إسلام ويب

أبواب المناسك [1]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحج هو أحد أركان الإسلام العظيمة، وقد أوجبه الله على المكلفين مرة في العمر، كما أوجب عليهم العمرة على الراجح من أقوال أهل العلم، والحج والعمرة مكفران لما بينهما من الذنوب ونافيان للفقر، كما ثبتت بذلك الآثار. ومتى ما آنس المسلم من نفسه القدرة والاستطاعة على الحج فقد وجب عليه المبادرة، والمرأة كالرجل في ذلك إلا أنها تزيد عليه أنها لا تسافر إلى الحج إلا مع ذي محرم لها.

    1.   

    باب الخروج إلى الحج

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    قال المصنف رحمه الله: [ أبواب المناسك.

    باب الخروج إلى الحج.

    حدثنا هشام بن عمار وأبو مصعب الزهري وسويد بن سعيد، قالوا: قال: حدثنا مالك بن أنس عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه، فإذا قضى أحدكم نهمته من سفره، فليعجل الرجوع إلى أهله ).

    حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه.

    حدثنا علي بن محمد وعمرو بن عبد الله قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا إسماعيل أبو إسرائيل عن فضيل بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن الفضل- أو أحدهما عن الآخر- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضّالة، وتعرض الحاجة ) ].

    وهذا فيه دليل على أن الحج على الفور، وهذا هو الأرجح، وهو قول جمهور العلماء.

    1.   

    باب فرض الحج

    قال المصنف رحمه الله: [ باب فرض الحج.

    الملقي: [ حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن محمد قالا: حدثنا منصور بن وردان قال: حدثنا علي بن عبد الأعلى عن أبيه عن أبي البختري عن علي قال: ( لما نزلت وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، قالوا: يا رسول الله! الحج في كل عام؟ فسكت، ثم قالوا: أفي كل عام؟ فقال: لا، ولو قلت: نعم، لوجبت. فنزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101] ).

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا محمد بن أبي عبيدة عن أبيه عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس بن مالك قال: ( قالوا: يا رسول الله! الحج في كل عام؟ قال: لو قلت: نعم، لوجبت، ولو وجبت لم تقوموا بها، ولو لم تقوموا بها عذبتم ).

    حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي سنان عن ابن عباس: ( أن الأقرع بن حابس سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! الحج في كل سنة، أو مرة واحدة؟ قال: بل مرة واحدة، فمن زاد فتطوع ) ].

    1.   

    باب فضل الحج والعمرة

    قال المصنف رحمه الله: [ باب فضل الحج والعمرة.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تابعوا بين الحج والعمرة، فإن المتابعة بينهما تنفي الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن بشر قال: حدثنا عبيد الله بن عمر عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه.

    حدثنا أبو مصعب قال: حدثنا مالك بن أنس عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن مسعر وسفيان عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، رجع كما ولدته أمه ) ].

    والهجرة والحج هي أظهر عمل ثبت به الدليل عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه يكفر سائر الذنوب حتى الكبائر إلا الشرك، وهي أقوى من غيرها.

    وأما ما جاء عن بعض الطاعات وذلك من الجمعة إلى الجمعة، أو من رمضان إلى رمضان، أو الصلوات الخمس، جاءت ألفاظ عامة ليست بقوة هذين العملين.

    1.   

    باب الحج على الرحل

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الحج على الرحل.

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن الربيع بن صبيح عن يزيد بن أبان عن أنس بن مالك، قال: ( حج النبي صلى الله عليه وسلم على رحل رث وقطيفة تسوى أربعة دراهم، أو لا تسوى، ثم قال: اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة ).

    حدثنا أبو بشر بكر بن خلف قال: حدثنا ابن أبي عدي عن داود بن أبي هند عن أبي العالية عن ابن عباس قال: ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة، فمررنا بواد، فقال: أي واد هذا؟ قالوا: وادي الأزرق، قال: كأني أنظر إلى موسى صلى الله عليه وسلم- فذكر من طول شعره شيئاً، لا يحفظه داود- واضعاً إصبعيه في أذنيه، له جؤار إلى الله بالتلبية، مارًّا بهذا الوادي.

    قال: ثم سرنا حتى أتينا على ثنية، فقال: أي ثنية هذه؟ قالوا: ثنية هرشى أو لفت، قال: كأني أنظر إلى يونس على ناقة حمراء، عليه جبة صوف، وخطام ناقته خلبة، مارًّا بهذا الوادي ملبياً ) ].

    وقد يقال باستحباب وضع الأصبعين في الأذنين عند التلبية، أو عند رفع الصوت بالتلبية، لهذا الحديث.

    1.   

    باب فضل دعاء الحاج

    قال المصنف رحمه الله: [ باب فضل دعاء الحاج.

    حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال: حدثنا صالح بن عبد الله بن صالح مولى بني عامر قال: حدثني يعقوب بن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( الحجاج والعمّار وفد الله، إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم ).

    حدثنا محمد بن طريف قال: حدثنا عمران بن عيينة عن عطاء بن السائب عن مجاهد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن سالم عن ابن عمر: ( عن عمر أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة، فأذن له، وقال له: يا أخي! أشركنا في شيء من دعائك، ولا تنسنا ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون عن عبد الملك بن أبي سليمان عن أبي الزبير: ( عن صفوان بن عبد الله بن صفوان قال: وكانت تحته ابنة أبي الدرداء، فأتاها فوجد أم الدرداء ولم يجد أبا الدرداء فقالت له: تريد الحج العام؟ قال: نعم. قالت: فادع الله لنا بخير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: إن دعوة المرء مستجابة لأخيه بظهر الغيب، عند رأسه ملك يؤمن على دعائه، كلما دعا له بخير قال: آمين، ولك بمثل.

    قال: ثم خرجت إلى السوق، فلقيت أبا الدرداء، فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك ) ].

    1.   

    باب ما يوجب الحج

    1.   

    باب المرأة تحج بغير ولي

    قال المصنف رحمه الله: [ باب المرأة تحج بغير ولي.

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تسافر المرأة سفراً ثلاثة أيام فصاعداً، إلا مع أبيها أو أخيها أو ابنها أو زوجها أو ذي محرم ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا شبابة عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تسافر مسيرة يوم واحد، ليس لها ذو حرمة ).

    حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا شعيب بن إسحاق قال: حدثنا ابن جريج قال: حدثني عمرو بن دينار أنه سمع أبا معبد مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: ( جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وامرأتي حاجة، قال: فارجع معها ) ].

    وهل تحج المرأة بلا محرم إذا لم تجد محرم لها؟ جاء عن بعض السلف القول بذلك، روي عن عائشة وعن عبد الله بن عمر، وقال به عطاء، وقال به الإمام مالك، ورواية عن الإمام أحمد رحمه الله وقواها ابن تيمية، إذا لم تجد المرأة محرماً فتحج مع مجموعة من النساء والقيم عليهن ثقة, فيكون القيم على النساء محرمه معهن, وهي مع جماعة النساء، رخص بهذا بعض السلف رحمهم الله.

    1.   

    باب الحج جهاد النساء

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الحج جهاد النساء.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن فضيل عن حبيب بن أبي عمرة عن عائشة بنت طلحة: ( عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله! على النساء جهاد؟ قال: نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن القاسم بن الفضل الحداني عن أبي جعفر عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الحج جهاد كل ضعيف ) ].

    1.   

    باب الحج عن الميت

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الحج عن الميت.

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا عبدة بن سليمان عن سعيد عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير

    عن ابن عباس : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شبرمة؟ قال: قريب لي، قال: هل حججت قط؟ قال: لا. قال: فاجعل هذه عن نفسك، ثم احجج عن شبرمة ).

    حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا سفيان الثوري عن سليمان الشيباني عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس قال: ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أحج عن أبي؟ قال: نعم، حج عن أبيك، فإن لم تزده خيراً لم تزده شراً ).

    حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا عثمان بن عطاء عن أبيه: ( عن أبي الغوث بن حصين- رجل من الفرع- أنه استفتى النبي صلى الله عليه وسلم عن حجة كانت على أبيه، مات ولم يحج، قال النبي صلى الله عليه وسلم: حج عن أبيك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: وكذلك الصيام في النذر، يقضى عنه ) ].

    حجة الإسلام إذا فرط فيها الإنسان وكان قادراً وقام عليه الوجوب ولم يؤدها لا تجزئ بحج غيره عنه، أما نافلة فنعم، يأتيه بذلك الأجر بإذن الله، وأما الحيّ القادر المستطيع الذي يصل إلى الحرم فظاهر فتيا السلف أنه لا يحج عنه لا نافلة ولا فريضة إذا كان قادراً.

    وبعض العلماء يرى الحج حتى على المستطيع بالنيابة لتوسع الشارع فيها، قال بهذا بعض الفقهاء من الحنفية، وهو رواية عن الإمام أحمد.

    1.   

    باب الحج عن الحي إذا لم يستطع

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الحج عن الحي إذا لم يستطع.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع عن شعبة عن النعمان بن سالم عن عمرو بن أوس عن أبي رزين العقيلي: ( أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن أبي شيخ كبير، لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظّعن ، قال: حج عن أبيك واعتمر ).

    حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني قال: حدثنا عبد العزيز الدراوردي عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف الأنصاري عن نافع بن جبير عن عبد الله بن عباس: ( أن امرأة من خثعم جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا رسول الله! إن أبي شيخ قد أفند، وأدركته فريضة الله على عباده في الحج، ولا يستطيع أداءها، فهل يجزئ عنه أن أؤديها عنه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم ).

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبو خالد الأحمر قال: حدثنا محمد بن كريب عن أبيه: ( عن ابن عباس قال: أخبرني حصين بن عوف، قال: قلت: يا رسول الله! إن أبي أدركه الحج ولا يستطيع أن يحج إلا معترضاً، فصمت ساعة، ثم قال: حج عن أبيك ).

    حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن سليمان بن يسار: ( عن ابن عباس عن أخيه الفضل: أنه كان ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة النحر، فأتته امرأة من خثعم فقالت: يا رسول الله! إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً، ولا يستطيع أن يركب، أفأحج عنه؟ قال: نعم، فإنه لو كان على أبيك دين قضيته ) ].

    1.   

    باب حج الصبي

    1.   

    باب النفساء والحائض تهل بالحج

    قال المصنف رحمه الله: [ باب النفساء والحائض تهل بالحج.

    حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا عبدة بن سليمان عن عبيد الله عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: ( نفست أسماء بنت عميس بالشجرة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يأمرها أن تغتسل وتهلّ ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال قال: حدثنا يحيى بن سعيد: أنه سمع القاسم بن محمد يحدث عن أبيه: ( عن أبي بكر أنه خرج حاجًّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه أسماء بنت عميس، فولدت بالشجرة محمد بن أبي بكر، فأتى أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمرها أن تغتسل، ثم تهلّ بالحج، وتصنع ما يصنع الناس، إلا أنها لا تطوف بالبيت ) ].

    وهذا أقوى الأدلة على غسل الإهلال عند الإحرام، فإن النبي عليه الصلاة والسلام أمرها بالاغتسال وهي نفساء لا تستفيد من غسلها، فهي لا تستحل به صلاة ولا تستحل شيئاً ومع ذلك أكد عليها الاغتسال.

    وجاء في حديث بكر بن عبد الله المزني أنه قال: ( من السّنة أن يتجرد المحرم لإهلاله ويغتسل ).

    قال: [ حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا يحيى بن آدم عن سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: ( نفست أسماء بنت عميس بـمحمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرها أن تغتسل وتستثفر بثوب ثم تهلّ ) ].

    1.   

    باب مواقيت أهل الآفاق

    قال المصنف رحمه الله: [ باب مواقيت أهل الآفاق.

    حدثنا أبو مصعب قال: حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن.

    فقال عبد الله: أما هذه الثلاثة، فقد سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويهل أهل اليمن من يلملم ).

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا إبراهيم بن يزيد عن أبي الزبير: ( عن جابر، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ومهل أهل الشام من الجحفة، ومهل أهل اليمن ذو الحليفة: ميقات أهل المدينة: مكان على ستة أميال من المدينة وعشر مراحل من مكة وهو أبعد المواقيت، والجحفة: موضع على ثلاثة مراحل من مكة، وذات عرق: قرية على مرحلتين من مكة مشرفة على وادي العقيق في الشمال الشرقي من مكة، ويلملم: جبل جنوبي مكة على مرحلتين منها، وقرن المنازل: جبل على مرحلتين من مكة، وهو قريب من المكان المسمى الآن بالسيل من يلملم، ومهل أهل نجد من قرن، ومهل أهل المشرق من ذات عرق، ثم أقبل بوجهه الأفق، ثم قال: اللهم أقبل بقلوبهم ) ].

    1.   

    باب الإحرام

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الإحرام.

    حدثنا محرز بن سلمة العدني قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال: حدثني عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أدخل رجله في الغرز، واستوت به راحلته، أهل من عند مسجد ذي الحليفة ).

    حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قال: حدثنا الوليد بن مسلم و عمر بن عبد الواحد قالا: حدثنا الأوزاعي عن أيوب بن موسى عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ثابت البناني: ( عن أنس بن مالك قال: إني عند ثفنات ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الشجرة، فلما استوت به قائمة، قال: لبيك بعمرة وحجة معاً، وذلك في حجة الوداع ) ].

    وهذا هو القران، وهو باق ولم ينسخ باتفاق الصحابة عليه رضوان الله، وقد نص على اتفاقهم الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح.

    1.   

    باب التلبية

    قال المصنف رحمه الله: [ باب التلبية.

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو معاوية وأبو أسامة وعبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع: ( عن ابن عمر قال: تلقفت التلبية من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.

    قال: وكان ابن عمر يزيد فيها: لبيك لبيك لبيك وسعديك، والخير في يديك لبيك، والرغباء إليك والعمل ).

    حدثنا زيد بن أخزم قال: حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال: حدثنا سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: ( كانت تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و علي بن محمد قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في تلبيته: لبيك إله الحق، لبيك ).

    حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عياش قال: حدثنا عمارة بن غزية الأنصاري عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من ملبّ يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر، حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا ) ].

    1.   

    باب رفع الصوت بالتلبية

    قال المصنف رحمه الله: [ باب رفع الصوت بالتلبية.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن خلاد بن السائب عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أتاني جبريل، فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال ) ].

    ولا يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام الأمر بالتلبية، وإنما هي سنة، وبعض الفقهاء يوجبها، وهذا مروي عن ابن جريج وسفيان الثوري، ورواية أيضاً عن عطاء.

    وقال محمد بن نصر المروزي: اتفق أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام على أن التلبية فرض الإهلال، وهذا الاتفاق لعله أراد بذلك من جهة تشريعها؛ لأنها تشريع لدخول الإنسان في النسك.

    قال: [ حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن عبد الله بن أبي لبيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن خلاد بن السائب عن زيد بن خالد الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( جاءني جبريل فقال: يا محمد! مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية، فإنها من شعار الحج ).

    حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي و يعقوب بن حميد بن كاسب قالا: حدثنا ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن يربوع عن أبي بكر الصديق: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: العجّ والثجّ ) ].

    1.   

    باب الظلال للمحرم

    1.   

    باب الطيب عند الإحرام

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الطيب عند الإحرام.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة (ح)

    وحدثنا محمد بن رمح قال: أخبرنا الليث بن سعد، جميعاً عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: ( عن عائشة أنها قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يفيض- قال سفيان- بيدي هاتين ).

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة قالت: ( كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلبّي ).

    حدثنا إسماعيل بن موسى قال: حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة قالت: ( كأني أرى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاثة وهو محرم ) ].

    1.   

    باب ما يلبس المحرم من الثياب

    1.   

    باب السراويل والخفين للمحرم إذا لم يجد إزاراً أو نعلين

    قال المصنف رحمه الله: [ باب السراويل والخفين للمحرم إذا لم يجد إزاراً أو نعلين.

    حدثنا هشام بن عمار ومحمد بن الصباح قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد أبي الشعثاء عن ابن عباس قال: ( سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب- قال هشام: على المنبر- فقال: من لم يجد إزاراً فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين )، وقال هشام في حديثه: ( فليلبس سراويل إلا أن يفقد ).

    حدثنا أبو مصعب قال: حدثنا مالك بن أنس عن نافع وعن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من لم يجد نعلين فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين ) ].

    وقوله: قال هشام: على المنبر، يقصد أنه بالمدينة، وهو في حديث ابن عمر وحديث ابن عباس.

    1.   

    باب التوقّي في الإحرام

    قال المصنف رحمه الله: [ باب التوقّي في الإحرام.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه: ( عن أسماء بنت أبي بكر قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كنا بالعرج نزلنا، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة إلى جنبه، وأنا إلى جنب أبي، فكانت زمالتنا وزمالة أبي بكر واحدة مع غلام أبي بكر، قال: فطلع الغلام وليس معه بعيره، فقال له: أين بعيرك؟ قال: أضللته البارحة، قال: معك بعير واحد تضله؟ قال: فطفق يضربه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع ) ].

    1.   

    باب المحرم يغسل رأسه

    قال المصنف رحمه الله: [ باب المحرم يغسل رأسه.

    حدثنا أبو مصعب قال: حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه: ( أن عبد الله بن عباس و المسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء، فقال عبد الله بن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه. فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري أسأله عن ذلك، فوجدته يغتسل بين القرنين، وهو يستتر بثوب، فسلمت عليه، فقال: من هذا؟ قلت: أنا عبد الله بن حنين، أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم؟ قال: فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه، ثم قال لإنسان يصب عليه: اصبب، فصب على رأسه، ثم حرك رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، ثم قال: هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل ) ].

    وعمل الصحابة عليهم رضوان الله على جواز اغتسال المحرم وغسل رأسه، وإنما يوردون ذلك لأنه ربما يحترز الإنسان لعدم تساقط شيء من الشعر، نقول: هذا لا يقصد بعينه، فيأتي تبعاً من غير قصد، فهذا مما لا يضر المحرم، وكذلك ترجيل الشعر وتسريحه فهذا مما لا حرج فيه، وما سقط من غير قصد تبعاً لذلك فلا شيء عليه فيه، كذلك ما يتعلق بإزالة الشعر عند وجود حاجة من مرض كالذي به شجة، فيريد أن يزيل الشعر المحيط بها، فلا حرج عليه ولا شيء عليه، ثبت ذلك عن عبد الله بن عباس.

    وكذلك إذا انقطع أو انقص منه ظفر فأراد إزالته، فإنه لا حرج عليه؛ لأنه يزيل بذلك أذى، ثبت ذلك عن عبد الله بن عباس، ولا مخالف له كما قاله ابن حزم الأندلسي في كتابه المحلى.

    وكذلك حكّ الشعر لا حرج فيه، سواء كان الرأس أو الجسد، ثبت هذا عن عائشة عليها رضوان الله، حيث قالت عائشة عليها رضوان الله تعالى لما سئلت عن حك الشعر، قالت: لو ربطت يداي لحككته برجلي. وثبت ذلك عن الأعمش عليه رحمة الله، حيث سئل عن ذلك فقال: احككه حتى يبدو العظم، يعني: الأمر فيه سعة فلا يشدد فيه.

    1.   

    باب المحرمة تسدل الثوب على وجهها

    قال المصنف رحمه الله: [ باب المحرمة تسدل الثوب على وجهها.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد: ( عن عائشة قالت: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن محرمون، فإذا لقينا الراكب أسدلنا ثيابنا من فوق رءوسنا، فإذا جاوزنا رفعناها).

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا عبد الله بن إدريس عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ].

    وهذا دليل على سترهن، أنهن كن يحتجبن حتى في الحج الذي تؤمر فيه المرأة بعدم الانتقاب، وهذا وإن كان فيه كلام إلا أنه جاء من حديث أسماء صحيح.

    وجاء عن عائشة عليها رضوان الله تعالى من وجه آخر عند مسدد في كتاب المسند أيضاً، والشارع إنما نهى المرأة عن الانتقاب ولم ينهها عن تغطية وجهها، فالانتقاب شيء والتغطية شيء، وذلك كالقفاز فقد نهاها الشارع عن لبسه، وما نهاها عن تغطية الكفين.

    وبعضهم يستدل على جواز كشف المرأة لوجهها بنهيها عن لبس النقاب في الحج، وهذا جهل، فعلى هذا نقول: إن الرجل ينهى عن لبس السراويل فلا يغطي شيئاً، وهذا غير معقول، فالشريعة هنا نهت عن لباس معين لا التغطية.

    1.   

    باب الشرط في الحج.

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الشرط في الحج.

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبي (ح)

    وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير قال: حدثنا عثمان بن حكيم عن أبي بكر بن عبد الله بن الزبير عن جدته- قال: لا أدري أسماء بنت أبي بكر أو سعدى بنت عوف-: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة بنت عبد المطلب، فقال: ما يمنعك يا عمتاه من الحج؟ فقالت: أنا امرأة سقيمة، وأنا أخاف الحبس، قال: فأحرمي واشترطي أن محلّك حيث حبست ).

    وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن فضيل و وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه: ( عن ضباعة قالت: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شاكية، فقال: أما تريدين الحج العام؟ قلت: إني لعليلة يا رسول الله! قال: فحجي وقولي: محليّ حيث تحبسني ) ].

    والمحصر في حجه قال بعدم القضاء عليه ابن عمر وابن عباس عليهما رضوان الله، ولا مخالف لهما من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، كما نص على ذلك غير واحد من الفقهاء من الشافعية كـالماوردي وغيره.

    قال: [ حدثنا أبو بشر بكر بن خلف قال: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوساً و عكرمة يحدثان عن ابن عباس قال: ( جاءت ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة ثقيلة، وإني أريد الحج، فكيف أهلّ؟ قال: أهلّي واشترطي: أن محلّي حيث حبستني ) ].

    1.   

    باب دخول الحرم

    قال المصنف رحمه الله: [ باب دخول الحرم.

    حدثنا أبو كريب قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح قال: حدثنا مبارك بن حسان أبو عبد الله عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس، قال: كانت الأنبياء تدخل الحرم مشاة حفاة، ويطوفون بالبيت، ويقضون المناسك حفاة مشاة ].

    1.   

    باب دخول مكة

    قال المصنف رحمه الله: [ باب دخول مكة.

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل مكة من الثنية العليا، وإذا خرج خرج من الثنية السفلى ).

    حدثني علي بن محمد قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا العمري عن نافع عن ابن عمر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة نهاراً ).

    حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان: ( عن أسامة بن زيد قال: قلت: يا رسول الله! أين تنزل غداً؟ وذلك في حجته، قال: وهل ترك لنا عقيل منزلاً؟ ثم قال: نحن نازلون غداً بخيف بني كنانة- يعني المحصب- حيث قاسمت قريش على الكفر ).

    وذلك أن بني كنانة حالفت قريشاً على بني هاشم ألا يناكحوهم ولا يبايعوهم، قال معمر: قال الزهري: والخيف: الوادي ].

    1.   

    باب استلام الحجر

    قال المصنف رحمه الله: [ باب استلام الحجر.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا عاصم الأحول: ( عن عبد الله بن سرجس قال: رأيت الأصيلع عمر بن الخطاب يقبل الحجر، ويقول: إني لأقبلك، وإني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) ].

    وهذا غاية التسليم، وفيه إشارة إلى عدم الإيغال في البحث عن العلل وربط التسليم بها، وهذا يورث ربما ضعف الإيمان والنفاق في القلب، أن الإنسان إذا لم يجد علة ضعف إيمانه وتردد وشك واستراب، ولكن إذا سلم وانقاد للمشرع ولو لم يجد علة ويكل الأمر إلى عالمه وهو الله عز وجل، فيمتثل في ذلك، ولهذا كان الصحابة عليه رضوان الله في منزلة الصديقية؛ لأنهم صدقوا بغيب لم يروا علته مشاهدة، أما الذي يبحث عن العلل ويوغل في كل حكم يبحث عن علته، فهذا يقع في قلبه شك وريب وتردد وربما نفاق، وهؤلاء أكثر الناس انتكاساً.

    قال: [ حدثنا سويد بن سعيد قال: حدثنا عبد الرحيم الرازي عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير قال: سمعت ابن عباس يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليأتين هذا الحجر يوم القيامة وله عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد على من يستلمه بحق ).

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا خالي يعلى عن محمد بن عون عن نافع عن ابن عمر، قال: ( استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلاً، ثم التفت فإذا هو بـعمر بن الخطاب يبكي، فقال: يا عمر! هاهنا تسكب العبرات ).

    حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح المصري قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه، قال: ( لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم من أركان البيت إلا الركن الأسود، والذي يليه من نحو دور الجمحيين ) ].

    ولم يثبت في الملتزم حديث مرفوع وأصح ما جاء في ذلك موقوف عن عبد الله بن عباس، وروي أيضاً عن جماعة من التابعين كـعكرمة ومجاهد وغيرهم.

    1.   

    باب من استلم الركن بمحجنه

    قال المصنف رحمه الله: [ باب من استلم الركن بمحجنه.

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا يونس بن بكير قال: حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور: ( عن صفية بنت شيبة قالت: لما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، طاف على بعير يستلم الركن بمحجن بيده، ثم دخل الكعبة فوجد فيها حمامة عيدان فاكتسرها، ثم قام على باب الكعبة فرمى بها، وأنا أنظر ).

    حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال: أخبرنا عبد الله بن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على بعير، يستلم الركن بمحجن ).

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع (ح)

    وحدثنا هدية بن عبد الوهاب قال: حدثنا الفضل بن موسى، قالا: حدثنا معروف بن خربوذ المكي، قال: سمعت أبا الطفيل عامر بن واثلة، قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجنه، ويقبل المحجن ) ].

    1.   

    باب الرمل حول البيت

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الرمل حول البيت.

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أحمد بن بشير (ح)

    وحدثنا علي بن محمد قال: حدثنا محمد بن عبيد ، قالا: حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول رمل ثلاثة، ومشى أربعة، من الحجر إلى الحجر )، وكان ابن عمر يفعله.

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو الحسين العكلي عن مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر إلى الحجر ثلاثاً، ومشى أربعاً ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا جعفر بن عون عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: ( سمعت عمر يقول: فيم الرملان الآن وقد أطّأ الله الإسلام، ونفى الكفر وأهله؟! وايم الله، ما ندع شيئاً كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ).

    حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن ابن خثيم عن أبي الطفيل عن ابن عباس قال: ( قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين أرادوا دخول مكة في عمرته بعد الحديبية: إن قومكم غداً سيرونكم، فليرونكم جلداً، فلما دخلوا المسجد استلموا الركن ورملوا، والنبي صلى الله عليه وسلم معهم، حتى إذا بلغوا الركن اليماني مشوا إلى الركن الأسود، ثم رملوا حتى بلغوا الركن اليماني، ثم مشوا إلى الركن الأسود، ففعل ذلك ثلاث مرات، ثم مشى الأربع ) ].

    ويدل هذا على أن ثبوت العلل أضعف من ثبوت الأحكام، فلا يلزم من وجود العلة وجود الحكم دائماً، ولهذا إنما شرع النبي صلى الله عليه وسلم الرمل، وكذلك جاء عنه الاضطباع، وذلك لعلة إظهار القوة للمشركين، ولما انتفوا لم تنتف العلة، وبقي الحكم، مما يدل على أن ثبات الحكم أقوى من ثبات العلة، فينبغي للإنسان أن يعلق الأمر بثبوت الحكم لا بثبوت العلة عنده.

    1.   

    باب الاضطباع وهو إعراء منكبه الأيمن وجمع الإزار على الأيسر

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الاضطباع وهو إعراء منكبه الأيمن وجمع الإزار على الأيسر.

    حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن يوسف وقبيصة، قالا: حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عبد الحميد عن ابن يعلى بن أمية عن أبيه يعلى: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف مضطبعاً. قال قبيصة: وعليه برد ) ].

    وقد حفظت مسألة الاضطباع في الدواوين، إلا أن الأحاديث الواردة فيها معلولة، أما الرمل فأحاديثه في الصحيحين وغيرهما.

    1.   

    باب الطواف بالحجر

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الطواف بالحجر.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا شيبان عن أشعث بن أبي الشعثاء عن الأسود بن يزيد: ( عن عائشة قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحجر، فقال: هو من البيت، قلت: ما منعهم أن يدخلوه فيه؟ فقال: عجزت بهم النفقة، قلت: فما شأن بابه مرتفعاً، لا يصعد إليه إلا بسلم؟ قال: ذلك فعل قومك، ليدخلوا من شاءوا، ويمنعوه من شاءوا، ولولا أن قومك حديث عهد بكفر، مخافة أن تنفر قلوبهم، لنظرت هل أغيره فأدخل فيه ما انتقص منه، وجعلت بابه بالأرض ) ].

    1.   

    باب فضل الطواف

    قال المصنف رحمه الله: [ باب فضل الطواف.

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا محمد بن الفضيل عن العلاء بن المسيب عن عطاء عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من طاف بالبيت وصلى ركعتين، كان كعتق رقبة ).

    حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عياش قال: حدثنا حميد بن أبي سوية قال: ( سمعت ابن هشام يسأل عطاء بن أبي رباح عن الركن اليماني وهو يطوف بالبيت، وقال عطاء: حدثني أبو هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وكل به سبعون ملكاً، فمن قال: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، قالوا: آمين.

    فلما بلغ الركن الأسود قال: يا أبا محمد! ما بلغك في هذا الركن الأسود؟ فقال عطاء: قال: حدثني أبو هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من فاوضه فإنما يفاوض يد الرحمن.

    قال له ابن هشام: يا أبا محمد! فالطواف؟ قال عطاء: قال: حدثني أبو هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من طاف بالبيت سبعاً ولا يتكلم إلا بسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، محيت عنه عشر سيئات، وكتبت له عشر حسنات، ورفع له بها عشر درجات، ومن طاف فتكلم وهو في تلك الحال، خاض في الرحمة برجليه كخائض الماء برجليه ) ].

    ولا يثبت ذكر معين في الطواف إلا في موضعين: ما بين الركنين (ربنا آتنا في الدينا حسنة..) إلى آخره، وكذلك عند استلام الحجر، ومع عدا ذلك فإن الأحاديث الواردة فيها كلام.

    1.   

    باب الركعتين بعد الطواف

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الركعتين بعد الطواف.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة عن ابن جريج عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي عن أبيه: ( عن المطلب قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من سبعه جاء حتى يحاذي بالركن، فصلى ركعتين في حاشية المطاف، وليس بينه وبين الطّوّاف أحد ).

    قال أبو عبد الله بن ماجه: هذا بمكة خاصة ].

    ويعارض هذا البخاري، فترجم على هذا (باب السترة بمكة وغيرها)، يقول هنا: ( رأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا فرغ من سبعه جاء حتى يحاذي بالركن فصلي ركعتين في حاشية المطاف، وليس بينه وبين الطّوّاف أحد ).

    فمكة كغيرها، إلا أنه يعذر للمشقة والكلفة، أعلى ما جاء في ذلك آثار، جاء عن قتادة وجاء عن جعفر الصادق وقد رواه ابن جرير الطبري: أن بكة إنما سميت بكة لأن المرأة تصلي أمام الرجل والرجل أمام المرأة.

    قال: [ حدثنا علي بن محمد وعمرو بن عبد الله قالا: حدثنا وكيع عن محمد بن ثابت العبدي عن عمرو بن دينار عن ابن عمر: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم فطاف بالبيت سبعاً، ثم صلى ركعتين- قال وكيع: يعني عند المقام- ثم خرج إلى الصفا ).

    حدثنا العباس بن عثمان الدمشقي قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أنه قال: ( لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من طواف البيت، أتى مقام إبراهيم فقال عمر: يا رسول الله! هذا مقام أبينا إبراهيم الذي قال الله سبحانه: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125] ).

    قال الوليد: فقلت لـمالك: هكذا قرأها: (( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ))؟ قال: نعم ].

    1.   

    باب المريض يطوف راكباً

    قال المصنف رحمه الله: [ باب المريض يطوف راكباً.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا معلى بن منصور (ح)

    وحدثنا إسحاق بن منصور وأحمد بن سنان قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قالا: حدثنا مالك بن أنس عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة عن زينب: ( عن أم سلمة: أنها مرضت، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تطوف من وراء الناس وهي راكبة، قالت: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى البيت وهو يقرأ: وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ [الطور:1-2] ).

    قال ابن ماجه: هذا حديث أبي بكر ].

    1.   

    باب الملتزم

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الملتزم.

    حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق قال: سمعت المثنى بن الصباح يقول: قال: ( حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: طفت مع عبد الله بن عمرو، فلما فرغنا من السبع ركعنا في دبر الكعبة، فقلت: ألا تتعوذ؟ فقال: أعوذ بالله من النار. قال: ثم مضى فاستلم الركن، ثم قام بين الحجر والباب، وألصق صدره ويديه وخده إليه، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ) ].

    1.   

    باب الحائض تقضي المناسك إلا الطواف

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الحائض تقضي المناسك إلا الطواف.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: ( عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرى إلا الحج، فلما كنا بسرف أو قريباً من سرف حضت، فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: ما لك، أنفست؟ قلت: نعم. قال: إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاقضي المناسك كلها غير ألا تطوفي بالبيت، قالت: وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر ) ].

    1.   

    باب الإفراد بالحج

    1.   

    باب من قرن الحج والعمرة

    قال المصنف رحمه الله: [ باب من قرن الحج والعمرة.

    حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى قال: حدثنا يحيى بن أبي إسحاق عن أنس بن مالك، قال: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة، فسمعته يقول: لبيك عمرة وحجة ).

    حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لبيك بعمرة وحجة ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وهشام بن عمار قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن عبدة بن أبي لبابة قال: سمعت أبا وائل شقيق بن سلمة يقول: ( سمعت الصبي بن معبد يقول: كنت رجلاً نصرانيًّا، فأسلمت، فأهللت بالحج والعمرة، فسمعني سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان وأنا أهل بهما جميعاً بالقادسية، فقالا: لهذا أضلّ من بعيره! فكأنما أحمل عليّ جبلاً بكلمتهما، فقدمت على عمر بن الخطاب فذكرت ذلك له، فأقبل عليهما فلامهما، ثم أقبل عليّ فقال: هديت لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، هديت لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ).

    قال هشام في حديثه: قال شقيق: فكثيراً ما ذهبت أنا ومسروق نسأله عنه.

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع و أبو معاوية وخالي يعلى قالوا: حدثنا الأعمش عن شقيق: ( عن الصبي بن معبد قال: كنت حديث عهد بنصرانية فأسلمت، فلم آل أن أجتهد، فأهللت بالحج والعمرة)، فذكر نحوه.

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا حجاج عن الحسن بن سعد عن ابن عباس قال: أخبرني أبو طلحة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرن الحج والعمرة ) ].

    1.   

    باب طواف القارن

    قال المصنف رحمه الله: [ باب طواف القارن.

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا يحيى بن يعلى بن الحارث المحاربي قال: حدثنا أبي عن غيلان بن جامع عن ليث عن عطاء وطاوس ومجاهد عن جابر بن عبد الله وابن عمر وابن عباس: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطف هو وأصحابه لعمرتهم وحجتهم حين قدموا إلا طوافاً واحداً ).

    حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا عبثر بن القاسم عن أشعث عن أبي الزبير عن جابر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف للحج والعمرة طوافاً واحداً ).

    حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا مسلم بن خالد الزنجي قال: حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع: ( عن ابن عمر أنه قدم قارناً، فطاف بالبيت سبعاً، وسعى بين الصفا والمروة، ثم قال: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ).

    حدثنا محرز بن سلمة قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من أحرم بالحج والعمرة كفى لهما طواف واحد، ولم يحلّ حتى يقضي حجه، ويحل منهما جميعاً ) ].

    1.   

    باب التمتع بالعمرة إلى الحج

    قال المصنف رحمه الله: [ باب التمتع بالعمرة إلى الحج.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن مصعب (ح)

    وحدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي- يعني دحيماً- قال: حدثنا الوليد بن مسلم قالا: حدثنا الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: حدثني عكرمة، قال: حدثنا ابن عباس ، قال: ( حدثني عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو بالعقيق: أتاني آت من ربي، فقال: صلّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة ). واللفظ لـدحيم.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن سراقة بن جعشم ، قال: ( قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً في هذا الوادي، فقال: ألا إن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة ).

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو أسامة عن الجريري عن أبي العلاء يزيد بن الشخير: ( عن أخيه مطرف بن عبد الله بن الشخير، قال: قال لي عمران بن الحصين: إني أحدثك حديثاً لعل الله أن ينفعك به بعد اليوم، اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعمر طائفة من أهله في العشر من ذي الحجة، فلم ينه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينزل نسخه، قال في ذلك بعد رجل برأيه ما شاء أن يقول ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر (ح)

    وحدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثني أبي، قالا: حدثنا شعبة عن الحكم عن عمارة بن عمير عن إبراهيم بن أبي موسى: ( عن أبي موسى الأشعري أنه كان يفتي بالمتعة، فقال له رجل: رويدك بعض فتياك، فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك.

    حتى لقيته بعد فسألته، فقال عمر: قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله وأصحابه، ولكني كرهت أن يظلوا بهن معرسين تحت الأراك، ثم يروحون بالحج تقطر رءوسهم ) ].

    1.   

    باب فسخ الحج

    قال المصنف رحمه الله: [ باب فسخ الحج.

    حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثني عطاء عن جابر بن عبد الله، قال: ( أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج خالصاً، لا نخلطه بعمرة، فقدمنا مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة، فلما طفنا بالبيت، وسعينا بين الصفا والمروة، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعلها عمرة، وأن نحل إلى النساء، فقلنا بيننا: ليس بيننا وبين عرفة إلا خمس، فنخرج إليها ومذاكيرنا تقطر منيًّا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأبركم وأصدقكم، ولولا الهدي لأحللت، فقال سراقة بن مالك: أمتعتنا هذه لعامنا هذا، أم لأبد؟ فقال: لا، بل لأبد الأبد ) ].

    يفسخ القارن إلى عمرة التمتع ثم يتبعها حجاً، أما أن يفسخ الإنسان حجه إلى عمرة مفردة من غير حج فهذا مكروه باتفاق السلف، وقد ذكر ابن رشد رحمه الله إجماع الصحابة والتابعين عليهم رضوان الله على أن الحج لا يفسخ إلى عمرة مفردة بلا حج، باعتبار أن الحج في ذلك أعظم.

    قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة لا نرى إلا الحج، حتى إذا قدمنا ودنونا، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي أن يحل، فحل الناس كلهم إلا من كان معه هدي، فلما كان يوم النحر دخل علينا بلحم بقر، فقيل: ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه ).

    حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأحرمنا بالحج، فلما قدمنا مكة قال: اجعلوا حجكم عمرة، فقال الناس: يا رسول الله! قد أحرمنا بالحج، فكيف نجعلها عمرة؟! قال: انظروا ما آمركم به فافعلوا، فردوا عليه القول، فغضب، فانطلق ثم دخل على عائشة غضبان، فرأت الغضب في وجهه، فقالت: من أغضبك أغضبه الله؟! قال: وما لي لا أغضب وأنا آمر أمراً فلا أتبع؟ ).

    حدثنا بكر بن خلف أبو بشر قال: حدثنا أبو عاصم قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني منصور بن عبد الرحمن عن أمه صفية: ( عن أسماء بنت أبي بكر قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان معه هدي فليقم على إحرامه، ومن لم يكن معه هدي فليحلل، قالت: ولم يكن معي هدي فأحللت، وكان مع الزبير هدي فلم يحل، فلبست ثيابي وجئت إلى الزبير فقال: قومي عني. فقلت: أتخشى أن أثب عليك؟! ) ].

    1.   

    باب من قال: كان فسخ الحج لهم خاصة

    قال المصنف رحمه الله: [ باب من قال: كان فسخ الحج لهم خاصة.

    حدثنا أبو مصعب قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: ( عن الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله! أرأيت فسخ الحج في العمرة لنا خاصة، أم للناس عامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل لنا خاصة ).

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال: ( كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة ) ].

    1.   

    باب السعي بين الصفا والمروة

    قال المصنف رحمه الله: [ باب السعي بين الصفا والمروة.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة: ( عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي قال: قلت لعائشة: ما أرى علي جناحاً ألا أطوف بين الصفا والمروة، قالت: إن الله يقول: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة:158]، ولو كان كما تقول، لكان: (فلا جناح عليه ألا يطوف بهما)، إنما أنزل هذا في ناس من الأنصار كانوا إذا أهلوا أهلوا لمناة، فلا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما قدموا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحج، ذكروا ذلك له، فأنزلها الله، فلعمري ما أتم الله عز وجل حج من لم يطف بين الصفا والمروة ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا هشام الدستوائي عن بديل بن ميسرة عن صفية بنت شيبة: ( عن أم ولد لـشيبة قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى بين الصفا والمروة، وهو يقول: لا يقطع الأبطح إلا شدًّا ).

    حدثنا علي بن محمد وعمرو بن عبد الله قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا أبي عن عطاء بن السائب عن كثير بن جمهان: ( عن ابن عمر قال: إن أسع بين الصفا والمروة فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى، وإن أمش فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي، وأنا شيخ كبير ) ].

    1.   

    باب العمرة

    قال المصنف رحمه الله: [ باب العمرة.

    حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الحسن بن يحيى الخشني قال: حدثنا عمر بن قيس قال: أخبرني طلحة بن يحيى عن عمه إسحاق بن طلحة عن طلحة بن عبيد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( الحج جهاد، والعمرة تطوع ) ].

    أوجب العمرة ابن عمر وابن عباس وزيد بن ثابت، ولا أعلم أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صح عنه الخلاف، وقد ذكر اتفاق الصحابة ابن عبد البر رحمه الله.

    قال: [ حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا يعلى قال: حدثنا إسماعيل قال: ( سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اعتمر، فطاف وطفنا معه، وصلى وصلينا معه، وكنّا نستره من أهل مكة، لا يصيبه أحد بشيء ) ].

    1.   

    باب العمرة في رمضان

    قال المصنف رحمه الله: [ باب العمرة في رمضان.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن بيان وجابر عن الشعبي عن وهب بن خنبش قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عمرة في رمضان تعدل حجة ).

    حدثنا محمد بن الصباح قال: أخبرنا سفيان (ح)

    وحدثنا علي بن محمد و عمرو بن عبد الله قالا: حدثنا وكيع جميعاً عن داود بن يزيد الزعافري عن الشعبي عن هرم بن خنبش قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عمرة في رمضان تعدل حجة ).

    حدثنا جبارة بن المغلس قال: حدثنا إبراهيم بن عثمان عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد عن أبي معقل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( عمرة في رمضان تعدل حجة ).

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عمرة في رمضان تعدل حجة ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم عن عطاء عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( عمرة في رمضان تعدل حجة ) ].

    1.   

    باب العمرة في ذي القعدة

    قال المصنف رحمه الله: [ باب العمرة في ذي القعدة.

    حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس قال: ( لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في ذي القعدة ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير عن الأعمش عن مجاهد عن عائشة قالت: ( لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في ذي القعدة ) ].

    والعمرة في أشهر الحج أفضل من العمرة في غيرها، وذلك لتتابع فعل النبي عليه الصلاة والسلام وتواطئه عليه، مما يدل على قصده لها، وهي أفضل من العمرة في رمضان.

    1.   

    باب العمرة في رجب

    قال المصنف رحمه الله: [ باب العمرة في رجب.

    حدثنا أبو كريب قال: حدثنا يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن حبيب- يعني: ابن أبي ثابت- عن عروة قال: ( سئل ابن عمر: في أي شهر اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: في رجب. فقالت عائشة: ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب قط، وما اعتمر إلا وهو معه- تعني ابن عمر ) ].

    1.   

    باب العمرة من التنعيم

    قال المصنف رحمه الله: [ باب العمرة من التنعيم.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو إسحاق الشافعي إبراهيم بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال: أخبرني عمرو بن أوس قال: ( حدثني عبد الرحمن بن أبي بكر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يردف عائشة، فيعمرها من التنعيم ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه: ( عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع نوافي هلال ذي الحجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد منكم أن يهلّ بعمرة فليهلل، فلولا أني أهديت لأهللت بعمرة، قالت: فكان من القوم من أهل بعمرة، ومنهم من أهل بحج، فكنت أنا ممن أهل بعمرة، قالت: فخرجنا حتى قدمنا مكة، فأدركني يوم عرفة وأنا حائض، لم أحل من عمرتي، فشكوت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: دعي عمرتك، وانقضي رأسك وامتشطي، وأهلي بالحج، قالت: ففعلت، فلما كانت ليلة الحصبة، وقد قضى الله حجنا، أرسل معي عبد الرحمن بن أبي بكر، فأردفني، وخرج إلى التنعيم، فأحللت بعمرة، فقضى الله حجنا وعمرتنا، ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم ) ].

    1.   

    باب من أهل بعمرة من بيت المقدس

    قال المصنف رحمه الله: [ باب من أهل بعمرة من بيت المقدس.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق قال: حدثني سليمان بن سحيم عن أم حكيم بنت أمية عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من أهل بعمرة من بيت المقدس غفر له ).

    حدثنا محمد بن المصفى الحمصي قال: حدثنا أحمد بن خالد قال: حدثنا محمد بن إسحاق عن يحيى بن أبي سفيان عن أمه أم حكيم بنت أمية: ( عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أهل بعمرة من بيت المقدس كانت له كفارة لما قبلها من الذنوب، قالت: فخرجت أمي من بيت المقدس بعمرة ) ].

    ولا يثبت في هذا شيء، وإنما جاء عن عبد الله بن عمر أنه أهل من بيت المقدس فعلاً، وليس خبراً مرفوعاً.

    1.   

    باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم

    قال المصنف رحمه الله: [ باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم.

    حدثنا أبو إسحاق الشافعي هو إبراهيم بن محمد قال: حدثنا داود بن عبد الرحمن عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال: ( اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء من قابل، والثالثة من الجعرانة، والرابعة التي مع حجته ) ].

    نقف على هذا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767287494