أما بعد:
فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في كل شهر في الجامع الكبير في عنيزة ، وهذه الليلة هي التاسعة عشرة من شهر ذي القعدة عام (1419هـ).
تكلمنا في الحلقة السابقة عن شروط وجوب الحج، وعن صفة العمرة والحج، والآن نتكلم عن محظورات الإحرام.
فيجب أولاً أن نعلم: أن الإنسان متى قال: لبيك اللهم لبيك، لبيك عمرة أو لبيك حجة؛ فقد دخل في عبادة يتقرب بها إلى الله عز وجل، فينبغي أن يعظم هذه العبادة؛ لأن تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج:30] ينبغي للإنسان من حين أن يدخل في النسك أن يقوم بما أوجب الله عليه؛ من الصلوات في أوقاتها مع الجماعة، وأن يترك كل ما حرم الله عليه من الغيبة والنميمة، والكذب واستماع الأغاني، وغير ذلك مما حرم الله عليه، وينبغي أن يتخلق بالأخلاق الفاضلة؛ من بشاشة الوجه، وانشراح الصدر، وتحمل المشاق، والصبر على الأذى؛ لأن حسن الخلق من أفضل الأعمال، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً) والإنسان يذكر بالخير إذا أحسن خُلقه، ويقتدى به أيضاً؛ فيكون دالاً على الخير بمقاله وفعاله، وما أكثر ما نسمع عن الناس أنهم يقولون: صحبنا فلاناً في السفر فوجدناه خير صاحب. وقد قيل : إنما سمي السفر سفراً لأنه يسفر عن أخلاق الرجال. (يسفر) أي: يبين ويظهر أخلاق الرجال. قال رجل: [صحبت
إذاً: عليك بحسن الخلق، وعليك ببذل المال ما استطعت، فلا تبخل على نفسك ولا تبخل على إخوانك .. إذا رأيت محتاجاً فساعده، وإذا رأيت كئيباً فأدخل عليه السرور.
ولا تزاحم عباد الله في المناسك عند المطاف وعند السعي وعند الجمرات، بل احرص على أن تتحمل الزحام ولا تؤذي أحداً، لأن ذلك كله في سبيل الله.
إذاً: لا يتطيب المحرم، لا في بدنه، ولا في ثيابه، ولا في طعامه، ولا في شرابه، ولذلك يحرم على المحرم أن يشرب القهوة التي فيها الزعفران إذا كان ريحه باقياً.
القميص: هي ثيابنا التي علينا الآن قمص.
السراويل معروفة.
البرانس: ثياب فضفاضة واسعة ولها شيء يتصل بالرأس، ويغطيه، يتصل بها شيء مخيط معها على ما هي معروفة مما يدار على الرأس.
الخفاف: ما يلبس في الرجل من جلود ونحوها، والجوارب مثلها.
هكذا حدد النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يلبسه المحرم، ومفهومه أن ما عدا ذلك يلبسه.
إذاً: هل يلبس المحرم الساعة؟
يلبسها؛ لأنها ليست من هذه الأشياء الخمسة.
وهل يلبس نظارة العين؟ يلبسها؛ لأنها ليست من هذه الأشياء الخمسة.
وهل يلبس الحزام ويربط به إزاره؟ نعم يلبسه.
وهل يلبس الإزار إذا كان مخيطاً، أي: قد خيط طرفاه؟ نعم يلبسه، لأنه ليس من هذه الخمسة، بل هو إزار ولو خيط، ولو جعل فيه ربقة فإنه يجوز؛ لأنه لا يخرج عن كونه إزاراً إذا وضعت فيه الربقة، وكذلك لو وضع فيه محفظة يجعل فيها الدراهم أو الحاجات فإنه يجوز له ذلك؛ لأنه لا يزال يسمى إزاراً وليس من الخمسة، فقد الخمسة وما سواها فهو جائز.
وإذا لبس الإنسان المشلح فنقول: لا يجوز إذا لبسه على هيئة لبسه العادي، أما لو التف به كما يلتف بالرداء فلا بأس، وكذلك لو لبس غترة وشماغ وطاقية فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه يشبه العمامة، بل هذا عمامة عندنا نحن النجديين، عمامتنا: الغترة والطاقية.
لو أن الإنسان تطيب ناسياً فهل عليه شيء؟ لا. لكن من حين أن يذكر يجب عليه أن يغسل الطيب.
لو أن الإنسان قبَّل الحجر الأسود والحجر الأسود بعض الناس يجعل فيه طيباً وعلق الطيب بشفتيه أو بأنفه، فهل يأثم أو لا يأثم؟ لا يأثم، لكن يجب عليه في الحال أن يمسح هذا الطيب؛ لأن المحرم لا يجوز له أن يتطيب.
لو أن الإنسان فعل محظوراً جاهلاً يظن أنه جائز، فهل عليه شيء؟
الجواب: لا، ولكن عليه أن يزيل هذا المحظور من حين أن يعلم، ولنضرب لهذا مثلاً: رجل دفع من عرفة ونزل في مزدلفة وظن أن الحج عرفة وأنه انتهى، فقام وتطيب، فهل عليه شيء أم لا؟ لا؛ لأنه جاهل، فإذا قال إنسان: أعطونا دليلاً على أن الجاهل والناسي ليس عليهما شيء. قلنا: قال الله عز وجل: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فقال الله تعالى: قد فعلت. وقال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5] فنفى أن يكون علينا جناحٌ فيما أخطأنا به، وبين أن الجناح على من تعمد، وهذه لا شك أنها من نعمة الله عز وجل.
نقول: فيه تفصيل:
إن كان داخل الحرم فهو حرام، وإن كان خارج الحرم فهو حلال. مثال ذلك: قطع شجرة في عرفة، فإنه حلال؛ لأن عرفة ليست من الحرم .. قطع شجرة في منى، فإنه حرام؛ لأن منى من الحرم، وعلى هذا فلا علاقة بين قطع الشجر والإحرام، فإن الشجرة إن كانت في الحرم، أي: داخل حدود الحرم، فهي آمنة، ولا يجوز لأحد أن يقطعها، وإن كانت خارج الحرم فليس لها أمان، فيجوز لكل إنسان أن يقطعها سواء كان محرماً أم غير محرم.
وهل يجوز للمرأة المحرمة أن تلبس القفازين؟ لا. لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تلبس المرأة القفازين، فإذا قال قائل: المرأة تلبس قفازين لتستر كفيها عن الناس، قلنا: يمكن أن تستر كفيها بطرف العباءة، ولا يلزم لبس القفازين.
أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لما فيه الخير والصلاح، وأن يرزقنا تعظيم حرماته وشعائره؛ إنه على كل شيء قدير.
ونظراً لكثرة الأسئلة نقتصر على هذا القدر من بيان محظورات الإحرام لنتفرغ للإجابة عن الأسئلة، ونسأل الله أن يوفقنا للصواب.
الجواب: عشر ذي الحجة تبتدئ من دخول شهر ذي الحجة وتنتهي بيوم عيد النحر، والعمل فيها قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهنَّ أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلاً خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء).
وعلى هذا فإني أحث إخواني المسلمين على اغتنام هذه الفرصة العظيمة، وأن يكثروا في عشر ذي الحجة من الأعمال الصالحة؛ كقراءة القرآن، والذكر بأنواعه من تكبير وتهليل وتحميد وتسبيح، والصدقة، والصيام، وكل الأعمال الصالحة اجتهد فيها، والعجب أن الناس غافلون عن هذه العشر! تجدهم في عشر رمضان يجتهدون في العمل، لكن في عشر ذي الحجة لا تكاد ترى أحداً فرَّق بينها وبين غيرها، وإذا قام الإنسان بالعمل الصالح في هذه الأيام العشر يكون قد أحيا ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة.
وإذا دخلت هذه العشر والإنسان يريد أن يضحي فإنه لا يأخذ من شعره ولا من ظفره ولا من بشرته شيئاً، كل هذه لا يأخذ منها إذا كان يريد أن يضحي، فأما الذي يضحى عنه فلا حرج عليه، وعلى هذا فإذا أراد الإنسان أن يضحي عنه وعن أهل بيته أضحية واحدة كما هي السنة؛ فإن أهل البيت لا يلزمهم أن يمسكوا عن الشعر والظفر والبشرة، وإنما الذي يلزمه هو المضحي الذي هو الأب، وما تسمعون من هذه العبارة: حرم على من يضحي أو يضحى عنه. فإنها عبارة لبعض العلماء، أما الحديث فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئاً) فوجه الخطاب لمن يريد أن يضحي، ولكن لو قال قائل: إذا كان هذا الذي يريد أن يضحي سافر للحج فسوف يؤدي العمرة ويقصر، مع أنه أوصى أهله أن يضحوا، نقول: هذا لا يضر؛ لأن التقصير في العمرة نسك ولا بد من فعله، وكذلك التقصير في الحج أو الحلق لا بأس به، وإن كان لا يدري هل ضحى أهله أم لا.
الجواب: أقول: ما دام الحج الآن لا بد أن يحمل الحاج بطاقة الدخول، فما الذي يمنعه من حمل البطاقة؟ الأمر ميسر، وفي كل مكان مكاتب تعطي هذه البطاقات، فكيف يخاطر ويذهب إلى الحج دون أن يحمل البطاقة؟
ولكن لو فرض أنه فعل ومنع من دخول مكة؛ فإنه يكون في حكم المحصر، يذبح الهدي هناك في مكان إحصاره ويتحلل والحمد لله، لكن هنا شيء يكفيه عن التحلل، وهو أن يقول عند عقد الإحرام: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني. فإذا قال ذلك ومنع يرجع ويلبس ثيابه ويحج في وقت آخر.
أما الأمر الثاني الذي قاله في السؤال: أنه يلبس الثياب وهو محرم، فهذا غلط عظيم، وهذا نوع من الاستخفاف بحرمات الله عز وجل، إذ كيف تحرم وتعصي الرسول صلى الله عليه وسلم فيما نهاك عنه من لبس القميص؟! وما هذا إلا خداع لمن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فإذا قدرنا أنه خداع انطلى على الشرطة والجنود، فليس خداع لله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ [آل عمران:5] ثم من الذي أوجب عليك هذا الشيء؟ أليس حجك سنة وعمرتك سنة وطاعة ولي الأمر واجبة إلا في معصية؟ ولهذا لو منعنا أن نؤدي الحج الواجب قلنا: لا سمع ولا طاعة نريد أن نحج، أما إذا كان الحج حج نفل أو عمرة ورأى ولي الأمر أن من الخير للمسلمين عموماً الذي يحجون أن يخفف عنهم بهذا النظام، فلا محذور فيه، ولا شك أن ولي الأمر له أن يفعل ما فيه المصلحة ودفع المضرة، وما دمت أديت الفريضة فالباقي نفل، وطاعة ولي الأمر ومساعدة إخوانك في هذا النظام -الذي نسأل الله أن يجعل عاقبته حميدة- خير لك من أن تكلف نفسك، ثم نقول: إذا كان لديك رغبة في الحج فانظر إلى بعض الناس الذين لم يؤدوا الفريضة وساعدهم، وأعطهم الدراهم يحجون بها لأنفسهم؛ فتكون معيناً على فريضة، وتشارك صاحب الفريضة فيما أعنته عليه.
الجواب: لا حرج على هذه المرأة التي هذه حالها أن تؤخر الحج إلى سنة قادمة:
أولاً: لأن كثيراً من العلماء يقولون: إن الحج ليس واجباً على الفور، وأنه يجوز للإنسان أن يؤخر مع قدرته.
ثانياً: أن هذه محتاجة إلى البقاء من أجل رعاية أولادها، ورعاية أولادها من الخير العظيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها).
فأقول: تنتظر إلى العام القادم، ونسأل الله أن ييسر لها أمرها ويقدر لها ما فيه الخير.
الجواب: لا ندري، إن رجع بعمرة صار متمتعاً بالعمرة الأخيرة، وإن رجع بالحج بأن أحرم بالحج من ذي الحليفة فقال بعض أهل العلم: إنه مفرد؛ لأنه قطع بين الحج والعمرة بسفر.
والصحيح: أنه ليس بمفرد وأنه متمتع؛ لأن السفر الذي يقطع التمتع هو أن يسافر الإنسان إلى بلده، وأما إذا سافر إلى بلد آخر فإنه ليس متمتعاً؛ لأنه ما زال في سفره الأول، إذ أن الإنسان إذا سافر إلى مكة من بلده فهو مسافر حتى يرجع إلى بلده، فسفره من مكة إلى المدينة ومن المدينة إلى مكة هو عبارة عن سفر واحد.
والخلاصة: أنه إذا كان من أهل أفريقيا وأدى العمرة في أشهر الحج وذهب إلى المدينة ورجع من المدينة محرماً بالحج أو بعمرة جديدة فإنه لا يزال متمتعاً، وعليه هدي التمتع، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
الجواب: الحج صحيح وليس فيه نقص؛ لقول الله تبارك وتعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ولقوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا [البقرة:286] وماذا تصنع إذا فقد زوجها؟ تستمر في حجها وترجع مع رفقتها.
الجواب: هذا لا يلزم، وكيف يكون أهل مكة متمتعين؟! لأنهم لم يأتوا بالعمرة من الميقات إنما أحرموا من مكة بالحج، فهم ليسوا متمتعين، وعلى هذا فمن أراد أن ينيب من يمكنه التمتع فلينب من أهل الطائف مثلاً، أو من أهل جدة، أما أهل مكة فلا.
الجواب: إذا وصل الإنسان إلى مكة وهو متمتع، فإذا أمكنه أن يفصل بين الحج والعمرة ولو بساعة فهو متمتع، وأما إذا دخل وقت الحج، مثل أن يقدم مكة بعد ظهر اليوم الثامن فقد انتهى وقت التمتع؛ لأنه دخل وقت الحج، والله عز وجل يقول: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ [البقرة:196] وهذا يدل على أن بينهما مسافة ووقتاً، وهذا قد وصل إلى مكة والناس في منى محرمون بالحج.
فنقول: إذا قدمت متأخراً فانو الحج مفرداً، وإن كنت تحب أن يحصل لك حج وعمرة فانوه قراناً وقل: لبيك عمرة وحجاً.
الجواب: الواجب أن يتقدم إلى الجمرات وينتهز الفرصة، وقد بلغني عن بعض الناس أنه في عصر اليوم الثاني عشر يكون المرمى خفيفاً؛ وذلك لأن المتعجلين قد انتهى أكثرهم، والمتأخرين يأتون في الليل، فحدثني شخص يقول: أنا أرمي عادةً بعد العصر وأنا أتعجل وأجده خفيفاً، والعلة معقولة.
فأقول: تقدم، بمعنى: حمَّل متاعك وتقدم إلى الجمرات، ومتى وجدت فرصة فارم وانزل إلى مكة ، حتى لو فرض أنك لم تجد الفرصة إلا بعد غروب الشمس أو بعد دخول وقت العشاء فلا حرج عليك، متى وجدت الفرصة فارم ولو بعد منتصف الليل وانزل إلى مكة .
الجواب: التحلل الأول يحصل بأمرين: رمي جمرة العقبة بعد العيد، والذي يرمى من الجمار يوم العيد هو العقبة فقط، ثم بعد ذلك الحلق أو التقصير، وهذا يحصل به التحلل الأول، فإذا انضاف إلى ذلك طواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة حل التحلل الثاني، وعلى هذا يمكن أن يتحلل الإنسان التحلل الثاني في يوم العيد نفسه، فيرمي الجمرات ويحلق أو يقصر وينـزل إلى مكة ويطوف ويسعى ويكون حل التحلل الثاني وحل له كل شيء.
الجواب: لا بأس أن يحج مفرداً، ولكن تبقى عليه العمرة، وقوله: لأن له رفقة مفردين. لا يمنع أن يتمتع، فينزل مع الرفقة ويطوفون جميعاً ويسعون جميعاً وهم يبقون على إحرامهم وهو يقصر ويحل، وأحسن له إذا حل من أجل أن يخدم إخوانه بدون مشقة أو تعب، وإذا كان يوم الثامن من ذي الحجة أحرم بالحج وخرج مع إخوانه ووقف معهم في عرفة ومزدلفة ومنى وينـزلون إلى مكة ، فيمتاز عنهم بشيء واحد وهو السعي، وهم لا سعي عليهم؛ لأنهم سعوا عند القدوم، وهو عليه السعي؛ لأنه سعى عند القدوم للعمرة فيجب أن يسعى للحج مع الطواف.
الجواب: الأفضل أن يذهب إلى عرفة مباشرة؛ لأن هذا اليوم يوم عرفة وليس يوم الطواف، والرجل الذي أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصلى معه الفجر في مزدلفة وهو عروة بن مضرس ، أتى من جبال طيء من عند حائل وصادف النبي صلى الله عليه وسلم وهو في صلاة الفجر في مزدلفة، فقال: (يا رسول الله إني أتعبت نفسي وأكللت راحلتي -أو قال: أكللت نفسي وأتعبت راحلتي- وإني ما تركت جبلاً إلا وقفت عنده، فهل لي من حج؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : من صلى صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بـعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه) ولم يذكر أنه طاف طواف القدوم، وعلى هذا فإذا وصلت إلى مكة في يوم عرفة فاذهب إلى عرفة.
الجواب: إذا كان عندها مال فيحج عنها، وإن كان ليس عندها مال فلا يحج عنها، فلا يجب أن يحج عنها إذا كان ليس عندها مال؛ لأنها غير قادرة، وأما إذا كان عندها مال فالظاهر أن مثل هذا المرض لا يزول، فنسأل الله لها الشفاء والعافية، وأن يعينها ويقدرها على أداء الحج.
الجواب: من المعلوم أن الطالب الذي ليس عنده مال لا يلزمه أن يسأل والده ويقول: أعطني ما أحج به؛ لأنه لم يجب عليه الحج، لكن إن رأى الأب أن يعطيه ما يحج به إحساناً له لا وجوباً على الأب فلا حرج، وهذا من الإعانة على البر والتقوى ومن صلة الرحم أيضاً.
فأشير على جميع الآباء الذين عندهم قدرة أن يساعدوا أبناءهم في أداء الحج وإن كان غير مفروض عليهم؛ لأن هذا من الإحسان ومن صلة الرحم.
الجواب: أقول: من دفع من عرفة إلى مزدلفة ثم أمسكه السير حتى قارب نصف الليل فالواجب أن يصلي العشاء، ولا يجوز أن يؤخرها إلى ما بعد منتصف الليل؛ لأن وقت العشاء ينتهي بنصف الليل.
ومن دفع من عرفة إلى مزدلفة ووصل إلى مزدلفة قبل أذان العشاء فله أن يصلي المغرب والعشاء جمع تقديم؛ لأنه وصل قبل العشاء، يصلي جمع تقديم ولا حرج؛ لأنه مسافر، ولأن ذلك أيسر لا سيما في وقتنا الحاضر مع كثرة الحجاج، والإنسان لو ذهب يتوضأ ربما يضيع عن قومه، فله أن يجمع جمع تقديم متى وصل إلى مزدلفة .
الجواب: الأفضل أن يعين من يؤدي فريضة الحج بهذه الدراهم، ولا يوكل من يحج عنه؛ لأن التوكيل في الحج إنما جاء في الفريضة دون النافلة، وإذا لم يجد أحداً يحتاج إلى أداء الفريضة فليصرف هذه الدراهم إما في بناء مسجد يساهم فيه، أو في أعمال صالحة أخرى، أو يتصدق بها على فقير أو قريب.
الجواب: إذا كان هذا المرض لا يرجى أن يزول فليوكل من يحج ويعتمر عنه إن كان عنده مال، وإن لم يكن عنده مال فالحج غير واجب عليه.
أما إذا كان يرجى زواله باستمرار الدواء فلينتظر حتى يشفيه الله. وأسأل الله تبارك وتعالى أن يشفيه ويعافيه ويرفع عنه ما يجد.
الجواب: الرمي في يوم العيد وفيما بعده من النسك، وقد قال الله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] ولا يجوز لأحد أن يوكل من يرمي عنه لا في يوم العيد ولا في غير يوم العيد إلا من لا يستطيع، فمثلاً: المرأة كبيرة السن لا تستطيع، ومثلها الرجل المريض لا يستطيع، سواء كان رجلاً أو امرأة، وكذلك الصغير أو النحيف لا يستطيع، هذا إذا لم يتأخر، أما إذا تأخر إلى الليل فالغالب أن الأمر واسع ويمكنه أن يرمي بنفسه، فلو أن هؤلاء الرجال أخروا النساء إلى الليل ورمين في الليل لكان ذلك خيراً، أما ما مضى فإن كان قد حصل منهم تفريط فعلى كلام الفقهاء: بجب أن تذبح كل واحدة منهن -ممن وكلت- فدية في مكة توزع على الفقراء سواء ذهبت هي بنفسها أو وكلت.
وإني أقول: الزحام الشديد الذي يخشى على النساء منه لا يجوز أن تخوض المرأة غماره؛ لأن ذلك تعب عليها، ولأنها سترمي الجمرة وهي لا تشعر من شدة الزحام، فمثلاً: إذا كان يريد أن يتعجل في يومين ويحب أن يرمي من حين الزوال وينصرف، هنا لا يمكن أن ترمي المرأة أبداً، لأن فيه خطر عليها، فنقول: في هذه الحال توكل ولا حرج.
أما في غير ذلك مثلاً: في يوم الحادي عشر، فيمكن أن تؤخر الرمي عن الزوال إلى العصر أو إلى الليل إلى الفجر، فالأمر والحمد لله واسع.
الجواب: إذا حج الإنسان عن غيره من أجل المال فأخشى ألا يقبل الله منه؛ لقول الله تبارك وتعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ [هود:15-16] وقال تعالى : مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ [الشورى:20] فإذا علمت من نفسك أنك تأخذ الدراهم لتحج عن غيرك من أجل الدراهم فلا تفعل، اتركه ولا تخيب نفسك وتخيب أخاك.
أما إذا أردت أن تحج عن الغير إحساناً به؛ لأنه يرغب هذا، واستعانةً بما يعطيك على أداء النسك فهذا لا بأس به، وإذا أعطاك شيئاً وبقي مما أعطاك فهو لك، إلا إذا قال: ما زاد على النفقة فرده عليَّ؛ فيجب عليك أن ترده.
الجواب: الواجب على من لا يستطيع أن يغتسل أن يتيمم، فإن الله تعالى رخص للإنسان إذا لم يجد الماء أن يتيمم، وإذا تيمم وصلى فصلاته صحيحة ولا يحتاج أن يعيدها، فإذا قدر على الماء بعد ذلك وجب عليه أن يغتسل إذا كان تيممه عن جنابه، أو يتوضأ إذا كان تيممه عن حدث أصغر.
لكن ما فعله الأخ الذي سأل فصحيح؛ لأن الرجل أكبر ما يمكن أن نقول: عليك الإعادة وقد أعاد، مع أنه لا يجب عليه الإعادة؛ لقول الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78].
الجواب: أما الحلق فلا بأس أن يحلق في عرفات أو غيرها؛ لأن الحلق ليس له مكان، وأما الهدي هدي التمتع فلا بد أن يكون داخل الحرم، فلو ذبح هديه في عرفات لم يصح ولم يجزئه حتى لو دخل باللحم وأعطاه أهل منى لم يقبل منه؛ لأنه ذبحه في غير مكانه، وإذا كان هذا قد وقع منه فالأمر والحمد لله سهل، يوكل أحد الذاهبين إلى مكة أن يشتري له شاة ويذبحها بنية الهدي الذي ذبحه في غير مكانه، وإن كان يريد أن يذهب هو بنفسه ليحج فليباشر ذلك بنفسه.
الجواب: المناديل المبللة بالطيب لا يجوز استعمالها في حال الإحرام، إلا إذا حل التحلل الأول؛ بأن رمى جمرة العقبة وحلق أو قصر، وأما معجون الأسنان فلا بأس به؛ لأن رائحته ليست رائحة طيب لكنها رائحة ذكية ونكهة طيبة، وكذلك الصابون لا بأس باستعماله؛ لأنه ليس طيباً ولا مطيباً ولكن فيه رائحة ذكية طيبة من أجل إزالة ما يعلق باليد من الرائحة التي قد تكون كريهة.
الجواب: نقول: فريضتها هي الأولى، والحجة الثانية تطوع، واعلم -أخي المسلم- أن جميع النوافل تكمل بها الفرائض، مثلاً: نحن الآن صلينا العشاء، والعشاء لها سنة بعدها، فإذا صلينا الراتبة التي بعدها فإن كان في الفريضة خلل فهذه الراتبة تجبر الخلل والحمد لله، كذلك هذه المرأة نقول: إذا كان في حجها الأول خلل فحجها الثاني يرقع ذلك الخلل، فإن النوافل تكمل بها الفرائض يوم القيامة إذا كان في الفرائض نقص.
الجواب: أما ماء الورد فلا يجوز أن يشرب الإنسان منه متى كانت رائحته باقية، وأما النعناع فلا بأس به؛ لأن رائحته ليست طيباً ولكنها رائحة ونكهة طيبة، فهي من جنس رائحة التفاح والأترج وما أشبههما.
الجواب: يسال عن الذي يصوم أيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، في شهر ذي الحجة هل يصوم اليوم الثالث عشر؟ نقول: لا يجوز؛ لأن عيد الأضحى يتبعه ثلاثة أيام تسمى أيام التشريق، لا يجوز للإنسان أن يصوم فيها إلا من لم يجد الهدي من متمتع وقارن فيصومها.
ولكن نقول لهذا السائل: صم عشر ذي الحجة، وهي التسع الأول: الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع، ويجزئ ذلك عن صيام أيام البيض، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام لا يبالي أصامها في أول الشهر أم في وسطه أم في آخره).
الجواب: هذا ليس بصحيح، الحاج إذا كان هو صاحب البيت فإنه يضحي، بمعنى: أنه يقول لأهله: اذبحوا الأضحية عني وعنكم، ويعطيهم القيمة، أما إذا كان يريد أن يضحي بـمكة فلا؛ لأن الحاج المشروع في حقه هو الهدي وليس الأضحية، ولهذا لم يضحِ النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مع أنه كان يضحي كل سنة، واكتفى في حجة الوداع بنحر الهدي وهو مائة بعير، نحر منها ثلاثة وستين بيده والباقي أعطاه علياً رضي لله عنه وقال: انحره. ولم يضحِ.
فعلى هذا نقول: إذا كان الحاج رب البيت فليوصِ أهله بأن يشتروا أضحية من ماله ويضحى بها عنه وعنهم، وأما في مكة فالهدي.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر