إسلام ويب

بدر الكبرى [2]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • نصر الله المسلمين يوم بدر مع قلتهم وكثرة عدوهم؛ لأنهم بذلوا أسباب النصر من اللجوء إلى الله تعالى ودعائه وتوحيد الصف والمعنويات العالية للقتال، وقد ضربوا أروع أمثلة النصر والبطولات فقتلوا كبار قريش وصناديدها وأسروا منهم سبعين أسيراً، وقد تجلت فيها مبدأ الولاء والبراء وعدم موالاة الكافرين ولو كانوا من الآباء والأبناء والإخوان.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين, حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى, وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه, عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار, وعدد ما اختلف الليل والنهار, وعلى المهاجرين والأنصار.

    سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا علماً نافعاً, وارزقنا عملاً صالحاً, ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:

    فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ يوم بدر بأسباب النصر كلها، ومنها:

    اللجوء إلى الله بالدعاء

    أولاً: الدعاء، فقد كان الناس في تلك الليلة ما بين نائم ومستيقظ, أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد مكث سائر الليل يرفع يديه إلى السماء، وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام: ( اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض, اللهم هذه قريش قد أقبلت بخليها وخيلائها تحادك وتكذب نبيك, اللهم نصرك الذي وعدتني. ويدعو صلى الله عليه وسلم ويبالغ في رفع يديه حتى سقط رداؤه, فقال له أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله! بعض مناشدتك ربك, فإن الله منجز لك ما وعدك)؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم استعان بالدعاء, فجاءته المكافأة سريعة حيث: ( أخذته صلى الله عليه وسلم سنة, ثم فتح عينية وقال: أبشروا معشر المسلمين, فإني أريت مصارع القوم, هنا يقتل فلان؛ وهنا يقتل فلان, فما جاوز أحد الموضع الذي عينه رسول الله صلى الله عليه وسلم ).

    ترتيب الجيش بذكاء وخبرة عسكرية

    ثانياً: صف المسلمين وتنظيم الجيش؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم نظم الجيش فقسمه إلى ميمنة وميسرة وقلب، وأعطى راية الأنصار أحدهم, وراية المهاجرين أحدهم, ولبس صلى الله عليه وسلم درعين, وهذا من أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسباب، وكما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما عرفت تأويل قوله تعالى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ[القمر:45] -هذه الآية نزلت في مكة- إلا حين رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر يثب في درعه, وهو يقول: ( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ[القمر:45] ), فعرفت تأويلها.

    ارتفاع الروح المعنوية

    ثالثاً: شحذ الروح المعنوية, وقد قيل: السلاح بضاربه. يعني لو أعطوك سلاحاً وأنت رجل جبان فلا يغني عنك شيئاً.

    فبعض الناس بمجرد أن يرى الدم يرتجف, ولو كان معه الصواريخ وغيرها فلن تغني عنه شيئاً؛ بل لا بد من قلب عامر بالإيمان, ولا بد من أخذ بأسباب التدرب على هذا السلاح.

    ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم شحذ روح أصحابه بعدما صفهم قال: ( والذي نفسي بيده! لا يقاتلنهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة ), وكما قال ابن القيم رحمه الله: لم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم إلا في مواطن قليلة, ربما تبلغ الثمانين موطناً, منها هذا الموطن: ( والذي نفسي بيده! لا يقاتلنهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً- هذه هي الشروط- مقبلاً غير مدبر, إلا أدخله الله الجنة ), فهذه الكلمات فعلت فعلها في نفوس الصحابة رضوان الله عليهم، حتى إن عميراً رضي الله عنه كان معه تمرات يأكلهن؛ فألقاهن وقال: بخ! بخ! إنها لحياة طويلة إن بقيت حتى آكل هذه التمرات, ودخل رضي الله عنه فقاتل حتى قتل.

    رابعاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب القدوة للصحابة بنفسه, قال الله عز وجل: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[الأحزاب:21], وفي قراءة متواترة (إسوة) بالكسر, فإذا سمعت إماماً يقرأ بها فلا تنكر عليه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086920310

    عدد مرات الحفظ

    769514958