حدثنا محمد بن كثير حدثنا سليمان بن كثير عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لما قُتِل
أورد أبو داود [باب الجلوس عند المصيبة]، أي: أن الإنسان يحصل له التأثر، وبدلاً من أن يكون منشرح الصدر ويذهب ويدخل ويخرج، يحصل له حُزن، فإنه يجلس لما أصابه من الهم والحزن.
وقد أورد أبو داود حديث عائشة : (أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما بلغه موت الأمراء الذين كانوا في غزوة مؤتة وهم:
وليس في هذا الحديث دليل على الجلوس لاستقبال المعزين والزوار، وإنما فيه أنه جلس في المسجد متأثراً وحزيناً صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ولعله جلس لأن الجلوس فيه راحة للإنسان، وهو أفضل لجسم الإنسان من أن يبقى قائماً.
هو محمد بن كثير العبدي ،وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سليمان بن كثير ].
سليمان بن كثير لا بأس به أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرة ].
هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية رحمة الله عليها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة مر ذكرها.
حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني حدثنا المفضل عن ربيعة بن سيف المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: (قبرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -يعني: ميتاً- فلما فرغنا انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وانصرفنا معه، فلما حاذى بابه وقف فإذا نحن بامرأة مقبلة، قال: أظنه عرفها، فلما ذهبت إذا هي
أورد أبو داود رحمه الله باباً في التعزية، ومعنى ذلك: تعزية المصاب بالميت، وذلك بأن يدعى له وللميت، فيدعى للميت بالمغفرة، ويدعى له بعِظَم الأجر، وبحصول الصبر والاحتساب، فيذكر له الشيء الذي يخفف عنه الحُزن والمصيبة التي حلت به، ومن أحسن ما يذكّر به أن يقال له الدعاء المعروف: (إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيءٍ عنده بأجل مسمى) فهذا أحسن ما يقال في تسلية المصاب.
ولا يكون الدعاء للحي فقط، ويغفل عن الميت، وإنما يجمع بين هذا وهذا، فيدعى للميت ويدعى للحي.
ويطلب من الحي الصبر والاحتساب، وقد وعد الله بالأجر الجزيل والثواب العظيم من يصبر عند المصيبة.
ثم أورد رحمه الله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وفيه: أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع يقبرون ميتاً، فلما رجعوا وكانوا عند منزله رأى امرأة فعرفها، وإذا هي فاطمة رضي الله عنها، فقال لها: (من أين جئتِ؟ فقالت: إني ذهبت إلى أهل هذا البيت فرحمت إليهم ميتهم، أو عزيتهم به)، أي: أنها دعت له بالرحمة، أو عزتهم به، أي: أنها قالت هذا أو هذا.
فقال -وهذا محل الشاهد من إيراد الحديث تحت هذه الترجمة وهي التعزية- قال: (لعلكِ بلغتِ معهم الكدى؟ قالت: لا، وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر) قيل: إن الكدى هي القبور، وقيل لها: كدى لأنها تكون في مكان صلب، بحيث إذا حفر القبر لا ينهال التراب، بل يبقى على صلابته، فهذا هو المقصود بالكدى، وقولها: (وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر) أي: من التشديد في النهي عن ذهاب المرأة إلى المقابر، وأنها لا تتبع الجنائز.
قوله: (قال: لو بلغت معهم الكدى، فذكر تشديداً في ذلك) أي: أنه كنى عن الشيء الذي ذكره، وجاء في بعض الروايات: (لو بلغتها معهم ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك)، وهو عبد المطلب الذي مات كافراً، وهذا من جنس قوله تعالى: وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40].
وهذا الحديث غير صحيح، وغير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني ثقة أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن المفضل ].
المفضل هو ابن فضالة ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ربيعة بن سيف المعافري ].
ربيعة بن سيف المعافري له مناكير، وهو آفة هذا الحديث، فقد تفرد به، وقد أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن أبي عبد الرحمن الحبلي ].
أبو عبد الرحمن الحبلي هو عبد الله بن يزيد وهو ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[عن عبد الله بن عمرو بن العاص].
عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الجواب: لا بأس بذلك، فالمهم هو أنه يُدعى للحي وللميت.
الجواب: لا؛ لأنه يتكلم على مسألة اتباع الجنائز، ثم هو حديث ضعيف لا يصح.
الجواب: هذه من البدع المحدثة في الدين، فمن التكلف أن يصنع الطعام، ويجتمع الناس لأكله، وكأنهم في مناسبة فرح! وبعض الناس الذين هم بحاجة إلى الأكل قد يفرحون بمثل هذه المناسبات؛ من أجل أن يجدوا شيئاً يأكلونه! والحاصل أن هذا من الأمور المحدثة، فلا تُعمل سرادقات ولا تُعمل أنوار، وكل هذه الأشياء من الأمور المحدثة.
حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر حدثنا شعبة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (أتى نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم على امرأة تبكي على صبيٍ لها، فقال لها: اتقى الله واصبري، فقالت: وما تبالي أنت بمصيبتي؟! فقيل لها: هذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأتته فلم تجد على بابه بوابين، فقالت: يا رسول الله! لم أعرفك، فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى، أو عند أول صدمة) ].
الصدمة: هي الخبر الذي يحصل للإنسان لأول وهلة، أي: عندما يعلم بالمصاب ويعلم بالمصيبة، هذه أعظم حالة تكون عند الإنسان، أي: حال بلوغ الخبر أول مرةٍ إليه، وهذا هو الذي يكون فيه الصبر والاحتساب؛ لأن الذي لا يصبر ينطلق بالصياح، ولن يستمر على ذلك، بل لابد أن تأتي الأيام ويسلو كما تسلو البهائم، ولكن شدة وقع المصيبة هو فجأة حصول المصيبة عند الإنسان لأول مرة، هذه أعظم حالة تكون عند الإنسان، فعند ذلك يكون الصبر فيها، أما بعد ذلك فإنه لابد من السلوان، وإذا صبر الإنسان عند الصدمة الأولى فمن باب أولى أن يصبر فيما وراء ذلك.
وقد أورد المصنف حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء على امرأة تبكي على صبيٍ لها، فقال لها: (اتقي الله واصبري، فقالت: وما تبالي أنت بمصيبتي؟!)، أي: أنت ما أصبت بمثل مصيبتي، فقد حصل لي شيء ما حصل لك، وهي لا تعرف أنه النبي صلى الله عليه وسلم، فمضى الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنها أُخبرت بأن هذا الذي خاطبها وخاطبته هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهبت إليه لتعتذر منه وقالت: إني ما عرفتك، ولم تجد عنده بوابين وحجبه، وهذا من تواضعه وكمال أخلاقه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فقال لها: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى) أي: إن الصبر عند أول صدمة، فإذا وجد عند أول صدمة فهو موجود فيما بعدها من باب أولى، وهذا فيه إرشاد إلى أن الإنسان إذا حصلت له مصيبة، أو أخبر بها فإنه يصبر ويحتسب.
هو محمد بن المثنى أبو موسى العنزي الملقب بـالزمن، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عثمان بن عمر ].
عثمان بن عمر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ثابت ].
هو ثابت بن أسلم البناني وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
هو أنس بن مالك صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وخادمه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد جاء في بعض الروايات: أنها كانت تبكي على قبر صبي لها، وليس في هذا متمسك لمن قال بجواز زيارة النساء للمقابر؛ لأنه ربما كان قبل تحريم الزيارة للنساء.
حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا شعبة عن عاصم الأحول سمعت أبا عثمان عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: (أن ابنة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرسلت إليه وأنا معه و
ثم أورد أبو داود باباً: في البكاء على الميت، والبكاء غير النوح، فالبكاء سائغ، والنياحة محرمة، والبكاء هو دمع العين، وحزن القلب، وهذا شيء لا يملكه الإنسان، فيخرج من غير اختياره، ولكن أن يصيح ويرفع صوته ويشق ثوبه، ويلطم وجهه، وما إلى ذلك، فهذه أمور منكرة محرمة لا تسوغ، وأما حزن القلب، ودمع العين، فهذا شيء يحصل للإنسان من غير اختياره، وهي رحمة جعلها الله تعالى في قلوب عباده، وقد حصلت من سيد الخلق عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وأورد أبو داود حديث أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما: (أن ابنةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم -وهي:
هو هشام بن عبد الملك ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
شعبة مر ذكره.
[ عن عاصم الأحول ].
هو عاصم بن سلميان الأحول، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت أبا عثمان ].
هو النهدي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أسامة بن زيد ].
أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم)، وهذا يدل على أنه يجوز التسمية في أول يوم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم)، وفيه أيضاً: التسمية بأسماء الأنبياء؛ لأنه قال: (باسم أبي إبراهيم)، وفيه أيضاً: أن الجد وإن علا يقال له أب، فقد قال هنا: (سميته باسم أبي إبراهيم)، وإبراهيم هو أبٌ عالٍ، ومثله ابن الابن، فإنه يقال له: ابن وإن نزل، فأبو الأب أبٌ وإن علا، فهذا فيه إطلاق الأب على الجد وإن كان عالياً.
قوله: (لقد رأيته يكيد بنفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا عند موته، فقد ذكر الولادة أولاً، ثم ذكر الحديث حتى وصل إلى ما يتعلق بموته، وأنه كان يكيد بنفسه، أي: أن روحه تُنزع.
قوله: (فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهذه رحمة من الله عز وجل جعلها في قلبه صلى الله عليه وسلم، وكذلك يجعلها في قلوب من يشاء من عباده.
وقال: (تدمع العين، ويحزن القلب)، أي: أن هذا شيءٌ لا محذور ولا مانع فيه، (ولا نقول إلا ما يرضي ربنا)، أي: لا نتكلم بكلام إلا وهو يرضي الله عز وجل، وهذا يدل على أنه لا يتكلم بكلامٍ يسخط الله، أو بكلامٍ فيه دعاء على الإنسان نفسه، كالدعاء بالويل والثبور عند المصيبة، فكل ذلك لا يجوز.
قوله: (إنا بك يا
شيبان بن فروخ صدوق يهم، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا سليمان بن المغيرة ].
سليمان بن المغيرة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ثابت البناني عن أنس ].
ثابت البناني وأنس مر ذكرهما.
وهذا الإسناد من الرباعيات، وهي أعلى الأسانيد عند أبي داود ، فبينه وبين النبي عليه الصلاة والسلام فيها أربعة أشخاص فقط.
الجواب: يصوم نفس اليوم سواءً تقدم أو تأخر.
الجواب: لا يقال هذا، فالمهم هي الأعمال الصالحة، فإذا كان الإنسان في صحة وعافية، وعلى أعمال صالحة فهذا هو مناط المحبة، فإن مناط المحبة هو العمل الصالح: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31].
حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث عن أيوب عن حفصة عن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهانا عن النياحة) ].
لما ذكر الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى الباب المتعلق بالبكاء، وأورد فيه بعض الأحاديث الدالة على أن ذلك لا محذور فيه، وأن هذه رحمة يجعلها الله في قلوب عباده، أورد بعد ذلك هذا الباب فقال: [بابٌ في النوح]، وهو رفع الصوت عند المصيبة بالصياح والبكاء، وهذا هو الذي لا يسوغ ولا يجوز.
وأورد فيه حديث أم عطية رضي الله تعالى عنها، وفيه: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ علينا عند البيعة ألا ننوح)؛ لأنه عندما كان يبايع النساء كان من جملة ما يأخذ عليهن ألا ينحن، وإنما أخذ ذلك عليهن لأن الغالب أنه يحصل منهن لشدة جزعهن، وأنهن لا يملكن أنفسهن كما يملكها الرجال، ولهذا منع النساء من اتباع الجنائز، وكذلك من زيارة القبور؛ لأن ذلك قد يكون سبباً في نياحتهن، فقد أخذ في المبايعة على النساء ألا ينحن لأنهن مظنة ذلك، ولهذا جاءت الأحاديث التي فيها لعن الصالقة والحالقة والشاقة، بذكر المرأة، وبذكر الضمير، وهو تاء التأنيث، فقد جاء في الحديث: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصالقة والحالقة والشاقة)، ومثلها من حصل منه ذلك من الرجال، فالرجال إذا حصل من أحدٍ منهم شيء من ذلك فله ذلك الحكم، ولكنه أُتي بذلك في حق النساء، لأنه يقع منهن أكثر من الرجال، والصالقة: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة: التي تشق ثوبها عند المصيبة، فقد أُتي بهذه الأوصاف مضافة إلى النساء؛ لأنهن مظنة لذلك، ولضعفهن وجزعهن.
هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا عبد الوارث ].
هو عبد الوارث بن سعيد العنبري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب ].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حفصة ].
هي حفصة بنت سيرين، وهي ثقة أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم عطية ].
أم عطية رضي الله تعالى عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة)، والنائحة: هي التي تنوح وتظهر صوتها عند المصيبة، والمستمعة: هي التي تستمع لها وتوافقها على ذلك، وتكون معها على ذلك من غير كراهية ولا إنكار، وجاء هنا ذكر المستمعة لأنها هي التي تصغي وتتجه إلى ذلك، بخلاف السامعة أو السامع، وبهذا يفرق بين المستمع والسامع، فالمستمع هو الذي ينصت ويكون قلبه وذهنه مشدوداً مع من يتكلم، وأما السامع فهو الذي يسمع الصوت ولا يتابع ولا يتأمل، ولهذا يقول الفقهاء: إذا كان هناك قارئ يقرأ القرآن فقرأ آية سجدة فعلى الذي يستمع أن يسجد معه، وأما السامع فلا يلزمه السجود؛ لأنه لم يكن متابعاً.
فالمستمعة هي التي تنصت، وتتابع النائحة وترضى بذلك، ويعجبها ذلك، ولا تنكره ولا تكرهه، فجعل اللعن لهما جميعاً، وبالنسبة للنائحة قد جاءت فيها أحاديث أخرى مثل الحديث الذي أشرنا إليه.
والحديث ضعيف؛ لأن في إسناده ثلاثة رجال متكلماً فيهم، وفيهم ضعف، وفيهم من هو مجهول أو ضعيف.
هو إبراهيم بن موسى الرازي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا محمد بن ربيعة ].
محمد بن ربيعة صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[ عن محمد بن الحسن بن عطية ].
محمد بن الحسن بن عطية صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود .
[ عن أبيه ].
أبوه ضعيف أخرج له أبو داود .
[ عن جده ].
جده هو عطية بن سعد العوفي، وهو صدوق يخطئ كثيراً، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن أبي سعيد الخدري ].
هو أبو سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث ضعيف؛ ففي سنده محمد بن الحسن بن عطية وهو متكلم فيه، وكذلك أبوه وجده.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه)، ولما بلغ ذلك عائشة رضي الله عنها قالت: وَهِلَ، أي: أنه حصل له ذهول وعدم ضبط للأمر، وحقيقة الأمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر بقبرٍ وقال: (إنه يعذب وأهله يبكون عليه)، وفي بعض الروايات: أن الميت كان يهودياً، ومعنى ذلك: أنه في الوقت الذي يبكي فيه أهله عليه فهو يعذب، ولكن جاء في حديث ابن عمر : (يعذبُ الميت بما نِيْحَ عليه) يعني: بسبب النياحة عليه، وعائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها قالت: وهِل، وأشارت إلى ذلك الذي ذَكرته في قصة الرجل الذي مر به النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُعذب وأهله يبكون عليه، ولم يقل: إنه ببكاء أهله عليه، وفي بعضها: أنه يهودي، ولما بلغها ذلك أنكرت، وقالت ما قالت، ثم استدلت بقوله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164].
والحديث ثابت عن عبد الله بن عمر ، وفيه: أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، وقد ذكر العلماء أجوبة عن كون الميت يُعذب ببكاء أهله عليه، والله عز وجل قد قال: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164]، وأن الإنسان لا يعذب بجريرة غيره، وبذنب غيره، وإنما يُعذب بعمله، فمن الأجوبة التي أجاب بها العلماء: أنه إذا أوصى بأن يُناح عليه فإنه يُعذب بسبب ذلك، ويكون هذا من عمله، وأنه يُعذب بشيءٍ من سببه، وأنه ما نهى عن ذلك، وإنما أمر بذلك وأوصى به، وهذا معلوم أنه لو أوصى فإنه يُعذب، أو أنه يستحق العذاب على ذلك، ولو لم ينح عليه؛ لأنه فعل أمراً منكراً، وهو الوصية بالأمر المحرم.
ومن العلماء من قال: إذا كان معروفاً من عادة الناس ومن طريقهم أنهم ينوحون ولم يحذر من ذلك، ولم ينه عن ذلك، فإنه يعذب بسبب ذلك، ومنهم من قال: إن المقصود أنه يعذب مثلما جاء عن عائشة أنه إنما يُعذب في الوقت الذي كان أهله ينوحون عليه، ولكن هذا ليس فيه ذكر أن العذاب بسبب النياحة.
والوجه الرابع من الوجوه التي أجاب بها العلماء: أنه ليس المقصود بكونه يُعذب في قبره أنه يُعاقب على فعلٍ فعله غيره، وهو النياحة، وليس هذا العذاب عقوبة على فعلهم ذلك الذي هو النياحة، وإنما المقصود: إخبار عن شيءٍ يحصل له وهو التألم والتأثر من فعلهم ذلك، وقد رجح هذا ابن القيم في تهذيب السنن، وقال: إنه قد جاء في الحديث الصحيح أنه يقال له بعد نوحهم عليه بقولهم: واجبلاه! واكذا! واكذا! فيقال: أنت كذلك؟ أنت كذا؟ أنت كذا؟ فيتألم بذلك الشيء وإن لم يكن عقوبة له على فعلٍ حصل منه، وقال: هذا من جنس قوله صلى الله عليه وسلم: (السفر قطعة من العذاب)، وليس معنى ذلك أن الإنسان يُعذب على ما يحصل له في سفره من تعبٍ ونصب، وإنما هذا إخبار عن شيءٍ قد حصل له، فيكون هذا من جنسه، وهذا هو الذي رجحه ابن القيم في تهذيب السنن .
هو هناد بن السري أبو السري ، وهو ثقة أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبدة ].
عبدة بن سليمان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وأبي معاوية ].
هو محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام بن عروة ].
هشام بن عروة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
أبوه هو عروة بن الزبير ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: إذا وجب، أي: أنه بعد حصول الموت، وهذا أصح ما قيل في الحديث، وهو الذي اختاره ابن القيم من المسالك الأربعة.
ويقول: ابن القيم : ولا ريب أن الميت يسمع بكاء الحي ويسمع قرع نعالهم، وتعرض عليه أعمال أقاربه الأحياء، فإذا رأى ما يسوءه تألم له، وهذا ونحوه مما يتعذب به الميت ويتألم، ولا تعارض بين ذلك وبين قوله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164]. انتهى.
هذا الكلام غير واضح، أي: كون الميت يسمع بكاء أهله وغير ذلك، فهذا الكلام غير واضح؛ لأن هذه من أمور الغيب التي لا يقال فيها إلا بدليل، وأما ما يتعلق بقرع النعال فقد جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه يسمع قرع نعالهم، فأمور الغيب يقتصر فيها على ما ورد، وما لم يرد يُسْكت عنه، ومما يدل على أن الميت لا يعلم ما يجري بعده، ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يذاد أناس عن الحوض فيقول: أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)، فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ذلك فلا حاجة لأن يقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إذا كان يدري، فقولهم له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، يدل على أن أمور الغيب لا يثبت منها شيء إلا بدليل.
أورد أبو داود حديث امرأة أبي موسى ، وكذلك أبي موسى ، إلا أن حديث أبي موسى مجمل، ولكن زوجته هي التي روت وفصلت الحديث، ويقال لها أم عبد الله ، وفي هذا الحديث: أن يزيد بن أوس قال: دخلت على أبي موسى وهو ثقيل، أي: أنه مريض مرضاً شديداً، فذهبت امرأته لتبكي أو لِتُهمَ بالبكاء، فقال لها: أما سمعت ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسكتت، ثم لما تُوفي أبو موسى الأشعري لقيها يزيد وقال لها: ما الذي يعنيه أبو موسى عندما قال لك: أما سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سكت؟ فقالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس منا من حلق، ومن سلق، ومن خرق) أي: ليس من أهل طريقتنا وسنتنا ومنهجنا، وهذا وعيدٌ شديد في حق من حصل منه ذلك، والمقصود بقوله: (ليس منا من سلق) أي: من رفع صوته بالمصيبة، (وحلق) أي: حلق الرأس بسبب المصيبة، (وخرق) أي: خرق الثوب وشقه بسبب المصيبة، وهو مثلما جاء في الحديث الآخر: (لعن الله الصالقة والحالقة والشاقة).
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي والنسائي ، فقد أخرج له في (عمل اليوم والليلة).
[ حدثنا جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو منصور بن المعتمر الكوفي وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم ].
إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن أوس ].
يزيد بن أوس مقبول أخرج له أبو داود والنسائي .
[ قال: دخلت على أبي موسى ].
هو أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وامرأته هي أم عبد الله بنت أبي دومة ، وهي صحابية أخرج لها مسلم وأبو داود والنسائي .
أورد أبو داود رحمه الله حديث امرأة من الصحابيات المبايعات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: (كان فيما أخذ علينا الرسول عليه الصلاة والسلام في المعروف الذي أخذ علينا ألا نعصيه فيه -أي: عن البيعة- ألا نخمش وجهاً) أي: ألا تخمش المرأة وجهها، أو تضرب وجهها، أو تضرب خدها.
(ولا ندعو ويلاً) وهذا هو محل الشاهد، ومنع ذلك لأنه من النياحة، وهو رفع الصوت بالويل والثبور وغير ذلك.
(ولا نشق جيباً) وهذا أيضاً عند المصيبة.
(وألا ننشر شعراً) أي: أن ينفش الشعر من أجل المصيبة.
مسدد مر ذكره.
[ حدثنا حميد بن الأسود ].
حميد بن الأسود صدوق يهمُ قليلاً، أخرج به البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا الحجاج ، عامل لـعمر بن عبد العزيز ].
قيل: هو ابن صفوان ، وهو عامل لـعمر بن عبد العزيز ، وهو صدوق له أخرج أبو داود .
[ عن أسيد بن أبي أسيد ].
أسيد بن أبي أسيد صدوق، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) وأصحاب السنن.
[ عن امرأة من المبايعات ].
قال ابن حجر : لا يعرف اسمها، ومعلومٌ أن الجهالة في الصحابة لا تؤثر، فالمجهول فيهم في حكم المعلوم كما عرفنا ذلك مراراً وتكراراً.
حدثنا مسدد حدثنا سفيان حدثني جعفر بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اصنعوا لآل
ثم أورد أبو داود هذه الترجمة: [باب صنعة الطعام لأهل الميت]، أي: أن أهل الميت قد حصل لهم ما يحزنهم وصارت نفوسهم متأثرة، فليس عندهم انشراح ولا استعداد للطبخ وصنع الطعام، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم الناس أن يصنعوا لهم الطعام، وأن يرسلوه إليهم؛ لأنه قد جاءهم ما يشغلهم عن صنع الطعام، فهذا يدل أن على أقارب الميت سواء كانوا القريبين جداً أو غير ذلك أن يصنعوا لهم طعاماً، وأن يرسلوه إليهم، ويكون ذلك الطعام لهم، وليس المقصود من ذلك أن تكون هناك ضيافة، وأن يجتمع الناس بمناسبة الموت، فيأتي لهم أهل الميت بالطعام أو غيرهم، ويُدعى الناس إليه، ويتجمعون عند أهل الميت من أجل الأكل، كما يُفعل ذلك في هذا الزمان في بعض البلاد من بناء السرادقات، ووضع الأنوار، وجلب أناس يقرءون، ثم يتجمع الفقراء ويُصنع لهم طعام لعدة أيام، فيأكل الناس منه، فيصير الأمر وكأنه مناسبة فرح وسرور، وليس مناسبة حُزن وألم وتأثر بسبب الميت الذي فقدوه، ولهذا فإن مثل ذلك من الأمور المحدثة المبتدعة التي أحدثها الناس، وأما الذي جاءت به السنة فهو أن بعض أقارب أهل الميت يصنعون لهم طعاماً على قدرهم.
وأورد أبو داود حديث عبد الله بن جعفر ، وفيه: (اصنعوا لآل
مسدد مر ذكره، وسفيان هو ابن عيينة المكي وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني جعفر بن خالد ].
جعفر بن خالد ثقة أخرج له أصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
أبوه هو خالد بن سارة ، وهو صدوق أخرج له أصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن جعفر ].
هو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر