أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد حدثنا الوليد عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم منادياً ينادي: أن الصلاة جامعة، فاجتمعوا، واصطفوا، فصلى بهم أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات)].
يقول النسائي رحمه الله: باب الأمر بالنداء لصلاة الكسوف؛ أي: أنه يشرع أن ينادى لها، وأن يُعلم الناس بحصول الكسوف، لكن هذه المناداة تكون على هيئة خاصة؛ وهي أن يقال: [الصلاة جامعة]، وتكرر حتى يتحقق أن الناس علموا هذا، وليس لها جمل متعددة فيؤتى بهذه العبارة وهي: [الصلاة جامعة]، وقد أورد النسائي حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها: [أن الشمس خسفت على عهد رسول الله، أو خُسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر منادياً ينادي: أنِ الصلاة جامعة]، فـ(أن) هنا تفسيرية، فيراد بها تفسير النداء، أي: ماذا يقال؟ فيقول: الصلاة جامعة، ثم حضر الناس، واصطفوا، وصلى بهم أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات؛ أي: أنه صلى ركعتين، في كل ركعة ركوعان وسجدتان، فيكون مجموع الركعتين أربع ركوعات وأربع سجدات، وهذه الهيئة والكيفية هي المحفوظة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه فعلها.
وقد جاءت صفات أخرى تحكي صلاته صلى الله عليه وسلم، وفيها زيادة ركوعات على الركوعين في الركعة الواحدة، ولكن تلك الصفات اختلف العلماء في حكمها، فمنهم من قال بشذوذها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما عرف أنه صلى الكسوف إلا مرة واحدة، فإذاً الصفة التي كثر رواتها -وهي أنها ركعتان وفي كل ركعة ركوعان وسجدتان- هي المقدمة على غيرها، وما عداها يكون شاذاً كما سيأتي في الطرق الآتية، فالحديث مشتمل على ما ترجم له المصنف من حصول النداء، ومشتمل على كيفية صلاة الكسوف.
هو عمرو بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا الوليد].
هو ابن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، كثير التدليس والتسوية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي].
هو عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأوزاعي الدمشقي، وهو ثقة، فقيه، إمام مشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وكنيته أبو عمرو واسم أبيه عمرو، فهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث؛ معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة معرفة هذا النوع ألا يظن التصحيف فيما إذا ذكر باسمه، أو فيما إذا كان مشهوراً عند بعض الناس باسمه، ثم وجده مذكوراً بكنيته، فإنه يظن أن (ابن) صحفت إلى (أبو)، إذا كان يعرفه عبد الرحمن بن عمرو، فجاء عبد الرحمن أبو عمرو، من لا يعرف أن الكنية موافقة لاسم الأب، يظن أن (أبو) مصحفة عن (ابن)، والواقع أنه لا تصحيف، بل هذا صحيح وهذا صحيح.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، ينتهي نسبه إلى جده زهرة بن كلاب، ويلتقي نسبه مع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم بـكلاب؛ لأن زهرة أخو قصي بن كلاب، وهو مشهور بالنسبة إلى جده زهرة فيقال: الزهري، ومشهور بنسبة إلى جده شهاب، فيقال: ابن شهاب، وهكذا يأتي ذكره كثيراً، إما ابن شهاب أو الزهري، وهو ثقة، إمام، فقيه، ومحدث مشهور، ومكثر من الحديث، وهو من صغار التابعين، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة].
هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، فقيه، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، الذين هم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وخارجة بن زيد بن ثابت، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، هؤلاء ستة، أما السابع ففيه خلاف على ثلاثة أقوال: قيل: هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعروة بن الزبير هذا الذي معنا في الإسناد هو أحد الفقهاء السبعة المعروفين في المدينة في عصر التابعين.
[عن عائشة].
عروة بن الزبير يروي عن خالته عائشة رضي الله عنها؛ لأن أمه أسماء بنت أبي بكر، وهي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، التي حفظت الكثير من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام ووعته، فهي من أوعية السنة، والذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام سبعة أشخاص ستة رجال وامرأة واحدة، والمرأة التي في السبعة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
وهذا الإسناد مكون من ستة أشخاص؛ نصفه الأول شاميون؛ لأن الأول حمصي، والثاني والثالث دمشقي، وأما الثلاثة الباقون الذين في أعلاه وهم: الزهري، وعروة، وعائشة، فهم مدنيون، فنصفه شاميون، ونصفه مدنيون.
أخبرنا محمد بن خالد بن خلي حدثنا بشر بن شعيب عن أبيه عن الزهري أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (كسفت الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فقام فكبر، وصف الناس وراءه، فاستكمل أربع ركعات وأربع سجدات، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف)].
هنا أورد النسائي الصفوف في صلاة الكسوف؛ أي: أن الناس يصطفون فيها، وأنهم يصلون صفوفاً، كما أنه يشرع لهم أن يصلوا الصلوات الأخرى مصطفين، فإنهم يصلون الكسوف أيضاً صفوفاً، وقد أورد حديث عائشة رضي الله عنها: [أن الشمس كسفت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إلى المسجد فكبر، وصف الناس وراءه، فاستكمل بهم أربع ركعاتٍ وأربع سجدات]، أي: أنه صلى ركعتين كل ركعة فيها أربع ركوعات؛ لأن المراد بالركعات هنا الركوعات، وليس المقصود الركعات؛ لأنه صلى ركعتين كما في روايتها السابقة، فأربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات، فهذه الرواية مثل الرواية السابقة تماماً في بيان كيفية الصلاة، إلا أنه ما ذكر فيها الركعتين، ولكن الركعات الأربع المراد بها الركوعات الأربعة، ووجود الركوعين في الركعة الواحدة، هذا مما اختصت به صلاة الكسوف.
إذاً: هذه الرواية عن عائشة هي مثل الرواية السابقة، وفيها بيان كيفية صلاة الكسوف، وأنها أربع ركوعات في ركعتين، وكذلك أربع سجدات في ركعتين، فهي مثل الرواية السابقة، والمقصود من إيراد الحديث هو ذكر الصفوف وراءه صلى الله عليه وسلم، وأنها تشرع لها الجماعة، وأن الناس يصفون صفوفاً خلف الإمام.
صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا بشر بن شعيب].
هو بشر بن شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، والترمذي، والنسائي، وهو حمصي، وقد ذكر في ترجمته أن ابن حبان قال عنه أو نقل عن البخاري أنه قال: تركناه، قالوا: وقد أخطأ ابن حبان في نقل العبارة؛ لأن عبارة البخاري: تركناه حياً، وتختلف (تركناه حياً) عن (تركناه)، ومعنى: تركناه حياً، أنهم كانوا لقوه وتركوه وهو حي، أما كلمة (تركناه) تعني: تركنا الرواية عنه، فتغير المعنى، فصار هذا الخطأ ترتب عليه تضعيف شديد، مع أنه ليس بضعيف، بل هو ثقة، ولكن الخطأ حصل من سقوط كلمة (حياً)، فصار المعنى يختلف عنه مع وجود هذه الكلمة.
[عن أبيه].
هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من أثبت الناس في الزهري.
[عن الزهري].
الزهري قد تقدم ذكره.
قد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم عن إسماعيل بن علية حدثنا سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عند كسوف الشمس ثماني ركعات وأربع سجدات، وعن
أورد النسائي هذه الترجمة؛ وهي كيف صلاة الكسوف، والروايتان السابقتان فيها بيان كيفية صلاة الكسوف، ولكن النسائي أورد هاتين الروايتين للاستدلال على الصفوف لصلاة الكسوف، وعلى النداء لصلاة الكسوف، وعلى النداء لصلاة الكسوف، وعلى بيان كيفية صلاة الكسوف، والروايتان السابقتان عن عائشة هما أرجح، أو هذه الكيفية التي جاءت في حديث عائشة هي المحفوظة، بمعنى أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجدتان. وهنا أورد النسائي هذا الباب وهو كيف صلاة الكسوف، وأورد حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما: [أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عند كسوف الشمس ثماني ركعات وأربع سجدات]، والمقصود من هذه الرواية أنه صلى ركعتين، ولكن كل ركعة فيها أربع ركوعات، فيكون المجموع ثمان ركوعات في الركعتين، وأربع سجدات في الركعتين، هذا هو المقصود في قوله: [ثمان ركعات وأربع سجدات].
وهذه الرواية تعتبر شاذة، رواها ثقات مخالفون لمن هو أوثق منهم، وهم الذين رووا الركعتين في كل ركعة ركوعان وسجدتان، فالمحفوظ هو ركوعان في كل ركعة، وأما ما عدا الركوعين والزيادة عليهما فهو من قبيل الشاذ الذي خالف فيه الثقة من هو أوثق منه، أو خالف فيه الثقة الثقات، فالمحفوظ رواية الركعتين، والشاذ رواية ما زاد على الركعتين، وبعض العلماء قال: إن هذا يحمل على تعدد الكسوف، وأن الكسوف حصل عدة مرات، وأن كلاً روى صفة فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكسوفات المتعددة، لكن الأحاديث كلها تتحدث عن كسوف واحد يأتي في كثير من الروايات أنه يوم مات ابنه إبراهيم، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يعرف عنه أنه صلى الكسوف عدة مرات، وإنما عُرف أنه انكسفت الشمس فصلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة واحدة، فاختلف الرواة في النقل؛ فمنهم من جعل في كل ركعة ركوعان، ومنهم من جعل في كل ركعة أكثر من ذلك، وقد سبق الترجيح بينهما.
هو الدورقي، وهو ثقة، حافظ، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه جميعاً مباشرةً وبدون واسطة، ومثله محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، هؤلاء الثلاثة يعتبرون شيوخاً لأصحاب الكتب الستة، رووا عنهم مباشرةً بدون واسطة.
[عن إسماعيل بن علية].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بالنسبة إلى أمه علية يقال: ابن علية، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، ثبت، حجة، إمام، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن حبيب بن أبي ثابت].
ثقة، يرسل ويدلس، فهو كثير الإرسال والتدليس، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس].
هو طاوس بن كيسان، وهو ثقة، فقيه، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو ابن عم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.
هنا أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وفيه تفصيل الركوعات الثمانية التي مرت في الرواية السابقة؛ لأن الرواية السابقة قال: [ثمان ركعات]، أي: ركوعات، وهنا فصل هذه الركوعات بأن قال: [إنه صلى في كسوف فقرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع]؛ أربع مرات، فيكون في كل ركعة أربع ركوعات، [ثم سجد، والأخرى مثلها] أي: الركعة الأخرى مثل الركعة الأولى، أي: فيها أربع ركوعات وسجدتين، فهذه الرواية مفسرة للرواية السابقة؛ لأن الرواية السابقة مجملة قال: [ثمان ركعات]، وهنا ذكر أن معنى ركعات أي: ركوعات، فهذه أيضاً مثل التي قبلها شاذة؛ لأن فيها الزيادة على ركوعين في الركعة الواحدة.
والذين في الإسناد كلهم ثقات، ولكنه شاذ؛ لأن الشاذ رواية الثقة مخالفاً الثقات، ومن شرط الصحيح: أن يكون غير معلل، ولا شاذ؛ لأنهم عندما يُعرِّفون الحديث الصحيح يقولون: ما روي بنقل عدل، تام الضبط، متصل السند غير معلل ولا شاذ؛ لأنه يكون متصل السند، ويكون رواته ثقات، ولكن يكون فيه شذوذ، يعني مثل الذي هنا.
إذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم صلى مرةً واحدة الكسوف، وبعض الرواة الثقات قالوا: إنه صلى أربع ركوعات في الركعة الواحدة، والذين هم أوثق منهم وأكثر منهم قالوا: في كل ركعة ركوعان.
إذاً: رواية الركوعين هي المحفوظة، ورواية ما زاد على ذلك هي الشاذة، فالخلل من حيث الخطأ، ليس من حيث الضعف في الرواة، ومن حيث الانقطاع في الأسانيد، فالإسناد متصل، والرجال ثقات، ولكن الخلل هو في مخالفة الثقات.
هو العنزي الملقب بـالزمن، المكنى بـأبي موسى، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرةً وبدون واسطة، وقد ذكرت آنفاً أن ثلاثة يعتبرون شيوخاً لأصحاب الكتب الستة، وماتوا في سنة واحدة، وهم يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، هؤلاء الثلاثة ماتوا سنة اثنتين وخمسين ومائتين، قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، وكل واحد منهم يعتبر شيخاً لأصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
هو ابن سعيد القطان، المحدث الناقد، الثقة، الثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن ابن عباس].
هؤلاء الأربعة مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد حدثنا الوليد عن ابن نمر وهو عبد الرحمن بن نمر عن الزهري عن كثير بن عباس، (ح)، وأخبرني عمرو بن عثمان حدثنا الوليد عن الأوزاعي عن الزهري أخبرني كثير بن عباس عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم كسفت الشمس أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات)].
أورد النسائي رواية نوع آخر من صلاة الكسوف عن ابن عباس، وهذا النوع الذي ذكره في هذه الرواية هو المحفوظ؛ لأنه (أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات)؛ أي: أربعة ركوعات في ركعتين، وأربع سجدات، ومعناه: في كل ركعة ركوعان وسجدتان، فهذا هو المحفوظ، وهو مثل حديث عائشة المتقدم في قضية الأمر بالنداء، والصفوف وراء الإمام في صلاة الكسوف، والتي فيها أربع ركوعات، وأربع سجدات في ركعتين، فرواية ابن عباس هذه هي المحفوظة، وهذا الذي جاء عنه من هذا الطريق هو المحفوظ؛ لأنه المتفق مع غيره من الرواة الكثر الذين هم روايتهم مقدمة على غيرهم من الثقات، فتكون هي المحفوظة، وما سواها يكون شاذاً.
هو عمرو بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا الوليد].
هو الوليد بن مسلم الدمشقي، وقد مر ذكره قريباً.
[عن ابن نمر وهو عبد الرحمن بن نمر ].
ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي. وكلمة (هو عبد الرحمن بن نمر) هذه، الذي أتى بها من دون تلميذه؛ لأن تلميذه قال: ابن نمر، والذي دون التلميذ أتى باسمه فقال: هو عبد الرحمن بن نمر.
[عن الزهري].
قد مر ذكره قريباً.
[عن كثير بن عباس].
كثير بن عباس بن عبد المطلب، وهو صحابي صغير، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[(ح) وأخبرني عمرو بن عثمان].
معنى (ح) إشارة إلى التحول من إسناد إلى إسناد، وعمرو بن عثمان هو الذي مر ذكره قريباً.
[عن الوليد].
هو الوليد بن مسلم، وقد مر ذكره أيضاً.
[عن الأوزاعي].
قد مر ذكره.
[عن الزهري].
قد مر ذكره.
[أخبرني كثير بن عباس عن عبد الله بن عباس].
كثير بن عباس هو الذي مر في الإسناد الذي حصل التحويل عنه، وابن عباس أيضاً مر في بعض الأسانيد السابقة، وكما قلت: هذه الرواية هي المحفوظة المتفقة مع الروايات الأخرى التي فيها بيان كيفية صلاة الكسوف؛ وأنها ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجدتان.
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن علية أخبرني ابن جريج عن عطاء سمعت عبيد بن عمير يحدث، قال: حدثني من أصدق، فظننت أنه يريد عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام بالناس قياماً شديداً، يقوم بالناس ثم يركع، ثم يقوم، ثم يركع، ثم يقوم، ثم يركع، فركع ركعتين في كل ركعة ثلاث ركعات، ركع الثالثة ثم سجد، حتى إن رجالاً يومئذٍ يغشى عليهم، حتى إن سجال الماء لتصب عليهم مما قام بهم، يقول إذا ركع: الله أكبر، وإذا رفع رأسه: سمع الله لمن حمده، فلم ينصرف حتى تجلت الشمس، فقام فحمد الله وأثنى عليه، وقال: إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن آيتان من آيات الله يخوفكم بهما، فإذا كسفا فافزعوا إلى ذكر الله عز وجل حتى ينجليا)].
أورد النسائي هذه الترجمة؛ وهي نوع آخر من صلاة الكسوف، وأورد فيها حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس الكسوف، وقام قياماً شديداً -ثم بينت هذا القيام- قام ثم ركع، ثم قام ثم ركع، ثم قام ثم ركع، يعني: ثلاث ركوعات في الركعة الواحدة، فهذه الرواية مخالفة للروايات الأخرى التي جاءت عن عائشة، والتي تقدمت في الأمر بالنداء لصلاة الكسوف، وفي الصفوف وراء الإمام في صلاة الكسوف، فإنها كلها فيها أنها أربعة ركوعات في ركعتين، وهنا ستة ركوعات في ركعتين، أي: كل ركعة فيها ثلاث ركوعات، فهذه تعتبر أيضاً شاذة ومخالفة للرواية الأخرى التي فيها رواية الركوعين في الركعة الواحدة.
قد مر ذكره.
[حدثنا ابن علية].
قد مر ذكره كذلك.
[أخبرني ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء].
هو ابن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت عبيد بن عمير].
هو عبيد بن عمير الليثي المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني من أصدق فظننت أنه يريد عائشة].
قد مر ذكرها.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وفيه: الإجمال لما فصل في الرواية السابقة؛ لأن الرواية السابقة: (قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع..)، ثلاث مرات، وهنا قال: [ستة ركوعات في ركعتين وأربع سجدات]، فهذه الرواية مثل الرواية السابقة، أي فيها شذوذ؛ لأنها مخالفة لرواية الركوعين التي هي رواية الأكثر والأوثق، فتعتبر هذه الرواية شاذة، وإذاً: فقد مر بيان صلاة الكسوف من حديث عائشة، وابن عباس، وفي بعض روايات حديث عائشة ما هو محفوظ، وفيها ما هو شاذ، وفي بعض روايات حديث ابن عباس ما هو محفوظ، وما هو شاذ. وقوله: [في صلاة الآيات]، أي: في بيان كيفية صلاة الآيات، أي: صلاة الكسوف؛ لأنها تحصل عند حدوث هذا التغير في هاتين الآيتين من آيات الله عز وجل، أي: حدوث الكسوف في الشمس والقمر.
هو ابن مخلد بن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، ثبت، مجتهد، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا معاذ بن هشام].
هو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو صدوق، ربما وهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبي].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
قد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
الجواب: إذا كانوا ما علموا الزيادة فصلاتهم صحيحة، والذي تحقق الزيادة عليه أن يجلس.
وهو ما تعمد الزيادة، فلو تعمد الإمام الزيادة بطلت صلاته.
فإن قال قائل: لم يسجد للسهو لأنه لم يعلم بأنه زاد ركعة؟
قلنا: هو كان عليه أن يسجد، لكن الآن ما دام أن الصلاة ذهبت وما حصل السجود للسهو، فليس عليه سجود السهو، فمعناه أن الصلاة صحيحة، ولو لم يحصل سجود السهو.
الجواب: بعض العلماء يقول: إن هذه الاستفتاحات جاءت في روايات متعددة، فعل هذا مرة، وفعل هذا مرة، وفعل هذا مرة، وفعل هذا مرة، فالسنة أن الإنسان يفعل كما فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام، لا يجمع هذه الأدعية، الرسول ما جمعها، وما جاء عنه أنه جمعها، وإنما جاء أنه صلى صلاة استفتح فيها بكذا، وصلى صلاة استفتح فيها بكذا، والإنسان يتابع الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يأتي بشيء يخالف ما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما جمع أدعية الاستفتاح، ثم أيضاً جمعها لا سيما إذا كانت الصلاة فيه إطالة على الناس يطول على الناس، والاستفتاح هو يبدأ بشيء مما ثبت، أو بنوع من الأنواع التي ثبتت، ولا يجمع بينها، والدليل على هذا أن الرسول ما جمعها، وإنما أتى بكل واحد على حدة.
وكذلك الاستفتاح لا يكون في كل ركعتين، وإنما يكون عندما يدخل في أول الصلاة، يستفتح ثم بعد ذلك يقوم ويصلي ركعتين بدون استفتاح. والدليل هو: أن الرسول كان إذا قام إلى الليل قال كذا وكذا، وليس معناه أنه في كل ركعتين يأتي بهذا الاستفتاح.
الجواب: طبعاً خطأ ووهم لا شك، فهذا هو سبب المخالفة.
الجواب: الذي يقال عنه: صدوق، يعني: حديثه مقبول، ولكنه دون الثقة، وحديثه يحتج به، ولا يقل عن الحسن، وقد يرتفع إلى أن يكون صحيحاً لغيره عندما يوجد شيء يعضده، فكل من يقال فيه: صدوق، أو ثقة حديثه مقبول، وحديثه معتمد، لكن كونه يروي رواية تخالف الثقات الذي هم أوثق وأرجح تكون روايته شاذة، وروايتهم محفوظة.
الجواب: لا، بل هو حق لصاحب السلعة؛ لأن هذا ثمن سلعته، وذاك إن كان متبرعاً فهو متبرع، وإن كان أجيراً فأجرته ما اتفق عليها.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر