أخبرنا عمرو بن علي حدثنا عبد الرحمن حدثنا زائدة عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال: اختلاس يختلسه الشيطان من الصلاة)].
يقول النسائي رحمه الله: التشديد في الالتفات في الصلاة، أورد النسائي فيه عدة أحاديث، منها حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: (أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد)، وهو دال على الامتناع منه، ودال على تركه والابتعاد عنه، وأنه لا يصير الإنسان إليه إلا إذا كان هناك ضرورة تلجئ إليه كما سيأتي في الباب الذي بعد هذا، وكما سبق أن مر بنا في قصة أبي بكر رضي الله عنه، وأنه كان لا يلتفت في الصلاة، فلما رآهم أكثروا من التصفيق التفت، وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه، فأشار إليه بأن يبقى مكانه، ويصلي، فرفع يديه، وحمد الله، وأثنى عليه، ثم إنه رجع القهقرى، وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا كان هناك أمر يقتضيه، ويلجئ إليه، فإنه يمكن للإنسان أن يلتفت للحاجة التي تدعو إلى ذلك، وإلا فإن ذلك غير سائغ، وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث -حديث عائشة- بأنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد؛ ومعنى ذلك أن الالتفات فيها ينقصها، ويقلل أجرها؛ لأن فيه انشغالاً عن الإقبال على الله عز وجل، والاتجاه إليه في الصلاة التي فيها المناجاة لله سبحانه وتعالى، فهو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، ومعلوم أن الشيطان يسعى في إفساد العمل على صاحبه؛ إما بإفساده من أصله، أو بحصول ما ينقصه ويقلل أجره.
وسؤال عائشة رضي الله عنها للرسول عليه الصلاة والسلام عن الالتفات في الصلاة، يدلنا على ما كان عليه أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام من الحرص على معرفة أمور الدين، وأنهم كانوا يسألون النبي عليه الصلاة والسلام عما يحتاجون السؤال عنه، فيجيبهم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بما يوضح لهم الحق، وبما يهديهم إلى الصراط المستقيم.
هو الفلاس، وهو مشهور بهذا اللقب، ويأتي ذكره كثيراً في كتب الرجال، فيذكرون قوله في كتب الرجال فيقولون: ضعفه الفلاس، وثقه الفلاس، قال فيه الفلاس كذا، وهو: محدث، ناقد، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو ابن مهدي البصري، المحدث، الناقد، المتكلم في الرجال، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا زائدة].
هو ابن قدامة الثقفي، وهو: ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أشعث بن أبي الشعثاء].
هو أشعث بن أبي الشعثاء المحاربي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن أبيه].
هو أبو الشعثاء المحاربي واسمه سليم بن أسود، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مسروق].
هو مسروق بن الأجدع، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق التي أنزل الله عز وجل براءتها مما رميت به من الإفك في آيات تتلى من كتاب الله عز وجل، وذلك دال على فضلها، ونبلها، ونزاهتها، ودال على شرفها، وأن الله عز وجل أنزل فيها آيات تتلى في كتابه الكريم منوهة بشأنها، وبفضلها، وببراءتها رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي الصحابية الوحيدة المعروفة بالكثرة الكاثرة من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهي من السبعة المكثرين من رواية الحديث؛ لأن المكثرين من رواية الحديث من أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام سبعة؛ ستة من الرجال وامرأة واحدة، وهذه المرأة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، فهي من أوعية السنة التي حفظت سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا سيما السنن المتعلقة بالبيوت التي لا يطلع عليها إلا النساء، فإنها حفظت، ووعت الشيء الكثير من تلك السنن عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ورضي الله عنها وأرضاها.
أورد النسائي طريق أخرى للحديث، وقال: [بمثله]، يعني: بمثل الرواية السابقة، وهي أن عائشة سألت الرسول صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة، فقال: (هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد)، فهو مثله، يعني: مماثل له في لفظه ومعناه، وكلمة: (بمثله) يريدون بها إذا قالوها المماثلة في اللفظ والمعنى، واتفاق الرواية التي لم تذكر مع الرواية المذكورة قبلها لفظاً ومعنى، هذه هو المراد بكلمة: بمثله، وهي تختلف عن بـ(نحوه)، فإن كلمة (نحوه) لا تدل على مطابقة باللفظ، ولكنها تدل على الاتفاق بالمعنى ومع الاختلاف في الألفاظ، فيفرقون بين ما كان اللفظ، والمعنى في المحذوف، مثل المثبت، وبين ما إذا كان المحذوف يتفق مع الذي أثبت بالمعنى دون اللفظ، ويعبرون عن الأول بمثله كما هنا، ويعبرون عن الثاني بنحوه، أي: أنه متفق معه في المعنى وإن حصل اختلاف بالألفاظ، وأما بمثله ففيه اتفاق بالمعنى واتفاق بالألفاظ.
9موإسناد الحديث هو مثل الإسناد الذي قبله، إلا أن فيه زيادة [أبي الأحوص]. وهو: سلام بن سليم الحنفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والباقون قد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
هنا أورد النسائي طريقاً أخرى وقال في نهايتها: بمثله، أي: بمثل الرواية السابقة المثبتة.
أما رجال الإسناد، فهم نفس رجال الإسناد المتقدمين إلا شخصين؛ أحدهما: [إسرائيل]، والثاني [أبو عطية].
أما إسرائيل فهو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق الهمداني السبيعي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وأبو عطية هو مالك بن عامر الوادعي الهمداني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
أورد النسائي هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها، وهو أثر عن عائشة رضي الله عنها، لكن مثله لا يقال بالرأي، وقد جاء عنها في الروايات السابقة إضافة ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، يعني: بعض الرواة رواه مرفوعاً، وبعضهم رواه موقوفاً عليها.
لكن رواية الوقف لا تتعارض مع رواية الرفع والله أعلم؛ لأن مثل ذلك لا يقال بالرأي، وإنما هو مما أخذ عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد جاء التصريح بأخذ ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في الروايات السابقة.
هلال بن العلاء بن هلال صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا المعافى بن سليمان].
صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
القاسم بن معن ثقة، فاضل، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
وكلمة (هو ابن معن) الذي قالها من دون المعافى بن سليمان الذي روى عنه، إما هلال، وإما النسائي، أو من دون النسائي، هم الذين قالوا: (هو ابن معن)، وذلك كما عرفنا مراراً وتكراراً أن التلميذ ذكره بلفظ مهمل غير منسوب، فلما جاء من بعد التلميذ، وأراد أن يوضحه، لم يأت به منسوباً بدون ما يشعر، بما يدل على أنه من غير التلميذ، فأتى بهذه العبارة وهي: وهو ابن معن، يعني: أنه ما قالها التلميذ، وإنما قالها من دون التلميذ.
[عن الأعمش].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمارة].
عمارة بن عمير ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنهما أنه قال: (اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، و
أورد النسائي الرخصة في الالتفات؛ يعني: عند الحاجة إلى ذلك، وعندما يوجد أمر يقتضيه، وأمر يتطلبه، فإن ذلك سائغ، وقد جاءت بذلك السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأورد النسائي فيه حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه: [أن النبي عليه الصلاة والسلام اشتكى فصلى جالساً، وصلى أبو بكر عن يمينه، وصلى جماعة من الصحابة وراءه، وكان قد صلى جالساً، فقاموا، فوقفوا، وصفوا وراءه قياماً، فالرسول صلى الله عليه وسلم التفت فرآهم قائمين، فأشار إليهم أن يجلسوا، ولما فرغ من الصلاة قال: إن كنتم آنفاً تفعلوا فعل فارس والروم، يقومون على رءوس ملوكهم وهم قعود، ائتموا بأئمتكم، فإذا صلوا قياماً فصلوا قياماً، وإن صلوا قعوداً فصلوا قعوداً].
فالرسول صلى الله عليه وسلم اشتكى، يعني: أصابه جرح فجاء في بعض الأحاديث أنه سقط من فرس، فجحش شقه، فصلى في بيته وصلى جماعة من أصحابه معه، وكانوا قائمين، فأشار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجلسوا، فأشار إليهم بيده يريد منهم بهذه الإشارة أن يجلسوا ولا يقوموا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم بدأ الصلاة جالساً، فأرشدهم إلى أن يصلوا معه جالسين.
والمقصود من الحديث قوله: [التفت]؛ لأن هذا دال على جواز الالتفات عند أمر يقتضيه، وعند الحاجة إليه، وكونه التفت عليه الصلاة والسلام ليراهم، أو يرى كيف كان شأنهم، لا ينافي ما جاء في بعض الأحاديث من أنه كان يراهم من وراء ظهره كما مرت بذلك الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فيجمع بين ما جاء هنا وما جاء في تلك الأحاديث: بأن كونه يراهم من وراء ظهره، لا يكون دائماً، وإنما يكون في بعض الأحيان، وأنه في بعض الأحيان لا يراهم إلا إذا حصل منه الالتفات كما جاء في هذا الحديث.
ثم الحديث يدل على أن الإمام إذا صلى جالساً يصلي الناس وراءه جلوساً، وقد جاء أنه عليه الصلاة والسلام في مرض موته لما بدأ أبو بكر الصلاة بالناس، وجاء رسول الله عليه الصلاة والسلام وجلس على يسار أبي بكر، فصار هو الإمام عليه الصلاة والسلام، وأبو بكر يبلغ ويسمع الناس التكبير، فكان الصحابة وراءه قائمين وهو صلى جالساً في مرض موته عليه الصلاة والسلام، وبقوا في صلاتهم حتى فرغوا منها وهم يصلون قياماً، فكيف يوفق بين ما جاء في حديث مرض موته من أنه صلى جالساً، وأبو بكر على يمينه يسمع الناس التكبير، والصحابة وراءه قائمين، وأبو بكر قائم، وبين ما جاء في هذا الحديث أنهم كانوا قائمين، فأرشدهم إلى أن يجلسوا.
فمن العلماء من قال بنسخ الجلوس، وأنه كان هذا في أول الأمر، ثم نسخ في هذه الكيفية التي حصلت في مرض موته، وهي أنهم يصلون وراءه قياماً، فلا يصلي المأموم جالساً مع قدرته على القيام وراء الإمام الجالس الذي لا يتمكن من الصلاة إلا جالساً، فلا يصلي المأموم وراءه جالساً بل يصلي قائماً استناداً إلى ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام في مرض موته صلى الله عليه وسلم حيث صلى جالساً، وأبو بكر عن يمينه يكبر بتكبير رسول الله عليه الصلاة والسلام ويبلغ الناس التكبير وهم يقتدون برسول الله عليه الصلاة والسلام.
ومن العلماء من قال: إنه لا نسخ، وإنما يوفق بين الحديثين، فإذا كان الناس بدءوا الصلاة قائمين يستمرون على قيامهم، وإن طرأ على الإمام أن يصلي جالساً فإن العبرة ببدئهم الصلاة، وهم بدءوها قائمين فيستمرون على قيامهم فيها ولا يجلسون، فاستناداً إلى ما جاء في مرض موت الرسول عليه الصلاة والسلام من كونه صلى جالساً، والناس يصلون وراءه قياماً، أبو بكر عن يمينه والصحابة وراءه.
وإذا بدأ الصلاة جالساً فإنهم يبدءونها معه جالسين، وحجة ذلك ما حصل في تلك الحال التي جاء ذكرها في الحديث، وهو أنه بدأ الصلاة جالساً فأرشدهم إلى أن يجلسوا، فيجمع بين الأحاديث بحمل ما جاء في مرض موته على ما إذا ما بدءوا الصلاة قائمين فإنهم يستمرون قائمين، وإذا بدأ الإمام الصلاة جالساً فإنهم يبدءونها وراءه جالسين، وهذا فيه إعمال للدليلين وتوفيق بين الحديثين في حمل هذا على حال وحمل هذا على حال.
وقوله صلى الله عليه وسلم بعدما فرغ من الصلاة: (إن كدتم آنفاً أن تفعلوا فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم جلوس) هذا يدل على تحريم القيام على رأس الجالس تعظيماً له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر هذه الهيئة وشبهها بفعل فارس والروم، حيث يقومون على ملوكهم وهم جلوس، فهذا التشبيه فيه بيان الابتعاد عن هذا العمل، وأنهم كادوا أن يفعلوا مثل فعل هؤلاء الذين هم الفرس والروم، فيدل على تحريم القيام على رءوس الرجال تعظيماً لهم.
وقد جاء في بعض الأحاديث أن بعض الصحابة كان قائماً على رأس الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك في صلح الحديبية، فإنه لما قدم الكفار يتفاوضوا مع الرسول عليه الصلاة والسلام وليبرموا العقد الذي جرى بينهم وبينه ، فإن المغيرة بن شعبة كان واقفاً على رأس الرسول صلى الله عليه وسلم وهو جالس، قالوا: فيجمع بين ما جاء من بيان ما كان عليه فارس والروم، وأن هذا الفعل غير سائغ لهذه الأمة، وبين ما جاء من وقوف بعض أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام على رأسه في حال قدوم الكفار عليه بأنه يجوز أن يوقف على رأس الإمام للحاجة لا سيما إذا جاء الأعداء، فإن في ذلك إظهار احترامه، وإظهار المحافظة عليه، وإذا كان في غير هذه الحال فإنه لا يجوز.
فإذاً: يكون في المسألة تفصيل.
والقيام له ثلاثة أحوال: قيام على الرجل، وقيام للرجل، وقيام إلى الرجل، فالقيام عليه فيه التفصيل الذي ذكرت، وأما القيام إليه فإنه سائغ، عندما يأتي إنسان يدخل يقوم إليه ليعانقه، أو ليصافحه، أو ليستقبله، ويرافقه في الدخول فإن ذلك سائغ، ومنه قوله: (قوموا إلى سيدكم) يعني: الأنصار عندما جاء سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه عند الحكم في بني قريظة حيث أمرهم بأن يقوموا إليه، فالقيام إليه لمصاحبته، أو لمعانقته، أو لمرافقته في الدخول واستقباله، والمشي معه فإن ذلك سائغ ولا بأس به.
والأمر الثالث: القيام له حيث يقوم، ويجلس احتراماً له من غير أن يكون هناك مرافقة، أو مصافحة، أو معانقة فإن هذا هو الذي لا يجوز، وهذا غير سائغ.
إذاً: القيام له ثلاثة أحوال: قيام للرجل قيام له وهذا لا يجوز، والثاني قيام إليه وهذا جائز، والثالث: قيام عليه وهذا فيه التفصيل بين ما كان فيه إظهار احترام الإمام أمام الأعداء وبين ما إذا كان في غير هذه الحالة فيجوز في الحال الأولى ولا يجوز في غيرها.
هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[الليث].
وهو ابن سعد المصري المحدث، الفقيه، فقيه مصر، ومحدثها، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزبير].
وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي وهو صدوق، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد من الرباعيات عند النسائي، وهو من أعلى الأسانيد عند النسائي، لأن أعلى ما عنده الرباعيات إذ ليس عنده شيء من الثلاثيات.
أورد النسائي حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلتفت يميناً وشمالاً، ولا يلوي عنقه خلف ظهره)، بمعنى أن التفاته ليس لياً للعنق بحيث ينظر إلى وراء الظهر، وإنما يلتفت يميناً وشمالاً، وهذا كما عرفنا في الحديث الذي قبل هذا للحاجة، والضرورة الذي تلجئ إليه، وهو يدل على جواز ذلك، ومن أمثلته فعل أبي بكر رضي الله عنه في الحديث الذي سبق أن مر قريباً، حيث دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بدأ أبو بكر الصلاة فوقف النبي صلى الله عليه وسلم وراءه، ودخل في الصلاة فجعل الناس يصفقون، يؤذنونه بمجيء الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان لا يلتفت، فلما رآهم أكثروا من التصفيق التفت، فرأى النبي عليه الصلاة والسلام وراءه، وقد مر الحديث قريباً، فالالتفات سائغ عندما يوجد أمر يقتضيه، والنبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه في هذا الحديث، وفي الذي قبله ما يدل على ذلك، لكن هذا الالتفات ليس التفاتاً شديداً تلوى معه العنق بحيث ينظر إلى ما وراء الظهر، وإنما يلتفت يميناً وشمالاً دون الوصول إلى هذه الحال التي هي لي العنق إلى وراء الظهر.
هو أبو عمار الحسين بن حريث المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .
[حدثنا الفضل بن موسى].
هو المروزي وهو ثقة، ثبت، ربما يغرب، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند].
هو عبد الله بن سعيد بن أبي هند الفزاري وهو صدوق، ربما وهم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ثور بن زيد].
هو ثور بن زيد المدني وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عكرمة].
هو عكرمة بن عبد الله مولى عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو: ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام؛ وهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن الزبير، أربعة من صغار الصحابة أطلق عليهم هذا اللقب لقب العبادلة الأربعة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن ممن يسمى عبد الله كثير غير هؤلاء الأربعة، منهم عبد الله بن مسعود وعبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري، وعبد الله بن رواحة، وعبد الله بن أبي بكر فكثيرون يسمون بعبد الله، ولكن الذين اشتهروا بلقب العبادلة هم هؤلاء الأربعة من أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، وهم من صغار الصحابة.
وعبد الله بن عباس أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله تعالى أعلم.
الجواب: جائز، ما فيه مانع.
فإن قال قائل: ممكن يؤخذ هذا من حديث أبي بكر ؟
قلنا: لا ليس هذا، أبو بكر ما كان مسبوقاً، فما فيه ذكر المسبوق، وإنما كون شخص يصلي وحده وهو مسبوق وجاء واحد يصلي بصلاته ما فيه بأس.
الجواب: بلى فيها عنعنة، لكن الحديث -كما هو معلوم- في صحيح مسلم، وجاء من طرق.
الجواب: عكرمة تكلم فيه بعض العلماء، وقد أوضح الحافظ ابن حجر الكلام فيه وما قيل فيه في مقدمة الفتح، فإنه أطال في ترجمته وحصر الأقوال التي قيلت فيه، وأجاب عنها، وخرج إلى أن الكلام الذي أضيف إليه غير ثابت.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر