إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب الجنائز [4]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يغسل الميت بعد النية برغوة السدر للحيته ورأسه ويعمم جسده بالثفل، وتستحب في غسله سنن كالتيامن والتثليث وغيرها، وعند الحاجة يزيد في الغسلات ولو جاوز السبع، ويجعل في آخر غسلة كافوراً ليشتد جسده وتطيب رائحته، والصواب في تقليم أظافر الميت وغيرها من سنن الفطرة

    1.   

    تابع آداب تغسيل الميت

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم ينوي غسله، ويسمي ويغسل برغوة السدر رأسه ولحيته فقط، ثم يغسل شقه الأيمن ثم الأيسر ثم كله ثلاثاً في كل مرة يده على بطنه، فإلم ينق بثلاث غسلات زيد حتى ينقى، ولو جاوز السبع، ويجعل في الغسلة الأخيرة كافوراً، والماء الحار والإشنان والخلال يستعمل إذا احتيج إليه، ويقص شاربه ويقلم أظفاره، ولا يسرح شعره ثم ينشف بثوب، ويضفر شعرها ثلاثة قرون، ويسدل وراءها، وإن خرج منه شيء بعد سبع حشي بقطن، فإن لم يستمسك فبطين حر، ثم يغسل المحل ويوضأ، وإن خرج بعد تكفينه لم يعد الغسل، ومحرم ميت كحي يغسل بماء وسدر، ولا يقرب طيباً، ولا يلبس ذكر مخيطاً، ولا يغطى رأسه، ولا وجه أنثى، ولا يغسل شهيد ومقتول ظلماً إلا أن يكون جنباً، ويدفن في ثيابه بعد نزع السلاح والجلود عنه، وإن سلبها كفن بغيرها، ولا يصلى عليه، وإن سقط من دابته أو وجد ميتاً ولا أثر به أو حمل فأكل أو طال بقاؤه عرفاً غسل وصلي عليه، والسقط إذا بلغ أربعة أشهر غسل وصلي عليه ومن تعذر غسله يمّم، وعلى الغاسل ستر ما رآه وإن يكن حسناً.

    فصل: يجب تكفينه في ماله مقدماً على دين وغيره، فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته إلا الزوج لا يلزمه كفن امرأته].

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    تقدم لنا أن ذكرنا وبدأنا في صفة تغسيل الميت، وأن الغاسل إذا أراد أن يغسله يستحب أن يوضئه، قبل ذلك ينوي التغسيل، ثم بعد ذلك يسمي، ثم بعد ذلك يوضئه، وقبل ذلك كله ينجيه. وذكرنا أن الغاسل يحضر قفازات، قفازات للفرجين، وقفازات لسائر البدن.

    ويستحب عند توضئته ألا يدخل الماء في فمه وأنفه، وإنما يجعل على إصبعه خرقة فيمسح أسنانه وأنفه، فيقوم ذلك مقام المضمضة والاستنشاق، ثم بعد ذلك يوضئه كالوضوء العادي المعروف؛ لحديث أم عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للاتي غسلن ابنته: ( ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها ).

    النية والتسمية عند غسل الميت

    ثم قال المؤلف رحمه الله: (ثم ينوي غسله ويسمي، ويغسل برغوة السدر رأسه ولحيته فقط).

    النية تكون متقدمة عن الوضوء، وكذلك أيضاً التسمية تكون متقدمة على الوضوء بلا سبب.

    استعمال السدر

    قال رحمه الله: (ويغسل برغوة السدر رأسه ولحيته فقط).

    السدر: ورق النبق المطحون، فيأتي الغاسل بالسدر ويضعه على الماء، ثم يضربه بالماء، فيظهر له رغوة، هذه الرغوة يقول المؤلف رحمه الله: فإنه يأخذ هذه الرغوة ويغسل بها رأسه ولحيته فقط.

    وأما بقية البدن فإنه يغسله بالثفل، يعني: الباقي بعد أن يأخذ هذه الرغوة يسمى الثفل، هذا يغسل به بقية البدن، وإنما يغسل الرأس واللحية برغوة السدر؛ لأن الثفل يبقى فيه شيء من السدر، فلو أنه غسل بالثفل رأسه ولحيته أدى ذلك إلى أن يعلق السدر بالشعر فيصعب إخراجه، فلهذا قال العلماء رحمهم الله: فإن رغوة السدر يغسل بها الرأس واللحية، وأما بالنسبة للثفل الباقي فإنه يغسل به بقية البدن.

    التيامن

    قال رحمه الله: (ثم يغسل شقه الأيمن ثم الأيسر).

    لقول النبي عليه الصلاة والسلام في حديث أم عطية رضي الله تعالى عنها: ( ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها ).

    والعلماء الذين يقسمون الماء إلى ثلاثة أقسام: طاهر، وطهور، ونجس، أشكل عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( اغسلوه بماء وسدر )؛ لأنه إذا خلط السدر بالماء انتقل من كونه طهوراً إلى كونه طاهراً، فلكي يخرجوا من هذا الإشكال قالوا: يكون عندنا ماء قراح يعني: ماء صافي وماء فيه سدر، فيأتي أولاً بالماء الذي فيه السدر، ثم بعد ذلك يغسل برغوة السدر رأسه ولحيته، والباقي الثفل يغسل به سائر البدن، ثم يأتي بالماء القراح الصافي ويغسل به بقية البدن مرةً ثانية فتصير هذه غسلة؛ لأن تغسيل الميت يشترط له أن يكون الماء طهوراً.

    وإذا ضرب السدر في هذا الماء الطهور فإنه يغيره فحصل إشكال عندهم، وهذا نص عليه الشافعية رحمهم الله. وكذلك أيضاً الحنابلة نصوا على ذلك.

    وقال بعض العلماء: يضع سدراً لا يغير الماء، يعني يأتي بالماء ويضع فيه سدر لكن هذا السدر لا يغير الماء، والصواب: أننا لسنا بحاجة إلى هذا كله، بل نقول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه بثوبيه )، فنأتي بالماء ونضع فيه السدر، ونغسل بالرغوة رأسه ولحيته، وبالثفل سائر البدن، ولا حاجة إلى مثل هذا التفصيل.

    التثليث

    قال رحمه الله: (ثم كله ثلاثاً).

    في الوضوء لا يغسل إلا مرة واحدة، وأما بالنسبة للغسل فالسنة أن يغسل ثلاث مرات، والعلماء ينصون على أنه يكره أن يقتصر على أقل من ثلاث؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال في حديث أم عطية : ( اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك ).

    والظاهرية يقولون: يحرم أن يقتصر على أقل من ثلاث؛ لأمر النبي عليه الصلاة والسلام، وعلى هذا نقول: المستحب أن يغسل ثلاثاً أقل شيء، يغسله مرة ثم المرة الثانية ثم الثالثة، وهل يعيد السدر في كل مرة، أو نقول: بأن السدر تكون في الغسلة الأولى فقط؟

    هذا موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله، وظاهر الحديث: ( اغسلنها بماء وسدر ) أنه يعيد في كل مرة فيحضر ماءً ويضرب فيه السدر، هذا ظاهر الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    تكرار إمرار اليد على بطن الميت

    قال رحمه الله: (يمر في كل مرة يده على بطنه).

    في كل مرة يمر الغاسل يده على بطنه، والغرض من ذلك والعلة -كما سبق لنا- لكي يخرج ما كان متهيئاً للخروج، فقد يكون هناك أشياء في بطن الميت متهيئة للخروج, فإذا أمر يده على بطنه فيخرج هذا المتهيئ.

    تقدم أن ابن المنذر رحمه الله قال: ليس في عصر بطن الميت سنة تتبع، وعلى هذا لا حاجة إلى أن يمر يده على بطنه، وسيأتينا إن شاء الله أيضاً حكم ما لو خرج منه خارج؛ لأن هؤلاء العلماء -رحمهم الله- الذين قالوا: يمر يرون أنه إذا خرج منه خارج فإنك توضئه وقد تعيد غسله.

    والصواب: أنه لا حاجة لمثل هذه الأشياء؛ لأن غسل الميت ليس لرفع الحدث وإنما هو للتنظيف، ولأن الموت ليس حدثاً، وإنما هو لتطهيره وتنظيفه وتقديمه إلى ربه بأحسن هيئة وحال، هذا هو المراد.

    وسيأتينا -إن شاء الله- أنه إذا خرج منه خارج يكفي أن نغسل ذلك الخارج فقط، ولا حاجة إلى إعادة الوضوء أو إعادة الغسل. فالصواب فيما يتعلق بإمرار اليد على البطن أنه لا حاجة إليه.

    الزيادة على ثلاث غسلات عند عدم الإنقاء

    قال رحمه الله: (فإن لم ينق بثلاث زيد حتى ينقى ولو جاوز السبع).

    يعني: لو كان على الميت أوساخ، والمرض أضناه وكثرت أوساخه، وغسله الغاسل ثلاثاً ولم ينق بثلاث، أي: لم يتنظف بالثلاث، فإنه يزيد رابعة وجوباً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك ). ثم بعد ذلك يسن له أن يزيد الخامسة استحباباً.

    يعني: إذا أنقى بأربع فإن السنة أن يبقى على وتر؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً )، وإذا لم ينق بخمس فإنه يزيد السادسة وجوباً، ثم بعد ذلك السابعة استحباباً، وهل يزيد على السبع أو لا يزيد على السبع؟

    يقول رحمه الله: (ولو جاوز السبع).

    وكذا قال المالكية، فالمالكية رحمهم الله يقولون: لا حد للعدد، وكذلك أيضاً الحنفية يقولون: ولو جاوز سبعاً ما دام أن هناك حاجة، وأيضاً الشافعية.

    فالأئمة يتفقون على ذلك حتى ولو جاوز سبعاً ما دام أن هناك أوساخاً يحتاج إلى إزالتها فنقول: بأنه حتى ولو جاوز السبع، فيزيد وجوباً ما دام أنه بحاجة إلى الغسل، واستحباباً يبقى على وتر.

    استعمال الكافور

    قال رحمه الله: (ويجعل في الغسلة الأخيرة كافوراً).

    الكافور: نوع من الطيب ويكون على صفتين: منه ما هو قطع، ومنه ما يكون مسحوقاً -كما قد تقدم لنا في كتاب الطهارة- والفائدة من الكافور فائدتان:

    الفائدة الأولى: أنه يصلب بدن الميت.

    والفائدة الثانية: أنه يكسبه رائحةً طيبة, ويخرج عنه الهواء.

    استعمال الماء الحار والإشنان والخلال

    قال رحمه الله: (والماء الحار والإشنان والخلال يستعمل إذا احتيج إليه).

    فإذا احتيج إلى الماء الحار كأن يكون في شدة برد، أو تكون عليه أوساخ لا يزيل هذه الأوساخ إلا الماء الحار.

    فنقول: يستعمل الماء الحار، وإلا الأصل أنه لا يستعمل الماء الحار؛ لأن الماء الحار يرخي اللحم، فلا يستعمل إلا عند الحاجة، ولهذا السنة أن يجعل في الغسلة الأخيرة كافوراً كما قال النبي عليه الصلاة والسلام للاتي غسلن ابنته: (اجعلن في الآخرة كافوراً)، فنقول: إذا احتيج إليه.

    كذلك أيضاً (الإشنان) وهو نوع من النبات تغسل به الثياب، ويقال له الآن: الصابون ونحو ذلك، هذا يستعمل إذا احتيج إلى ذلك، فإذا احتيج إلى الإشنان أو ما يقوم مقامه الآن الصابون فإنه يستعمل.

    كذلك أيضاً (الخلال) أي: تخليل الأسنان، فكونه يخلل أسنانه فنقول: هذا أيضاً إذا احتيج إليه.

    تطبيق سنن الفطرة

    قال رحمه الله: (ويقص شاربه، ويقلم أظفاره).

    ما يتعلق بسنن الفطرة، هل تستعمل مع الميت أو لا تستعمل مع الميت؟ عند الإمام أحمد والشافعي رحمهما الله: أن هذا راجع إلى الحاجة، يعني: إذا كانت أظافر الميت طويلة فإنها تقصر، وإذا كان شاربه كثيراً، أو كان إبطه كثيراً، أو كانت عانته كثيرة فإن هذه الأشياء تؤخذ. وعند أبي حنيفة ومالك : أنها لا تؤخذ.

    والأقرب في ذلك أنها تؤخذ؛ لأن هذا وارد عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، وأيضاً يدل لذلك أن أخذ هذه الأشياء من باب التنظيف، وتغسيل الميت كله تنظيف ليس عن حدث؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اغسلنها أو اغسلوه بماء وسدر )، السدر لأجل التنظيف، وقال: ( اجعلن في الغسلة الأخيرة كافوراً )؛ لأجل تطييب بدن الميت.

    الصواب في ذلك: ما ذهب إليه أحمد والشافعي : فيما يتعلق بتقليم الأظفار وقص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة أن هذه كلها تؤخذ إن احتيج إليها؛ لأن الدليل على ذلك ورد عن سعد كما في مصنف عبد الرزاق .

    ويستدلون أيضاً بقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( اغسلوه بماء وسدر )، فقوله عليه الصلاة والسلام: ( سدر ) يدل عن أن المراد تنظيف الميت، وهذا من تحسينه وتنظيفه.

    أما بالنسبة لـمالك وأبي حنيفة فقالا: بأنه لا يؤخذ؛ لأن هذه لم ترد، لكن الأقرب ما ذكرنا عن أحمد والشافعي رحمهم الله.

    أما بالنسبة للختان فإنه لا يختن، يعني: لو أن هذا الميت مات ولم يختتن نقول: بأنه لا يشرع ختانه؛ لأن العلماء يقولون: يحرم أن يختن؛ لأنه لا حاجة لذلك، إذ المقصود من الختان في حال الحياة هو تطهير المغتسل؛ لئلا يحتقن البول في القلفة -الجلدة- التي تكون على الحشفة، وهذا الآن قد انتهى، فما يتعلق بختان الميت نقول: هذا لا يجوز قطع جزء من بدنه؛ لأن الحاجة إليه قد مضت وقد فاتت.

    وكذلك أيضاً ما يتعلق بحلق شعره، فنقول: أيضاً لا يحلق شعره.

    تسريح شعر الميت

    قال رحمه الله: (ولا يسرح شعره، ثم ينشف بثوب).

    هل يسرح شعره أو لا يسرح شعره؟ ما ذهب إليه المؤلف -رحمه الله- هو قول جمهور أهل العلم: أنه لا يسرح الشعر، يعني: لا يأتي بمشط ويقوم بتسريح الشعر، إذا كان له شعر أو كانت امرأة لها شعر، لا يقوم بالتسريح, أو المغسلة لا تقوم بتسريح شعرها بمشط ونحوه؛ والعلة في ذلك: أن ذلك يؤدي إلى تقطيع الشعر، وهذا لا حاجة إليه.

    وقال الشافعي رحمه الله: بأن الشعر يسرح، واستدل على ذلك بقول أم عطية في صحيح مسلم : ( ومشطناها ثلاثة قرون )، لكن الإمام أحمد -رحمه الله- أنكر المشط وقال: إنما بخرن شعرها ثلاثة قرون.

    وأما المشط فأنكره، وأول قولها: (ومشطناها) يعني: ضفرناها ثلاثة قرون، وهذا هو الصواب، يعني: أن الشعر يجعل ثلاثة قرون ضفائر، هذا هو الأقرب في هذه المسألة.

    قال: ثلاثة قرون؛ لقول أم عطية : ( فضفرنا شعرها ثلاثة قرون وألقيناه خلفها. ) رواه البخاري .

    وقولها: (فضفرناها) يفسر رواية مسلم (ومشطناها) أن المراد بالمشط هنا الضفر، وأنها جعلت ثلاثة قرون.

    قال: (ويضفر شعرها ثلاثة قرون ويسدل وراءها).

    لما تقدم من حديث أم عطية.

    الخارج من الميت عند تغسيله

    قال رحمه الله: (وإن خرج منه شيء بعد السبع حشي بقطن، فإن لم يستمسك فبطين حر، ثم يغسل المحل ويوضأ، وإن خرج بعد تكفينه لم يغسل).

    إن خرج من الميت شيء فإن هذا لا يخلو من أقسام:

    القسم الأول: أن يكون خروجه قبل الغسلة السابعة، فهذا يجب إعادة توضئته وتغسيله، يعني: هذا التغسيل عند الحنابلة رحمهم الله يقولون: هذا لا يخلو من ثلاث أمور:

    الأمر الأول: أنه إن كان قبل السابعة فإنه يجب أن يعاد وضوؤه وغسله.

    الأمر الثاني: إن كان بعد السابعة وقبل أن يكفن، فهذا يجب إعادة الوضوء فقط دون التغسيل.

    الأمر الثالث: أن يكون ذلك بعد تكفينه فهذا لا يجب إعادة شيء.

    هذا ما ذهب إليه المؤلف -رحمه الله- من قول الإمام أحمد -رحمه الله- المذهب عند أصحابه وعند جمهور أهل العلم: أنه لا يجب لا الوضوء ولا الغسل؛ لأنه عند الحنفية والمالكية والشافعية أنه لا يجب لا إعادة الوضوء، ولا إعادة الغسل، بل تغسل النجاسة فقط إن كان قبل التكفين، وإن كان بعد التكفين فلا يفك الكفن للمشقة، وهذا القول هو الصواب.

    أما القول: بإعادة الوضوء أو الغسل فهذا كله فيه نظر؛ يعني: سبق أن ذكرنا أن المراد والحكمة من تغسيل الميت التطهير؛ لأن الموت ليس حدثاً، الحكمة هو تطهيره وتنظيفه وتحسينه فقط هذه هي الحكمة، وعلى هذا نقول: الصواب أن إعادة الوضوء والغسل فيه نظر، سواء كان قبل السابعة أو بعد السابعة، لكن نحتاج إلى إعادة الغسل إذا كانت هناك حاجة له كمن عليه أوساخ، أما بالنسبة لخروج خارج من بطنه فهذا لا ينبغي، والسنة ثلاث غسلات.

    غسل المحرم إذا مات

    قال رحمه الله: (ومحرم ميت كحي يغسل بماء وسدر، ولا يقرب طيباً، ولا يلبس ذكر مخيطاً، ولا يغطى رأسه، ولا وجه أنثى).

    المحرم إذا مات وهو على إحرامه فحكمه حكم الحي، يعني: نفعل به ما نفعل بالميت تماماً، إلا ما يتعلق بمحظورات الإحرام، فمحظورات الإحرام تجتنب، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً ). وهذا يدل على أن حكم الإحرام لا يزال باقياً، وعلى هذا فلا نضع في الغسلة الأخيرة كافوراً، وكذلك أيضاً ما يتعلق بتحنيط الميت -كما سيأتينا إن شاء الله في التكبير- نقول: بأننا لا نضع الحنوط.

    وكذلك أيضاً: ما يتعلق برأسه، فلا يستر رأسه، ولا نلبسه المخيط كما سيأتينا في التكفين، المهم أن نجنبه ما يتعلق بمحظورات الإحرام من الطيب وتغطية الرأس بالنسبة للذكر، وتغطية الوجه بالنسبة للأنثى.

    وكذلك أيضاً: تغطية الوجه بالنسبة للذكر إذا قلنا: بأن الذكر يمنع من تغطية وجهه إذا كان محرماً -كما سيأتي في الحج- نقول: هذا يمنع منه، فنفعل به كسائر الأموات إلا ما يتعلق بمحظورات الإحرام فإن حكم الإحرام لا يزال باقياً؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً ).

    وكذلك أيضاً ما يتعلق بقص أظفاره، فالمحرم لا تأخذ أظفاره، ولا يحلق شعره، وكذلك أيضاً بالنسبة للمحرم الميت لا نقص أظفاره، ولا نقص شاربه، ولا نأخذ عانته ولا إبطه كالحي، فما يتعلق بمحظورات الإحرام كلها تجتنب.

    غسل من عليه جبائر أو لفائف بسبب الكسور والجروح

    إذا كان على الميت لفائف أو كان عليه جبائر، مثلاً: فيه كسور واحتجنا أن نضع عليه جبيرة، أو فيه جروح واحتجنا أن نضع عليه لفائف، ثم مات وهذه اللفائف لا تزال باقية عليه، فهل نقوم بإزالتها عند التغسيل أو نقول: بأنها لا تزال؟

    العلماء -رحمهم الله- يقولون: فيه تفصيل: إن أدى أخذ هذه الأشياء إلى سقوط شيء من اللحم أو الجلد فإنها لا تؤخذ، وإن كان ذلك لا يؤدي إلى سقوط شيء منه فإنها تؤخذ.

    نزع الخاتم أو سن الذهب من الميت

    كذلك أيضاً لو كان عليه خاتم من فضة، أو عليه أسنان من ذهب، فهل تنزع هذه الأشياء أو لا تنزع؟ نقول: تنزع، حيث قال العلماء رحمهم الله بالنسبة للخاتم أنه ينزع ولو ببرده، يعني: يؤتى بمقص وتقص هذه الأشياء، أو المرأة إذا كان عليها خاتم من ذهب إلى آخره فإنه يؤتى بمقص وتقص هذه الأشياء.

    بالنسبة لنزع الأسنان من ذهب فإنها تنزع، لكن العلماء يقولون: إن كان ذلك يؤدي إلى المثلة فإنها لا تنزع.

    1.   

    أحكام الشهيد

    غسل الشهيد

    قال رحمه الله: (ولا يغسل شهيد).

    الشهيد يقول المؤلف رحمه الله تعالى: بأنه لا يغسل، وهذا قول جمهور أهل العلم أن الشهيد لا يغسل، وقد خالف في ذلك الحسن البصري رحمه الله، وكذلك أيضاً سعيد بن المسيب .

    لكن الصواب في ذلك ما عليه جماهير أهل العلم رحمهم الله؛ ودليل الجمهور: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام في شهداء أحد لم يغسلهم، وإنما أمر بدفنهم بدمائهم )، وهذا أخرجه البخاري .

    أما الذين قالوا بتغسيل الميت فلعلهم استدلوا بالعمومات, مثل ما تقدم من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اغسلوه بماء وسدر وكفنوه بثوبين )، ومع ذلك نقول: بأن هذا يخص منه شهيد المعركة نقول: بأنه لا يغسل.

    وقوله: (شهيد) المراد بذلك من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، هذا هو الذي سيأخذ أحكام الشهيد، أما من قاتل حمية أو وطنية أو لأجل المال أو نحو ذلك من الأشياء، فهذه لا عبرة بها في ميزان الله عز وجل، العبرة فيمن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا هذا هو الذي يأخذ حكم الشهيد.

    وسبب تسمية الشهيد بذلك قيل: لأنه لا يزال حياً، وقيل: لأن الله تعالى وملائكته شهدوا له بالجنة، وقيل: لأنه قام بشهادة الحق حتى قتل. وقيل: لأن الملائكة تشهد.

    أما الصواب في هذا فهو أن شهيد المعركة لا يغسل، وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- في تعديل السنن أن الخلاف في تغسيل الشهيد أضعف من الخلاف في الصلاة عليه، يعني: تغسيل الشهيد لم يرد فيه شيء بخصوصه.

    أما الصلاة على الشهيد فقد وردت فيها بعض الآثار كما سيأتي إن شاء الله.

    فأشار ابن القيم -رحمه الله- إلى أن الخلاف في تغسيل الشهيد ضعيف جداً.

    والصواب قطعاً: أنه لا يغسل الشهيد. وهل النهي على سبيل التحريم -إذا قلنا: بأنه ينهى- أو على سبيل الكراهة؟

    هذا موضع خلاف، والصواب: أنه على سبيل التحريم، وأنه يحرم تغسيله، وهذا هو الأقرب، وظاهر كلام المؤلف رحمه الله أنه لا يغسل الشهيد, ولو وجب عليه الغسل قبل موته كما لو مات جنباً، أو قتل جنباً فقد قال المؤلف بعد ذلك: (إلا أن يكون جنباً). فاستثنى المؤلف -رحمه الله- إذا كان جنباً، فيقول: بأنه يغسل.

    وهذا المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، وبه قال أبو حنيفة : أنه إذا مات وإذا استشهد وهو جنب أنه يغسل؛ ودليل ذلك أنه ورد ( أن حمزة رضي الله تعالى عنه -وكذلك أيضاً- حنظلة بن أبي عامر استشهدا وهما جنب، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الملائكة غسلتهما ).

    وعند مالك والشافعي : أنه لا يغسل ولو استشهد وهو جنب، وهذا القول هو الصواب؛ لعموم ما تقدم من حديث جابر : ( أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يغسل شهداء أحد ).

    وما ورد من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وحديث عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما في تغسيل الملائكة لـحنظلة بن أبي عامر وحمزة هذا إن ثبت الحديث فيقال: بأن هذا من تكريم الله عز وجل لهما؛ لأنه لو وجب تغسيله وهو جنب لغسله النبي عليه الصلاة والسلام، أما بالنسبة لتغسيل الملائكة فهذا ليس من الأحكام أو ليس من الأمور التي تتعلق بها أحكاماً، وإنما هو من باب الكرامة لهما عند الله عز وجل.

    غسل المقتول ظلماً

    قال رحمه الله: (مقتول ظلماً).

    ففي كلام المؤلف رحمه الله: أن الإنسان إذا قتل ظلماً لا يغسل، وهذا من المفردات، وهو خلاف ما عليه جمهور أهل العلم رحمهم الله.

    واستدلوا على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد )، فسمى النبي عليه الصلاة والسلام هؤلاء، أي: من قتل دون دينه.. دون دمه، دون أهله، دون ماله، شهداء.

    وعند جمهور أهل العلم أنه يغسل، وهذا هو الصواب وعليه عمل الناس اليوم: أن المقتول ظلماً يغسل، ويدل لذلك أن عمر قتل ظلماً، وعثمان قتل ظلماً، وعلي قتل ظلماً كلهم غسلهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم، واتفقوا على ذلك.

    وهذا مذهب الإمام مالك رحمه الله وهو ضعيف، وأما قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( شهيد ) يعني: في الأجر عند الله عز وجل، أما في أحكام الدنيا فإنه لا يأخذ حكم الشهادة، والله أعلم.

    1.   

    تكفين الشهيد ودفنه

    قال: (ويدفن في ثيابه بعد نزع السلاح والجلود عنه).

    أي: يدفن الشهيد، وكذلك أيضاً على المذهب المقتول ظلماً، لكن ذكرنا أن الصواب في المقتول ظلماً أنه كغيره يغسل ويكفن ويصلى عليه؛ لإجماع المسلمين على تغسيل عمر رضي الله تعالى عنه، وكذلك أيضاً عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم فإنهم قتلوا ظلماً.

    قوله: (ويدفن).

    أي: الشهيد -على الصحيح- في ثيابه ولا يغسل عنه دمه، وإنما يدفن في ثيابه ودمه، ويدل لذلك ما سبق من حديث جابر رضي الله تعالى عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دفن شهداء أحد بثيابهم ودمائهم لم يغسلهم ولم يصل عليهم ).

    قوله: (بعد نزع السلاح والجلود عنه)، يعني: إذا كان عليه سلاح فإنه ينزع، وكذلك أيضاً إذا كان عليه جلد فإنه ينزع هذا الجلد، أما نزع السلاح فهذا ظاهر؛ لأن ترك السلاح يدفن فهذا لا فائدة منه، وفيه تضييع لهذا المال، والله عز وجل يقول: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا [الأعراف:31] .

    وكذلك أيضاً: إذا كان عليه جلد لبسه من أجل المعركة فهذا ظاهر نزعه، وقد ورد في سنن أبي داود وابن ماجه من حديث ابن عباس : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا في ثيابهم ودمائهم ).

    وهذا الحديث ضعيف، لكن عندنا الثابت في الصحيح حديث جابر : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يغسل شهداء أحد )، فدل ذلك على أنهم يدفنون بدمائهم.

    وكذلك أيضاً: في الصحيح قصة تكفين النبي صلى الله عليه وسلم لـمصعب بن عمير ، فإن النبي عليه الصلاة والسلام كفنه في بردة له، فدل ذلك على أن الشهيد يكفن في ثيابه.

    قال: (وإن سلبها كفن بغيرها).

    يعني: لو أن هذا الشهيد سلب الثياب التي عليه فإنه يكفن بغير ثيابه، ويدل لذلك ما سبق أن أشرنا إليه حديث خباب بن الأرت رضي الله تعالى عنه في الصحيحين ( في قصة تكفين النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير يوم أُحد، قال: فلم يوجد له شيء إلا نمرة، فكنا إذا وضعناها على رأسه خرجت رجلاه، وإذا وضعناها على رجليه خرج رأسه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن توضع مما على الرأس، وأن يوضع على الرجلين الإذخر ).

    فكون النبي صلى الله عليه وسلم وضع على رجليه الإذخر فهذا يدل على أن الشهيد إذا سلب ثيابه فإنه يكفن بغيرها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ستره بالإذخر، وأيضاً يدل على أن الشهيد يكفن كغيره.

    الصلاة على الشهيد

    قال رحمه الله: (ولا يصلى عليه).

    وهذا قول جمهور أهل العلم أن الشهيد لا يصلى عليه، وخالف في ذلك أبو حنيفة رحمه الله تعالى، فقال: بأن الشهيد يصلى عليه.

    والدليل على أن الشهيد لا يصلى عليه ما تقدم من حديث جابر رضي الله تعالى عنه في صحيح البخاري ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بشهداء أحد فدفنوا بدمائهم، ولم يغسلهم ولم يصل عليهم )، وهذا دليل على أن الشهيد لا يصلى عليه.

    وأيضاً مما يدل لذلك حديث أبي برزة رضي الله تعالى عنه في استشهاد جليبيب رضي الله تعالى عنه في صحيح مسلم ( أن النبي عليه الصلاة والسلام لما وجده مقتولاً وضعه على ساعديه، ووضعه في قبره )، ولم يذكر غسلاً ولا صلاةً، وهذا أخرجه مسلم في صحيحه.

    وأما من قال: بأنه يصلى على الشهيد فقد استدلوا بحديث عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه في الصحيحين ( أن النبي عليه الصلاة والسلام خرج يوماً فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ).

    وكذلك أيضاً في حديث شداد بن الهاد رضي الله تعالى عنه ( أن رجلاً من الأعراب أتى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه، ثم بعد ذلك ذهبوا لقتال العدو، فأصابه سهم، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم وكفنه في جبته وصلى عليه ).

    وهذا رواه النسائي والحاكم والبيهقي ، وصححه جماعة من أهل العلم.

    والأظهر في هذه المسألة أن الشهيد لا يصلى عليه كما ثبت ذلك من حديث جابر في شهداء أحد في صحيح البخاري .

    وأما بالنسبة لحديث عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه في الصحيحين فأجاب ابن القيم -رحمه الله- عن ذلك، وأن المراد بصلاته هو أنه دعا لهم عليه الصلاة والسلام، وليس المراد الصلاة على الميت المعروفة بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك ذلك، ولو كان المراد الصلاة على الميت المعروفة لفعلها النبي عليه الصلاة والسلام حين دفنهم أو قبل دفنهم.

    وإنما المراد بذلك أن هذه الصلاة التي صلاها النبي عليه الصلاة والسلام على شهداء أحد كالتوديع لهم، فالنبي عليه الصلاة والسلام ودع الأموات قبل خروجه من هذه الحياة، ذهب إلى أهل البقيع واستغفر لهم وسلم عليهم، وذهب إلى شهداء أحد وصلى عليهم صلاة التوديع لهم، وليست هذه الصلاة على الميت المعروفة، وإنما هي صلاة توديع.

    ويدل لذلك أنه لو كان المقصود بذلك الصلاة المعروفة لفعلها النبي عليه الصلاة والسلام حين موتهم مباشرةً؛ ولأن الصلاة على الميت هي مجرد شفاعة، فليس فيها ركوع ولا سجود ولا جلوس، وإنما هي شفاعة لهذا الميت أن يتقبله الله عز وجل وأن يرحمه، والشهيد يشفع في كثير من أهل بيته، فهو يشفع في غيره.

    وأما بالنسبة لحديث شداد بن الهاد فإنه فهذا لا يعارض ما ثبت في صحيح البخاري ، فالصواب في ذلك: أن الشهيد لا يصلى عليه.

    1.   

    من مات وهو في طريقه إلى الجهاد

    قال رحمه الله: (وإن سقط عن دابته).

    يعني: هذا الذي خرج يقاتل في سبيل الله لو سقط عن دابته أو سقط عن السيارة أو عن الآلة التي يركبها فمات، فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه؛ لأن الشهيد الذي لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه هو الذي قتل في أرض المعركة بسبب العدو، أما هذا فلم يلق العدو.

    وسيأتينا أن النبي صلى الله عليه وسلم غسل سعد بن معاذ رضي الله تعالى وصلى عليه.

    فنقول: بالنسبة لمن سقط عن دابته فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه، ومثله أيضاً لو سقط من مكان مرتفع، يعني: على جبل مثلاً، أو على حائط ثم سقط منه فنقول: بأنه يغسل ويكفن ويصلى عليه؛ لأن هذا لم يمت بسبب العدو، وهذا قول جمهور أهل العلم رحمهم الله، خلافاً للشافعي في قول له: أنه لا يغسل ولا يكفن ويأخذ أحكام الشهيد.

    لكن الأقرب في ذلك أنه يغسل ويكفن ويصلى عليه؛ لأن الأصل هو وجوب الغسل والصلاة.

    قال رحمه الله: (أو وجد ميتاً ولا أثر به).

    كذلك أيضاً إذا وجد ميتاً -أي: الذي خرج للجهاد- وليس فيه أثر، فنقول: بأنه أيضاً يغسل ويكفن ويصلى عليه. لكن لو أن سلاحه قتله فهل يغسل ويكفن ويصلى عليه؟

    هذا موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله تعالى، فأكثر أهل العلم أنه إذا قتله سلاحه فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه.

    وفي قول للشافعي رحمه الله: أنه لا يغسل ويكفن ويصلى عليه، ويأخذ أحكام الشهيد، أي: يكفن ولا يغسل ولا يصلى عليه، كأحكام الشهيد تماماً.

    وهذا القول هو الأقرب؛ ويدل لذلك أن عامر بن الأكوع رضي الله تعالى عنه عاد عليه سلاحه فلم يفرد عن الشهداء بحكم, وهذا أخرجه مسلم .

    وهذا القول رجحه ابن قدامة رحمه الله تعالى.

    والصواب: أنه إذا قتله سلاحه فإنه يأخذ أحكام الشهيد فلا يغسل ولا يصلى عليه.

    قال رحمه الله: (أو حمل فأكل).

    إذا حمل فأكل أو شرب أو نام أو تكلم أو بال.. إلى آخره فهذه كلها يرى المؤلف أو يرى الحنابلة -رحمهم الله- أنه يغسل ويصلى عليه، يعني: إذا حمل من أرض المعركة فأكل، أو شرب، أو تكلم، أو عطس، أو بال.. إلى آخره، فالمشهور من المذهب أنه لا يأخذ أحكام الشهداء، فيغسل ويكفن ويصلى عليه، وهذا أيضاً قال به أبو حنيفة رحمه الله تعالى.

    والرأي الثاني رأي الإمام مالك رحمه الله: أنه ينظر إلى حالته، فإن كان جرحه موحياً -يعني: قاتلاً- فهذا يأخذ أحكام الشهداء، وإن كان جرحه غير موح -يعني ليس قاتلاً- فإنه لا يأخذ أحكام الشهداء.

    وعند الشافعي رحمه الله التفصيل فيقول: إن كانت الحرب قائمة فإنه يأخذ أحكام الشهداء، وإن كانت الحرب غير قائمة فإنه لا يأخذ أحكام الشهداء.

    وما ذهب إليه الإمام مالك -رحمه الله- هو الأقرب، أي: ينظر إن كان جرحه موحياً -يعني قاتلاً- فإنه يأخذ أحكام الشهداء؛ لأن الشهيد أو الميت قد يتكلم وهو في سياق الميت، وقد يأكل، وقد يشرب، قد يعطس.. إلى آخره، فهذا لا يخرجه عن حكم الأموات.

    قال رحمه الله: (أو طال بقاؤه عرفاً غسل وصلي عليه).

    كذلك أيضاً إذا طال بقاؤه عرفاً يعني: لو جرح وحمل من المعركة وطال بقاؤه عرفاً فيقول المؤلف رحمه الله: بأنه يغسل ويصلى عليه، ويدل لذلك ما ثبت في الصحيحين ( أن سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه جرح في غزوة الخندق، وحمل إلى المسجد، وضرب له النبي عليه الصلاة والسلام خيمة في المسجد؛ لكي يعوده من قريب، فغسل وصلي عليه ) .

    فنقول: إذا طال بقاؤه عرفاً فإنه يغسل ويصلى عليه. وطول البقاء عرفاً يدل على أن جرحه ليس موحياً أي: ليس قاتلاً، أما إن كان جرحه موحياً، يعني: قاتلاً فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه ويأخذ أحكام الشهداء، هذا هو الصواب في هذه المسألة.

    1.   

    أحكام السقط

    قال رحمه الله: (والسقط إذا بلغ أربعة أشهر غسل وصلي عليه).

    السقط: هو المولود قبل تمامه، ويقال: السِقط بكسر السين، ويقال أيضاً: السُقط بضم السين، فإن بلغ أربعة أشهر فإنه يأخذ أحكام المولود في التغسيل والتكفين والصلاة عليه، بأن يغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن في مقابر المسلمين، ويسمى، وكذلك أيضاً يعق عنه؛ لأنه بعد الأربعة الأشهر تنفخ فيه الروح كما في حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما، وإذا نفخت فيه الروح فإنه سيبعث يوم القيامة ويأخذ أحكام المولود.

    فالسقط إن كان تم له أربعة أشهر فإنه يأخذ هذه الأحكام، وأما إن سقط قبل أن يتم له أربعة أشهر فإنه ميت جماد، يعني: مضغة من اللحم لا يأخذ هذه الأحكام، وإنما يدفن في أي مكان؛ لأنه لم تفارقه روح، لكن إن تم له أربعة أشهر فقد نفخت فيه الروح, ثم بعد ذلك سقط وخنقته الروح فيأخذ أحكام المولود.

    1.   

    مسائل في تغسيل الميت

    الواجب عند تعذر غسل الميت

    قال رحمه الله: (ومن تعذر غسله يمم).

    يعني: إذا تعذر تغسيل الميت كأن يوجد عندنا ميت قد احترق أو تقطع، فيقول المؤلف رحمه الله: بأنه يمم، هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى، وسبق أن أشرنا إلى هذه المسألة.

    والصواب: أن التيمم لا مدخل له في تغسيل الميت؛ لأن تغسيل الميت تطهير وتنظيف، ليس لرفع حدث، وإنما هو تنظيف وتطهير لهذا الميت؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اغسلوه بماء وسدر )، والسدر إنما يراد به التنظيف والتطهير.

    وقال عليه الصلاة والسلام: ( اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك )، وهذا العدد يدل على أن المقصود التطهير والتنظيف.

    فالتيمم لا مدخل له في تغسيل الميت، فإذا تأثر، يعني: مثل إنسان محترق, وإذا صببنا عليه الماء أو غسلناه سيؤدي ذلك إلى تساقط شيء من لحمه، أو عنده أمراض بحيث يؤدي الماء إلى تساقط شيء من اللحم، أو غير ذلك من الأشياء. فهذا نقول: بأنه لا حاجة إلى التيمم، وإنما يكفن ويسقط التغسيل، ويصلى عليه ويقبر في مقابر المسلمين.

    أما على كلام المؤلف رحمه الله فإنه إذا تعذر تغسيله يمم فيأتي الغاسل ويضرب الأرض ثم بعد ذلك يمسح وجهه وكفيه، ثم بعد ذلك يكفنه، والصواب أنه لا حاجة إلى ذلك.

    الواجب على الغاسل عند رؤية ما يكره من الميت

    قال رحمه الله: (وعلى الغاسل ستر ما رآه إن لم يكن حسناً).

    (على) هذه من صيغ الوجوب، يعني: يجب على الغاسل إن رأى شيئاً يكره من الميت أن يستر ذلك، وألا يبديه للناس لأمرين أو لدليلين:

    الدليل الأول: حديث أبي رافع رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من غسل مسلماً فكتم عليه غفر له أربعين مرة )، وهذا قوى إسناده ابن حجر رحمه الله، هذا الحديث أخرجه الحاكم والبيهقي ، وفيه كلام لأهل العلم رحمهم الله في ثبوته وعدم ثبوته، وعلى كل حال ابن حجر رحمه الله قوى إسناده في الدراية.

    وأيضاً الدليل الثاني: النهي عن سب الأموات، فالنهي عن سب الأموات يدخل فيه ذلك، يستثنى من ذلك إذا كان مبتدعاً فإنه ينشر ما يرى عليه بعد موته؛ لأن في هذا ردعاً وزجراً عن بدعته.

    وكذلك أيضاً الأمر الثاني: يستثنى إذا كان معروفاً بالفسق والفجور وعدم التورع، واقتحام محارم الله عز وجل فإنه ينشر؛ لأن في ذلك ردعاً وزجراً عن فسقه وفجوره.

    وقول المؤلف رحمه الله: (إن لم يكن حسناً) فيفهم منه أنه إن كان حسناً فإنه ينشر ويبين للناس، فإذا رأى على الميت حسناً فإنه ينشره ويبينه.

    أحكام أصحاب الكبائر ومن مات منتحراً أو محدوداً

    كذلك أيضاً بالنسبة لأهل الكبائر أو من أقيم عليه حد أو قصاص فهؤلاء يغسلون ويكفنون ويصلى عليهم، يعني: من أقيم عليه القصاص، أو الذي أقيم عليه حد الرجم... إلى آخره، ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام مع الغامدية أنه غسلها وكفنها، وكذلك أيضاً ماعز رضي الله تعالى عنهما.

    كذلك أيضاً من قتل نفسه فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه؛ لأن مذهب أهل السنة والجماعة : أن فاعل الكبيرة لا يخرجه ذلك عن الإسلام، بل إذا مات على كبيرته ولم يتب منها فهو تحت المشيئة إن شاء الله عز وجل غفر له، وإن شاء عذبه.

    فنقول: صاحب الكبيرة الذي مات على كبيرته إذا كانت كبيرته لا تخرجه عن الإسلام أو صاحب البدعة إذا مات على بدعته إذا كانت بدعته لا تخرجه عن الإسلام فإنهم يغسلون ويكفنون ويصلى عليهم.

    لكن يأتينا -إن شاء الله- كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن الإنسان إذا كان معروفاً بالفجور والفسق، أو معروفاً بالبدعة, فإن ذوي الهيئات لا يصلون عليهم ظاهراً, ويدعون لهم باطناً، يجمعون بين الحسنيين: لا يصلي عليه في الظاهر ردعاً وزجراً، ويدعو له في الباطن، فيجمع بين الحسنيين: الحسن للميت والحسن للحي.

    أما الحسن للحي فردعه وزجره عن اقتراف مثل هذه الأشياء، والحسن للميت أنه يدعو له؛ لأن المقصود من الصلاة على الميت هي الشفاعة، وقد حصلت هذه الشفاعة بالدعاء له باطناً.

    1.   

    تكفين الميت

    قال رحمه الله: (فصل: يجب تكفينه في ماله مقدماً على دين وغيره).

    الكفن أو التكفين تقدم لنا أنه فرض كفاية، وذكرنا دليل ذلك من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ).

    فقوله: ( كفنوه في ثوبيه ) هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب.

    وقوله: ( وكفنوه ) هذا الفرض على الكفاية؛ لأنه لم يلاحظ فيه العامل وإنما لوحظ فيه العمل.

    تقديم مئونة التكفين على الدين وغيره

    قوله: (مقدماً على دين وغيره).

    فيبدأ بهذه الأشياء، يعني: مؤن التجهيز: تجهيز الميت وتغسيله يحتاج إلى أجرة، أو أدوات التغسيل من السدر والكافور وغير ذلك، وكذلك أيضاً الكفن والدفن يحتاج إلى أجرة, والحمل… إلى آخره، هذه الأشياء تقدم على الديون مطلقاً سواء كانت لله أو للآدمي.

    وتقدم أيضاً على الوصية، كما أن نفقة الحي من الطعام والشراب والكسوة مقدمة على ديونه، فكذلك أيضاً ما يتعلق بتكفينه.

    من تلزمه قيمة الكفن إن لم يكن للميت مال

    قال رحمه الله: (فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته).

    وقول المؤلف رحمه الله: (في ماله) هذه المرتبة الأولى، يعني: من أين نأخذ الكفن؟ فنقول: إن كان له تركة فإننا نأخذ الكفن من تركته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( كفنوه في ثوبيه )؛ ( ولأن النبي عليه الصلاة والسلام كفن مصعب بن عمير رضي الله تعالى عنه بنمرته ) ، فإذا كان له تركة فإننا نبدأ بالتركة, ونكفنه من تركته.

    المرتبة الثانية قال: فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته، هذه المرتبة الثانية: إذا لم يخلف تركة.

    فنقول: من يجب عليه أن ينفق عليه في حال الحياة من أقاربه فإنه يلتزم بنفقته إلحاقاً لحال الموت بحال الحياة، فكما أنه يجب عليه أن يكسوه في حال الحياة, فكذلك أيضاً يجب عليه أن يكسوه في حال الممات.

    إلزام الزوج بكفن زوجته

    قال رحمه الله: (إلا الزوج لا يلزمه كفن امرأته).

    هذه المسألة يبنونها على أن عقد الزوجية عقد معاوضة، ولهذا يفرعون عليه كثيراً من المسائل، يعني في النكاح، وفي النفقات, يقولون: عقد الزوجية عقد معاوضة، فالزوج يبذل العوض من المهر، ومن النفقة، ويأخذ المعوض وهو الاستمتاع. فلو أن الزوجة مثلاً حبست، فهل يجب عليه أن ينفق عليها أو لا يجب؟ يقولون: لا يجب أن ينفق، لماذا؟ لأنه فارق الاستمتاع.

    وهذا الكلام -يعني كوننا نقول: بأن عقد الزوجية عقد معاوضة- هذا فيه نظر، ولهذا رده ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد وأطال في رده؛ لأن هذه القاعدة التي يسلكها كثير من الفقهاء رحمهم الله يرتبون عليها كثيراً من المسائل.

    فعقد الزوجية من أشرف العقود، فكوننا نلحقها بعقود المعاوضات هذا فيه نظر، بل نقول: عقد الزوجية عقد من العقود التي أمر الله عز وجل بها، تترتب عليها مصالح كثيرة: من امتثال أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وحصول الألفة, والسكن, والمودة, والمحبة بين الزوجين، وإعفاف الفروج، وغض الأبصار إلى آخره من المصالح الكبيرة المترتبة على عقد الزوجية.

    وأما كونه عقد معاوضة فهذا فيه نظر؛ لأن عقود المعاوضات تكون في عقود البيع والشراء التي يقصد منها الإنسان الكسب والربح والتجارة.

    أما بالنسبة لعقد الزوجية فهذا لا ينظر إليه هذه النظرة، ولهذا رتب المؤلف فقال: (الزوج لا يلزمه كفن امرأته) لا؛ لأن العوض الذي يأخذه من الزوجة قد فات بالموت، هم يقولون: يجب عليه أن ينفق مقابل الاستمتاع، والآن الاستمتاع قد مضى، وهذا كله فيه نظر.

    والرأي الثاني في هذه المسألة: أن الزوج يجب عليه كفن امرأته، وهذا هو الصواب في هذه المسألة؛ لقول الله عز وجل: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] .

    فالصواب أننا لا نقول: بأنه عقد معاوضة، أصل هذه القاعدة منقوضة من أصلها، وعلائق الزوجية لا تزال باقية حتى بعد الموت، فهناك الإرث، وهناك العدة، وهناك الإحداد، وغير ذلك من المسائل.

    من تلزمه قيمة الكفن عند عدم قدرة من تلزمه النفقة

    إذاً: المرتبة الثانية قلنا: إذا لم يكن له مال فإن الكفن يكون على من تلزمه نفقته في حال الحياة، فإذا كان قريبه فقيراً فنقول: من بيت المال، هذه الحالة الثالثة؛ لأن مصارف بيت المال تكون في مثل هذه الأشياء.

    الحالة الرابعة: إذا لم نتمكن من بيت المال فعلى من علم بحاله من المسلمين أن يشتروا له كفناً، ولهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: إن في المال حقاً سوى الزكاة، إطعام الجائع، وكسوة العاري، وعارية مستردة وغير ذلك من الأشياء، والله أعلم.

    1.   

    الأسئلة

    تغطية وجه المرأة إذا ماتت حال الإحرام

    السؤال: قوله: (ولا وجه أنثى) ما مقصوده به؟

    الجواب: قوله: (ولا وجه أنثى).

    المؤلف -رحمه الله- يرى أن إحرام المرأة في وجهها كما سيأتينا في الحج، وهذا فيه نظر.

    فالصواب أن المرأة المحرمة ليست ممنوعة من تغطية الوجه، وإنما هي ممنوعة من لباس خاص بالوجه؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين )، فنقول: بأن وجه الأنثى يغطى، لكنها لا تلبس اللباس الخاص بالوجه من النقاب والبرقع.

    والصواب في ذلك ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن القيم : أن المرأة ممنوعة من لباس خاص للوجه، وليست ممنوعة من تغطية الوجه، هذا الصواب.

    وعلى هذا نقول: بأن المرأة المحرمة لها أن تغطي وجهها، لكن لا تلبس لباساً خاصاً بالوجه، وإذا ماتت وهي محرمة فإنا نغطي وجهها, لكن لا نلبسها لباساً خاصاً بالوجه.

    تغسيل من مات محترقاً

    السؤال: الذي مات محترقاً ماذا يشرع في حقه؟

    الجواب: تغسيل الميت للتطهير والتنظيف، فإن أمكن تغسيله غسل، أما إذا كان محترق ويؤدي إلى تساقط شيء من اللحم أو الجلد أو نحو ذلك فهذا يحكم عليه بعدم التغسيل ولا حاجة إلى التيمم، أي: يكفن ويصلى عليه.

    العلماء يقولون: من تعذر تغسيله إما لتقطعه أو لاحتراقه ونحو ذلك فإنه ييمم، لكن الصواب أن التيمم هذا لا مدخل له.

    وقت استعمال الطين الحر وتنجية الميت

    السؤال: متى يستعمل الطين الحر للخارج من الميت؟ وهل ينجيه؟

    الجواب: يكون هذا إذا لم يستمسك، وإذا كان يخرج منه شيء لأنه قال: (ويحشى المحل)، فإن لم يستمسك إلا بطين حر -يعني: خالص- فإنه يحشى بالطين الحر، وتنجية الميت إذا لم يكن لها داع فمن الأولى ألا تفعل؛ لأن التنجية تكون من الخارج، والخارج لا يكون إلا بعصر بطنه، وعصر البطن غير وارد على الصحيح.

    نقول: لا يلزم تنجية الميت، ونستدل عليها بقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( اغسلوه بماء وسدر )، المقصود تطهيره وتنظيفه، وهذا داخل في تطهيره وتنظيفه.

    نبش قبر الميت لنزع سن الذهب من فمه

    السؤال: لو مات الميت ثم غسل ودفن، ثم تذكروا أن عليه سن ذهب، فهل ينبش قبره؟

    الجواب: قال العلماء: نبش القبر يكون عند المصلحة، فإذا كانت هناك مصلحة من نبش القبر فإنه يصار إلى ذلك، فإذا كان عليه سن ذهب فلا بأس.

    المساهمة في شركة الاتصالات

    السؤال: هذا يسأل عن المساهمة في شركة الاتصالات؟

    الجواب: عموماً العلماء يقسمون الشركات إلى أقسام:

    القسم الأول: الشركات التي تكون معاملاتها محرمة، نقول: إذا كانت معاملاتها محرمة فلا يجوز الدخول فيها بلا إشكال.

    والقسم الثاني: أيضاً أن تكون غالب المعاملات فيها محرمة, فلا يجوز الدخول فيها.

    القسم الثالث: إذا كانت الشركة معاملاتها أكثرها ليست محرمة فهذه موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله، ذهب بعض العلماء إلى أنه: لا بأس أن تدخل فيها إذا كانت المعاملات المحرمة ليست كثيرة وإنما يسيرة، قالوا: لا بأس أن تدخل فيها وتخرج قدر المحرم، وإذا لم تعرف قدر المحرم تخرج.

    وهذا ما عليه كثير من المعاصرين، قالوا: إذا كانت الشركة معاملاتها المحرمة يسيرة وليست كثيرة، أو ليست غالبة، أو جميع المعاملات فلا بأس بالمساهمة.

    وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يحرم مطلقاً، هي أصلاً ما دام أن فيها معاملة محرمة فيحرم مطلقاً؛ لأن الله عز وجل قال: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، وهذا أحوط، فالإنسان لا يدخل إذا كان فيها معاملات محرمة.

    أخذ من مات في أرض المعركة بدون أسباب القتال لأحكام الشهداء

    السؤال: المجاهد الذي مات في أرض الجهاد هل يأخذ أحكام الشهيد إذا لم يستشهد كأن يموت حتفاً أو بسم ونحوه؟

    الجواب: هذا تكلمنا عليه، وقلنا: بأنه إذا مات حتف أنفه، أو سقط من علو، أو من آلته، أو سيارة فلا يأخذ أحكام الشهيد وفي حالة أنه يدفن ويغسل... إلى آخره.

    أما إذا لم يكن بسبب العدو، يعني: أثناء القتال، فإن مات حتف أنفه أو سقط من علو، إلا اللهم إذا قتله سلاحه كحالة عامر بن الأكوع فهذا أمره ظاهر لم يفرد عن الشهداء بحكم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755997616