أخبرنا إسحاق بن منصور أخبرنا عبد الرحمن حدثنا شعبة عن عبد الحميد صاحب الزيادي قال: سمعت عبد الله بن الحارث يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يتسحر، فقال: إنها بركة أعطاكم الله إياها، فلا تدعوه)].
يقول النسائي رحمه الله: فضل السحور. مقصود النسائي رحمه الله من هذه الترجمة هو: بيان أن كون الإنسان يتسحر إذا أراد أن يصوم، وأن في ذلك فضل، وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام ما يدل على ذلك، وقد مر جملة من الأحاديث التي فيها قوله عليه الصلاة والسلام: (تسحروا فإن في السحور بركة)، وقد أورد هنا النسائي حديث رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [(أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر، فقال: إنها بركة أعطاكم الله إياها، فلا تدعوه)]، أي: أن السحور بركة أعطاكم الله عز وجل إياها فلا تدعوه، وأعطاكم الله إياها، إما أن يكون خاصة بها، أو أنه ندبكم إليها، [(فلا تدعوه)]، أي: لا تدعوا أكلة السحور، بل احرصوا عليها، وأتوا بها، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الأحاديث الكثيرة المتعددة الدالة على فضل السحور، والحديث واضح الدلالة على ما ترجم له النسائي من الترغيب؛ لأنه أولا قال: [(إنها بركة أعطاكم الله إياها)]، وفي آخر الحديث قال: [(فلا تدعوه)]، أي: لا تدعوا السحور.
هو الكوسج، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[عن عبد الرحمن].
هو ابن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
هو ابن الحجاج، شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الحميد صاحب الزيادي].
هو ابن دينار، عبد الحميد بن دينار صاحب الزيادي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[سمعت عبد الله بن الحارث].
هو الأنصاري البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[يحدث عن رجل].
يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الرجل مبهم لم يسم، ومن المعلوم أن الجهالة في الصحابة لا تؤثر؛ لأنهم عدول بتعديل الله عز وجل لهم، وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم، والمجهول فيهم في حكم المعلوم؛ لأنهم عدول عرفوا أو لم يعرفوا، وذلك لتعديل الله عز وجل لهم، وتعديل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا يكتفي العلماء والمحدثون عندما يترجمون للأشخاص إذا كان رجل صحابيا، فإنهم ينصون على صحبته، يعنون بذلك أنه يكفيه شرفا، وفضلا، ونبلا أن ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يقال: إنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجميع رجال الإسناد لا بد من معرفة أحوالهم إلا الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فإن معرفتهم لا تلزم، ولا تتعين؛ لأن المجهول فيهم في حكم المعلوم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
أخبرنا شعيب بن يوسف بصري، حدثنا عبد الرحمن عن معاوية بن صالح عن يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عن أبي رهم عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يدعو إلى السحور في شهر رمضان، وقال: هلموا إلى الغداء المبارك)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: دعوة السحور، أي: الدعوة إليه، والمشاركة فيه، أو الحث عليه، والدعاء إليه، هذا هو المقصود بالدعوة، وليس المقصود به دعاء، وإنما المقصود به دعوة إليه، ولهذا جاء في الحديث قال: [(هلموا إلى الغداء المبارك)]، أي: أقبلوا، وتعالوا إلى الغداء المبارك، فهي دعوة إليه من أجل أكله، والمشاركة فيه.
يقول العرباض بن سارية: ](سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعو إلى السحور في شهر رمضان، يقول: هلموا إلى الغداء المبارك)]، لأن قوله: [(هلموا)]، هو تفسير لقوله: [(يدعو إلى السحور في رمضان فيقول: هلموا إلى الغداء المبارك)]، فهذا هو المقصود بالدعوة، أي: أنها دعوة إليه، وطلب الإقدام عليه، والمشاركة في الأكل، [(هلموا إلى الغداء المبارك)]، ثم أيضا فيه تسميته بأنه غداء، ووصفه بأنه مبارك، فقيل له: الغداء؛ لأنه يكون في الغداة، فهو غداء وليس عشاء، العشاء يكون في العشي، والغداء يكون في الغداة، فوصفه رسول الله عليه الصلاة والسلام بأنه غداء، وأنه غداء مبارك.
ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن مهدي، وقد تقدم.
[عن معاوية بن صالح].
هو معاوية بن صالح بن حدير الحمصي، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن يونس بن سيف].
مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن الحارث بن زياد].
لين الحديث، وأخرج حديثه أبو داود، والنسائي أيضا.
[عن أبي رهم].
هو أحزاب بن أسيد، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، أبو رهم، مشهور بكنيته، واسمه أحزاب بن أسيد.
[عن العرباض بن سارية].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب السنن الأربعة.
أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن بقية بن الوليد أخبرني بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: [(عليكم بغداء السحور، فإنه هو الغداء المبارك)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: تسمية السحور غداء. وأورد فيه حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله تعالى عنه، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(عليكم بالسحور فإنه هو الغداء المبارك)]، ففيه حث على السحور، وترغيب فيه، ووصف بأنه غداء، وأنه مبارك، والمقصود من الترجمة تسمية السحور بأنه غداء، والحديث الذي مر قبل هذا، هو أيضا يدل على ذلك، يدل على هذه الترجمة، حديث العرباض بن سارية المتقدم، فيه وصف السحور بأنه غداء مبارك، وهنا حديث المقدام بن معد يكرب وفيه وصفه بأنه غداء مبارك، وما ترجم له المصنف من تسمية السحور غداء، دل عليه هذا الحديث، والحديث الذي قبله.
هو سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[عن عبد الله].
هو ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن بقية بن الوليد].
صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقا، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[أخبرني بحير بن سعد].
ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن خالد بن معدان].
ثقة، يرسل كثيرا، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن المقدام].
هو المقدام بن معد يكرب رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
ثم أورد النسائي الحديث من طريق أخرى مرسلة [عن خالد بن معدان، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: (هلم إلى الغداء المبارك، يعني: السحور)]، وهو مثل ما تقدم، فيه تسمية السحور غداء، وهناك الذي تقدم عن خالد بن معدان متصل، وهنا مرسل؛ لأن خالد بن معدان تابعي لم يدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فحديثه مرسل، ولهذا قال: ثقة، يرسل كثيرا، وهذا من الإرسال؛ لأن إضافة ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من قبيل المرسل عند المحدثين، وهو كون التابعي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، وقد يطلق المرسل أيضا على غير ذلك، على ما هو أعم من هذا، وهو كون الإنسان يروي عمن لم يلقه ولم يدرك عصره، فإن هذا أيضا من قبيل المرسل، ولهذا يأتي في بعض الرواة الذين هم في زمن المتأخر، وليسوا من التابعين، ولا من أتباع التابعين يقولون: يرسل، أو يرسل ويدلس، أو يرسل كثيرا، أو كثير الإرسال.
هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن مهدي، وقد تقدم.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ثور].
هو ثور بن يزيد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن خالد بن معدان].
ثقة، يرسل كثيرا، وقد تقدم.
أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن موسى بن عُلي عن أبيه عن أبي قيس عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور)].
يقول النسائي رحمه الله: [فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب]. الفصل هو: الميزة أو الفاصل الذي يفصل بيننا وبينهم، وفصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقد أورد النسائي حديث [عمرو بن العاص رضي الله عنه الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور)]، أي: أن هذه الميزة التي نتميز بها عن أهل الكتاب أننا نتسحر، وهم لا يتسحرون، ومن المعلوم الفوائد الكبيرة التي تترتب على السحور، يعني: ما فيه من التقوية لبدن الإنسان، وجسم الإنسان على الأعمال في النهار، وعدم وجود ما يدعو إلى الخمول والكسل، وهو الجوع، فإن الإنسان إذا أكل يتقوى على العبادة في النهار على الصيام وعلى غير الصيام، بخلاف إذا لم يأكل، فإنه يحصل له شيء من الكسل والخمول بسبب الجوع وعدم الأكل، وكونه خاوي البطن، يحصل له بسبب ذلك خمول وكسل، ففصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن موسى بن علي].
هو موسى بن علي بن رباح، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو علي بن رباح، علي وهو بالصغير، ويقال: عَلي، لكن المشهور أنه عُلي بالتصغير، ويقال: إنه كان يغضب منها، أي: كونه يقال له: عُلي وهو عَلي، لكن المشهور بأنه عُلي، فهو عُلي بن رباح، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة كابنه.
[عن أبي قيس].
هو عبد الرحمن بن ثابت مولى عمرو بن العاص رضي الله عنه، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن العاص].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي مشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك عند السحور: (يا أنس بلال أنس زيد بن ثابت
أورد النسائي السحور بالتمر والسويق، يعني: كون الإنسان يتسحر بالتمر والسويق، وأورد النسائي هذه الترجمة من أجل أنه جاء في الحديث ذكر السويق وذكر التمر، ذكر السويق في فعل زيد بن ثابت رضي الله عنه، حيث أخبر بأنه تسحر أو أكل أكلة سويق، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يتسحر بالتمر، وطلبه أن يتسحر معه فأكل معه من التمر، فترجم بالسويق والتمر؛ لأنه ورد في هذا الحديث ذكر السويق والتمر، والمقصود أن الإنسان يتسحر بما يتيسر، والرسول صلى الله عليه وسلم طلب من أنس بن مالك رضي الله عنه أن يأتيه بطعام؛ لأنه يريد أن يتسحر، فأتى له بتمرٍ وإناءٍ فيه ماء، ثم طلب منه أن يبحث عن أحدٍ يأتي يشاركه في الأكل، فأتى بـزيد بن ثابت ، وإذا زيد بن ثابت كان يريد السحور وقد تسحر، وأكل أكلة سويق، فجاء إليه وأكل معه، أي: من التمر، [(وتسحر معه)]، أي: أكل معه من التمر الذي يتسحر به صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم صلى ركعتين وقام إلى الصلاة، يعني: أنه بعدما انتهى السحور صلى ركعتي الفجر، ثم قام إلى الصلاة التي هي الصلاة المفروضة، يعني: أنه حصل الإمساك عند طلوع الفجر، وعند الوقت الذي يكون به دخول الوقت، أو عند حصول الأذان كما جاء بذلك الحديث: (إن بلالاً ابن أم مكتوم
[عن أنس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك عند السحور: (يا أنس
هذا فيه أنها نافلة؛ لأنه تطوع؛ لأن قوله: (أريد الصيام)، يعني: يريد أن يصوم، وإلا فإنه في شهر رمضان كل الناس يصومون، وكل مسلم يصوم، ولكن هنا وجد ما يفيد أو يشعر بأنه تطوع.
قال: [(فأتيته بتمرٍ وإناءٍ فيه ماء وذلك بعد ما أذن بلال
يعني: الأذان الأول الذي يكون قبل طلوع الفجر، الأذان الذي يحل الأكل والشرب لمن يريد أن يصوم، ويحرم صلاة الفجر؛ لأنه ما جاء الوقت؛ لأن المقصود منه الاستعداد والتهيؤ للصلاة، وحتى من يكون مشتغلاً في الصلاة، فإنه يستريح قليلاً استعداداً للصلاة، ومن يكون نائماً يستيقظ حتى يتهيأ للصلاة، وإذا كان يريد أن يصوم يتسحر، وذلك عندما أذن بلال .
قال: [(فقال: يا أنس
وهذا بيان ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من الكرم، ومن الإحسان والجود، وأنه كان يحب أن يشارك في أكله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فجاء أو أتى بـزيد بن ثابت رضي الله عنه.
وهذا معناه أنه أكل مرتين، أكل أولاً السويق، وقد استعمله استعداداً للصيام، ثم الرسول صلى الله عليه وسلم دعاه ليأكل معه، فأكل معه التمر، فتسحر مرتين: المرة الأولى كان على حدة حيث أكل السويق، والذي يتسحر به، والأكلة الثانية مشاركته للنبي صلى الله عليه وسلم في سحوره، وهو التمر الذي كان يتسحر به صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
هو ابن مخلد المشهور بـابن راهويه الحنظلي المروزي ، وهو ثقةٌ، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو محدثٌ فقيه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[قال: أخبرنا عبد الرزاق ].
عبد الرزاق بن همام الصنعاني ، ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[قال: أخبرنا معمر بن راشد ].
هو معمر بن راشد البصري ثم اليماني، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن أنس ].
هو أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المشهورين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: أخبرني هلال بن العلاء بن هلال ، قال: حدثنا حسين بن عياش ، قال: حدثنا زهير ، قال: حدثنا أبو إسحاق ، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما: (أن أحدهم كان إذا نام قبل أن يتعشى لم يحل له أن يأكل شيئاً، ولا يشرب ليلته ويومه من الغد حتى تغرب الشمس، حتى نزلت هذه الآية: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا [البقرة:187] إلى الْخَيْطِ الأَسْوَدِ [البقرة:187]، قال: ونزلت في أبي قيس بن عمرو أتى أهله وهو صائمٌ بعد المغرب، فقال: هل من شيء؟ فقالت امرأته: ما عندنا شيء، ولكن أخرج ألتمس لك عشاء، فخرجت ووضع رأسه فنام، فرجعت إليه فوجدته نائماً وأيقظته، فلم يطعم شيئاً وبات وأصبح صائماً حتى انتصف النهار فغشي عليه، وذلك قبل أن تنزل هذه الآية)، فأنزل الله فيه ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي [تأويل قول الله عز وجل: كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187] ]، تأويل، أي: تفسير قول الله عز وجل، يعني أن المراد بالخيط الأسود والخيط الأبيض سواد الليل وبياض النهار، وأنه يتبين الليل من النهار بطلوع الفجر، وهو الفجر الصادق الذي يعترض في الأفق ثم يتزايد حتى تطلع الشمس، فالمقصود من الترجمة تفسير الخيط الأبيض والخيط الأسود، وأنه سواد الليل، وبياض النهار، والتأويل المراد به التفسير؛ لأنه يأتي بمعنى التفسير، والذي يستعمل ذلك كثيراً ابن جرير رحمة الله عليه، فإنه يعبر بهذه العبارة كثيراً فيقول: تأويل قول الله عز وجل كذا، فيعبر بها بكثرة، والمقصود بها التفسير والإيضاح والبيان، وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ [آل عمران:7] ، يعني: المقصود به التفسير؛ لأن قوله: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:7] ، إما أن يراد به التفسير فيكون (الراسخون في العلم) معطوفون على (الله)، أي: أن الله يعلم تأويله، أي: تفسيره، والراسخون في العلم يعلمون تفسيره، وأما إذا كان مقصوده ما يئول إليه الأمر من الحقيقة، فإن ذلك لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فالتأويل هنا المراد به التفسير، وقد أورد النسائي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه الذي بين فيه أنهم كانوا في أول الأمر إذا صام الإنسان ثم جاء الليل ولم يأكل شيئاً ونام، فإنه لا يحل له أن يأكل ويشرب ويجامع في ليلته تلك، بل يصل الصيام باليوم الذي وراءه، وبعد ذلك نزل القرآن في ذلك، وأنهم يأكلون ويشربون حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، وأنه لا مانع من ذلك، ولو ناموا ثم استيقظوا، فإن لهم أن يأكلوا إلى طلوع الفجر الثاني.
ثم بين أن سبب نزول ذلك أن أحد الصحابة، وهو أبو قيس بن عمرو جاء إلى أهله وكان صائماً، وطلب منهم أن يقدموا له عشاءً، فقالوا: إنه ليس عندهم شيء، ولكنهم يبحثون له، فخرجت امرأته تبحث له عن عشاء، فجاءت وقد نام، فأيقظته فلم يأكل؛ لأنه ليس له ما يأكل، فاستمر في صيام اليوم الذي يليه حتى غشي عليه، يعني في أثناء النهار من شدة الجوع، فأنزل الله عز وجل هذه الآية، وأبيح لهم أن يأكلوا ويشربوا حتى يطلع الفجر الذي هو الفجر الثاني، سواءً ناموا قبل أن يأكلوا، أو أكلوا وناموا، فالله تعالى رخص لهم من غروب الشمس إلى طلوع الفجر أن لهم أن يأكلوا فيما بين ذلك.
صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[قال: حدثنا حسين بن عياش ].
ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[قال: حدثنا زهير ].
هو زهير بن معاوية بن حديج الحمصي، وهو ثقةٌ، إلا أن سماعه عن أبي إسحاق بأخرة، وحديثه عن أبي إسحاق أخرجه أصحاب الكتب الستة، وسماع زهير بأخرة كما ذكرنا، لكن الحديث جاء من طرق متعددة.
[عن أبي إسحاق ].
وهو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، مشهورٌ بكنيته أبو إسحاق ، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن البراء بن عازب ].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، صحابيٌ ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
ثم أورد النسائي حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه وفيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخيط الأبيض والخيط الأسود في الآية، فبين له صلى الله عليه وسلم أنه سواد الليل وبياض النهار، وهذا فيه تبيين السنة للقرآن، وأن السنة تبين القرآن وتفسره وتدل عليه، ففيه تأويل الآية وتفسيرها، وأن المقصود بالخيط الأسود والخيط الأبيض هو الليل والنهار، فالخيط الأبيض الذي هو النهار، والخيط الأسود الذي هو الليل، ففيه بيان السنة للقرآن، وفيه بيان ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من سؤالهم إياه عما يشكل عليهم، كما حصل من عدي بن حاتم رضي الله عنه حيث سأل عن الخيط الأبيض والخيط الأسود في الآية الكريمة.
هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي ، ثقةٌ حافظ، أخرج حديثه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي .
[قال: حدثنا جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مطرف ].
هو مطرف بن طريف الكوفي، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الشعبي ].
هو عامر بن شرحبيل ، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عدي بن حاتم ].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصحابي المشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الجواب: لا ليس تحديداً؛ أن السحور لا يكون إلا في ذلك، ولكن كون السحور يؤخر، هذا هو المستحب، وهذا الذي جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس من ذلك أن الإنسان لا يأكل قبل الأذان الأول، فله أن يأكل، لكن تأخير السحور هو المستحب وهو السنة التي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هذا إخبارٌ عما حصل.
الجواب: السويق هو دقيق يوضع في الماء ويطبخ على النار، فيكون سويقاً.
الجواب: هذه العبارات يؤتى بها لفظاً ولا تثبت خطاً، مثل كلمة: قال حدثنا، فإن قال ما تأتي قبل حدثنا مكتوبة، لكنه يؤتى بها نطقاً ولا تكتب خطاً.
الجواب: نعم، الإنسان الذي عنده قدرة على مرتبةٍ أعلى ثم لا يأتي بها لا شك أنه مقصر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل المراتب على هذا الترتيب، أولاً باليد، فالذي عنده قدرة على اليد يغير باليد لا ينتقل إلى اللسان، والذي عنده قدرة على التغيير باللسان ما يكفي أنه ينكر بقلبه ويتأثر بقلبه، بل عليه أن يتكلم بلسانه، وأن يبين بلسانه، فالإنسان الذي ينتقل إلى الدرجة الأخيرة وعنده القدرة على الدرجة التي قبلها، لا شك أنه مقصر.
الجواب: نعم، من السنة تغيير الشيب بالحناء والكتم بغير السواد، كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبالنسبة لي أنا فأنا ما غيرت؛ لأنه يوجد عندي شعرات سود، لم يصر شعري كله أبيض، فإذا وصلت إلى هذه الغاية إن شاء الله أغير.
الجواب: الأذان الأول كما هو معلوم أتى به عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، والمقصود منه التهيؤ للصلاة والاستعداد لها، فهو حق وسنة، وهو من سنة الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وفعله للحاجة رضي الله عنه وأرضاه، وفي زمن عمر رضي الله عنه وأرضاه حصل له قصة، وهي أنه جاء وعمر يخطب على المنبر، فدخل قال: أي ساعةٍ هذه؟ فقال عثمان : إنني كنت في عمل فما شعرت إلا بالأذان، فما زدت على أن توضأت فجئت، قال: وهذه أيضاً، يعني كونه أيضاً ما اغتسل، فلما جاء في زمن خلافته رضي الله عنه أتى بهذا الأذان الذي يجعل الناس يتهيئون، وهو مثل الأذان الأول في الفجر؛ لأن الأذان الأول هو تهيؤ لصلاة الفجر، وهذا تهيؤ لصلاة الجمعة، واستعداد لها، وجاء في بعض الآثار إطلاق الأذان الثالث، وقد مر بنا في سنن النسائي أطلق عليه الأذان الثالث، وهو بالنسبة للإقامة أذان ثالث؛ لأن الإقامة أذان، والأذان الذي يكون بين يدي الخطيب وهو على المنبر أذان، وهذا الذي يكون قبل ذلك الوقت ليستعد الناس للصلاة هو أذان، فجاء في سنن النسائي كما مر بنا الأذان الثالث، أي: بالنسبة للإقامة تعتبر أذاناً ثالثاً، كما أن الأذان الذي يكون عند دخول الوقت بالنسبة للإقامة هو أذان أول، قد قال عليه الصلاة والسلام: (بين كل أذانين صلاة)، أي: الأذان والإقامة.
الجواب: هذا ليس بصحيح، لكن كون سورة ق يؤتى بها في الخطبة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لا شك أن هذا أمرٌ طيب، لكن كونه لا تصح الخطبة إلا بـ(ق)، هذا ليس بصحيح.
الجواب: ما أدري، لكن ينظر من هو الذي روى عنه عبد الرحمن ، وعلى كل حال فهو لا يؤثر، سواءً كان هذا أو هذا، فالإسناد كيفما دار فهو دائر على ثقة.
الجواب: إذا كان يستطيع الزواج فلا ينبغي له أن يؤخره، والعلم يطلبه في أي وقت؛ لأن طلب العلم يكون في أي وقتٍ، لكن الزواج إذا سنحت له الفرصة لا ينبغي له أن يؤخره، وهو يعين على العلم، وليس سبباً في عدم تحصيل العلم، بل هو سببٌ في تحصيله، فمن أسباب تحصيل العلم أن الإنسان يكون متزوجاً، فيهدأ ولا ينشغل باله بالزواج، وبما يتعلق به.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر