إسلام ويب

شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [7]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من ملك منفعة عين ثم تملكها بعقد معاوضة مؤبد فإن العقد الأول يفسخ. وإذا استبدل الوكيل المؤجر أو انتهت ولايته لليتيم فإن ذلك لا يؤثر في العقود التي أبرمها من عقود الإيجار. وإذا ورد عقد على عقد فإن الحكم ينتقل إلى العقد الثاني، وأما العقود فالعبرة بمعانيها ل

    1.   

    القاعدة الخامسة والثلاثون: من ملك منفعة عين ثم ملكها بسبب آخر هل ينفسخ الأول؟

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [القاعدة الخامسة والثلاثون: من ملك منفعة عين بعقد ثم ملك العين بسبب آخر هل ينفسخ العقد الأول؟].

    تقدم في الدروس السابقة جملة من قواعد هذا الكتاب، فمن تلكم القواعد التي طرقنا الحديث حولها ما يتعلق بتداخل العبادات، وذكرنا ما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى من ضابط، وذكرنا أن الأقرب أن يقال: إذا كانت العبادة ليست مقصودة لغيرها دخلت مع غيرها من العبادات، أما إذا كانت كل من العبادتين مقصودة بذاتها فإنه لا تداخل.

    كذلك أيضاً سلف لنا ما يتعلق بتزاحم العبادات ذات الشرف أو الكثرة, يعني: إذا تزاحم عند الإنسان إما أن يفعل عبادة ذات شرف، أو أن يعدد هذه العبادة أيهما أفضل، وقسمنا ذلك إلى قسمين، وتكلمنا أيضاً عن إمكان الأداء هل هو شرط أو ليس شرطاً.

    وكذلك أيضاً ما يتعلق بالعين المنغمرة في غيرها هل تأخذ حكم العدم أو لا.. إلى آخر ما تكلمنا عليه من القواعد.

    ثم قال المؤلف رحمه الله: (القاعدة الخامسة والثلاثون: من ملك منفعة عين بعقد ثم ملك العين بسبب آخر فهل ينفسخ العقد الأول؟).

    صورة هذه القاعدة: أنه ملك المنفعة أولاً ثم ملك الرقبة، يعني: ملك منفعة هذه العين ثم بعد ذلك ملك الرقبة، فهل ينفسخ العقد الأول وهو ما يتعلق بالمنفعة أو لا؟

    فمثلاً: رجل استأجر دكاناً لمدة شهر، أو شهرين، أو سنة أو سنتين، هنا الآن ملك منفعة هذا الدكان لفترة من الزمن، ثم بعد ذلك اشترى هذا الدكان، فهل ينفسخ العقد الأول وهو عقد الإجارة لما اشترى الرقبة أو نقول: عقد الإجارة لا ينفسخ؟

    هذه القاعدة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

    ملك المنفعة بعقد معاوضة مؤبد

    القسم الأول: أن يملك المنفعة بعقد معاوضة مؤبد، فنقول: بأنه ينفسخ العقد الأول.

    مثال ذلك: رجل يباح له أن يتزوج الإماء وتوافر فيه شرطا تزوج الأمة: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ [النساء:25]، فهو لا يستطيع طول الحرة يعني مهر الحرة: ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُم [النساء:25]، ويخشى مشقة العزوبة، فتوافر فيه الشرطان، فتزوج هذه الأمة، ولما تزوجها أيسر الله عز وجل عليه، فاشترى هذه الزوجة، فهو الآن تزوج هذه الأمة، هذه الأمة كانت مملوكة، فذهب واشتراها، فما حكم العقد الأول؟

    يعني: اجتمع الآن عندنا عقدان: عقد النكاح، وعقد الشراء، فما حكم عقد النكاح؟

    يقول المؤلف رحمه الله تعالى: بأن عقد النكاح ينفسخ؛ لأنه ملك المنفعة بعقد معاوضة مؤبد، وعقد النكاح يدخله العلماء رحمهم الله -وإن كان هذا فيه شيء من النظر- في عقود المعاوضات.

    لكن الصحيح أن عقد النكاح ليس عقد معاوضة، هم يقولون: النكاح عقد معاوضة، فالزوج يبذل العوض وهو المهر، والزوجة تبذل المعوض وهو الاستمتاع، فهو عقد معاوضة، ويرتبون عليه أحكاماً كثيرة، مثل النفقات وغير ذلك من الأحكام، لكن ابن القيم رحمه الله لم يرتض ذلك، وكذلك أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ذكرا أن عقد النكاح ليس عقد معاوضة.

    على كل حال، على كلام المؤلف رحمه الله نقول من باب التقسيم: إنه إذا ملك المنفعة بعقد معاوضة مؤبد، ثم ملك العين، فما حكم العقد الأول؟ نقول: بأنه ينفسخ.

    ملك المنفعة بقصد معاوضة غير مؤبد

    القسم الثاني: أن يملك المنفعة بعقد معاوضة غير مؤبد، ثم بعد ذلك يملك الرقبة، فهنا لا ينفسخ العقد الأول.

    مثال ذلك: رجل استأجر دكاناً أو بيتاً ثم بعد ذلك اشترى هذا البيت، أو الدكان، أي أنه بعد أن استأجر اشترى، فهو الآن ملك المنفعة بعقد معاوضة، والإجارة من عقود المعاوضات، وهذا العقد ليس مؤبداً لأنه لفترة، يعني هو اشترى الآن المنافع لفترة مؤقتة فهو ليس عقداً مؤبداً، ثم بعد ذلك اشترى الرقبة.

    مادام أنه عقد معاوضة غير مؤبد فنقول: بأن العقد الأول لا ينفسخ، فكونه طرأ عليه العقد الثاني وهو ملك الرقبة لا ينفسخ بسببه، إذاً: ما ثمرة قوله: لا ينفسخ؟

    نقول: ما دام أنه عقد إجارة فإنه يأخذ أحكام الإجارة في هذه الفترة، فلو تبين أن في المنافع عيباً رجع بأرش الإجارة، وكذلك أيضاً لو حصل تلف لهذه العين في مدة الإجارة فهل الضمان يكون على المستأجر أو على المؤجر؟ يكون على المؤجر، مادام أن المستأجر لم يتعد ولم يفرط، لكن لو قلنا بأنه انفسخ عقد الإجارة وأصبح كل عقد بيعاً، ثم حصل تلف في هذه العين فإنه يكون من ضمان المشتري؛ لأنها دخلت في ملكه وأصبحت الآن من ضمان المشتري.

    خلاصة القسم الثاني: إذا ملك المنفعة بعقد معاوضة غير مؤبد ثم ملك الرقبة بعد ذلك، فنقول: بأن العقد الأول لا ينفسخ، وفي مدة الإجارة يأخذ أحكام الإجارة، وما بعد ذلك يأخذ أحكام البيع.

    ملك المنفعة بغير عقد معاوضة

    القسم الثالث: أن يملك المنفعة بغير عقد معاوضة، ثم بعد ذلك يملك الرقبة.

    مثال ذلك: رجل وصي له بمنافع رقيق، زيد أوصى لعمرو وقال: هذا الرقيق يخدم عمراً لمدة شهر أو شهرين، الآن عمرو يملك هذه المنافع بالإيصاء، أي: بعقد غير معاوضة.. عقد تبرع، ثم بعد ذلك ذهب الموصى له واشترى هذا الرقيق، اشترى هذه العين، فهل ينفسخ عقد الوصية؟

    عقد الوصية لا ينفسخ ما دام أنه ملك المنافع بالعقد الأول بغير عقد معاوضة عقد تبرع، ثم ملك الرقبة، لما ملك الموصى له الرقبة بالشراء، وفي وقت الوصية تثبت أحكام الوصية ثم بعد ذلك تثبت أحكام الشراء.

    ومثل ذلك أيضاً: لو وهبت له منافع هذا البيت، لك أن تسكن في هذا البيت لمدة سنة، ثم ذهب واشتراه، الآن ملك المنافع بعقد معاوضة أم عقد تبرع؟

    ملك المنافع بعقد تبرع، الآن لما اشترى هذا البيت هل ينفسخ العقد الأول أو لا ينفسخ؟ نقول: بأن العقد الأول لا ينفسخ، وعلى هذا تثبت للعقد الأول أحكام الهبات، والتبرعات، وتثبت للعقد الثاني أحكام البيع.

    1.   

    القاعدة السادسة والثلاثون: هل تنفسخ الإجارة بزوال ولاية المؤجر؟

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [من استأجر عيناً ممن له ولاية الإيجار ثم زالت ولايته قبل انقضاء المدة فهل تنفسخ الإجارة؟

    هذا قسمان:

    أحدهما: أن تكون إجارته بولاية محضة, فإن كان وكيلاً محضاً فالكلام في موكله دونه.

    وإن كان مستقلاً بالتصرف فإن انتقلت الولاية إلى غيره لا تنفسخ الإجارة; لأن الولي الثاني يقوم مقام الأول كما يقوم المالك الثاني مقام الأول, وإن زالت الولاية عن المولى عليه بالكلية كصبي يبلغ بعد إيجاره أو إيجار عقاره والمدة باقية, ففي الانفساخ وجهان: أشهرهما عدمه، وقول القاضي: أن تكون إجارته بملك ثم تنتقل إلى غيره, وهو أنواع].

    هذه القاعدة في الإجارة إذا اختلف المؤجر، هل تنفسخ الإجارة أو لا تنفسخ الإجارة؟ أضرب مثلاً:

    رجل وكل رجلاً أن يؤجر بيته، وبعد أن تم عقد الإجارة عزل المالك الوكيل ووكل غيره، فهل ينفسخ عقد الإجارة الأول أو لا ينفسخ؟ مع أنه تبدل المؤجر، والآن الوكيل الأول انتهى وأصبح هناك وكيل آخر غيره يتولى التأجير فهل ينفسخ عقد الإجارة الأول أو لا ينفسخ؟

    هذه القاعدة تحتها سبعة أقسام:

    إجارة من له ولاية محضة

    قول المؤلف رحمه الله تعالى: (أن تكون إجارته بولاية محضة).

    المراد بالولاية المحضة أي ليس له شيء من ملك الرقبة، فالذي أجر هنا ليس له شيء من ملك الرقبة، كالوكيل مثلاً أو الولي على الأيتام، أو ناظر الوقف أو الوصي، أي: هو الذي يملك مجرد العقد لكنه يملك الرقبة أي العين، فهذا معنى قوله: (ولاية محضة) يعني ليس له شيء من ملك الرقبة.

    قوله: (فإن كان وكيلاً محضاً فالكلام في موكله دونه).

    هذا القسم الأول: أن يكون المؤجر الوكيل ثم ينعزل، فنقول: بأن الإجارة لا تنفسخ.

    مثال ذلك: رجل وكل رجلاً في أن يؤجر بيته أو دكانه فأجره الوكيل لمدة سنة أو سنتين ثم بعد ذلك فسخت الوكالة وعزل، ما حكم عقد الإجارة الذي نفذه هل هو باق أو أنه ينفسخ؟

    نقول: بأنه باطل؛ لأن الأصل صحة التصرفات، فكونه تغير الوكيل هذا لا يؤثر على عقد الإجارة، هذا القسم الأول.

    إجارة من له تصرف مستقل

    القسم الثاني: قوله: (وإن كان مستقلاً بالتصرف فإن انتقلت الولاية إلى غيره لم تنفسخ؛ لأن الولي الثاني يقوم مقام الأول كما يقوم المالك الثاني مقام الأول).

    أي: أن يكون المؤجر هو الولي، ثم بعد ذلك انتقلت الولاية إلى غيره.

    مثال ذلك: هذا الرجل ولي على أيتام، أو ولي على هؤلاء القصر من السفهاء والمجانين فأجر بيتهم ثم بعد ذلك انفسخت ولايته، مثلاً: عزله القاضي، أو هو فسخ الولاية ونحو ذلك، فما حكم عقد الإجارة؟

    وهذا الفسخ هل يؤثر على عقد الإجارة أو لا يؤثر عليها؟ هذا لا يؤثر على عقد الإجارة، ويبقى عقد الإجارة صحيحاً، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (لأن الولي الثاني يقوم مقام الأول كما يقوم المالك الثاني مقام الأول) فالولي الثاني الآن يقوم مقام الأول في تنفيذ عقد الإجارة واستلام الأجرة، أما بالنسبة لعقد الإجارة فإنه يبقى كما هو عليه.

    زوال الولاية أثناء عقد الإجارة

    القسم الثالث: قال: (وإن زالت الولاية عن المولى عليه بالكلية، كصبي بلغ بعد إجارة أو إيجار عقاره والمدة باقية، ففي الانفساخ وجهان).

    مثال ذلك: عندنا يتيم، والولي عليه زيد من الناس -مثلاً أخوه- والذي أجر عقار هذا اليتيم لمدة سنة، ثم بلغ اليتيم الآن، فلما بلغ اليتيم زالت الولاية عنه، والله عز وجل يقول: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6]. ما دام أنه الآن بالغ ورشيد فليس لأحد عليه ولاية، فكونه زالت الولاية عنه أصبح الآن رشيداً له حق التصرف بنفسه، بلغ: حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ [النساء:6].. وآنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا [النساء:6] أي: رشيد يحسن التصرف، فهذا الولي قبل أن يبلغ الصبي أجر العقار لمدة سنة أو سنتين، فهنا زالت الولاية عن هذا اليتيم، هل يؤثر هذا على عقد الإجارة؟

    يقول المؤلف رحمه الله: فيه وجهان، أشهرهما على المذهب أن هذا لا يؤثر على عقد الإجارة، ويبقى عقد الإجارة على ما هو عليه، هذا إذا أجر عقاره.

    كذلك أيضاً لو أجره، قال المؤلف: (لصبي بلغ بعد إجارة أو إيجار عقاره)، يعني: أجر الصبي بأن جعل الصبي يشتغل ويعمل، فمثلاً أجره بألف لمدة سنة أو سنتين ثم بعد ذلك بلغ الصبي، فهل هذا يؤثر على عقد الإجارة أو لا يؤثر عليها مع أنه زالت الولاية عنه؟

    نقول: لا يؤثر على عقد الإجارة ويبقى عقد الإجارة صحيحاً؛ لأن الأصل صحة تصرفات الولي.

    لكن يبقى مسألة وهي أن الولي لا يملك أن يؤجر الصبي سنوات يظن أنها تزول ولايته أو يعلم أنها تزول ولايته فيها، مثلاً هو يعرف أن هذا الصبي سيبلغ بعد سنة ثم يؤجره لمدة عشر سنوات، فللصبي إذا بلغ أن يفسخ؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ولكن يملك أن يؤجر لمدة سنة، أو لمدة سنتين ونحو ذلك، لكن كونه يؤجره مدة طويلة يغلب على الظن أو يعلم أن المولى عليه تزول الولاية عنه في هذه الفترة نقول: هو لا يملك ذلك.

    انتقال الملك أثناء عقد الإجارة

    قول المؤلف رحمه الله: (والضرب الثاني: أن تكون إجارته بملك ثم تنتقل إلى غيره وهو أنواع).

    أي: أن تكون إجارته لا بالولاية وإنما على سبيل الملك, وما تقدم قال: إجارته على سبيل الولاية، أما الآن إجارته على سبيل الملك، فمثلاً: هذا رجل يملك هذا البيت فأجره ثم بعد ذلك انتقل الملك عنه، باعه، أو وهبه، أو وقفه.. نقل الملك فيه فما حكم عقد الإجارة؟ وهل يؤثر كونه انتقل أو لا يؤثر؟

    هذا لا يؤثر، والمشتري الثاني يقوم مقام المالك الأول في استحقاق القسط، يعني: قبل عقد البيع قسط الأجرة يكون للمالك الأول، وبعد العقد يكون للثاني، لكن لو أن الثاني ما علم أنه مؤجر فله حق الخيار، هذا القسم الرابع.

    انتقال الوقف أثناء عقد الإجارة

    القسم الخامس: إذا أجر الموقوف عليه ثم انتقل الوقف إلى البطن الثاني.

    مثال ذلك: هذا رجل قال: هذا البيت وقف على زيد ثم على عمرو، أو وقف على هذه الجمعية، ثم على هذه الجمعية، وزيد أخذه قال: هذا وقف على زيد، وزيد له منافع هذا البيت، له أن يستوفيها بنفسه، وله أن يستوفيها بنائبه بأن يؤجره أو يعيره، أو يهب المنافع فهو مالك المنافع.

    إذا أجره لمدة سنة ثم مات زيد فانتقل إلى عمرو من البطن الثاني، كونه الآن الموقوف عليه انتقل إلى البطن الثاني هل هذا يؤثر على الإجارة أو لا يؤثر على الإجارة؟

    هذا لا يؤثر على الإجارة ولا يفسخ عقد الإجارة.

    لكن أيضاً نقول: العلماء رحمهم الله يختلفون في الوقف هل يؤجر لمدة طويلة أو لا؟ يعني: البطن الأول هل له أن يؤجر الوقف إلى مدة طويلة؟

    لا، ليس له أن يؤجر الوقف إلى مدة طويلة؛ لأنه قد ينقرض البطن الأول ثم بعد ذلك ينتقل البطن الثاني, فيكون هنا تصرف في وقت لا يملك فيه التصرف.

    فالبطن الأول الموقوف عليه يملك أن يؤجر لمدة سنة، أو سنتين ونحو ذلك من الأشياء القريبة, ثم بعد ذلك إذا انقرض أو مات انتقل إلى البطن الثاني، والبطن الثاني يقوم مقام البطن الأول في استحقاق قسط الأجرة من حين موت الأول، لكن كونه ينتقل إليه فهل يؤثر على عقد الإجارة أو لا يؤثر على عقد الإجارة؟

    نقول: بأنه لا يؤثر على عقد الإجارة.

    انتقال الملك إلى طالب الشفعة

    القسم السادس: المشتري إذا أجر الشقص فإن هذا لا يؤثر على الشفعة.

    مثال ذلك: زيد وعمرو شريكان في أرض، فزيد باع نصيبه لصالح، فصالح الآن ملك نصيب زيد، وذهب وأجره مع أن عمرو الشريك هذا قد يشفع في يوم من الأيام، فما حكم تصرف المشتري وإجارة هذا الشقص؟ نقول: هذا التصرف صحيح، وإذا جاء عمرو وشفع بحيث أنه أخذ الشقص من صالح وأعطاه الذي دفعه لزيد, نقول: بأن هذا لا يؤثر على عقد الإجارة، وعقد الإجارة صحيح.

    تأجير المالك للعقار ثم بعد ذلك باعه والمشتري وجد فيه عيباً

    القسم السابع والأخير: إذا أجر المالك العقار ثم بعد ذلك باعه، والمشتري وجد فيه عيباً، الآن المشتري اشترى العين المؤجرة فهل تنفسخ الإجارة أو لا تنفسخ؟

    لا تنفسخ كما ذكرنا: أن من تصرف بمقتضى الملك يعني: نقل العين التي أجرها بالبيع أو الهبة هذا لا يفسخ الإجارة، فهذا زيد عنده عقار أجره ثم بعد ذلك باعه لعمرو، عقد الإجارة لا يزال باقياً، عمرو وجد فيه عيباً فرده على زيد، هل هذا يؤثر على عقد الإجارة أو لا يؤثر على عقد الإجارة؟ هذا لا يؤثر على عقد الإجارة.

    1.   

    القاعدة السابعة والثلاثون: إذا ورد عقد على عقد انتقل الحكم للثاني

    قال رحمه الله: [القاعدة السابعة والثلاثون: في توارد العقود المختلفة بعضها على بعض, وتداخل أحكامها].

    القاعدة السابعة والثلاثون معناها: إذا ورد عقد على عقد انتقل الحكم من العقد الأول إلى العقد الثاني، وهذا يتضح بالأمثلة.

    المثال الأول: أن يرد عقد الرهن على المغصوب، فالمغصوب يكون رهناً حينئذ وتختلف الأحكام، مثال ذلك: هذا زيد غصب السيارة من عمرو، وعمرو طلب من زيد أن يقرضه، الغاصب الآن أقرض صاحب السيارة ألف ريال، قال: أعطني رهناً، قال: السيارة التي غصبتها تكون رهناً، السيارة في أول الأمر هي غصب، ثم بعد ذلك قال: المغصوب الآن نجعله رهناً وأقرضني ألف ريال أو عشرة آلاف.

    الآن ورد الرهن على الغصب، نقول: ننتقل إلى الحكم الثاني، وهو كونه ارهناً وتختلف الأحكام فكيف تختلف؟ لما كانت هذه السيارة غصباً يكون الغاصب ضامناً لو تلفت، فإنه يضمن سواء تعدى أو لم يتعد، فرط أو لم يفرط؛ لأنه بمجرد غصبه هو متعد، لكن الآن لما أصبحت رهناً انقلبت إلى كونها أمانة؛ لأن الرهن أمانة، لا يضمن المرتهن إلا بالتعدي أو بالتفريط.

    هنا توارد العقود كما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى، ينقل الحكم من العقد الأول إلى العقد الثاني، انتقل الحكم من عقد الغصب إلى عقد الرهن، وانتقل من كونه مضموناً إلى كونه أمانة غير مضمونة، لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط.

    المثال الثاني: إذا ورد عقد الرهن على العارية، هو استعار منه سيارة ثم جاء إلي وقال: أقرضني ألف ريال فقال: أعطني رهناً، قال: السيارة التي استعرتها مني تكون رهناً عندك، السيارة في أول الأمر هي عارية والآن أصبحت رهناً فالحكم يختلف أو لا يختلف؟ الحكم يختلف على المذهب؛ لأنه في العقد الأول العارية مضمونة على المذهب، المستعير يضمن مطلقاً سواء تعدى أو لم يتعد، فرط أو لم يفرط، لكن الآن لما أصبحت هذه السيارة رهناً أخذت حكم الأمانة، يعني لا يضمن المرتهن إلا بالتعدي أو التفريط.

    المثال الثالث: إذا ورد عقد العارية على الوديعة، هو الآن جعل عنده السيارة وديعة فطلب منه أن يستعير السيارة فأعاره هذه السيارة التي هي وديعة، فنقول: ينتقل العقد من كونه وديعة إلى كونه عارية، في الأول الوديعة في حكم الأمانة، والآن العارية في حكم الضمان.

    على المذهب العواري مضمونة مطلقاً إلا في مسائل يستثنونها كما سيأتي، لكن هنا الآن لما ورد عقد العارية على الوديعة انتقلت هذه العين من كونها أمانة لما كانت وديعة إلى كونها مضمونة لما أصبحت الآن عارية، وعلى هذا فقس.

    1.   

    القاعدة الثامنة والثلاثون: إذا وصل بألفاظ العقود ما يخرجها عن موضوعها هل تفسد أو لا؟

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [القاعدة الثامنة والثلاثون: فيما إذا وصل بألفاظ العقود ما يخرجها عن موضوعها فهل يفسد العقد بذلك أو يجعل كناية عما يمكن صحته على ذلك الوجه؟ وفيه خلاف, يلتفت إلى أن المغلب هل هو اللفظ أو المعنى؟ ويتخرج على ذلك مسائل] إلى آخره.

    هذه القاعدة الثامنة والثلاثون: العقد إذا انقلب إلى عقد آخر بسبب الشرط أو اللفظ، فهل يفسد أو لا يفسد وينتقل إلى العقد الآخر؟

    قول المؤلف رحمه الله تعالى: (فيه خلاف، يلتفت إلى أن الغالب هو اللفظ أو المعنى ويتخرج على ذلك مسائل) يعني: لكي نرجح يجب أن ننظر هل المراد المعاني بألفاظ العقود أو المراد المباني؟

    إذا قلنا: بأن المراد المعاني يصح، وإذا قلنا بأن المراد هو الألفاظ والمباني لا يصح.

    ويتفرع على ذلك صور ومنها العارية، وهي إباحة المنافع، لكن لو شرط العوض في العارية تصير إجارة؛ لأن الإجارة تملك المنافع، فمثلاً لو قال له: أعرني سيارة، قال: أعرتك السيارة لكن بألف ريال، تصبح الآن إجارة، العارية في السيارة مثلاً: لمدة يوم أو يومين بألف ريال، الآن انقلبت إلى كونها إجارة، كذلك أيضاً إذا شرط العوض في الهبة، قال: وهبتك الكتاب بشرط أن تعطيني عشرة ريالات، هو هبة لكنه انقلب الآن إلى بيعه؛ لأن البيع مبادلة مال بمال، فالآن وجدت المبادلة وهي مبادلة مال بمال، فهو الآن انقلب إلى كونه بيعاً.

    الوديعة أيضاً إذا أذن له في التصرف في الوديعة تكون قرضاً، هو أعطاه وديعة وأذن له أن يتصرف فيها فانقلبت إلى كونها قرضاً، وعلى هذا نقول: الناس الآن يودعون أموالهم في المصارف لكنها في الحقيقة قروض؛ لأنك تأذن له أن يتصرف فيها، فهو لا يجعل الدراهم محبوسة في الدرج، إنه يأخذها ويتصرف فيها بالبيع والشراء.. إلى آخره.

    ولذلك قلنا: إن الفائدة التي يعطيها المصرف للمودع هي ربا، لماذا؟ لأنها قرض بفائدة، فهو الآن لما أعطاه الدراهم على أنها وديعة أذن له في التصرف فانقلبت إلى كونها قرضاً.

    كذلك أيضاً: من أمثلة هذه القاعدة عقد السلم، إذ الأصل في عقد السلم أن يكون مؤجلاً؛ لأن السلم بيع لموصوف في الذمة، يقول مثلاً: أسلفتك ألفاً على أن تعطيني بعد سنة أو سنتين، أو شهراً أو شهرين كذا وكذا من الأقلام، أو من الكتب، أو من السيارات, أو من الثمار، أو من الزروع .. إلى آخره، تعطيني كذا وكذا صفة كذا وكذا، هذا بيع السلم، لكن لو كان حالاً هل يصح أو لا يصح؟

    لو قال: أسلفتك ألف ريال على أن تعطيني الآن مائة صاع من البر، أو تعطيني الآن ألف قلم صفته كذا وكذا، هل نقول يصح؟ أما أنه لا يصح أن يكون سلماً؛ لأن السلم كما تقدم بيع لموصوف في الذمة, وهذا الآن بيع حاضر، لكن هل ينقلب إلى كونه بيعاً ونصححه؟

    هذا موضع خلاف بين أهل العلم، فالشافعية رحمهم الله يصححون ذلك، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيقول: هذا صحيح بشرط ألا يكون المسلم فيه معدوماً، بخلاف ما عليه كثيرٌ من العلماء الذين يقولون: لا يصح، أنت إذا ذهبت تعقد عقداً إذا كان حالاً اعقد عليه عقد بيع ولا تعقد عليه عقد سلف فهم لا يصححونه.

    لكن الرأي الثاني يصح وينقلب إلى كون هذا العقد بيعاً.

    أيضاً من صور هذه القاعدة: إذا استأجر طعاماً هل يصح أو لا يصح؟ استأجر شمعاً ليشعله، بعض العلماء قال: لا يصح لأن الإجارة للأعيان التي تبقى.

    والرأي الثاني: أنه يصح مثل هذا العمل ويكون قرضاً، أو يكون بيعاً يعني نكيفه على أنه قرض, يعني أقرضه هذا الطعام الذي أكله، أو باعه.

    ومن ذلك أيضاً: النكاح بنية الطلاق، هل ينقلب إلى كونه نكاح متعة أو لا؟

    المشهور عند الحنابلة رحمهم الله أنه ينقلب إلى كونه نكاح متعة.

    المهم هذه القاعدة أنه إذا وجد ما يقلب العقد الأول إلى عقد آخر فهل نقول: يصح هذا وينتقل للعقد الآخر أو نقول: بأن هذا يفسد؟

    تقدم أن المؤلف رحمه الله جعل مبنى المسألة هل المعتبر اللفظ أو المعنى، والعقود المعتبر فيها المعاني، لا بالألفاظ والمباني، وتقدم لنا في قاعدة الترجمة لما تكلم المؤلف رحمه الله عن قاعدة الترجمة قال: يجوز الترجمة لأن المراد بها المعنى، يعني عقد البيع والإجارة، والشركة.. إلى آخره، يجوز أن تترجم هذه الأشياء؛ لأن اللفظ غير مراد، المراد هو المعنى.

    1.   

    القاعدة التاسعة والثلاثون: انعقاد العقود بالكنايات

    قال المؤلف رحمه الله: [القاعدة التاسعة والثلاثون: في انعقاد العقود بالكنايات، واختلاف الأصحاب في ذلك والصحيح الانعقاد إلا في النكاح].

    الكنايات جمع كناية، والعلماء رحمهم الله تعالى يقولون: العقود لها صيغتان: صيغة قولية، وصيغة فعلية.

    الصيغة القولية: هي الإيجاب والقبول، والإيجاب والقبول منه ما هو صريح، ومنه ما هو كناية، والفعلية: هي المعاطات الدالة عليها.

    والعقود تنعقد بالصريح، لكن بقينا في هذه القاعدة في الكنايات، هل تنعقد العقود بالكنايات، أو لا تنعقد بالكنايات؟

    والكناية: هي ما احتمل معنيين فأكثر.

    قال المؤلف رحمه الله: (واختلف الأصحاب في ذلك والصحيح الانعقاد).

    أي أن العقود تنعقد بالكنايات إلا أنه استثنى النكاح وقال: لا ينعقد.

    ومن أمثلة ذلك: الوقف ينعقد بالصريح أو بالكناية، الصريح للوقف أن يقول: حبست، سبلت، وقفت، الكناية أن يقول: حرمت، تصدقت، أبدت.

    فينعقد بالصريح: وقفت، وحبست، سبلت، وينعقد أيضاً بالكناية: حرمت، وأبدت، وتصدقت، إلا أن الكناية يقولون: لابد معها من نية أو قرينة؛ لأن الكناية ما يحتمل معنيين فأكثر، فلابد من شيء يخصص أحد المعاني، يعني يخصص معنى هذا العقد إما النية أو القرينة، شيء يعين المراد أو أنه نوى هذا العقد أو أراده.

    ومن الأمثلة على ذلك: الإجارة بلفظ البيع، لو قال: بعتك البيت لمدة سنة هذه كناية، ولو قال: أجرتك فهذا صريح، لكن لو قال: بعتك البيت لمدة سنة نقول: بأن هذا كناية ينعقد بها عقد الإجارة.

    ومن ذلك أيضاً: الرجعة بلفظ النكاح، لو قال: راجعت زوجتي، أو رددت زوجتي، أو أمسكت زوجتي بعد أن طلقها دونما يملك من العدد صح ذلك، لكن لو قال: نكحت زوجتي فهذه كناية، فإذا كان يقصد الرجعة فنقول: بأن هذا جائز ولا بأس به، وعلى هذا فقس.

    والمؤلف رحمه الله تعالى قال: (إلا النكاح)، وسبق أن أشرنا إلى هذه المسألة وأن الشافعية والحنابلة يشددون في عقد النكاح، يقولون: بأن عقد النكاح لا ينعقد إلا بلفظ الإنكاح أو التزويج، يعني: لا ينعقد إلا بهذين اللفظين؛ لأن هذين اللفظين هما اللفظان اللذان وردا في الكتاب والسنة فقط.

    والنكاح خطره عظيم لما يترتب عليه من استحلال الفروج، واختلاط المياه, واشتباه الأنساب ونحو ذلك فلا ينعقد، ولهذا الحنابلة لما أورد عليهم (أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج صفية وجعل عتقها صداقها). استثنوا هذه المسألة، فقالوا: لا بأس أن يعتق الأمة وأن يجعل عتقها صداقها.

    والحنفية والمالكية يتوسعون ومع ذلك هم يضيقون، يعني هم لا يحصرون بلفظ النكاح والتزويج وإن كانوا يجعلون بعض الألفاظ كالهبة والملك .. إلى آخره، لكنهم أيضاً يعددون.

    والصواب في ذلك ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وهو أن عقد النكاح وغيره من العقود ينعقد بكل ما دل عليه العرف من الصريح والكنايات.

    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وينعقد البيع والهبة وبكل ما دل عليه العرف من قول، أو فعل متعاقب أو متراخي.

    الخلاصة في ذلك: أن النكاح كغيره من العقود ينعقد بكل ما دل عليه العرف من الصريح والكناية، وفي حديث الواهبة نفسها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ملكتكها بما معك من القرآن ). وسبق أن أشرنا أن ظاهر كلام شيخ الإسلام أن عقد النكاح ينعقد حتى بالفعل، يظهر من كلامه أنه لو خطب إليه وأعطاه المهر ثم أعطاه المرأة أن هذا عقد.

    1.   

    القاعدة الأربعون: الحق المتعلق بملك العين يسقط بتبدل المالك بخلاف المتعلق بذاتها

    قال المؤلف رحمه الله: [القاعدة الأربعون: الأحكام المتعلقة بالأعيان بالنسبة إلى تبدل الأملاك واختلافها عليها نوعان:

    أحدهما: ما يتعلق الحكم فيه بملك واحد، فإذا زال ذلك الملك سقط الحكم، وصور ذلك كثيرة.

    النوع الثاني: ما يتعلق الحكم فيه بنفس العين من حيث هي تعلقاً لازماً يختص تعلقه بملك دون ملك، وله صور].

    هذه القاعدة في أثر تبدل الملك على الحق المتعلق بهذه العين، يعني هذه العين إذا تبدل فيها الملك، ملكها شخص وملكها شخص ما أثر تبدل الملك على الحقوق المتعلقة بهذه العين؟

    نقول: بأن هذه القاعدة تنقسم إلى قسمين:

    تعلق الحق بملك العين

    القسم الأول: أن يتعلق الحق بملك العين، فيسقط إذا تبدل الملك، أو نقول: تغير الملك إذا تعلق الحق أو الحكم بملك العين لا بنفس العين فيسقط إذا تبدل الملك وتغير ويسقط هذا الحق.

    مثال ذلك: أعاره السيارة لمدة شهر ثم بعد ذلك باع السيارة، السيارة الآن انتقلت إلى المشتري، انتقلت إلى زيد مثلاً، العارية بطلت لماذا؟ لأن العارية هي إباحة منافع، الآن لما باعه الآن السيارة انتقلت إلى المشتري وبطلت العارية، يعني: باعه بعد خمسة أيام فبطلت العارية، البائع الأول بعد أن بطلت العارية ذهب واشتراها مرة أخرى ممن اشتراها منه، فهل يعود حق العارية للمستعير أو نقول: بأنه بطل؟

    نقول: هذا الحق تعلق بأي شيء بنفس العين أو بملك العين؟ تعلق بملك العين لما كان مالكاً، فمادام أنه تعلق بملك العين فنقول: يسقط هذا الحق، فلو جاء المستعير يطالب المالك الأول وقال: أنت أعرتني لمدة شهر وأنا ما استخدمتها إلا مدة خمس أيام بقي خمسة وعشرون يوماً، نقول: لا يملك ذلك ويكون الحق قد سقط؛ لأنه الآن تبدل الملك فتبدل الملك هذا مادام أن الحكم يتعلق بالملك وقد تبدل نقول: بأن الحق قد سقط.

    ومن الأمثلة على ذلك: لو أوصى لزيد بسيارة فقال: هذه السيارة إذا مت فهي لزيد، أو لجمعية تحفيظ القرآن، لكنه أخذ السيارة وباعها، فبيع السيارة هذا إبطال للوصية، ثم اشترى السيارة مرة أخرى ثم بعد ذلك مات بعد أن رجعت السيارة إليه.

    أو مثلاً: باعها على زيد، زيد وهبها له لمن باعها عليه، مات هذا الرجل فهل نقول: بأن الوصية لا تزال باقية، أو نقول: بأن الوصية بطلت؟

    نقول: بأن الوصية هنا بطلت وسقطت، فلا يملك الموصى إليه أن يطالب الورثة بهذه السيارة، هذا إذا تعلق الحكم أو تعلق الحق بأي شيء؟

    تعلق الحق بنفس العين

    القسم الثاني: أن يتعلق الحكم أو الحق بالعين وليس بالملك، فإنه لا يسقط.

    ولهذا قال المؤلف رحمه الله: النوع الثاني: ما يتعلق الحكم فيه بنفس العين من حيث هي تعلقاً لازماً فلا يختص تعلقه بملك دون ملك يعني أنه ما يسقط، سواء ملكها زيد، أو ملكها عمرو، أو ملكها بكر، لا يختص بملك دون ملك، مادام أن التعلق هنا بنفس العين.

    وهذا له أمثلة ومن أمثلته: اقترض عمرو من زيد قرضاً وأعطاه السيارة رهناً، السيارة هذه غصبت ثم بعد ذلك خلصها المالك من الغاصب فهل تعود على أنها رهن، أو نقول: بأن الرهن سقط؟

    نقول: بأن الرهن لا يسقط؛ لأن الحكم تعلق بملك العين أو بنفس العين.

    ومثله أيضاً: لو سرقت هذه السيارة وقد جعل رهناً ثم بعد ذلك ردها السارق فإن الرهن لا يزال باقياً.

    وكذلك أيضاً من الأمثلة، على هذه القاعدة: لو أنه قال لزوجته: إن كلمتي زيداً فأنت طالق، فطلقها وما كلمت زيداً، ثم بعد ذلك عقد عليها، ثم كلمت زيداً، تطلق أو لا تطلق؟

    نقول: بأنها تطلق؛ لأن الحكم تعلق بنفس العين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755820394