها أو أخرجت منه.

    والثاني خروج لعارض وترجع فهذا لا بأس به.

    1.   

    كيفية ردّ الدين إذا تغير سعره

    السؤال: السائل من اليمن يقول: إذا اقترض شخص من الناس مبلغاً ثم تغير صرف العملة فهل يرجع المال بسعره القديم أم الجديد خاصة بأن هناك عملات تغيرت أسعارها بشكل كبير جداً وضحوا لنا ذلك؟

    الجواب: إذا اقترض شخص من آخر نقداً فإنه يرده إليه بجنسه يعني: اقترض ريالات يمنية فإنه يردها ريالات يمنية سواء ارتفعت قيمتها أم انخفضت، كما أنه لو اقترض صاعاً من البر فإنه يرد صاعاً من البر سواء زادت القيمة أم نقصت ولو اقترض صاعاً من الرز فإنه يرد صاعاً من الرز سواء زادت القيمة أم نقصت، وهكذا أيضا النقد إذا اقترض نقداً فإنه يرد مثله سواء زاد أم نقص، نعم لو ألغي النقد بالمرة فإنه يرجع إلى بدله يعني: لو أُلغي النقد الذي استلفه ووضع بدله نقد آخر فإنه يرد بدله من هذا النقد الجديد.

    1.   

    لبس المرأة للعدسات الملونة

    السؤال: لقد انتشر بين أوساط النساء وخاصة طالبات الجامعة وضع العدسات اللاصقة في العين، وهي عدسات طبية لضعف في النظر ولكن هذه العدسات تستخدم أحياناً بألوان فتكون بلون أزرق أو أخضر أو عسلي بحيث يتغير لون العين الطبيعي علماً بأن هناك من يستخدم هذه العدسات لونة فقط للزينة والسؤال: هل في العدسات الملونة تغيير لخلق الله أو تشبه بالكافرات نرجو منكم التوجيه؟

    الجواب: ليس في هذه العدسات تغيير لخلق الله؛ لأن هذه العدسة تزال ليست ثابتة كالوشم، وإنما هي عبارة عن نظارة معينة ارتقى الطب حتى وصل إلى هذه الحال، ولكن لابد من أمرين:

    لابد من مراجعة الطبيب هل يمكن أن توضع في العين أو لا.

    والأمر الثاني: لابد أن تكون هذه العدسة لا تنقل عين المرأة إلى مشابهة عين الحيوان كأن تكون هذه العدسة شبه عين الأرنب أو نحو ذلك؛ لأن تشبه الإنسان بالحيوان تنزيل لنفسه من الأعلى إلى الأدنى.

    1.   

    حكم أذان وإمامة المصاب بسلس البول

    السؤال: رجل به سلس بول ويقوم بالأذان في المسجد وأحيانا يغيب الإمام فيؤم الناس هو وذلك بتوجيه من الإمام مع العلم بأنه يعرف أحكام الأذان والإمامة والأمور المتعلقة بفقه الصلاة ويحفظ القرآن كاملا ويقوم بتدريسه في حلقة من حلق المسجد لتحفيظ القرآن السؤال: هل تصح إمامته وأذانه وتدريسه للقرآن؟

    الجواب: ما دام أهلا لذلك فإنها تصح ولو كان صغيراً؛ لأن عمرو بن سلمة الجرمي أمّ قومه وله ست أو سبع سنين كما جاء ذلك في صحيح البخاري ، وكذلك في الأذان إذا كان له صوت جيد ويعرف كيف يؤذن فليؤذن ولو كان صغيراً، وكذلك في المصافة إذا صف مع إنسان خلف الصف فلا بأس ولو كان الإنسان الذي معه بالغاً وهو لم يبلغ.

    1.   

    وقت الطهارة لصاحب السلس

    السؤال: هل تصح الطهارة لمن به سلس قبل الأذان أم بعده وكيف تكون؟

    الجواب: كيفية الطهارة قبل الأذان ككيفيتها بعد الأذان، وإذا تطهر للصلاة قبل الأذان فلا حرج إلا من كان به سلس بول فإنه لا يتطهر للصلاة إلا إذا دخل وقتها.

    1.   

    أداء المصاب بالسلس أكثر من صلاة بوضوء واحد

    السؤال: هل يصلي من به سلس بوضوء واحد أكثر من صلاة؟

    الجواب: نعم يصلي بالوضوء الواحد أكثر من صلاة، سواء صلاها في وقت واحد كما لو كان عليه فوائت وقضاها في وقت واحد أو صلاها في أوقاتها، فلو توضأ لصلاة الفجر ولم ينتقض وضوؤه إلا بعد صلاة العشاء فصلى الصلوات الخمس كلها بوضوء واحد فلا حرج عليه.

    1.   

    حكم توكيل الإمام الراتب غيره في الإمامة وإعطائه أجرة على ذلك

    السؤال: إمام المسجد هو كفيله وأحيانا يغيب في الشهر خمسة أيام أو عشرة متصلة أو متفرقة، وكذلك في الصلوات اليومية فهل يحق للإمام أن يتقاضى راتباً كاملاً بدون أن يعطي المؤذن شيئاً مع العلم بأن المؤذن غير راضٍ عن إمامته للناس في كل هذه الأيام بدون أجر وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب: أقول إن الإنسان إذا أمسك إمامة المسجد فعليه أن يتقي الله عز وجل، وأن يقوم بهذه الوظيفة أتم قيام، وأن يحافظ عليها وألا يتغيب عنها إلا من عذر قاهر؛ لأنه نصب من قبل ولاة الأمور في هذا العمل الجليل، فعليه أن يوفي به؛ ولأنه يأخذ على هذا المكافأة من بيت المال فإذا أخل به لم يستحق المكافأة، بل لا يستحق منها إلا ما قام به فقط، ثم إن توكيل هذا المكفول بالصلاة بالناس وهم لا يرضونه لا يجوز أيضا؛ لأن الجماعة قد يرضون بفلان يكون إماماً ولا يرضون بالآخر، والذي وضع من قبل ولاة الأمور أمام هؤلاء الناس إنما هو الإمام الذي كان يتغيب، فنصيحتي لهذا الإمام ولأمثاله ممن يتهاونون بهذه الأمور أن يتقوا الله عز وجل، وأن يؤدوا الأمانة فيما التزموا به لولاة الأمور؛ لأن الله تعالى يقول: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا [الإسراء:34].

    أما بالنسبة للأذان فكذلك أيضا لا يؤذن هذا المكفول إلا بعد موافقة المسئولين عن المساجد وبرضا جماعة المسجد؛ لأن من ارتضى أن يكون مؤذناً قد لا يرتضى أحد بدله، فلا بد من مراجعة الجهات المسئولة، ومن العجب أن قوماً ظاهرهم الصلاح ويعتزون بأنهم صلحاء يأخذ إمامة المسجد ثم يكلها إلى رجل أجنبي مستخدم عنده أو مستخدم عند غيره ويعطيه من الراتب جزءاً يسيراً ويأخذ البقية وهو لم يصل، وهذا خيانة للأمانة وأكل للمال بالباطل، ولا يحل لا للإمام ولا لمن جعل إماماً أن يتقدم للمسجد، وإذا كان الإمام لا يستطيع المواظبة على الإمامة فليدعها لغيره، أما أن يحتجرها ويجعل شخصاً آخر يقوم بها بربع الراتب أو أقل ويأخذ الباقي له بأي شيءٍ يستحق هذا المال؟ باللعب والذهاب يميناً وشمالاً؟ أما يتقي الله؟ أما يخشى أن ترد دعوته بسبب أكل هذا المال المحرم؟ فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [المؤمنون:51] وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172] - هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم- ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب! ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك )، فكيف تطيب نفس عاقل مؤمن أن يأكل المال بهذه الطريقة بوسيلة دينية وهو لا يقوم بها، وعلى مراقبي شئون المساجد أن يتفقدوا المساجد، وأن يخرجوا هؤلاء الأئمة الذين التزموا بالإمامة أمام المسئولين ولكنهم لا يقومون بها أن ينتشلوهم من الظلم لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أنصر أخاك ظالما أو مظلوماً قالوا: يا رسول الله! هذا المظلوم ننصره لكن كيف ننصر الظالم؟ قال: تمنعه من الظلم، فذلك نصرك إياه ).

    ومن ذلك أيضاً: أن قوماً يأخذون المكافأة على فرش المسجد ثم يوكلون هذا إلى مستخدم يعطونه بعض المكافأة والباقي لهم، من الذي أحل لهم هذا؟ لكن هذه المسالة أهون؛ لأن هذه المسألة يمكن أن يكون هذا الذي قام بالفراشة يمكن أن يكون خادماً عند الذي تكفل بها أمام المسئولين فيكون هذا جائزاً؛ لأن هذا المستخدم خادم عند هذا الرجل فسواء خدمه بالبيت أو خدمه في المسجد قياماً بما يجب على من استخدمه فهو أهون، لكن أما أن يأتي بخادم خارج ليس عليه سلطه ولكنه يتفق معه على أن يقوم بفراشة المسجد على أن يعطيه شيئاً من المكافأة والباقي له فهذا أكل للمال بالباطل؛ لأن أخذ المال بلا عوض أكل للمال بالباطل هذا الضابط، لو فرضنا أن الجهات المسئولة في هذه المسالة الأخيرة مسألة الفراشة قالوا: لا يهمنا نحن نوافق المهم أن يكون المسجد نظيفاً يلاحظ سواء من الرجل الذي يأخذ المكافأة أم من غيره، فهذا قد يقال إنه لا بأس به مع أن في نفسي من ذلك حرجاً، إذ كيف يأخذ من المكافأة وهو لم يعمل شيئاً، فنسأل الله تعالى أن يقينا شح أنفسنا، وأن يعيننا على أداء الأمانة، وأن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755970725