الكراهية في تأخير الوصية.
أخبرنا أحمد بن حرب حدثنا محمد بن فضيل عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله! أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: أن تصدق وأنت صحيح، شحيح، تخشى الفقر، وتأمل البقاء، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا وقد كان لفلان)].
يقول النسائي رحمه الله: كتاب الوصايا، الوصايا: جمع وصية، وهي: تطلق في الشرع إطلاقين: أحدهما: عهد خاص مضاف إلى ما بعد الموت، في مال أو غيره، والإطلاق الثاني: أنها تطلق على ما فيه الحث على فعل المأمورات، والزجر عن فعل المنهيات، هذه وصية في الشرع، والمقصود من الترجمة هو الأول، أي: العهد الخاص الذي يكون لما بعد الموت، والغالب أن يراد بها ما يتعلق بالمال، ويراد بها غيره مما ليس بمال.
وقد أورد النسائي باب كراهية تأخير الوصية، أو الكراهية في تأخير الوصية، أي: أن الإنسان عليه أن يبادر إلى أن يوصي بالشيء الذي يحتاج إلى أن يوصي به، فلا يؤخر ولا يمهل، فقد يفجأه الموت دون أن يبين ما يريد، ودون أن يبين ما له وما عليه، فالذي عنده شيء يريد أن يوصي به عليه أن يبادر به، وأن لا يتهاون فيه، وأن لا يمهل حتى لا يفجأه الموت وهو لم يوص بالشيء الذي يريد الوصية به.
وقد أورد النسائي عدة أحاديث أولها: حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: (أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أي الصدقة أعظم أجراً؟ فقال عليه الصلاة والسلام: أن تتصدق وأنت صحيح، شحيح، تخشى الفقر، وتأمل البقاء)، هذا هو الذي يكون أعظم في الصدقة، وهذا يدل على أن تصدق الإنسان ونفقته في حياته في سبيل الله، خير من أن يمهل ويؤخر لما بعد الموت؛ لأن خير الصدقة ما كان بهذه الطريقة، وهي كون الإنسان في صحة وعافية، والمال غالٍ عنده وليس برخيص؛ لأنه يطمع في الحياة حال الصحة والعافية، فهو يخشى الفقر، ويأمل الغنى، فهذا هو خير الصدقات، ما كان في الصحة والطمع في الحياة، وفي حال قوته وعافيته، وعزة المال عنده، وكونه غالياً لديه، وهذا يدل على أن الصدقة في الحياة في حال صحة الإنسان وعافيته أفضل من الشيء الذي يجعله بعد الموت، وإن كان ذلك فيه أجر عظيم، وثواب جزيل، لكن هذا أعظم أجراً، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (أن تتصدق وأنت صحيح شحيح)، صحيح في عافية ليس في مرض، وليس في مرض الموت، وليس في مرض منهك يجعله يزهد في الحياة، ولا يطمع فيها، فيجعله يندفع إلى أن يتصدق، بل إذا تصدق وهو في صحته، وعافيته فهذا خير عظيم، وكذلك في حال كون المال عزيزاً عنده، وغالياً في نفسه؛ لأنه يخشى الفقر، ويأمل البقاء، أما الإنسان الذي يتصدق في مرضه أو يتصدق عند يأسه من الحياة فهذا ليس كالذي تصدق حال صحته، وعافيته، وطمعه في البقاء، كما أرشد إلى ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، في هذا الحديث: (أن تتصدق وأنت صحيح شحيح)، (صحيح) يرجع إلى الصحة والعافية، و(شحيح) يرجع إلى الطمع في البقاء، والرغبة في الدنيا، والحرص على المال، فإذا كان في حال حرصه على المال وفي حال حرصه على البقاء، وفي حال صحته، وعافيته فإن الصدقة في تلك الحال تكون أعظم أجراً، وأعظم ثواباً عند الله عز وجل.
قوله: [(ولا تمهل)]، أي: يمهل الإنسان من أن يتصدق، وأن يتهاون في الصدقة، حتى إذا بلغت الروح الحلقوم، أي: جاء عند نهاية حياته ويأس من الحياة عند ذلك يقول: لفلان كذا، ويعطي لفلان كذا، ويوصي بكذا، والوصية في حدود الثلث سائغة في أي وقت، ولو كان في مرض الموت، ولكن نفقة الإنسان من ماله في حال صحته وعافيته هي الأفضل، قيل: إن قوله: (وقد كان لفلان كذا)، أي: كان للوارث كذا، وكذا من الميراث، أي: قد قارب أن يكون له؛ لأن الميراث ليس منه، بل هو من الله عز وجل، وينتقل المال من المورث إلى الوارث بالموت بدون اختيار للإنسان فيه، لا للمورث، ولا للوارث؛ لأن هذا شيء فرضه الله تعالى، فإذا مات أخرج الدين، والوصية، والحقوق التي تكون عنده للناس، والباقي يكون للورثة، والمورث لا يستطيع أن يمنع الميراث عن أحد الورثة؛ لأن هذا حق الله تعالى جعله له، وإن لم يسع إليه ولم يكدح فيه ولم يفكر، فهو حق ينتقل من مالك إلى مالك، (قلت: لفلان كذا)، أي: يخبر بأنه يوصي بكذا أو أنه يكون كذا، وقد كان لفلان كذا، أي: قارب أن يكون للورثة ما ورثهم؛ لأنهم بمجرد موته يستحقون الميراث، ويستحقون الإرث.
هو أحمد بن حرب الموصلي، صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن محمد بن فضيل].
هو محمد بن فضيل بن غزوان الكوفي، صدوق رمي بالتشيع، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والكلام الذي قيل فيه من أجل التشيع ينقضه ما جاء عنه أنه قال كلمة عظيمة تدل على سلامته من التشيع، وهي قوله: رحم الله عثمان أي: ابن عفان ، ولا رحم الله من لا يترحم على عثمان ، وهذا ليس من شأن الشيعة، وليس من شأن الرافضة أنهم يترحمون على عثمان ، بل يبغضون عثمان، ويسبونه، ويتكلمون فيه، فهذا يدل على سلامته وعلى أن ما أضيف إليه هو بريء منه؛ بل يدعو على من لا يترحم على عثمان أن لا يرحم، وهذا يدل على سلامته.
من وصف بعض الرواة له بالتشيع، وهو من رجال الكتب الستة، ويأتي ذكره في مواضع عديدة.
وأبو نعيم الفضل بن دكين الكوفي جاء عنه كلمة عظيمة تشبه الكلمة التي جاءت عن محمد بن فضيل ، وهي قوله رحمه الله: ما كتبت علي الحفظة أنني سببت معاوية ، أي: الملائكة الذين يكتبون الحسنات، والسيئات ما كتبت السيئات أنه سب معاوية .
وهذا معناه: أنه سليم من هذه البدعة بدعة التشيع.
ومن المعلوم أن سب معاوية عند الرافضة من أسهل الأشياء، بل هذا قدر مشترك مع الزيدية الذين هم أخف الشيعة، فهم يشتمون معاوية، ويسبونه ويلعنون،
[عن عمارة بن القعقاع].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي زرعة].
هو أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق؛ لأن الذين عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة سبعة وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة ، هؤلاء أكثر الصحابة حديثاً، وأبو هريرة أكثر هؤلاء السبعة، رضي الله تعالى عنه وعنهم وعن الصحابة أجمعين.
أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام كان في جماعة من أصحابه، فقال: أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ الرسول صلى الله عليه وسلم يسأل هذا السؤال ليبني عليه شيئاً، أي: بعد أن يستقر، ويتضح يبين الذي يريد أن يقوله، وهذا من كمال بيانه عليه الصلاة والسلام ومن كمال نصحه لأمته عليه الصلاة والسلام، أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ قالوا: ما منا أحد إلا وماله أحب إليه من مال وارثه، المال الذي بحوزة الإنسان والذي بيد الإنسان أحب إليه من المال الذي يرثه، فالنبي صلى الله عليه وسلم، قال عند ذلك: (ما منكم من أحد إلا ومال وارثه أحب إليه من ماله)، يريد بذلك عليه الصلاة والسلام، أن المال الذي يبقيه في يده حتى يموت وهو في يده هو مال الوارث، أما الذي أنفقه، وتصدق به، وأخرجه في سبيل الله فهذا هو ماله حقاً؛ لأن هذا يجده أمامه: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:7-8]، ثم هذا الوارث قد يجازي بالجميل، فيتصدق عن المورث، ويدعو له، وقد يكون -والعياذ بالله- على خلاف ذلك، فلا يدعو، بل قد يستعمل هذا المال الذي ورثه والذي ورث له في معصية الله عز وجل.
فبين عليه الصلاة والسلام بهذا المثال، وبهذا التمهيد، وبهذا الإيضاح والبيان: أن ما يقدمه الإنسان ويخرجه في سبيل الله هو ماله حقاً، الذي تعود منفعته عليه، ويجد عاقبة هذا المال عندما ينتقل من دار العمل إلى دار الجزاء، ولهذا قال: (ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر)، يعني: المال الذي أخرجه في صحته، وعافيته، وأخرجه في حياته هذا مال قدمه يجده أمامه، أما ما أخره فإنه مال الوارث، وملك الوارث، وقد ينفع الوارث مورثه وقد لا ينفعه، فهذا من كمال بيانه ومن كمال نصحه عليه الصلاة والسلام، حيث سأل هذا السؤال ومهد بهذا التمهيد ليصل إلى بيان أن ما يقدمه الإنسان هو ماله حقاً، وما يؤخره وراءه ويموت وهو بحوزته هو مال وارثه، هذا هو المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم، فماله ما هو بالمال الذي في حوزة أولاده؛ لأن هذا مالهم بأيديهم، لكن المال الذي هو له حقيقة هو ما يتصدق به وينفقه في سبيل الله، ومن ماله ما لا يكون له، وهو الذي يموت وهو بحوزته فيصير إلى الورثة، ولهذا بين عليه الصلاة والسلام في آخر الأمر حيث قال: (ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر) صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
هو هناد بن السري أبو السري الكوفي، ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي معاوية].
هو أبو معاوية محمد بن خازم الضرير، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم التيمي].
هو إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي، ثقة يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهو غير إبراهيم النخعيهو إبراهيم بن يزيد بن قيس، وهذا إبراهيم بن يزيد بن شريك، وهذا التيمي، وذاك النخعي، فالذي يأتي ذكره كثيراً في الأسانيد هو النخعي، وأما التيمي فهو من رجال الكتب الستة، ولكن ليس عنده من الحديث مثل ما لـإبراهيم النخعي .
[عن الحارث بن سويد].
هو الحارث بن سويد التيمي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من فقهاء الصحابة وعلمائهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث عبد الله بن الشخير رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ [التكاثر:1-2])، أي: ألهاكم التكاثر في الدنيا لجمعها وتكثيرها، حتى زرتم المقابر أي: متم، وانتقلتم إلى المقابر، وصرتم من أهلها؛ لأن هذا هو المقصود بزيارة المقابر أي: الموت، والمقصون: يزورنها ميتين، وليس معناه: يزورونها ويرجعون، فإنهم قد يزورنها، وهم متمسكون بالدنيا، وحريصون عليها: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ [التكاثر:1-2]، ثم قال: يقول ابن آدم: مالي مالي)، أي: مالي مالي، يعني: تكثراً، وحرصاً، وشدة رغبة، ثم قال عليه الصلاة والسلام: (وإنما مالك ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت)، أي: هذا هو مالك الذي أنفقته على نفسك، واكتسيت به، وتصدقت منه فأمضيته ووجدته أمامك، هذا مالك، أما ما سوى ذلك فهو مال غيرك.
ثم قوله: [(أكلت فأفنيت، ولبست فأبليت)] إشارة إلى أن هذا الذي فني، وبلي ليس له أهمية كالذي ذكر بعده وهو قوله: (أو تصدقت فأمضيت)، وفسر التصدق بتفسيرين: تصدقت أي: أردت التصدق، فأمضيت: عزمت على إخراج تلك الصدقة والمعنى: أردت ونفذت، أو تصدقت فأمضيت، أي: باشرت، ونفذت، وأمضيته بحيث تجده أمامك، وكلا المعنيين صحيح، هذا هو شأن الصدقة التي تنفع صاحبها عند الله، وهذا من جنس قوله فيما تقدم: (ماله ما قدم، ومال وارثه ما أخر)، وهنا قال: وإنما مالك ما استفدت منه في حياتك فاقتت منه، ولبست منه، أو تصدقت فأمضيت، ووجدته أمامك، وهذا هو الذي منفعته باقية للإنسان وهي الصدقة التي يمضيها ويجدها أمامه كما قال الله عز وجل: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه [الزلزلة:7] وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:8]، وقال في الحديث القدسي: (يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه) والمقصود من ذكر هذا الحديث والذي قبله هو: الحث على الصدقة، وكون الإنسان يتصدق في حال صحته وعافيته هذا هو الأفضل، وإذا أوصى بثلث ماله أو بأقل من ذلك بأعمال بر يعود نفعها إليه فذلك خير، ولكن الصدقة الماضية في حال الصحة والعافية خير من الصدقة التي ليست كذلك.
هو عمرو بن علي الفلاس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مطرف].
هو مطرف بن عبد الله بن الشخير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو عبد الله بن الشخير، صحابي من مسلمة الفتح، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
أورد النسائي حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(مثل الذي يعتق أو يتصدق عند موته مثل الذي يهدي بعد ما يشبع)].
يعني: أن الصدقة في آخر الحياة عندما يكون الإنسان زاهداً في الحياة، وعندما يكون مشرفاً على الموت، ليس كالذي يتصدق في حال صحته وعافيته؛ لأن من يتصدق بالشيء وهو قد يئس من الحياة أدنى بكثير ممن هو طامع فيها، وممن هو في حال الصحة والعافية ولكن ذلك لا يعني أن الوصية ولو كانت في مرض الموت لا تعتبر بل هي تعتبر، سواء كان في مرض موته أو قبل ذلك، لكن الشيء الذي يمضيه الإنسان في حال الصحة والعافية خير وأعظم أجراً عند الله عز وجل، وإذا كانت الوصية في حدود الثلث، في أي وقت من أوقات حياة الإنسان، ولو كان في مرض موته، فإن ذلك مفيد، والحديث في إسناده من هو مقبول لا يعتبر إلا إذا توبع، ففيه ضعف من حيث المعنى، لكن لا شك أن الصدقة في حال الصحة والعافية خير كما جاء في الحديث الأول، وإذا وجدت الصدقة، أو الوصية بعد الموت فهي معتبرة كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الوصية معتبرة مطلقاً، ولو كان في مرض الموت، لكن أن تكون في حدود الثلث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما زار سعد بن أبي وقاص وكان مريضاً وسأله وقال: أوصي بكذا حتى وصل إلى الثلث قال: (الثلث والثلث كثير) ولهذا جاء عن ابن عباس قال: لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الخمس لكان أولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والثلث كثير).
هو الملقب بندار البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن محمد].
هو ابن جعفر الملقب غندر وإذا جاء محمد غير منسوب، ويسمى المهمل، وهو يروي عنه محمد بن بشار وهو يروي عن شعبة فالمراد به: محمد بن جعفر الملقب: غندر، وهو البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
وقد مر ذكره.
[عن أبي إسحاق].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي حبيبة الطائي].
مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن أبي الدرداء].
هو أبو الدرداء عويمر بن زيد رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مشهور بكنيته أبي الدرداء، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو دال على المبادرة إلى الوصية إذا كان الإنسان عنده شيء يريد أن يوصي به، فلا ينبغي له أن يمهل، بل عليه أن يبادر بالوصية وينص على ما يوصي به، وأن يكون ذلك مكتوباً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)، يعني: لا يليق بالمسلم الذي عنده شيء يريد أن يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده، فهذا يدلنا على المبادرة إلى الوصية، وأن تكون مكتوبة؛ لأن الكتابة فيها توثق، وفيها إثبات، وسواء كتبها هو أو كتبها غيره، ويكفي لو كتبها بدون إشهاد وبخطه، فإن ذلك يكفي في ثبوت الوصية، ما دام أن الخط خطه فإن ذلك معتبر.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان: قرية من قرى بلخ، وثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الفضيل].
هو الفضيل بن عياض، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن عبيد الله].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر، وهو المصغر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
هو نافع مولى ابن عمر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)، وقد جاء في بعض الروايات ثلاث ليال، والمقصود من ذكر الليلتين والثلاث دون أن يقول: ليلة، أو يقول: من حين يبادر بدون تأخير ولا ليلة: حتى يكون عنده مهلة يفكر ويدون، فأعطي هذه المهلة التي هي مقدار هذه المدة، ليتمكن الإنسان من أن يفكر بالشيء الذي يريد أن يوصي به، فلا يكون ليس أمامه إلا ليلة واحدة، بل ليلتان أو ثلاث، كما جاء في بعض الروايات، فهو مثل ما تقدم.
هو محمد بن سلمة المرادي المصري، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن ابن القاسم].
هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن مالك].
هو: مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، الإمام، الفقيه، المشهور.
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي الحديث وهو من قول ابن عمر يعني: أنه موقوف عليه؛ لأنه قال: (قوله) أي: من قول: ابن عمر قال: (ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)، يعني: جاء موقوفاً ومرفوعاً.
قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم].
هو محمد بن حاتم بن نعيم المروزي، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن حبان].
هو حبان بن موسى المروزي، ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عون].
هو عبد الله بن عون، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه ذكر الثلاث الليالي، وفيه أيضاً مبادرة ابن عمر إلى الامتثال، وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من اتباع ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم، والمبادرة إلى امتثال أمره صلوات الله وسلامه وبركاته عليه؛ لأن ابن عمر رضي الله عنهما لما سمع الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما مرت عليّ يعني: هذه المدة إلا ووصيتي مكتوبة)، أي: تنفيذاً لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[عن يونس].
هو يونس بن يزيد الأيلي، ثم المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سالم].
هو سالم بن عبد الله بن عمر، ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
وقد مر ذكره.
أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم في الطريق السابقة، وفيه ذكر الثلاث الليالي بدل الليلتين.
قوله: [أخبرنا أحمد بن يحيى بن الوزير بن سليمان].
أحمد بن يحيى بن الوزير بن سليمان، ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
وقد مر ذكرهما.
[وعمرو بن الحارث].
هو عمرو بن الحارث المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه].
وقد مر ذكرهم.
الجواب: تمسح الصحابة بعرقه، وتبركهم بشعره، وبعرقه، وبفضل وضوئه، هذا ثابت، وهذا من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم فهو الذي يسوغ في حقه ذلك لمن أدركه ولمن تشرف بصحبته من أصحابه رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، أما التبرك والتمسح بجدران، أو بأرض، فإن هذا لا يسوغ ولا يجوز؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ومن جاء بعدهم ممن صار على منوالهم ما كانوا يفعلون ذلك، وما كانوا يتبركون إلا بشخصه صلى الله عليه وسلم، بعرقه وبشعره، وبفضل وضوئه، هذا هو الذي ثبت وكانوا يفعلون ذلك وقد أقرهم عليه عليه الصلاة والسلام، ولم يفعله الصحابة مع خير الصحابة مع أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي وهم خير الناس، فدل هذا على أنه غير سائغ، وقد ذكر الشاطبي في الاعتصام الإجماع على أنهم اعتبروا هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم، فلا يتبرك بأحدٍ سواه لا بعرقه ولا بفضلاته ولا غير ذلك؛ لأن الصحابة عدلوا عن التبرك بخير الناس بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وهم أصحابه الكرام وفي مقدمتهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، وعلى هذا فالقياس غير صحيح؛ لأن الذين هم خير هذه الأمة ما فعلوا هذا، مع النبي صلى الله عليه وسلم، وما فعلوه في الجدران، ولا في الأرض ولا في غير ذلك.
الجواب: كون الإنسان يرقي، ويفعل كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، بأن يبل أصبعه ويمسحه، ويقول هذا الدعاء الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ثابت وصحيح، لكن في غير الرقية، وفي غير وضعه في الموضع الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسوغ ذلك ولا يجوز.
السؤال: ما حكم الاشتراك في الأسهم التي في شركة الراجحي حيث نشتريها بثلاثين مثلاً، ونعطى على ذلك أرباحاً بنسبة عشرين بالمائة تقريباً؟
الجواب: لا أدري.
الجواب: إذا كان أعطاهم وفرق بينهم على قدر إرثهم، فهذا صحيح له ذلك، للإنسان أن يعطي ورثته على قدر إرثهم في حياته، فإذا كان فعل ذلك، فإنه قد وضع الشيء في موضعه.
الجواب: في الجنة النساء يتمتعن بالأزواج، ويجدن المتعة معهم، فمن دخل الجنة فهو في خير، المهم أن الإنسان يدخل الجنة، وإذا دخلها يجد ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، سواء كان رجلاً أو امرأة، والله تعالى خلق الحور العين في الجنة يتمتع بهن أهل الجنة، وهن يستمتعن بهم، والاستمتاع موجود من الطرفين إلا أن أولئك خلقن في الجنة، وأما نساء الدنيا، فإنهن ينشأن إنشاءً فيجعلن أبكاراً، عرباً، أتراباً، ويستمتعن بالرجال كما يستمتع الرجال بهن.
الجواب: لا يجوز النظر إلى النساء، فعلى الإنسان أن يعود نفسه أن لا ينظر إلى النساء: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30] فيغض بصره عن المرأة الأجنبية مطلقاً.
الجواب: ما يخصص الابن بالوصية؛ لأنه إذا وصي بها ملكها، وإذا ملكها هي لها قيمة وهي مال، فيكون معناه: خصه بدون الورثة بالمال، ولا وصية لوارث، لكنه إذا أراد أن يوصي يمكن أن يوصي بها للمطالعة، ويجعله ناظراً عليها، يعني: ليس مالكاً لها، بل هو ناظر للوقف ويستفيد منه، فإذا كان مقصوده بأن ولده يستفيد منها وتحصل الفائدة بكونه يجعله ناظراً عليها فلا بأس، أما أن يوصي بها له يبيع منها ما يبيع ويتصرف فيها بالبيع فإن هذه وصية بمال، ولا وصية لوارث إلا إذا أجاز الورثة.
الجواب: لا، التفضيل على أبي بكر وعمر هذا ليس بصحيح، وأما تفضيل علي على عثمان فهذا قال به بعض أهل السنة، ولم يعتبروا ذلك منهم بدعةً تقتضي أن يقدح فيهم؛ لأنه جاء عن بعض السلف ذلك، مثل: عبد الرحمن بن أبي حاتم، والأعمش، وابن جرير، وعبد الرزاق، جاء عنهم ما يدل على تفضيل علي على عثمان، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر الواسطية: إن هذه ليست من المسائل التي يبدع بها، وإنما يبدع بها لو قال: إن علياً، أحق بالخلافة من عثمان، هذه يبدع من يقول بها؛ لأن فيها اعتراضاً على اختيار الصحابة، وعلى تقديمهم لـعثمان، على علي، وقول: إن علياً، أفضل من عثمان، فهذا ليس هو القول المشهور عن أهل السنة، وإنما قال به عدد قليل منهم، لكنهم قالوا: إنه لا يبدع من يقول بذلك، أما أن يفضل عليَّ على أبي بكر، وعمر فهذا شأن أهل البدع، وعلي رضي الله عنه وأرضاه قال: (لا أوتى برجل يفضلني على أبي بكر، وعمر إلا جلدته جلد المفتري).
الجواب: لا، كلمة (يتشيع) إذا جاءت في الأشخاص الذين هم معتبرون، ومعتمدون، فالمقصود منه في الغالب، أنه عنده ميل إلى علي، أو أنه يفضل علياً على عثمان، ومثل هذا لا يقدح، قضية تفضيل علي على عثمان لا تعتبر قدحاً فيمن حصل منه ذلك، وإن كان خلاف المشهور عن أهل السنة.
السؤال: نرى في بعض المكتبات رسالة باسم وصية شرعية، فهل هناك وصية جامعة شرعية، وما رأي فضيلتكم فيما جمعوه في هذه الرسالة؟
الجواب: لا أعرف شيئاً عن هذه الرسالة.
الجواب: نعم يتكلف هذه الأجرة؛ لأن الحق مطلوب منه أن يوصل، وذاك يوصل إليه حقه كاملاً غير منقوص، وإذا كان الإيصال يترتب عليه تكلفة فإن الذي عليه الحق هو الذي تلزمه إلا إذا سامحه ذاك وقبل منه بعض حقه على أن يكون ذلك البعض هو ما صرفه في مقابل الأجرة، الأصل أن الإنسان إذا كان عليه شيء فعليه أن يوصله إلى من له الحق، ولا يخصم منه شيئاً إلا إذا رضي ووافق على أنه يتنازل عن ذلك الذي كان وسيلة إلى وصول حقه إليه لا بأس بذلك.
الجواب: يجوز، الإنسان إذا وصى له أن يرجع في الوصية، له أن يغير، وله أن يعدل؛ لأنها ما تستقر إلا بالموت، وليست مثل الوقف، الوقف ليس له أن يغير ويبدل؛ لأنه ناجز، وأما الوصية ليست ناجزة، بل هي معلقة بالموت.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر