وبعد:
فإن هذه الجلسة الأولى من هذا الشهر المحرم عام (1413هـ)، وهي الجلسة الأولى لهذا العام أيضاً، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل لقاءاتنا دائماً على الخير والبركة فيما ينفعنا وينفع المسلمين.
فخذوا أيها الإخوة من صحتكم لمرضكم، ومن حياتكم لموتكم، واستعدوا ليوم الرحيل، وأودعوا في كتاب أعمالكم حسنات تجدوها عند الله سبحانه وتعالى خيراً وأعظم أجراً، أقول هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب.
وحيث أنَّ كثيراً منكم في هذا العام حجوا وشاهدوا ما حصل من الحجيج من مخالفات شرعية، أو من أنظمة فيها شيء من التقصير، فإني أطلب إليكم الآن وبسرعة عاجلة أن تكتبوا لي -جزاكم الله خيراً- ما شاهدتموه من التقصير في الأنظمة، أو في رجال الأعمال، أو من المخالفات من الحجاج، حتى يتم النظر فيها ودراستها لعلَّ الله سبحانه وتعالى أن يعين على إصلاح ما حصل، وحدود هذا إلى يوم الإثنين فقط؛ لأني مستعجل فيها، وأرجو ألا تكتبوا إلا شيئاً علمتموه، وأما ما ينقل بلا تثبت فإنه لا يعتمد عليه، ولكن لا بد أن تكون هناك مشاهدات، ويكون هذا منكم مساعدة ومعاونة على البر والتقوى، أصلح الله أحوالنا وأحوال المسلمين.
الجواب: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله. وبعد:
على هذا الإثم العظيم الكبير حيث أمضى كل هذه الأيام وهو يصلي على غير طهارة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) فالواجب عليه نحو صلاته أن يعيد كل ما صلى قبل اغتساله، أما بالنسبة للحج فعليه أن يعيد طواف الإفاضة؛ لأنه طاف وعليه جنابة ولا يصح الطواف من الإنسان وهو على جنابة؛ لأن من عليه جنابة ممنوع من اللبث في المسجد، كما قال تعالى: وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ [النساء:43]، وعليه إذا كان متزوجاً أن يتجنب أهله حتى يرجع إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة، وفي هذا الحال يحرم من الميقات بعمرة، ثم يطوف ويسعى ويقصر، ثم يأتي بطواف الإفاضة، وعليه -مع ذلك كله- التوبة إلى الله بالندم على ما حصل منه، وأن يرى نفسه مقصراً مفرطاً في حق الله، وأن يعزم على ألا يعود إلى مثل هذا.
الجواب: نعم. يكون متمتعاً، فإن العلماء رحمهم الله نصوا على أنه لا يعتبر في التمتع أن يكون النسكان لشخص واحد، بل يجوز أن تكون العمرة لشخص والحج لشخص آخر، أو تكون العمرة لنفسه والحج لآخر، أو تكون العمرة لآخر والحج لنفسه، كل هذا يرونه جائزاً ولا يبطل التمتع.
الجواب: لا يكون متمتعاً؛ لأنه لم يتمتع بالعمرة إلى الحج، إذ أنه ليس عنده نية حج، لكن إذا كان يغلب على ظنه أنه سيحصل له الحج، فإنه يحتاط ويذبح هدي التمتع.
الجواب: كثير من أهل العلم يرى أنه يحل التحلل الأول بالرمي فقط، أي: برمي جمرة العقبة يوم العيد، ولكن الظاهر أنه لا يحل إلا بالرمي والحلق، وأما العبارة المشهورة عند الفقهاء: أنه يحل التحلل الأول بفعل اثنين من ثلاثة، وهنَّ الرمي والحلق والطواف، فلا أعلم في هذا سنة، لكن فيه القياس والنظر؛ لأن الطواف له تأثير في التحلل الثاني، فإذا كان له تأثير في التحلل الثاني صار له تأثير في التحلل الأول، فعلى كلام الفقهاء: إذا رمى وطاف حلَّ التحلل الأول وإن لم يحلق، وإذا حلق وطاف حلَّ التحلل الأول وإن لم يرم، وإذا رمى وحلق حل التحلل الأول وإن لم يطف.
الجواب: الصيام طاعة من الطاعات، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من نذر أن يطيع الله فليطعه) وهذا الرجل نذر، فلزمه النذر بمجرد كلامه، ولا يمكن أن يحول الشهرين إلى الشهر؛ لأنه ثبت في ذمته شهران، لكن إن كان لم يبلغ فلا نذر عليه؛ لأنه غير مكلف.
وخلاصة الجواب الآن: أنه إذا كان مكلفاً، أي: بالغاً عاقلاً لزمه أن يصوم شهرين، ثم إن كان في نيته التتابع لزمه أن يكون الشهران متتابعين، وإلا فهو حر إن شاء صام متتابعاً أو متفرقاً.
الجواب: ليس هذا العمل مشروعاً، وإنما تجعل يد الميت إلى جنبه.
الجواب: أصحاب البيت الواحد أضحيتهم واحدة ولو تعددوا، فلو كانوا إخوة مأكلهم واحد وبيتهم واحد فأضحيتهم واحدة، ولو كان لهم زوجات متعددة، وكذلك الأب مع أبنائه ولو كان أحدهم متزوجاً فالأضحية واحدة.
الجواب: أشهر الحج يرى بعض العلماء أنها شهران وعشرة أيام، ويرى آخرون أنها شهران وثلاثة عشر يوماً تنتهي بآخر أيام التشريق، والظاهر أنها ثلاثة أشهر أي: آخرها المحرم، ولا ينعقد الحج في أيام التشريق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الحج عرفة) وقد فات يوم عرفة.
السائل: قصدي هل يجوز للإنسان أن يحرم بالحج وقد فات يوم عرفة في أيام التشريق أو بعد انتهاء أيام التشريق للعام القادم لأنه في أشهر الحج؟
الشيخ: إذا أحرم للعام القادم فقد أحرم بالحج قبل أشهره، فينبني على الخلاف هل ينعقد الحج قبل أشهره؟
فمن العلماء من قال: ينعقد لكن مع الكراهة، ومنهم من قال: لا ينعقد، وعلى هذا يحول الإحرام إذا أحرم بالحج قبل أشهره إلى العمرة ويطوف ويسعى ويقصر وفي العام القادم يأتي بالحج.
الشيخ: الطواف والسعي والحلق عند علماء الحنابلة ليس لها حد، متى شاء حلق ومتى شاء طاف وسعى حتى لو بقي عشر سنوات، لكن يبقى عليه التحلل الثاني.
ولكن الذي أرى: أنه لا يجوز أن يؤخره عن آخر يوم من شهر ذي الحجة؛ لأن هذه أشهر الحج، فيجب أن تكون أعمال الحج في أشهره إلا من عذر، كما لو نفست المرأة قبل طواف الإفاضة ولم تطهر إلا بعد خروج شهر ذي الحجة، أو أصيب الإنسان بمرض ولم يستطع أن يطوف قبل انتهاء شهر ذي الحجة فلا حرج، متى زال المانع طاف.
السائل: إذا قلنا: أخره بدون عذر على غير رأي الحنابلة وانتهت أشهر الحج؟
الشيخ: لا أدري ما يقولون في هذه المسألة، هل يقولون: إنه يقضيه كما تقضى الصلاة، أو يقال: عبادة فات وقتها فلا تقضى ويكون الحج الآن لم يتم ولا يكتب له الحج، لا أدري ماذا يقولون في هذا!
الجواب: يقول الفقهاء: المبيت في منى ليالي أيام التشريق واجب، والواجب في تركه دم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء، وهذا القول إن لم يكن قوياً من حيث النظر لكنه قوي من حيث العمل وتربية النفس؛ لأننا إذا قلنا: إنه ليس بواجب ما حرصوا عليه ولم يهتموا به، فكون الشيء يبقى محترماً في نفوس الناس معظماً أولى وأحسن، والذي لا يستطيع أن يذبح فدية ليس عليه شيء.
الجواب: إتمام الصلاة في السفر غير جائز عند بعض العلماء الذين يقولون بوجوب القصر كـأبي حنيفة ، وعند الآخرين جائز لكن مع الكراهة؛ وهذا هو الأقرب، ودليل ذلك: أن الصحابة رضي الله عنهم لما أتمَّ عثمان رضي الله عنه في منى أنكروا عليه الإتمام، ولكنهم كانوا يصلون معه ويتمون، ولو كانوا يرون أن القصر واجب ما أتموا معه؛ لأنهم يزيدون في الصلاة ما ليس منها، فالأقرب عندي أخيراً: أنه ليس بواجب لكنه مكروه، ما لم يصل الإنسان مع إمام يتم فيلزمه الإتمام سواء أدرك الصلاة كلها أو بعضها.
السائل: لو كان المسافر إماماً ومن خلفه مقيمون فهل تبقى الكراهة؟
الشيخ: نعم، حتى لو كان إماماً ومن خلفه مقيمون فإنه يقصر، ويقول لهم: أتموا فإنا قوم مسافرون حتى تظهر السنة؛ لأن هذه السنة مجهولة عند كثير من الناس، وينكرها العوام، لكن إذا اشتهرت وفعلها الناس صارت مألوفة عند الناس، وصارت معروفاً كما هي معروف شرعاً، والذي ينبغي للإنسان ولا سيما طالب العلم الذي يؤخذ بقوله، أن يحيي السنة التي أميتت حتى لا يكون المعروف منكراً.
الجواب: أولاً: إنني أستبعد أن المأمومين بقوا مدة سجود الإمام ومدة تشهده وهم ساجدون، أقلَّ ما يكون سيقول الواحد منهم: إن صاحبنا أصابته سكتة فيقوم أحدهم.
فعلى كل حال: إذا وقع هذا الشيء فإنهم إذا سلم الإمام يقومون ويتشهدون ويسلمون، وليس عليهم سجود السهو.
الجواب: ليس عليك شيء، الصغار ما جاء منهم من المناسك فاقبلوه، وما تركوه لا تطالبون به، ولكني أشير عليك وعلى إخواننا ألا يحججوا الصغار في هذه المواسم؛ لأن في ذلك تضييقاً عليهم وعلى أطفالهم، تعب ومشقة، وتحجيجهم ليس بواجب، غاية ما في ذلك أن لهم فيه أجراً، لكن هذا الأجر الذي يحصلونه ربما يفوتهم من الأجر في تكميل مناسكهم أكثر وأكثر مما حصلوه من حج هذا الصبي، والإنسان ينبغي له أن يكون بصيراً بالشرع قبل أن يفعل، ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يحججوا بأطفالهم، وغاية ما روي عنه: (أن امرأة رفعت صبياً لها وقالت: ألهذا حج؟ قال صلى الله عليه وسلم: نعم ولك أجر)، فإذا كنا نحجج هؤلاء الصغار فسيفوتنا سنن كثيرة في عبادتنا التي جئنا من أجلها، فترك تحجيجهم أولى من تحجيجهم.
الجواب: هذا أيضاً مما يحصل من التقصير من الناس؛ لأن الزحام ليس دائماً، يوجد الزحام في فترات ويوجد في فترات أخرى سعة، لو أنكم أخرتم الرمي إلى الليل ما وجدتم الزحام كما يفعله كثير من الناس، فإن كنت قد استفتيت أحداً بهذا ممن هو أعلم منك وأفتاك فلا شيء عليك، وإن كان تصرفاً منك فهو تصرف بجهل، لكنك فرطت؛ لأن المشاعر فيها -ولله الحمد- علماء، فإذا كان لك قدرة أن تذبح فدية في مكة وتوزعها على الفقراء فهذا طيب.
الجواب: إذا تأكدت أنه لم يصل عليهم فصل عليهم؛ لأن الصلاة فرض كفاية، لكن ربما أهله صلوا عليه؛ لأن الصلاة على الميت تقوم بواحد.
على كل حال: إذا تأكدت أن شخصاً لم يصل عليه فعليك أن تصلي عليه؛ لأنها فرض كفاية، ولا بد منها.
السائل: صح التعليل بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي؟
الشيخ: نعم، هذا هو الأقرب؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على غائب مات سوى النجاشي، مع أنهم أفضل منا وأكثر نفعاً للإسلام والمسلمين، وكذلك الخلفاء من بعده.
السائل: لكن يبعد أن يَسلم ولا يُسلم معه أحد؟
الشيخ: لا، لو أسلم معه فهل هؤلاء ممن عرفوا شعائر الإسلام أم لا؟ قد يسلمون ولا يعرفون شيئاً من الشعائر.
الجواب: الأتقى والأورع أحسن، لا سيما إذا كان الآخر يُخلُّ بشيء يتعلق بالصلاة، مثل: ألا يطمئن فيها، أو يكثر الحركة فيها، أو ما أشبه ذلك، فهنا الآخر أولى منه الذي هو أتقى وأتقن للصلاة، أما إذا كان في أمر لا يتعلق بالصلاة فالأقرب أيضاً أن نقدم الأتقى، ووجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) وكان الصحابة إذا قرءوا القرآن لا يتجاوزون العشر آيات حتى يعلموها، ويعملوا بها، فالأقرأ في وقتهم غالباً هو الأتقى.
الجواب: الكافر إذا أسلم وأحسن إسلامه فإنه يعفى عنه كل ما سبق، وإن أسلم وأساء أخذ بما سلف وما عمل، فإذا أسلم محا الله عنه سيئات الشرك والكفر، وإذا بقي في إسلامه على ما هو عليه من المعصية في كفره فإنه لا يعفى عنه ما سبق من هذه المعصية في كفره؛ لأنه لم يتب منه.
السائل: وما ورد بأن الإسلام يَجبُّ ما قبله؟
الشيخ: يَجبُّ ما قبله ما لم يصر على المعصية، وقد ثبت هذا في صحيح البخاري أن (من أساء في الإسلام أخذ بما أساء وما سلف)؛ لأنه لم يتب منه حقيقة، تاب من الكفر فعفي عنه كفره، بقي على معصية الخمر فيأثم بها.
ولهذا المسلم إذا أصر على عدة معاصٍ ثم تاب في تسعة من عشرة بقي العاشر.
الجواب: الذين سجدوا إذا شعروا بأنه راكع يقومون من سجودهم ويركعون معه، فإن لم يشعروا إلا بعد ما قال: سمع الله لمن حمده، يقومون أيضاً ويركعون ثم يتابعون إمامهم؛ لأن القاعدة: إذا تخلف المأموم عن الإمام بركن أو أكثر لعذر فإنه يأتي به ويلحق إمامه.
السائل: هل على الذين سجدوا والإمام راكع سجود السهو أم لا؟
الشيخ: عليهم سجود السهو إذا كان قد فاتهم شيء من الصلاة، وإن لم يفتهم شيء من الصلاة فليس عليهم سجود السهو؛ لأن الإمام يتحمله عنهم.
الجواب: أولاً: أخبرك بأن هذا ليس حجر إسماعيل، ولا يعرف إسماعيل عنه شيئاً، وإنما هذا الحجر كان من فعل قريش، فإن قريشاً لما انهدمت الكعبة وأرادوا بناءها، قلَّت عليهم النفقة، فلم يجدوا نفقة يكملون بها الكعبة على قواعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فرأوا أن يقتصروا على جانب منها ورأوا أن يبقى الجانب الذي فيه الحجر الأسود على ما هو عليه، والجانب المقابل هو الذي يؤخذ منه، ففعلوا ذلك، ولهذا قال العلماء: إن ستة أذرع ونصف تقريباً من الحِجْر هو من الكعبة، وبناءً على ذلك تجوز الصلاة فيه إذا كانت نافلة، ويتجه إما إلى الكعبة وإما إلى الجدار من الحِجْر الموازي لحد الكعبة، بمعنى: الجدار الذي يكون في الجزء الذي من الكعبة، هذا إذا كانت نافلة، وإن كانت فريضة ففيها خلاف، والصحيح: أن الفريضة تجوز في الحِجْر وفي الكعبة كما تجوز النافلة؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى نافلة في الكعبة، وما جاز في النفل جاز في الفرض إلا بدليل.
الجواب: ما دمت مسافراً فاقصر ولو طال سفرك، حتى لو كان أكثر وقتك مسافراً فاقصر الصلاة إلا إذا كنت خلف إمام يتم فأتمها، وأما الجمع فهو سنة لمن جدَّ به السير، وأما النازل فالأفضل ألا يجمع وإن جمع فلا بأس.
السائل: لو قصرت صلاة العصر وجمعتها مع الظهر ثم وصلت إلى بيتي قبل العصر بساعة؟
الشيخ: الأولى ألا تجمع، تصلي مع الإمام الظهر وتتوكل على الله وتسافر، فإذا وصلت إلى بلدك فصل أربعاً.
الجواب: لا شك أن عملهم هذا من حيث القواعد الفقهية جائز، لكن عندي أن هؤلاء في الحقيقة إنما جاءوا للنزهة؛ لأنهم لم يتبعوا السنة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جلس في منى ليلاً ونهاراً، والحج جهاد، ليس ترفهاً، ولا أدري كيف يشعر هؤلاء بالعبادة والإنابة إلى الله وأنهم مستمرون في الحج وهم ينتقلون إلى البيت رفاهية؟! وربما يكون عندهم آلات لهو، ثم يرجعون إلى منى جزءاً من الوقت، أنا لا أدري كيف يشعرون بأنهم في عبادة؟!
ولهذا ينبغي أن ينبه المسلمون على هذه المسألة التي انهمك فيها كثير من الناس، أخذوا بقواعد الفقهاء أو بما يقتضيه كلام الفقهاء ونسوا أن المسألة عبادة.
لذا ينبغي للإنسان أن يفعلها كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم كيف وهو يقول: (خذوا عني مناسككم) ابق في خيمتك ولو كانت حارة، ولو حصل عليك عرق، ولو حصل عليك مشقة وأذية، هو في طاعة الله، والمسألة أيام، كل الحج لا يتجاوز ستة أيام، (الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر لمن تأخر)، وأنت آتٍ من بلدك، مغادر أهلك ومالك، ومخاطرٌ في الأسفار، وتعجز عن أن تحبس النفس ستة أيام أو خمسة أو أقل من هذا أربعة أيام، فوالله يؤسفني هذا جداً ويؤلمني جداً وإن كان بعض الناس يفتي بما يقتضيه كلام الفقهاء، فإنه سيتحول الحج بعدئذٍ إلى نزهة، فنسأل الله لنا ولهم الهداية.
أرى أن هؤلاء حجهم ناقص ولا شك؛ لأنهم لم يتبعوا السنة في البقاء في منى ليلاً ونهاراً.
الجواب: لأن الزكاة حق المال، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج:24-25]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لـمعاذ حين بعثه إلى اليمن : (أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم)، ولقول أبي بكر رضي الله عنه: [الزكاة حق المال ] فهي من جنس النفقة تجب في مال الصبي وفي مال المجنون على من تجب عليه نفقته، فمثلاً: لو كان الصبي له أم فقيرة يؤخذ من ماله نفقة لأمه، ولو كان له زوجة يؤخذ من ماله نفقة لزوجته، فهكذا الزكاة حق لأهلها في مال هذا الصبي أو في مال هذا المجنون.
الجواب: ليس هذا هو الإكراه الملجئ، هذا ما أُكره، الذي سقط على شخص فقتله مكرهاً بل حصل منه شيء بغير قصد.
المكره الذي يكون كالآلة، مثل: أن يأخذ الشخص الكبير الجسم شخصاً صغير الجسم ويجعله كالعصا فيضرب به شخصاً ثالثاً، هذا الفعل -فعل الضارب- ما هو فعل المكره، هذا المكره لم يفعل شيئاً أبداً ولم يكن منه حركة، أخذه هذا الرجل الكبير وضرب به الثالث، فالحكم هنا يتعلق بالضارب لا بالرجل الذي ضرب بها.
السائل: فالضارب يضمن؟
الشيخ: ما فيه شك، الضارب يضمن.
السائل: إن خير الإنسان مثلاً: أن يقتل فلاناً أو أن يُقتل؟
الشيخ: إذا قال له ظالم: اقتل فلاناً، أو أقتلك أنا، فلا يجوز له أن يقتل فلاناً؛ لأنه لا يجوز أن يتلف نفس غيره لاستبقاء نفسه، وإلا لجاز للإنسان إذا جاع وخاف الموت أن يذبح واحداً من الناس الذين يقدر عليهم ويأكله، فهل يجوز هذا؟ لا يجوز.
الجواب: هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، أما الأنبياء فمسكوت عنهم، ولكن يجب علينا أن نحب الأنبياء لما لهم من مقام الصدق وإبلاغ الرسالة والصبر والتحمل، لأننا نحبهم لله، وهم على رأس من نحبهم لله، فكما يجب علينا أن نحب شخصاً لله يجب علينا أن نحب الأنبياء أكثر وأكثر، أما أن نلحقهم بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم فلم يثبت ذلك.
الجواب: يقول الله عز وجل: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] الزينة التي تظهر عادة، مثل: العباءات والجلباب وثياب البدلة، هذه الزينة التي تظهر، أما الزينة التي هي زينة التجمل فهذه لا تظهر إلا للمحارم فقط، بشرط: أن نأمن من الفتنة، فإن خيفت الفتنة ولو في المحارم حرم عليها أن تظهر ولو بثيابٍ جميلة؛ لأن بعض المحارم قد تكون علاقتهم بهذه المرأة بعيدة، كابن أخٍ من الرضاعة مثلاً لا يراها في السنة إلا مرة، أو ربما في السنتين مرة، وتكون مثلاً فتاة جميلة، ويكون هو ضعيف الإيمان وضعيف العزم فيخشى منه الفتنة، فلهذه نقول: ليس هذا كابن الأخ من النسب الذي هو دائماً مع المرأة.
الجواب: نحن نحارب تقصير الثياب للنساء، ولا نفتي به ولو جاز؛ لأنا رأينا أنه إذا فتح للنساء في هذا المجال بابٌ صغير جعلنه باباً كبيراً لا يمكن إغلاقه بعد ذلك، فكوننا نتحفظ في هذه الأمور أولى، وعسى أن ندفع بعض الشرور من القوم الذين ينادون بتهتك المرأة، وإضاعة حيائها.
الجواب: نعم، أي: بين البنين والبنات، وبين البنات بعضهن مع بعض، والبنين بعضهم مع بعض، يفرق بينهم في المضاجع؛ لأنه يخشى من الشر إذا بلغوا عشر سنوات.
السائل: وهل الكبار فوق العشرين سنة يجوز لهم أن يرقدوا تحت غطاء وفراش واحد؟
الشيخ: الكبار الذين هم فوق العشرين سنة لا يكونوا في فراش واحد، خطر عليهم جداً، فإن الإنسان النائم قد لا يشعر بشيء.
السائل: ما ورد عن زيد بن حارثة وأسامة رضي الله عنهما أنهما ناما في غطاء واحد؟
الشيخ: لكن هل هما نائمان؟ ربما كانا مضطجعين ولم يناما.
الجواب: غسل الجمعة على القول الذي نراه راجحاً أنه واجب على كل من أتى جمعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (غسل الجمعة واجبٌ على كل محتلم)، ولكنه ليس شرطاً لصحة الصلاة؛ لأنه ليس عن حدث، ودليل ذلك: (أن
إن توضأ الإنسان قبله بنية رفع الحدث، فقد حصل رفع الحدث بالوضوء، وإن لم يتوضأ فإنه لا يجزئ؛ لأن هذا ليس عن حدث.
الجواب: إذا احتلم الإنسان ولم ير شيئاً فإنه لا غسل عليه؛ لأن أم سليم رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه المسألة: (هل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟ قال: نعم. إذا هي رأت الماء) فقيد الجواب برؤية الماء، فإذا لم ير الإنسان الجنابة فإنه لا غسل عليه، حتى لو شم رائحةً إن كان هناك رائحة من عرقه فإنه لا غسل عليه، فالعبرة بخروج المني.
الجواب: إذا انتقض الوضوء في التشهد الأخير انصرف وقال لأحد الجماعة: تقدم وسلِّم بهم، أو قال لهم: أتموا صلاتكم فرادى.
الجواب: جمعها في اليوم الأخير لا يجوز إلا لعذر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رماها كل يوم بيومه، وقال: (خذوا عني مناسككم)، ولم يرخص في الجمع إلا للرعاة أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً؛ لأنهم معذورون؛ لأنهم في إبلهم، فإذا كان للإنسان عذر، كما لو كان في طرف منى، أو من وراء منى، وكان يشق عليه التردد كل يوم، فلا بأس أن يجمع الجمرات في آخر يوم، وإذا لم يكن له عذر فلا يجوز.
الجواب: بعض العلماء يرى أن عليهم فدية؛ لأنهم تركوا المبيت في المزدلفة، والذي أرى أنه لا شيء عليهم؛ لأنه إذا كانت القصة على ما قلت أنت فهم غير مفرَّطين.
السائل: لكن يا شيخ هناك رؤيا في هذا، وهي: أن أحد الحجاج رأى منادياً ناداه في الرؤيا وقال: لقد أخطأ فلان، لقد أخطأ فلان، لقد أخطأ فلان، حيث لم يقف في المزدلفة أو لم يبت في المزدلفة؟
الشيخ: صحيح أنه أخطأ لكن أخطأ لعذر، والرؤى المخالفة للشرع لا تعتبر، لكن على كل حال -كما قلت- بعض العلماء يرى أن عليه فدية نظراً؛ لأنه لم يبت في المزدلفة، ولكني أقول: ما دام أن الرجل لم يحصل منه تفريط لكونه عجز فأرجو ألا يكون عليه شيء.
السائل: وإن ذبح هل هو أفضل؟
الشيخ: وإن ذبح فهو أفضل ليس في هذا شك، أفضل قطعاً.
الجواب: الإسراف في الوضوء لا يجوز.
السائل: وإذا حصل الإسراف سهواً أي: غسل بعض أعضائه أربعاً أو خمساً مثلاً؟
الشيخ: لا حرج إذا كان سهواً، رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286].
الجواب: إذا جلس الإنسان في مصلاه ينتظر طلوع الشمس، ثم يصلي ركعتين، لكنه قام من مكانه إلى مكان آخر لاستماع الذكر، أو لتنشيط نفسه عن النوم فلا بأس؛ لأن المصلى واحد.
الجواب: اقتناء الدش أو الإيريل أو (الأنتل) كما يقوله عامة الناس أيضاً على حد سواء، ما الذي يطلب من هذا الدش أو بهذا الإريل أو الأنتل؟ قد يكون الإنسان عنده مثلاً دراسة، يطلب العلم مثل العلوم التكنولوجية أو غيرها من المعلومات، وينشر في إذاعات خارجية ما لم ينشر عندنا من هذه المعلومات، فيريد أن يتعلم فهذا لا بأس به، لكن الغالب أن هذا الدش والإيريل والتلفاز، الغالب فيها أنها مآثم، والخير الذي فيها (10%)، ولهذا ننصح كل إنسان ألا يجعلها في بيته، لا تلفازاً ولا دشاً ولا إريلاً ولا غيره، يتجنب هذا والسلامة أسلم.
السائل: سماع الأخبار؟
الشيخ: الأخبار لا بأس بها، لا نرى فيها شيئاً، لكن السلامة منه أسلم، إذا كانت الأخبار ترافقها الموسيقى فهي من جنس الخمر فيها منافع ومآثم، فتكون حراماً؛ لأن الحرام إذا اختلط بالحلال على وجه لا تمييز بينهما وجب الاجتناب، كما هي القاعدة عند الفقهاء: إذا اجتمع حاظر ومبيح ولم يمكن الفصل بينهما غُلِّب جانب الحظر.
الجواب: سنة الضحى إذا فات محلها فاتت؛ لأن سنة الضحى مقيدة بهذا، لكن الرواتب لما كانت تابعة للمكتوبات صارت تقضى، وكذلك الوتر لما ثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا غلبه النوم أو المرض في الليل صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة، فالوتر يقضى أيضاً.
الجواب: إذا مرض الإنسان قلنا له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـعمران بن حصين : (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب) فيومئ بالرأس، أما الإيماء بالإصبع فلا أعلم قائلاً به من العلماء، ولا فيه سنة أيضاً، فهو عبث يعني: الحركة مكروهة؛ لأنها ليست مشروعة، وأما الحركة بالعين أو الإشارة بالعين فقد قال بها بعض العلماء، قال: إذا لم يستطع برأسه أومأ بعينه، فيغمض قليلاً للركوع ثم أكثر للسجود، وأما الإصبع فبناءً على أنه اشتهر عند العامة فيكون فاعله جاهلاً ولا شيء عليه وليس عليه إعادة، لكن يجب على طلبة العلم إذا اشتهر عند العامة ما ليس بمشروع أن يكرسوا جهودهم في التنبيه عليه؛ لأن العامة يريدون حقاً لكنهم جهال، فإذا سُكِت عن هذه الأشياء بقيت على ما هي عليه، لكن إذا نشرت في المجالس والخطب والمواعظ والمحاضرات نفع الله بها.
السائل: بعض من كان يصلي بإصبعه سأل؟ فقيل له: تقضي الصلاة ولكن لا يدري في أي وقت؟
الشيخ: على كل حال، الذي يرى أنه لا عذر بالجهل يلزمه القضاء، لكن نرى فيه عذراً، لا سيما أنه اشتهر عند العامة وليس بشيء انفرد به الفاعل، كل العوام يقول: صل بإصبعك.
الجواب: يقضيه ولو بعد الظهر لحديث: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها).
الجواب: معنى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ [البقرة:226] أن الرجل إذا حلف أن لا يطأ امرأته يعطى مهلة أربعة أشهر، فإما أن يطأ، وإما أن يطلق، لكن له أن يؤدبها بشهر مثلما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم.
السائل: لكن هل يأثم بثلاثة أشهر أو أربعة؟
الشيخ: ما دام تأديباً فلا بأس، لكن أربعة أشهر فما فوق، لا.
الشيخ: كيف؟
السائل: يعني: إدخال اليقين في القلب على ذات الله وإخراج اليقين الفاسد بمعنى: أن يكون في القلب يقين على ذات الله بأنه هو الرزاق النافع، المعز المذل، ويخرج من القلب يقينه على الأشياء كالمال وغيره؟
الجواب: هذا يسمى التوكل، فلا شك أن الإنسان يجب عليه أن يجعل توكله على الله: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [المائدة:23] وأن يجعل ما سوى الله مجرد سبب، فالإنسان لا شك أنه يعتمد على راتبه، ولهذا يستقرض على راتبه ويشتري أشياء مؤجلة على راتبه، ولكن لا يعني ذلك أنه يعتمد على هذا كما يعتمد على الله، بل يعتقد بأن هذا سبب من الأسباب، وتسمية التوكل يقيناً خطأ، وأخشى أن يكون هذا من كلمات الصوفية أو ما أشبههم، التوكل غير اليقين، التوكل: أن يعتمد الإنسان على الله، أما اليقين فهو: أن يتيقن وجود الشيء.
الشيخ: أن تبقى من؟
السائل: المرأة المعزية.
الجواب: على كل حال، أولاً: يجب أن نعرف أن العزاء ليس تهنئة، حتى يجتمع الناس عليه ويسهرون، وربما يوقدون الأنوار، وتجد المسكن كأنه في حفلة زواج كما شاهدنا في بعض البلدان وكما نسمع أيضاً.
العزاء المقصود به تقوية المصاب على الصبر، وتقوية المصاب على الصبر لا تكون في الأمور الظاهرية والحسية، إنما يكون بتذكيره باليقين بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن هذا من عند الله، وكما عزى النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة حين قال للرسول الذي بعثه إليها بعد أن أرسلت إليه قال: (مرها فلتصبر ولتحتسب، فإن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى).
فالعزاء ليس المقصود به إظهار الفرح لنطرد الحزن؛ لأن هذه تعزية حسية فقط أو ظاهرية لا تعطي القلب يقيناً وإنابة إلى الله ورجوعاً إليه.
التعزية أن تقول للرجل المصاب: يا أخي! اصبر، احتسب، هذه الدنيا فانية والملك لله، له ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء مقدر بأجل، لا يتقدم ولا يتأخر، وننصرف, فهذا الاجتماع الذي أشرتَ إليه غير مشروع، بل كان السلف يعدون الاجتماع عند أهل الميت وصنع الطعام من النياحة؛ والنياحة من كبائر الذنوب.
السائل: لو طلبت أمٌ أو زوجة أو أخت من أخ أن يوصلها إلى أهل الميت فهل ينصحها بالبقاء أم يلبي رغبتها؟
الشيخ: إذا كان أهل الميت أقارب بحيث إذا لم تأتوا تعزونهم صار في نفوسهم شيء، فليذهب بهن خمس دقائق أو نحوها ثم يرجع بهن.
الجواب: السنة إذا أعطى كبير القوم أن يأخذ بيمينه هو -أعني: يمين الصَّاب- أما إذا أعطى الكبير ولم يأخذ منه فإنه -أي: الكبير- إذا فرغ يعطيه الذي عن يمينه.
الجواب: الأضحية تكون في بلد المضحي هذه هي السنة، وهو المشروع، وهو الأفضل والأكمل، وأما نقلها إلى بلدٍ آخر فإننا قلنا: بوجوب الأكل منها، فإنه لا يجوز نقلها إلى بلد آخر، إلا إذا ضمنا أنه سيأتينا من هذا اللحم ما نأكله، وإن قلنا: بعدم الوجوب جاز، لكنه خلاف السنة، ولهذا نقول ونكرر لإخواننا: ألا يفعلوا هذا، أي: لا يبعثوا بضحاياهم إلى الخارج، بل يضحون في بيوتهم، وبين أهليهم حتى تظهر هذه الشعيرة، ويعرفها الصغار عن الكبار، وأما أن ترسل دراهم وتذبح هنا فلا، وإذا كان يريد نفع إخوانه في بلاد أخرى يرسل إليهم دراهم، فقد تكون الدراهم أنفع لهم من اللحم.
الشيخ: لباس مشهور عند النساء ولكن اشرحه لنا؟
السائل: هو يشبه الدرع.
الشيخ: يكون على الرأس أو على المنكبين؟
السائل: لا. من المنكبين إلى القدمين.
الشيخ: ويبقى الرأس والعنق بارزين؟
السائل: ويبقى العنق والرأس بارزين.
الشيخ: له لباس آخر؟
السائل: لكنه بارز متميز.
الجواب: الأصل أن الكاب لا بأس به؛ لأنه ساتر، ولكن أرى ألا نفتح الباب للنساء في تقليد غيرنا، ما جاءنا هذا إلا حين جاء الناس إلينا أو ذهبنا إليهم، فكوننا نتلقف عادات غيرنا التي ليس فيها مزية نافعة عن عاداتنا، أمرٌ يجعل الإنسان دائماً في التبعية ودائماً ذنَباً لغيره، فما دام لباسنا العباءة هو الأستر للمرأة وهو الأحوط فلنبقى عليه؛ لأن هذه السنة ربما ترخص في الكاب، وفي السنة الأخرى تقول: أعطني البنطلون، ثم في السنة الثالثة أو الرابعة تطلب من اللباس القصير ومن لباس الأفندي -كما يقولون- وما أشبه ذلك، فالذي أرى أن نحجز النساء عن تلقف هذه العادات، ونقول لهن: ما الذي تستفيديه من هذا؟ العباءة إذا التمت بها المرأة صارت مثل الكاب وأستر وأحسن وأعز للإنسان، كون الإنسان يعتز بعاداته التي لا تخالف الشرع ولا يكون ذنباً لغيره في تلقف العادات، هذا هو المطلوب من الإنسان الحازم.
الجواب: لا يلزمه الإحرام، يعني: إذا أدى المتمتع العمرة، وخرج من مكة إلى الطائف أو إلى جدة أو إلى المدينة، ثم رجع، فإنه لا يلزمه الإحرام بالحج؛ لأنه رجع إلى مقره، فإنه لما جاء حاجاً صار مقره مكة، فإذا سافر إلى المدينة ثم رجع فقد رجع إلى مقره، فيحرم بالحج يوم التروية من مكة، كما لو كان من أهل مكة وذهب إلى المدينة في أشهر الحج، ثم رجع من المدينة وهو في نيته أن يحج في هذا العام، فإنه لا يلزمه الإحرام بالحج إلا من مكة.
الجواب: إذا كانت المرأة حائضاً ولا يمكنها أن تنتظر في مكة فلا حرج عليها أن تخرج إلى بلدها، فإذا طهرت عادت لكنها في هذه الحال لا يقربها زوجها إذا كانت متزوجة؛ لأنها لم تحل التحلل الثاني.
أما إذا كان لا يشق عليها الانتظار، فالأفضل أن تنتظر، ولا فرق بين أن يكون بلدها خارج المواقيت أو دون المواقيت.
السائل: وهل يلزمها الإحرام إذا كانت خارج المواقيت في البلد إذا رجعت؟
الشيخ: إذا رجعت فالأفضل أن تحرم بعمرة فتطوف وتسعى وتقصر، ثم تطوف طواف الإفاضة.
الجواب: إذا مات بغير تفريط منه ولا تعدي، فلا شيء عليه، إلا إذا كانت منذورة، فعليه أن يوفي بنذره، أما إذا كانت لم تجب إلا بالتعيين، ثم ماتت بدون تفريط منه فلا شيء عليه.
الجواب: إذا دخل الإنسان في المسجد بعد صلاة العصر وقام معه أحد ليتصدق عليه بهذه الصلاة حتى تكون جماعة فلا حرج؛ لأن القول الراجح: أن الصلاة التي لها سبب ليس عنها نهي لا بعد العصر ولا بعد الفجر، والنهي إنما عن شخص أراد أن يتنفل هكذا مطلقاً، هذا هو الذي لا يجوز في أوقات النهي.
الجواب: نعم. يجوز أن يعطيهم إذا كانوا من أهل الزكاة، مثل: أن يكون لديهم عوائل ورواتبهم لا تكفيهم، أو عليهم ديون ورواتبهم لا تقضى به الديون، وما أشبه ذلك، المهم إذا كانوا من أهل الزكاة فلا حرج أن يعطيهم وإن كانوا عمالاً أو خدماً عنده.
الجواب: تدفع الزكاة للأقارب ودفعها للأقارب أفضل من دفعها للأباعد، إلا من وجبت عليك نفقته، فإنه لا يجوز أن تعطيه من الزكاة لسداد نفقته؛ لأنك إذا أعطيته ذلك وفرت على نفسك النفقة التي كانت واجبة لهذا الشخص.
ولهذا نقول: يجوز قضاء دين القريب، ولو وجبت نفقته عليك فتنفق عليه وتقضي دينه من زكاتك؛ لأن دين القريب لا يلزمك قضاؤه حتى لو كان الأب، فلو أراد الابن أن يقضي ديناً على أبيه، وأبوه لا يستطيع قضاءه فقضاه الابن من زكاته، فلا حرج.
السائل: الأخت إذا كانت ذات زوج وهي فقيرة وزوجها فقير، فهل يجوز أن يعطيها أخوها من زكاته؟
الشيخ: لا بأس أن يعطيها من زكاته.
الجواب: إذا كان على الإنسان جنابة واغتسل كفاه الاغتسال عن الوضوء، وإن لم ينو، لقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6]، ولكن يلاحظ أنه لا بد من المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة.
الجواب: الصغير غير مكلف إذا تحلل في الإحرام دعه يتحلل، وقلت لك قاعدة منذ قليل: ما جاءك من الصغير فاقبل، وما تركه فلا تطالبه به.
الجواب: هذا جائز، أما الممنوع أن تبقى في منى إلى غروب الشمس، وأنت بنية التأخر، ثم يبدو لك بعد غروب الشمس أن تتعجل فهذا لا يجوز؛ لأنك نويت التأخر فتأخرت وغابت عليك الشمس، والله عز وجل يقول: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ [البقرة:203] و( في ) للظرفية.
أما إذا تعجلت وخرجت من منى قبل غروب الشمس، أو تأهبت للخروج ولكن حبسك السير حتى غابت الشمس وأنت في منى، فاستمر في سيرك.
السائل: يعني العبرة بالخروج من منى ليس بالطواف؟
الشيخ: نعم. العبرة بالخروج من منى.
الشيخ: وأيضاً العبرة بالخروج من منى لمن أراد أن يتأخر ثم بدا له أن يتأخر بعد الغروب، أما من تأهب وحمل متاعه ومشى، ولكن حبسه السير حتى غابت الشمس فليستمر وليس عليه شيء.
الجواب: الأكل باليد اليسرى بعذر لا بأس به، أما لغير عذر فهو حرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه وقال: (إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله)، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [النور:21]، ثم إن الشيطان يفرح إذا أكلت بيسارك؛ لأنك تكون متبعاً له مخالفاً للرسول صلى الله عليه وسلم.
المسألة ليست هينة! إذا أكلت بيسارك أو شربت باليسار فرح الشيطان فرحاً أكبر من كونه فعلاً، يفرح بأنك وافقته وخالفت الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله وفعله، فالمسألة ليست هينة، ولهذا يجب على طلبة العلم أن ينبهوا العامة في ذلك.
كثير من الناس نجدهم عند الأكل يشربون باليسار يقولون: نخشى أن يتسخ الكأس، والحال أن أكثر الكئوس الآن من الورق لا يشرب فيها أحد بعدك، اتركها تتلوث، ثم إنه يمكن أن تمسك حتى لو كانت من الزجاج أن تمسكها في أسفلها بين السبابة والإبهام وتشرب، ثم لو قدر أنه ما أمكن هذا ولا هذا، إذا تلوثت فتغسل، فليست مشكلة؛ لأنه ما دام عرف أنه حرام وأنه يكسب إثماً بالشرب بها، فالحرام لا يجوز إلا للضرورة.
السائل: وإذا أمسكها باليسار ووضعها على اليمين؟
الشيخ: إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس، إذا وضعها على راحته اليمنى وأمسكها باليسرى إن دعت الحاجة، لكني ما رأيت الحاجة تدعو إلى ذلك أنا جربتها بنفسي، أُمسك الكأس من الأسفل ولا يتلوث إطلاقاً، ثم إذا تلوث تبقى خمس دقائق ويزيلها التغسيل، الأمر سهل، وكذلك الأخذ والعطاء بالشمال هذا أيضاً خلاف السنة وقد نهي عنه.
السائل: لكن هل فيه قول للعلماء أنه جائز؟
الشيخ: بعض العلماء يرى الكراهة، ولكن يا أخي! أنصحك وغيرك، إذا قال النبي صلى الله عليه وسلم قولاً لا تقل: هل قال بعض العلماء؟ فالعلماء يفتون بالفهم، إن بلغهم الدليل فقد يخطئون في الفهم، وقد لا يبلغهم الدليل، وربما يكون الدليل خفياً، ألم يخف على الصحابة رضي الله عنهم كلهم حديث الطاعون: لما أقبل عمر رضي الله عنه على الشام قيل له: إن الشام فيها طاعون، فوقف وجعل يشاور الصحابة، ويأتي بالمهاجرين والأنصار فيشاورهم على حدة، وكلهم ما علموا بالحديث، لكن ولله الحمد وفقهم الله للصواب أن يكون الرجوع دون القدوم، وكان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه هو الذي روى الحديث لكنه كان غائباً في حاجة، فجاء فحدثهم بهذا، كل الصحابة خفي عليهم هذا الحديث مع العلم بأنهم محصورون، كيف بعد انتشار الأمة والعلماء؟!!
فلا ينبغي أن نعارض كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بقول: هل فيه خلاف؟ ألم يقل بعض العلماء بكذا؟ إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قال لنا الكلام: (لا يأكل أحدكم بشماله، ولا يشرب بشماله؛ فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله) انتهى الموضوع، لو خيرت أي مؤمن: أتحب هدي الرسول صلى الله عليه وسلم، أم خطوات الشيطان؟ ماذا يقول؟ يقول: هدي الرسول صلى الله عليه وسلم.
السائل: يا فضيلة الشيخ قصدي أن بعض الناس ينسبون إلى بعض العلماء عدم التحريم فأريد التأكد؟
الشيخ: هذا حسن، وابن عباس رضي الله عنهما يقول: [يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله وتقولون: قال
ولذلك حقيقة يؤلمني جداً إذا قال قائل مثلاً عندما أقول له: قال الرسول صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، قال: فيه خلاف، المخالف قد يكون معذوراً في مخالفة النص لتأويله، أو عدم علمه، لكن أنا غير معذور، وليس إذا عذر المتبوع يعذر التابع.
الشيخ: إذا كانت طريقاً تظنون أنها طريق هذا ممكن، ولكن صاحب المزرعة لو شاء لوضع شبكاً ومنع الناس، وأما إذا كانت المزرعة قد أحيطت بشبك تريد أنت أن تقفز من هذا الشبك وتمشي فهذا لا يجوز إلا بإذن صاحبها ورضاه.
الجواب: كان المفروض عليكم إذا كنتم تريدون التعجل أن تخرجوا من منى قبل غروب الشمس في اليوم الثاني عشر، ولكنك تقول: ما كنا نريد التعجل، فلا يصح رميكم قبل زوال الشمس من اليوم الثالث عشر، وعليكم الآن إذا كنتم موسرين على ما قال علماؤنا -رحمهم الله- أن يذبح كل واحد منكم فدية في مكة ويوزعها على الفقراء.
السائل: هذا الكلام منذ ثلاث سنوات؟
الشيخ: لا بأس هو دين عليكم فأوفوا به.
الجواب: بلى الكاب إذا كان الذي ظهر منه الآن ضيقاً فهو يدخل تحت حديث: (نساء كاسيات عاريات)؛ لأن الضيق الذي يصف مقاطع البدن لا يجوز للمرأة.
والحقيقة أنه ينبغي لنا نحن طلبة العلم أن نحذر من اتباع العادات التي لا تجلب لنا خيراً، لماذا لا نعتز بعاداتنا؟ هل نحن إذا ذهبت المرأة منا إلى بلادهم مثلاً وعليها العباءة هل يقتدون بنا؟ يلبسون عباءات؟ ما أظن هذا، كيف نخضع لعاداتهم وهم يحترزون من أن يخضعوا لعاداتنا؟
ثم إذا كانت عادات مفيدة فنعم، المؤمن يريد الفائدة إذا لم تكن في معصية الله، ثم إن ذل الإنسان أمام عادات الناس يوجب أن تذل نفسه، ولهذا ذكر ابن خلدون في مقدمته، قال: إن من العادات أنه لا يخضع أحدٌ لاتباع أحد إلا إذا شعر بأنه أقل منه. هذه سنة الله، أن الضعيف يتبع القوي، فلنكن أقوياء.
السائل: ألا يعتبر لبس الكاب خطوة نحو التبرج، علماً بأن بعض اللواتي يلبسن الكاب الآن كن يخجلن منه في بداية الأمر ثم أصبح الأمر عادياً؟
الشيخ: ما فيه شك -بارك الله فيك- كل خروج عن المألوف هو خطوة نحو التبرج، ولا يغرك ظاهر الحال الحاضر، كلها خطوة نحو التبرج، حتى أنها -مثلاً- أول ما تلبس الكاب وتمشي في السوق كأنها عريانة؛ لأنها ما عرفت هذا الشيء، ثم بعد ذلك يلين هذا الشيء في قلبها، يلين ويلين، ثم تكون درجته إلى ما فوق.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر